عبداللطيف محمدامين موسى
من خلال القراءة المُستفيضة في متابعة الأحداث والمستجدات المتسارعة على المشهد بكافة جوانبه السياسية والاقتصادية وصراع الاجندات في الشرق الأوسط بالعموم وسوريا على وجه الخصوص، نلاحظ بأن جوهر الصراع يكمن في الأزمة والتنافس على فرض الأجندات وكسر الإرادة، وصراع الأفكار والايديولوجيات في خلق مستجدات وظروف تكون العامل الأساسي في تهيئة المناخ بكل أبعاده في تغذية الصراع عبر وضع الخطط واستراتيجيات في تحقيق الأجندات من قبل الدول المتحكمة في الصراع في سوريا. ليعلم القارئ العزيز بأن الصراع في سوريا صراع دولي بامتياز، لا يملك الشعب السوري القرار فيه، بل يُعد كونه الجزء والوسيلة والأداة المستغلة. في ظل هذه الصراعات والواقع الجديد بعد الأزمة السورية تشكل المجلس الوطني الكوردي في سورية ليكون الحاضنة الوطنية للنضال القومي والوطني للشعب الكوردي في سورية في ظل مواكبة التطورات التي تشهدها الازمة السورية,
وكما يعلم الجميع بأن تشكيل المجلس جاء قيام المرجعية الرشيدة المتمثلة بالمرجع مسعود بارزاني منطلقاً من واجبه القومي النضالي المتمثل عبر المشروع القومي الكردستاني ،الأمر الذي افتقدته باقي مكونات سوريا، وتتمثل تلك المرجعية في الرئيس مسعود بارزاني الذي يقود المشروع القومي الكوردستاني في أجزاء كوردستان الأربعة، وفي محاولة من شخصه الكريم ومستنداً على واجبه القومي كان له الفضل الأكبر في توحيد الخطاب السياسي في كوردستان سوريا عبر تشكيل المجلس الوطني الكوردي، لتكون الحاضنة الأساسية للنضال السلمي في تجسيد أفكار محاربة الظلم والدكتاتورية والمطالبة بالحرية والنضال، أسوة بالمكونات الأخرى في سوريا، وللمشاركة في النضال والقرار في إدارة الأزمة عبر جسم يلبي تطلعات الشعب الكوردي في كوردستان سوريا.
في ظل الفترة التي واكبت تشكيل المجلس الوطني الكوردي اصطدم أداءه بمجموعة من العوامل تتلخص في عدم القدرة على مواكبة التطورات والمستجدات المتسارعة، والصعوبة في القراءة الصحيحة للواقع السياسي والاقتصادي والثقافي الذي تمر به كوردستان سوريا، ومن أهم العوامل التي واجهت أداء المجلس الوطني الكوردي الحملة الشرسة التي واجهته من قبل الحزب الاتحاد الديمقراطي (PYD) للاختلاف الكبير في الأيديولوجية والاستراتيجية ومشروع العمل في كوردستان سوريا, والعامل الاخر الذي أثر على أداء عمل المجلس الوطني الكوردي عدم امتلاكه استراتيجية اكاديمية مبنية على الأسس العلمية في الاستفادة من الطاقات الحيوية، الأمر الذي لم يستفد منه المجلس في قراءة المستجدات بصورتها الصحيحة، ومن العوامل الأخرى التي شكلت عائقاً أمام أداء المجلس عدم قدرته في العمل المؤسساتي في تنظيم عمله من خلال العجز عن تفعيل مكاتبه، لتشكل تلك المكاتب في حال تفعيلها الأداة في تنظيم عمل المجلس والبنية في تحقيق خدمات أفضل للشعب في كوردستان سوريا.من العوامل الأخرى التي شكلت عائقاً أمام أداء المجلس عدم امتلاك الإرادة في الاستفادة وافساح المشاركة للكثير من فئات المجتمع الأخرى من خلال تهميش الشباب والطلبة والمرأة والعقول الأكاديمية من أطباء واستاذة، ذلك العامل كان له الدور الكبير في عزوف تلك الفئات عن المشاركة في المجلس، وترك المجلس مترهلاً في عدم القدرة على الأداء الايجابي، ناهيك عن عوامل أخرى لا أريد الخوض في خضمها للإطالة من خلال المحسوبية والفساد وعدم تقبل الاخر والديماغوجية والأنا وحب الذات، ومزاجية البعض من مسؤولي المجلس في العمل لخدمة أجندات حزبية شخصية على حساب أجندات المجلس ونظامه الداخلي، وعدم افساح المجال للمستقلين والتكنوقراط للعمل، وعدم الثقة بالنفس وعدم الرغبة في ترك المسؤولية والنظرة الخاطئة لها بأنها تشريف وليس تكليف في خدمة الشعب في كوردستان سوريا.
إنها الكثير من العوامل التي جعلت من المجلس الوطني الكوردي يعاني من حالة الترهل والتقوقع في الحلقة المفرغة في عدم القدرة على مواكبة التطورات والمستجدات المتسارعة التي تعصف بالمنطقة عموماً وكوردستان سوريا على وجه الخصوص.
