في ضوء الذكرى السنوية للانتفاضة الكبرى للشعب الإيراني! إيران.. الهدف من المعركة ضد الديكتاتورية!

عبدالرحمن کورکی (مهابادي)* 
نحن الآن على أبواب الذكرى السنوية الثانية للانتفاضة البطولية للشعب الإيراني، التي بدأت في 26 سبتمبر 2022، عقب مقتل جينا أميني (مهسا)، وهي فتاة كردية من أهالي مدينة سقز بمحافظة كردستان الإيرانية، والتي استشهد فيها أكثر من 750 شابًا إيرانيًا. على يد حراس نظام ولاية الفقيه!
شهد العالم، خلال العامين الماضيين؛ العديد من التحولات التي كانت محورها إيران. وما تم تسجيله في تاريخ إيران الآن هو أن “الوضع لن يعود أبداً إلى ما كان عليه في الماضي، وأن حكومة ولاية الفقيه تقترب من نهايتها”. نهايةٌ تُبشر بالقضاء على نظام دكتاتوري، وبداية سيادة الشعب للشعب، أي الديمقراطية والمساواة؛ لأن الشعب الإيراني كان ولا يزال ضد أي نوع من الدكتاتورية. لقد أطاح الشعب الإيراني بالنظام الديكتاتوري للشاه، وحان الآن وقت الإطاحة بالديكتاتورية الدينية!
ما حدث خلال هذين العامين:
• وصل النظام الدكتاتوري الديني إلى أضعف نقطة في حياته، وبات سقوطه أمر حتمي، حيث اقترب الشعب الإيراني من تحقيق رغباته وأحلامه بشكل غير مسبوق، وبات على دراية تامة بمن هو صديقه ومن هو عدوه اللدود. وستكون للشعب الإيراني الكلمة الأخيرة ولن يرضى بما هو أقل من الإطاحة بالدكتاتورية. لقد حوّل الشعب الإيراني ” مشروع وصول إبراهيم رئيسي إلى السلطة” الذي جاء على ذوق الولي الفقيه إلى ” كأس سم” لديكتاتورية إيران. ولهذا السبب، سُطِّر انتصار الشعب على الدكتاتورية، بعد هلاك إبراهيم رئيسي، وباتَت الآفاق المشرقة تقتربُ أكثر فأكثر.
• وصلت حيل النظام الحاكم، وفبركة مؤيّدي “سياسة الاسترضاء مع الديكتاتورية الدينية” للبدائل المزيفة إلى طريقٍ مسدود على المستوى العالمي. لقد افتُضِح أمر الأفراد والتيارات التي ظهرت في المشهد السياسي الإيراني فجأة ووصموا أنفسهم بالعار، ولم يظهر كلٌّ منهم أنّهم لا ينتمون إلى المجتمع الإيراني فحسب، بل إنّهم كشفوا النقاب عن أنهم أتوا “لاكتساب” شيءٍ ما، ولتضليل الشعب الإيرانيّ عن مطالبه الأساسية المتمثلة في “الإطاحة بالدكتاتورية”. ولذلك، فقدت شعاراتُ مؤيّدي الديكتاتوريةِ البراقة بريقَها، والتي كانت تهدفُ إلى تفتيت صفوف ثورة الشعب في جميع أنحاء إيران، وتهميش “البديلِ الديمقراطي”. بينما صارت شعارات الشعب الأصلية خالدة!
• لقد أثبت البديل الديمقراطي الوحيد في مواجهة هذا النظام الفاشي، والذي يتمتع بجذور عميقة في المجتمع الإيراني ودعم واسع من المجتمع الدولي؛ قدرته على إدارة المجتمع الإيراني، كما يمتلك القوة والتنظيم والبرنامج لتحرير الشعب الإيراني، ولديه خطة واضحة وخارطة طريق ودليل عمل، وأثبت جدارته في المجال الاجتماعي والسياسي، ويحظى بثقة الشعب. كما أنه يمتلك “الهيئة لقيادة الانتفاضة”، والكفاءة المستمدة من مواجهة الديكتاتوريتين، مما يؤكد صحة موقفه ومكانته.
واجبات الإيرانيين والأحزاب السياسية الإيرانية الحقيقية
مرّ عامان حتى الآن على بدء انتفاضة الشعب الإيراني الوطنية والثورية، وأصبح “الواقع” أكثر وضوحًا أمام الإيرانيين بشكل غير مسبوق ، وهو أنّهم عليهم توحيد قواهم حول “القوة الرئيسية في ساحة المعركة” من أجل الانتصار على الدكتاتورية في إيران. وهي القوة التي أثبتت في مجال العمل الاجتماعي أنها الخصم الرئيسي الوحيد للنظام الحاكم في إيران، واستطاعت أن تثبت شرعية نضالها وشعبها سواء داخل إيران أو خارج إيران.
تُقاس مكانة وجدية كل فرد إيراني وكل قوة إيرانية في ساحة النضال ضد الديكتاتورية بقربه من هذه القوة أو بعده عنها. أكدت السيدة مريم رجوي في كلمة لها في تجمع المقاومة الإيرانية هذا العام، على أنّ مَن يسعى إلى إقامة جمهورية حقيقية ذات سيادة شعبية، ويرغب في الحرية والديمقراطية، عليه أولاً إسقاط دكتاتورية الشاه ودكتاتورية ولاية الفقيه. ولذلك، فإن خطّ المواجهة الواضح في إيران اليوم هو رفض أي شكل من أشكال الدكتاتورية، بما في ذلك دكتاتورية الشاه والدكتاتورية الدينية.
 
