بصيرة سيد الشهداء الشيخ معشوق الخزنوي

بقلم: أوركيش إبراهيم*


شيخ وقور جليل لم أحدثه وأتعرف إليه عن قرب, ولم أناقشه في الكثير من المسائل التي سأل عنها في المقابلات التلفزيونية, لكنني رأيته مرآة ناصعة البياض يثب إلى قلوب الشعب الكردي بسلاسة الروح الكردية, تحت ظل شيخه الأكبر أحمدي خاني, يمتطي حصانه الكردي ويعبر السهول والوديان, يبث رائحة الكردايتية في كل شبر من ثرى كردستان أصبح مبشراً للكرد ويدخل مملكة الوطن ليسترجع الحق السليب للإنسان وحقه في حياة كريمة, فرأيت بصيرته النافذة التي نقلتني من العالم الدنيوي إلى عالم البرزخ في علم الماورائيات, وشاهدت وجهه يشع نوراً وإيمانا من خلال ذاك الخطاب الذي ترك في نفسي صدىً ولحناً ترددها نفسي بيني وبينها, فكان يقول شيخ الشهداء: (( فأنا أحد الناس الذين ليسوا بحاجة إلى أن يحتفلوا بالموت, إلا إذا تمكنا أن نحول الموت إلى حياة…؟)), رأيت وقتها أناس يطيرون بحرية كالعصافير ليست أمامهم حدود لتجوالهم, ولم أرى العسس يلاحقونهم, تحدثون بأصوات عالية عن السياسة والاقتصاد المتردي, والحياة الدنيوية البائسة التي يعيشها الناس, يروون القصص عن كيفية اغتصاب الأرض بالقوة والانقلابات ودون الخوف من دورية الأمن التي تتربص بكل كلمة تخرج من بين الشفاه.

فكما قلت يا شيخي: ((إن الحقوق لا يتصدق بها أحد, إنما الحقوق تؤخذ بالقوة)).
كنت تخشى السياط كثيراً وهاهم آكلي لحوم البشر أذاقوك طعم الجلد والسياط, عذبوا جسدك الرقيق بشتى صنوف العذاب أهانوا تينك أهانوا كرديتك ولكنك لم تستسلم لتعلن أصلك الكردي أو يزعزعوا الإيمان من قلبك الطاهر وبصيرتك النقية كنقاء نهر الكوثر, وكما قلت سالفاً لسنا هنا لنحيي ذكراك كميت, ولكننا هنا لنحول الموت إلى حياة, ودعني أقول لك كما قلت لفرهاد وجميع شهداء (12) آذار:
” كل شبابنا أنت….!
وكل نسائنا بعدك ثكالى…!
كل عرق من عروق رجالنا غيض وفيض…!
كل عرق من عروق رجالنا ونسائنا يتفجر ألماً ودماً…! ”
جئت إليك لأبشرك, وأقول لك سيدي الجليل بأنك هزمتهم, فلم تنطفئ الشمعة التي أشعلتها بل تزداد سعيراً ووهجاً, وأضأت بها طريق أبناء شعبك, وتلك الشمعة ستظل للأبد متقدة كاتقاد الشمس الأبدية فوق العلم الكردي, ستبقى شمعتك شمس ميديا التي لا تنطفئ أبداً, وستظل مراداً ومرشداً لبني قومك, وستظل نجمة الشمال الساطعة, نتنور بك إلى دربنا الذي أرشدتنا إليه, فكلنا ماضون في ذاك الطريق الذي سلكته ولن نحيد عنه قيد أنملة حتى النهاية, فبعد كل موت حياة جديدة وكلنا نرغب أن نحياها معك تلك الحياة التي اخترتها.

يا شيخنا الوقور, ستبقى منارةً للهداية الإنسانية في الوقت الذي فقد الظلام إنسانيتهم, وتعاملوا مع رقتك وحنانك بأنيابهم التي لازال الدم الكردي عالقاً عليه.
فنم قرير العين يا سيدي وشيخي لأنك زرعت الخزنوي في قلب كل كردي, فبات كل كردي خزنوي.
————
·        كاتبة كردية سورية.
·        القيت هذه الكلمة في الأمسية المقامة بمناسبة مرور سنة على اختطاف واستشهاد الشيخ الشهيد محمد معشوق الخزنوي

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

خالد بهلوي تحت شعار “وقف العنف والتهجير – العيش المشترك بسلام”، وبمبادرة من مجموعة نشطاء من الشابات والشباب الغيورين، شهدت مدينة إيسين الألمانية يوم 21 ديسمبر 2024 وقفة احتجاجية بارزة للتعبير عن رفض الاحتلال التركي والتهديدات والانتهاكات التي يتعرض لها الشعب الكردي المسالم. الحضور والمشاركة: حضر الفعالية أكثر من مائه شخصً من الأخوات والإخوة الكرد والألمان، إلى…

د. محمود عباس ستكثّف الولايات المتحدة وجودها العسكري في سوريا وستواصل دعمها لقوات سوريا الديمقراطية (قسد) والإدارة الذاتية. تدرك تركيا هذه المعادلة جيدًا، وتعلم أن أي إدارة أمريكية قادمة، حتى وإن كانت بقيادة دونالد ترامب، لن تتخلى عن الكورد، لذلك، جاء تصريح أردوغان بعد عودته من مصر، ووزير خارجيته من دمشق اليوم كجزء من مناورة سياسية تهدف إلى تضليل الرأي…

شادي حاجي المرء لا يذهب إلى طاولة المفاوضات وهو خالي الوفاض وإنما يذهب وهو متمكن وقادر والمفاوض يكشف أوراقه تدريجياً تبعاً لسير العملية التفاوضية فعند كل منعطف صعب وشاق يقدم المفاوض بطريقة أو بأخرى معلومة ولو صغيرة حول قدراته على إيقاع الأذى بالطرف الآخر من أجل أن يكون مقنعاً فعليه أن يسأل عن مقومات الندية والتي تتركز على مسألة القوة…

إبراهيم اليوسف منذ سقوط النظام المجرم في 8 كانون الأول 2024 وتحول السلطة إلى السيد أحمد الشرع، بات السوريون، سواء أكان ذلك في العاصمة دمشق أو المدن الكبرى والصغرى، يتطلعون إلى مرحلة جديدة يتخلصون فيها من الظلم والاستبداد. حيث سنوات طويلة من مكابدات المعذبين في سجون الطاغية الأسد وأبيه”1970-2024″ كانت كفيلة بتدمير أرواح مئات الآلاف. إذ إن بعض…