من خلال عرض المعوقات التي وقفت حائلاً أمام أداء المجلس الوطني الكوردي للقيام بدوره التاريخي والنضالي القومي في تحقيق الآمال المعقودة عليه من قبل الشعب الكردي في كوردستان سوريا، لابد من وضع جملة من الأمور على شكل مقترحات وتوصيات برأيي المتواضع ما يمكن المجلس الوطني الكوردي من الإستفادة منها في تفعيل وتصحيح أداءه في تلبية طموحات المكونات كافة في كوردستان سوريا، ولاسيما المجلس على أعتاب مؤتمره الذي يجب أن ينظر إليه كمؤتمر الإصلاح وإعادة الهيكلية التنظيمية والفكرية عبر تعزيز مفهوم الإرادة والتصميم في العمل لتطوير أداء المجلس. اثبتت الوقائع بأن المجلس الوطني الكوردي في سوريا يقف أمام تحديات كبيرة تكمن في مواجهة الأحداث والتطورات التي تعصف بالمنطقة منها التغيير الديمغرافي والهجرة وواقع التعليم والصحة المتردي ومحاولات كسر الإرادة وطمس الهوية وهدم ملامح المجتمع والتهديدات الخارجية في تنفيذ الاجندات الإقليمية والدولية. كلها تحديات لابد للمجلس الوطني الكوردي في كونه الممثل الشرعي لشريحة واسعة في كوردستان سوريا تكمن في تحقيق التطلعات من خلال وضع استراتيجية واضحة مبنية على خطط منهجه مستندة على الأكاديمية العلمية في المساعدة على مواكبة التطورات المتسارعة والظروف التي تعصف بالمنطقة وكوردستان سوريا، وكما يجب على المجلس الوطني الكوردي في سوريا تعزيز أكثر من خطه القومي والوطني لدى مناصريه ولاسيما الجيل الجديد المتأثر بفوضى وصراع الايديولوجية والفوضى الخلاقة في فضاء وسائل التواصل الاجتماعي لتكوين استراتيجية اكاديمية في المساعدة على القراءة الصحيحة للواقع السياسي والتعامل بمهنية دبلوماسية مع الأحداث والظروف. ولابد للمجلس الوطني الكوردي في سورية من أعادة حالة الثقة بينه وبين المثقف الكوردي من خلال العمل على أنهاء واقع عدم افساح المجلس الدور أو خلق الأرضية لهذا المثقف من أداء دوره والاعتزاز بشخصيته الأكاديمية ضمن المجلس من خلال الاستفادة من قدراته وتسخيرها في خدمة التقدم الاكاديمي للمجلس, وكما لابد للمجلس الوطني الكوردي في سوريا من افساح المجال أكثر أمام فريقه في العلاقات الخارجية في تعزيز مكاسبه الدولية اكثر في وضع حقوق الشعب الكوردي على طاولات رسم القرار العالمي من خلال تثبيت حقوق الشعب الكوردي في كوردستان سوريا في الحلول الدولية، وفي الدستور السوري الجديد، ووضع كل المهتمين بالقضية في كوردستان سوريا أمام الصورة الصحيحة لها , وكما لابد للمجلس من تفعيل مؤسساته والاستفادة من كافة الطاقات والخبرات والوسائل العملية، ولابد من افساح المجال أمام كافة المكونات في كوردستان سوريا من المشاركة في النضال من خلال مؤسسات المجلس الوطني الكوردي بما فيهم المنظمات الشبابية والطلابية وتعزيز دور المرأة، وتشجيع المستقلين للقيام بدورهم في المجلس الوطني الكوردي. المجلس الوطني الكوردي في سوريا مطالب بوضع خطط أكاديمية لمواجهة الظروف والتحديات الاقتصادية والاجتماعية والصحية والتربوية التي تواجه الشعب في كوردستان سوريا، كما ولابد للمجلس الوطني الكوردي من تعزيز مؤسساته العسكرية (قوات روز) لتكون الضامن في حماية المكتسبات القومية والوطنية، وتوفير الأمن والأمان والاستقرار لجميع المكونات، ولابد للمجلس الوطني الكوردي من تعزيز الوعي للشعب في كوردستان سورية ولكل المؤيدين والمهتمين بقضيته في إيضاح الصورة الحقيقية التي يحاول البعض تشويها لخلق حالة وواقع عدم الانجرار للمؤامرات التي تستهدف الفتنة والسلم الاهلي.في المحصلة, يمكن القول بأن المجلس الوطني الكوردي في سوريا في كونه الممثل الشرعي للكورد في كوردستان سوريا يتوجب عليه تحمل مسؤوليته التاريخية في تفعيل أدائه، وتطوير عمله بغية التخلص من حالة الترهل من خلال الضعف في أداء نشاطاته التنظيمي ولاسيما الاقبال الضعيف على المشاركة من قبل مناصريه في الوقفات الاحتجاجية التي دعى إليها في أوربا وقامشلو ضد سياسية سلطة الامر الواقع ,وكما لابد عليه من تعزيز القدرة على مواكبة التطورات والمستجدات المتسارعة التي تعصف بالمنطقة وكوردستان سوريا عبر الاستفادة من الرعاية المباشرة للرئيس مسعود بارزاني