هل ستنجح الصفقة الامريكية الإيرانية ؟

صلاح بدرالدين

  منذ نحو شهر تزداد توقعات الحرب والمواجهة في المنطقة ، ليس بالوكالة ، او بالشكل المحدود الحاصل منذ أعوام ، بل بشكل مباشر بين الطرفين الأمريكي – الإسرائيلي من جهة ، والإيراني وميليشياته المنتشرة على طول وعرض بلدان الشرق الأوسط من الجهة الأخرى .
  فقد جاء في احدث تقرير سري مسرب من دون تحديد المصدر ”  ان الصفقة الجزئية التي توصلت إليها إيران والولايات المتحدة حول تبادل السجناء وتجميد رفع تخصيب اليورانيوم من الممكن أن تنقذ ‫إيران‬ من حرب مدمرة كانت تتوقعها في سبتمبر المقبل، حيث حصلت طهران على معلومات استخبارية بأن هناك استعدادات أميركية وإسرائيلية لتوجيه ضربة عسكرية إلى منشآتها النووية، وهو ما دفعها على ما يبدو إلى تقديم تنازلات وقبول الصفقة، وإبداء إشارات حسن نية كانت إدارة بايدن تطلبها منها منذ أشهر ”  .
ولم يتضح إذا كانت الصفقة ألغت تماماً خطط توجيه ضربة إسرائيلية واسعة النطاق لإيران بالموافقة والتنسيق مع الجيش الأميركي، الذي نقل بالفعل تعزيزات عسكرية شملت آلاف الجنود ومئات البوارج والطائرات الفائقة التطور إلى منطقة الخليج العربي.
وبحسب مصدر ايراني، ‏الحرس الثوري الإيراني دعا قبل نحو 10 أيام الميليشيات الموالية له في كل من العراق وسورية ولبنان وفلسطين، إلى التأهب لاحتمال كبير للتعرض لهجوم إسرائيلي – أميركي في سبتمبر خلال ذكرى وفاة مهسا أميني، التي أثارت اضطرابات غير مسبوقة العام الماضي، و‏الأجهزة رصدت تحضيرات واستعدادات للجيش الإسرائيلي للقيام بشيء ما ضد إيران أو أحد حلفائها في المنطقة، مبيناً أنها طلبت دعم واشنطن، وبالفعل بدأت قواتها تحضيرات غير عادية، كما ان ‏إيران تتوقع تعرضها لضربة تدمر البنى التحتية لبرنامجها النووي والصاروخي والمسيرات، وعليه بدأت إرسال كميات كبيرة من الأسلحة النوعية، خصوصاً الصواريخ والطائرات والقوارب المسيرة إلى سورية، وطلبت منها فتح الجبهة من كل مكان على إسرائيل وقصف أكبر عدد من الأهداف بمجرد قيام تل أبيب بمهاجمة إيران دون الحاجة إلى الرجوع إلى أي تعليمات من طهران.
قاآني سافر شخصياً إلى سورية ولبنان و العراق‬ الأسبوع الماضي لتحضير الحلفاء للمعركة المرتقبة، حيث أبلغهم أن يهاجموا كل الأهداف الأميركية الواقعة في مرمى نيرانهم بمجرد تعرض إيران للضربة وبدء الحرب بينها وبين الولايات المتحدة، و‏الحرس الثوري والجيش الإيراني أيضاً يعدان أنفسهما لاستهداف القواعد والسفن والبارجات الأميركية، وتلك التحضيرات الجارية غير مسبوقة على مستوى درجة الاستنفار، ما يعني أن هناك تخوفاً جدياً من أن يقوم نتنياهو بعمل متهور لحرف الأنظار عن الوضع الداخلي.
إيران أبلغت جميع الدول التي تستضيف قواعد أميركية بأن طهران ستعتبر هذه القواعد أهدافاً مشروعة في حال استخدمها الأميركيون أو الإسرائيليون في الهجوم عليها، وبعثت برسائل إلى هذه الدول بضرورة عدم استخدام  أجوائها أو مياهها في تحرك معادٍ، كما أن تل أبيب تحضر لهذه الضربة المرتقبة تزامناً مع ذكرى وفاة مهسا أميني في سبتمبر المقبل، حيث هناك محاولات لإشعال الجبهة الداخلية الإيرانية.
روسيا قامت للمرة الأولى منذ 2011 بفتح المجال أمام الإيرانيين لإرسال التعزيزات إلى سورية ولبنان دون تسريب أي معلومات إلى الإسرائيليين لقصف الشحنات، كما ‏تبين للأميركيين أن المفاوضات التي عملوا عليها منذ عام ونصف العام سوف تتوقف بشكل كامل إذا لم يتم تنفيذ أولى خطواتها، وبعد إبلاغ إيران الجانب الأميركي، عبر الوسيط العماني، بأنها لن تدخل مفاوضات على كل شيء وإذا لم يقم بتنفيذ التعهدات فإن المفاوضات تعتبر منتهية، في وقت اتصل الكوريون بالإيرانيين مقترحين تحويل 6 مليارات دولار من الأموال إلى الدوحة، مع بيع إيران بضائع كورية تحتاج إليها بباقي المبالغ المجمدة في كوريا، وتم إعلام الإيرانيين أن العرض الكوري جاء بموافقة أميركية ” .
  حتى الان ليس معلوما هل ستنفذ الصفقة ام لا امام احتمالات عدة وعلى ضوء توازن القوى الراهنة وتناقضاتها على الجانبين ،  فاذا كان الجانب الأمريكي والمقصود إدارة الرئيس بايدن تسعى الى تسريع الخطى بحذر شديد من دون خسائر على الجبهة الداخلية عشية الانتخابات الرئاسية ، واحتدام الصراع ( الديموقراطي – الجمهوري ) ، والرغبة الشديدة ولأسباب داخلية  لرئيس الحكومة الإسرائيلية – نتانياهو – في توجيه الضربة للمواقع الحساسة بايران ، ففي الجانب الإيراني التعقيدات اعمق ، بسبب تعدد القوى الحاكمة المتصارعة  ، واختلاف التوجهات بين مصادر القرار المختلفة : الولي الفقيه ، وميليشيا الحرس الثوري ، والجيش النظامي ، بالإضافة الى التاثيرات المباشرة للشارع المعارض في أي قرار يتخذ بشان الحرب والسلام .
  وعلى ضوء هذا المشهد المتعدد السيناريوهات هناك انتظار ، وقلق على المصير وسيولة في التوقعات المغالية منها ، والواقعية من جانب شعوب المنطقة ، وتعبيراتها السياسية ، والإعلامية ،  وهناك أيضا استعدادات ميدانية من جانب وكلاء الطرفين من  المييليشيات المسلحة المعتمدة بانتظار الإشارات ، والاوامر  . 
  في سوريا تخيم الاشاعات على الأجواء بخصوص مصير نظام الأسد وراسه ، وبينها احتمال حدوث انقلاب عسكري بمباركة المحتلين الروس فقط بهدف تبديل الوجوه وليس تغيير نظام الاستبداد ،  وحدوث واستمرار تحركات شعبية في السويداء وبعض مدن الساحل ، التي يكتنفها الغموض ، مع غياب أي دور للمعارضة – الرسمية – ناهيك عن انعدام حظوظ صعود قوى ثورية جديدة منظمة بعد اجراء المراجعات اللازمة ،، وإعادة بناء الحركة الوطنية السورية العربية منها والكردية وتوحيدهما لقيادة المرحلة الراهنة الشديدة الدقة والخطورة .

