الكرد وموارد الطاقة

شادي حاجي 
الهجوم على حقل كورمور الغازي في اقليم كردستان ليست صدفة أو خطأ بحسب آراء معظم الخبراء السياسيين والاقتصاديين في المنطقة والعالم بل هو هجوم ممنهج  ومدروس يستهدف موارد الطاقة في إقليم  كردستان التي تلعب دوراً أساسياً في أسباب النزاعات ومجريات الحروب.
حيث إن حقلي كورمور وجمجمال هما من أكبر حقول الغاز في كردستان والعراق كدولة فيدرالية ويملك كونسورتيوم اللؤلؤة الذي يضم شركة دانة غاز الإماراتية للطاقة وشركة نفط الهلال التابعة لها حقوق استغلال الغاز في الحقلين المذكورين أعلاه .
هذه العلاقة فرضت نفسها لتخرج وزارة الخارجية الإماراتية بتصريح لوصف الهجوم بأنه “انتهاك صارخ لمبادئ القانون الدولي”. وعبرت الوزارة في بيان “عن تضامن الإمارات مع كافة الإجراءات التي يتخذها العراق الشقيق لحماية سيادته وأمنه واستقراره، ووقوفها إلى جانب العراق في مواجهة الإرهاب”. وأكد البيان “حرص الإمارات على استتباب الأمن والاستقرار فيه”.
لايخفى على المتابعين للشأن السياسي والأمني في المنطقة أن هذا الهجوم وغيره من الهجمات التي حصلت في مراحل سابقة سلطت الضوء على المخاوف الأمنية التي تحيط بالعراق الفيدرالي واقليم كردستان الفيدرالي والدولة العراقية ككل الغنية بالنفط علماً حقل كورمور للغاز يقع بالقرب من الأراضي الخاضعة للسيطرة العراقية ومحافظة كركوك إحدى المناطق المتنازع عليها بين حكومة بغداد وأربيل عاصمة إقليم كردستان العراق الذي يتمتع بحكم نظام فيدرالي .
لاشك أن قادة الشعب الكردي في اقليم كردستان يدركون تماماً أن الموارد الطبيعية تشكل العمود الفقري لآمال الشعب الكردي منذ زمن وبدأوا يستعدون للدخول في لعبة موارد الطاقة ولذلك سيكون لمورد الغاز في القريب العاجل من دون شك تأثير على تغيير الكثير من المعادلات في رسم الخارطة الكردية وخريطة سورية المستقبلية كما خرائط الشرق الأوسط الجديد.
حيث نظريات الأمن الاستراتيجي المعاصرة تؤكد على أهمية الطاقة ليس من الناحية الاقتصادية فحسب بل كونها محركاً للصراعات ومؤشراً على عناصر القوة لدول ومناطق المنشأ أو دول الممر أو المصب  وكما هو معروف فإن كردستان تتحكم بالسيطرة على حيز مُهمّ وكميات كبيرة من الطاقة وأن هناك مسعى للولايات المتحدة الأمريكية الى جانب بريطانيا وأوربا لربط أمن الطاقة والغاز بشكل رئيسي لدى الحلفاء بدلوماسيتها ومظلتها الأمنية اللذين يمثلان نموذجين لأدوات الصراع بحلته الجديدة  .
والخوف كل الخوف هو أن يدفع الشعب الكردي ثمن طموحات وصراعات الكبار إن لم يحسنوا :
1 – قراءة معايير المعادلات الدول الإقليمية والرؤية الدولية الأمريكية والأوربية تجاه التوترات الجيوسياسية في المنطقة عن طريق الحوار الإقليمي لإدارة هذه التوترات الجيوسياسية وهذا يلقي على كاهل القيادة في كردستان العمل مع تركيا والدول الخليجية على خلق ظروف جيوسياسية مؤاتية وهذا ماتعمل عليه رئاسة الاقليم ورئيس حكومة كردستان بهدوء حنكة دبلوماسية عالية .
حيث أن لمثل هذا الحوار الإقليمي ومبادرات التهدئة أن تساعد على التخفيف من العدائية الإيرانية تجاه صادرات الغاز الكردية.
2 – قراءة أنفسهم وواقعهم السياسي الحالي الذي تعيشه كردستان بجزأه الجنوبي أولاً وبشكل رئيسي وأن يدركوا تماماً أن قوتهم الأساسية تكمن في وحدتهم من خلال الحوار الذي يتم بهدوء وعلى نار هادئة لوضع حد نهائي الى التوترات الداخلية بين الحزبين الحاكمين، الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني التي تعاني منها الاقليم لأن هذا الأمر يقوض أيضاً بشدّة قدرة حكومة ورئاسة إقليم كردستان على إدارة خلافاتها مع بغداد وأن لاننسى مسألة ربط الأمر بالجزء الغربي من كردستان ومعرفة حقيقة دور والهدف النهائي لحزب العمال الكردستاني تجاه مثل هذه اللعبة السياسية العميقة طبعاً وقراءة تاريخ وأحداث السياسة الدولية أو على الأقل السياسة الإقليمية وواقع العلاقات الدولية الراهنة .

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…

مصطفى جاويش بعد مضي عام على معركة ردع العدوان وعلى سقوط النظام السوري ووصول احمد الشرع الى القصر الرئاسي في دمشق بموجب اتفاقيات دولية واقليمية بات الحفاظ على سلطة الرئيس احمد الشرع ضرورة وحاجة محلية واقليمية ودولية لقيادة المرحلة الحالية رغم كل الاحداث والممارسات العنيفة التي جرت ببعض المحافظات والمدانة محليا ودوليا ويرى المجتمع الدولي في الرئيس احمد الشرع انه…

ماهين شيخاني مقدمة يواجه الشعب الكوردي في سوريا منذ عام 2011 تحولات سياسية وأمنية عميقة، أفرزت بيئة معقدة تتداخل فيها عوامل داخلية وخارجية. وفي ظل غياب تسوية سياسية شاملة، برزت ثلاثة أطراف رئيسية تركت أثراً مباشراً على مسار القضية الكوردية وعلى الاستقرار الاجتماعي والسياسي في مناطق توزع الكورد. هذا “الثالوث” يشمل الجماعات المتطرفة، والإدارة الذاتية، والمجلس الكوردي، وكلٌّ منها يمتلك…

حسن مجيد في الوضع الكوردي العام وبشكل خاص في إقليم كوردستان العراق كل أصناف المعارضة مرفوضة وخاصة المسلحة منها فالقيام بأعمال الشغب حتى لو لم تكن مرتبطة بأجندات إقليمية أو خارجية فقط يحق لك أن تعارض ضمن مجالات حرية الرأي والتعبير . إن النيل من المنجز بطرق غير شرعية وتخريبية تخدم المتربصين والذين لايريدون الخير للكورد . الواجب الوطني…