عنايت ديكو
– ” عبد الرحمن آبو ” بين مطرقة الشارع الكوردي وسندان المجلس الوطني الكوردي.!
– الكثير راهن على الألم العفريني، والكثير راهن على الصراخ العفريني وأراد أن يكون هذا العفريني بمثابة حديقة خلفية له ولجمعيته الثقافية ولحاكورته الحزبية والسياسية ولتياره الانشقاقي المناطقي. فبعد طرد الادارة الذاتية من كورداغ على يد الدولة التركية والائتلاف الوطني السوري وشركائهم الكورد من الـ ” ENKS ” من منطقة عفرين، واطلاق يد الفصائل الارهابية الاسلاموية للعبث بكل ما تحتويه منطقة عفرين من عناصر حضارية وقومية ووجودية، مورست أعتىٰ أنواع الضغوط والحصار والخناق على الكورد في عفرين، وعلى التيارات والشخصيات الفكرية والسياسية والمجتمعية الكوردية فيها، وخاصة تلك التي تعمل وتناهض الاحتلال التركي، وتدعوا الى التعامل مع كورداغ وفق البعد القومي، ووضع منطقة عفرين تحت وصاية دولية ريثما تنتهي الحروب السورية وتنفرج الأوضاع والوصول الى حل سياسي شامل في كل سوريا.
الا أن ما حمل معه هذا الاحتلال التحرري كان معاكساً ومغايراً لكل العناصر والشروط البراغماتية التي تتحكم بالعلاقات وبشروط القوي والضعيف، لقد فُرض على أهلنا في كورداغ – عفرين شروطاً قاسية وضرورة التسليم بالأمر والقبول بواقع الحال دون قيدٍ أو شرط والانخراط في مشاريع الدولة التركية والقضاء على الخصوصية القومية للكورد في كورداغ والمساهمة والعمل ضمن السياقات والمطالب التي تؤدي في الأخير الى التغيير الديمغرافي. وبمعية ومشاركة الفصائل العسكرية الستة للمجلس الوطني الكوردي .
أمام هذا الواقع الأليم ومنذ الأيام الاولى للاحتلال التركي ومرتزقته من الاخوان المسلمين والمتطرفين، وقف الشارع الكورداغي وبكل أطيافه من مثقفين وفعاليات فكرية وأكاديمية وحقوقية ومجتمعية بوجه هذا الاحتلال وسياساته ومخططاته، وعمل هذا الشارع وبشكل كبير على فضح هذه الممارسات وتعريه سياسات الاحتلال للدولة التركية الهادفة الى طمس المعالم والهوية الكوردية في عفرين وغيرها من المناطق المحتلة.
وتماشياً مع السكوت التحرري وسياسات التماهي وغض الطرف عن أفعال وسياسات الفصائل العرواسلاموية وممارساتها الارهابية في عفرين خلال سنوات الاحتلال من قبل المجلس الوطني الكوردي، خرجت الكثير من الفعاليات الفكرية والثقافية والحقوقية في عفرين على وجه التحديد من سطوة الساسة والتيارات والأحزاب الكوردية، ومَدَّت وشائج الاتصال والعلاقات مع الكثير من المنظمات الانسانية والحقوقية حول العالم، وسَلَّمتها الآلاف من الملفات والأوراق والاثباتات والوثائق التي تؤكد على الفعل الاجرامي لسياسات الدولة التركية وممارساتها الارهابية بحق الشعب الكوردي في اقليم عفرين. وما اللقاء التلفزي / عبر الانترنت للسيد ” عبد الرحمن آبو ” مع مكتب المبعوث الأممي الخاص لدى سوريا السيد ” غير بيدرسون ” إلا ذاك العنوان العريض للألم الكورداغي، كان لقاءٌ مكثفٌ وقوي بالادلة والمعلومات والاثباتات والوثائق وبالأفلام والصور والمشاهدات.
