الراحل رياض الترك ماله وماعليه

 

صلاح بدرالدين

 

  بغياب أي كان وبالأخص الشخصيات العامة، لايجوز خلط الجانب الإنساني  باشكاليات الخلافات  الفكرية، والسياسية، والاجتماعية، ومن حق القائد ( الشيوعي ) الراحل رياض الترك علينا الترحم عليه، والتقدير البالغ لمعاناته الطويلة قرابة  الثمانية عشر عاما في معتقلات، وسجون نظام الاستبداد .
  ان تقييم الحياة السياسية للترك لاينفصل عن الموقف الوطني النقدي العام للسوريين من تاريخ الحزب الشيوعي السوري ” الرسمي “، حيث كان الراحل جزء منه، ومسؤولا عن نهجه قبل انسلاخه المتاخر، والاعلان عن حزبه المستقل عن خط الحزب الام الذي كان يقوده الراحل خالد بكداش، وذلك حول جملة من قضايا الخلاف المعلنة مثل الاستقلالية عن المركز السوفييتي، والموقف من التحالف مع البعث في ( الجبهة الوطنية التقدمية )، والفكر القومي، إضافة الى قضايا تنظيمية، وإدارية أخرى .

 

  وقد تجلى في هذا السياق العام المأخذ على موقف الحزب الشيوعي من الكرد السوريين، والقضية الكردية عامة على الأقل في نظر أحزاب الحركة الكردية على انه موقف غير اممي اقرب الى موقف حليفه بالجبهة البعث الحاكم، ينطلق من عدم اعتبار وجود شعب كردي من السكان الأصليين، وارجحية – التمثلية القومية – للاندماج النهائي، والتوافق مع موقف النظام باعتبار مخطط ( الحزام العربي ) مشروعا اشتراكيا يهدف الى بناء ( الكولخوزات – مزارع الدولة ) وانتقال بعض الفلاحين الشيوعيين أواخر ١٩٦٦ من قرية – تل شعير – الى ( قلعة الهادي ) كتنفيذ للمخطط، بالإضافة الى الموقف المعادي للثورة الكردية بكردستان العراق .
  لابد هنا من توضيح ان مجموعات منسلخة من الحزب الشيوعي السوري لم تكن مع تلك المواقف الرسمية مثل مجموعة – منظمات القاعدة بقيادة الراحل – مراد يوسف -، كما ان رابطة العمل الشيوعي الذي تحول الى حزب فيما بعد كان له مواقف مغايرة، ومتقدمة حول مختلف القضايا الوطنية وفي المقدمة القضية الكردية .
 
 اللقاء الأول والأخير مع الراحل رياض الترك
  في عام ١٩٧٣ كنا منهمكون في تحضير وثائق المؤتمر الثالث لحزبنا آنذاك ( حزب الاتحاد الشعبي الكردي ) الذي انعقد بالحي الغربي بالقامشلي بمنزل احد رفاقنا ( بافي نايف ) وكان مؤتمر الحسم والالتزام، غادرت بيروت نحو دمشق عبر الخط العسكري بمحاذاة جبل الشيخ، للفصائل الفلسطينية، وبوثائق تعود الى أصدقائنا في – الجبهة الديموقراطية لتحرير فلسطين – وفي دمشق عقدت لقاءات مع طرفي الحزب الشيوعي السوري : إبراهيم بكري وعبد الوهاب رشواني، حيث وجهت لهم دعوة لحضور مؤتمرنا او توجيه رسالة، والتقيت بالراحل رياض الترك بمنزل – يوسف نمر – بحي القصاع، بدانا مساء وانتهينا مع بزوغ فجر اليوم الثاني وتناولنا العديد من القضايا، وكانت القضية الكردية السورية في مقدمة مواضيع البحث، وجهت اليه سؤالا عن ان البعض يعتقد ان الانشقاق بسبب كون خالد بكداش من أصول كردية، فنفى ذلك نفيا قاطعا وأجاب : ان بكداش لايصلح لا للكرد، ولا للعرب، ثم تساءلت بما ان نهجكم الجديد يهتم اكثر بالمسالة القومية، فما موقفكم من القضية القومية الكردية ؟ فكان جوابه انهم بصدد دراسة الموضوع، ثم اقترحت ان نفكر بتشكيل  حزب وطني سوري يساري موحد بشرط الاعتراف بمبدأ حق تقرير المصير الكردي في اطار سوريا موحدة وان يكون الفرع الكردي له خصوصيته، فكان جوابه سندرس هذا الموضوع في مؤتمرنا القادم، في حقيقة الامر لم نتلق منهم أي جواب فيما بعد، ولكن وجهوا مشكورين رسالة تحية الى مؤتمر حزبنا الثالث، ونشرت بوسائل الاعلام .
  بعد خروجه من السجن لم يتسنى لي اللقاء به، ولكن قرات بوسائل الاعلام تصريحات، ومواقف نشرت باسمه وكانت غير ودية تجاه الكرد السوريين، وقضيتهم، وحقوقهم، وهو امر مؤسف .
  عزائي لافراد عائلته ورفاقه، ومحبيه .

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف منذ سقوط النظام المجرم في 8 كانون الأول 2024 وتحول السلطة إلى السيد أحمد الشرع، بات السوريون، سواء أكان ذلك في العاصمة دمشق أو المدن الكبرى والصغرى، يتطلعون إلى مرحلة جديدة يتخلصون فيها من الظلم والاستبداد. حيث سنوات طويلة من مكابدات المعذبين في سجون الطاغية الأسد وأبيه كانت كفيلة بتدمير أرواح مئات الآلاف. بعض السجناء أمضوا…

شكري بكر هذا الموضوع مطروح للمناقشة قد يؤدي بنا للوصول إلى إقامة نظام يختلف عما سبقونا من سلاطين وحكام وممالك وما نحن عليه الآن حيث التشتت والإنقسام وتبعثر الجهود الفكرية والسياسية والإقتصادية والعمل نحو إقامة مجتمع خال من كل أشكال الصراع وإلغاء العسكرة أرضا وفضاءا التي تهدر 80% من الإقتصاد العالمي ، إن تغلبنا على هذا التسلح يمكن…

إياد أبو شقرا عودة إلى الموضوع السوري، لا بد من القول، إن قلة منا كانت تتوقّع قبل شهر ما نحن فيه اليوم. إذ إن طيّ صفحة 54 سنة خلال أقل من أسبوعين إنجازٌ ضخم بكل ما في الكلمة من معنى. سهولة إسقاط نظام الأسد، وسرعة تداعيه، أدهشتا حتماً حتى أكثر المتفائلين بالتغيير المرجوّ. إلا أنني أزعم، بعدما تولّت قيادة العمليات…

طارق الحميد منذ فرار بشار الأسد، في 8 ديسمبر (كانون الأول)، إلى روسيا، وهناك سيل من النقد والمطالبات للحكام الجدد، وتحديداً أحمد الشرع. والقصة ليست بجدوى ذلك من عدمه، بل إن جل تلك الانتقادات لا تستند إلى حقائق. وسأناقش بعضاً منها هنا، وهي «غيض من فيض». مثلاً، كان يقال إن لا حل عسكرياً بسوريا، بينما سقط الأسد في 12 يوماً…