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

أحمد خليف الشباب السوري اليوم يحمل على عاتقه مسؤولية بناء المستقبل، بعد أن أصبح الوطن على أعتاب مرحلة جديدة من التغيير والإصلاح. جيل الثورة، الذي واجه تحديات الحرب وتحمل أعباءها، ليس مجرد شاهد على الأحداث، بل هو شريك أساسي في صنع هذا المستقبل، سواء في السياسة أو في الاقتصاد.   الحكومة الجديدة، التي تسعى جاهدة لفتح أبواب التغيير وإعادة بناء…

إبراهيم اليوسف إنَّ إشكالية العقل الأحادي تكمن في تجزئته للحقائق، وتعامله بانتقائية تخدم مصالحه الضيقة، متجاهلاً التعقيدات التي تصوغ واقع الشعوب. هذه الإشكالية تطفو على السطح بجلاء في الموقف من الكرد، حيث يُطلب من الكرد السوريين إدانة حزب العمال الكردستاني (ب ك ك) وكأنهم هم من جاؤوا به، أو أنهم هم من تبنوه بإجماع مطلق. الحقيقة أن “ب ك ك”…

شيروان شاهين سوريا، الدولة ذات ال 104 أعوام البلد الذي كان يومًا حلمًا للفكر العلماني والليبرالي، أصبح اليوم ملعبًا للمحتلين من كل حدب وصوب، من إيران إلى تركيا، مرورًا بكل تنظيم إرهابي يمكن أن يخطر على البال. فبشار الأسد، الذي صدع رؤوسنا بعروبته الزائفة، لم يكتفِ بتحويل بلاده إلى جسر عبور للنفوذ الإيراني، بل سلمها بكل طيبة خاطر…

ماجد ع محمد بعد أن كرَّر الوالدُ تلاوة قصة الخريطة المرسومة على الجريدة لأولاده، شارحاً لهم كيف أعادَ الطفلُ بكل سهولة تشكيل الصورة الممزقة، وبما أن مشاهِدَ القصف والتدمير والتدخلات الدولية واستقدام المرتزقة من دول العالم ومجيء الجيوش الأجنبية والاقليمية كانت كفيلة بتعريف أولاده وكل أبناء وبنات البلد بالمناطق النائية والمنسية من بلدهم وكأنَّهم في درسٍ دائمٍ لمادة الجغرافيا، وبما…