المبدأ الأساسي
إن كل شخص وتيار يسعى إلى الإطاحة بالدكتاتورية في إيران؛ هو عضو في “وحدة قوى الجبهة الشعبية” وصديق للشعب والمقاومة الإيرانية. هذا هو المبدأ الأساسي الذي لا يجوز المساس به! وبناءً عليه، فإن التعامل بعداء مع المقاومة الإيرانية ليس إلا خطوة في طريق تعزيز الدكتاتورية في إيران!
 
الهدف من محاربة الدكتاتورية
أكدت السيدة مريم رجوي في كلمتها في تجمع المقاومة الإيرانية هذا العام، أنّ الهدف ليس هو استبدال السلطة الحالية بسلطة أخرى، بل إن الهدف هو نقل هذه السلطة والسيادة إلى أصحابها الحقيقيين، أي جماهير الشعب الإيراني، وهو ما يمكن تلخيصه في ثلاث جمل: الاعتماد على الشعب الإيراني وقوته المقاتلة برفع شعار ” لا أحد يحكّ ظهري سوى أظافري”، ووضع حد فاصل مع دكتاتورية الشاه والدكتاتورية الدينية، والذي يمثله البديل الديمقراطي المتمثل في المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، وإقامة ” جمهورية ديمقراطية” قائمة على “فصل الدين عن السياسة”.
ولذلك فإن معيار كل مواطن إيراني أو قوة إيرانية يتلخص في بعده وقربه والتزامه بهذه المبادئ النضالية وخارطة طريق المستقبل. ومن الطبيعي أن يكون هناك العديد من التحديات والعقبات في الطريق؛ لأن الدكتاتورية وحلفائها سيحاولون بشتى الطرق القضاء على هذه المبادئ وخارطة الطريق، والعمل على إبقاء الدكتاتورية في إيران! بيد أن القوة الملتزمة والمسؤولة والشعبية ترى أن من واجبها الوقوف في وجههم وعدم السماح بتضليل انتفاضة الشعب الإيراني وثورته. مثلما شهدنا في انتفاضة 2022، ومحاولة إسنادها إلى أمور فرعية، من قبيل “الحجاب” و”العنف” و”الدين” و”الجنسية” وما إلى ذلك.
 
الكلمة الأخيرة
المقاومة هي حق مشروع للشعب الإيراني المضطهد، وهي سر التقدم والانتصار على الدكتاتورية ومنصة تحقيق الأمل ونيل الحرية. إذا لم تكن هناك مقاومة، سيبقى كل شيء راكداً وستبقى الدكتاتورية. المقاومة تعني مهاجمة الدكتاتورية وتجاوز العنف والدين والجنسية والحجاب والتوجه السياسي والتفاوض والاسترضاء مع الدكتاتورية، وأخيراً دفع الثمن والتضحية من أجل نيل الحرية لإيران والإيرانيين.
***
*کاتب ومحلل سياسي خبير في الشأن الايراني

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…

مصطفى جاويش بعد مضي عام على معركة ردع العدوان وعلى سقوط النظام السوري ووصول احمد الشرع الى القصر الرئاسي في دمشق بموجب اتفاقيات دولية واقليمية بات الحفاظ على سلطة الرئيس احمد الشرع ضرورة وحاجة محلية واقليمية ودولية لقيادة المرحلة الحالية رغم كل الاحداث والممارسات العنيفة التي جرت ببعض المحافظات والمدانة محليا ودوليا ويرى المجتمع الدولي في الرئيس احمد الشرع انه…

ماهين شيخاني مقدمة يواجه الشعب الكوردي في سوريا منذ عام 2011 تحولات سياسية وأمنية عميقة، أفرزت بيئة معقدة تتداخل فيها عوامل داخلية وخارجية. وفي ظل غياب تسوية سياسية شاملة، برزت ثلاثة أطراف رئيسية تركت أثراً مباشراً على مسار القضية الكوردية وعلى الاستقرار الاجتماعي والسياسي في مناطق توزع الكورد. هذا “الثالوث” يشمل الجماعات المتطرفة، والإدارة الذاتية، والمجلس الكوردي، وكلٌّ منها يمتلك…

حسن مجيد في الوضع الكوردي العام وبشكل خاص في إقليم كوردستان العراق كل أصناف المعارضة مرفوضة وخاصة المسلحة منها فالقيام بأعمال الشغب حتى لو لم تكن مرتبطة بأجندات إقليمية أو خارجية فقط يحق لك أن تعارض ضمن مجالات حرية الرأي والتعبير . إن النيل من المنجز بطرق غير شرعية وتخريبية تخدم المتربصين والذين لايريدون الخير للكورد . الواجب الوطني…