ففي بداية هذا الشهر / تموز 2024 نظّمت شبكة رصد سوريا لحقوق الإنسان لقاء خاص مع فريق مكتب السيد غير بيدرسون..عبر الأنترنت بمقرّهم في جنيف – هيئة الأمم المتحدة. حيث تطرَّقَ السيد ” عبد الرحمن آبو ” في هذا اللقاء الى الأوضاع المأساوية لأهلنا في عفرين والمناطق المحتلّة الأخرىٰ ( سري كانيية- رأس العين، وكري سبي- تل ابيض )
ونقل السيد ” آبو ” لمكتب بيدرسون الأوضاع المأساوية والممارسات الارهابية في منطقة عفرين ( جيايي كورمِنج ) من قبل الاحتلال التركي ومرتزقته التي تسمىٰ بـ (الجيش الوطني ) والتي حوَّلت كورداغ من منطقة كوردية خالصة الى منطقة أصبحت نسبة الكورد فيها لا تتجاوز الـ 30% وذلك عبر جلب العرب والتركمان من منطقة الغوطة في دمشق وحمص وحماة ودير الزور وريف حلب وإسكانهم في منطقة عفرين بغية إحداث التغيير الديموغرافي المطلوب من قبل تركيا. وجعلها منطقة مستباحة للفساد والارهاب والجرائم والتي ترتقي إلى مستوى جرائم حرب، كما وردت في تقاريرٍ أممية وحقوقيةٍ كثيرة .وارتكبوا كل الموبقات والممارسات والعمليات الارهابية التي تندى لها جبين البشرية. الى جانب ممارسة القتل والتنكيل وحرق الجبال والاشجار والغابات وكامل الغطاء النباتي في كورداغ.
وتطرّق السيد ” عبد الرحمن آبو ” أيضاً الى تزويد الهيئات والمنظمات الدولية بالتفاصيل وبكل ما يجري في منطقة عفرين، وخاصة لجنة التحقيق الدولية المستقلة التابعة لهيئة الأمم المتحدة، وبالاثباتات والأدلة والصور والفيديوهات، ولعل أفظعها على الإطلاق كانت جريمة قتل واستشهاد شهداء شعلة نوروز في العشرين من آذار 2023 – عائلة پيشمرگ – أولئك الأخوة الأربعة الذين استشهدوا على يد ما يسمى بجيش الشرقية من الفصائل الارهابية التابع للائتلاف الوطني السوري .
ونوّه عبد الرحمن آبو أيضاً الى أن تركيا لم تعترف باحتلالها لمنطقة عفرين والمناطق الأخرى، ولم تمارس واجباتها كدولة احتلال أمام القانون الدولي والانساني، بل راحت وتركت المنطقة ضحية لحقدها الاسود . وتحت أنظارها وبمساعدتها الاستخباراتية واللوجستية تمارس الفصائل الاسلاموية الحاقدة على الشعب الكوردي المظلوم والمقهور والمسالم، كل الموبقات والجرائم والممارسات الارهابية، بالإضافة إلى تدمير البنية التحتية، ولم تسلم منهم لا الشجر ولا البشر ولا الحجر . وزوَّد السيد ” عبد الرحمن آبو ” مكتب ” غير بيدرسون ” بكافة الأدلة والملفات والاثباتات وبالأرقام قائلاً :
بلغ عدد المختطفين من قبل عناصر الميلشيات العسكرية والمسماة بـ الجيش الوطني السوري الحر منذ دخول قوات الإحتلال التركي إلى منطقة عفرين ولغاية نهاية عام 2023 بلغ 10753 شخصاً ، وبلغ عدد الشهداء تحت التعذيب في السجون والمعتقلات السرية 300 شهيد. الى جانب مسلسل حالات السرقة و النهب والسلب والسطو والاعتداء و الإستيلاء اليومي على ممتلكات المواطنين الكورد في منطقة عفرين، والتى لا تعد ولا تحصىٰ وبشكلٍ دائم . الى جانب قطع حوالي 1870000 مليون وثمانمائة وسبعين الف شجرة من الاشجار المثمرة وغير المثمرة . خاصة في ناحيتي راجو و بلبل الحدوديتين.
وكشف ” عبد الرحمن آبو ” عدد المستوطنات في منطقة عفرين لغاية اليوم بـ ” 43 ” مستوطنة ، إضافة إلى سبعة مخيمات عشوائية. ويبلغ اجمالي عدد المستوطنين أكثر من ” 592000 ” الف مستوطن يعيشون من أملاك الكورد ويستولون على منازل السكان الكورد الأصليين في عفرين، وللمفارقة لا توجد هناك بين هؤلاء المستوطنين عائلة كوردية واحدة .
وبناء على هذا التقرير الصادم بالصوت والصورة من الألم الكورداغي الدامي مع مكتب غيرد بيدرسون نتسائل : أيعقل أن تسكت الدولة التركية على هذه التقارير والملفات الانسانية والحقوقية التي تدين الدولة التركية عبر ممارساتها وسياساتها الممنهجة في كورداغ.؟ فمن الطبيعي أن تمارس الاستخبارات التركية ضغوطاتها، وتستعين بالفصائل وبالفرقاء وبكل الأطراف المعنية لاستبعاد ” عبد الرحمن آبو ” عن المشهد السياسي والحزبي الكوردي.!
—————-