ضرورة إحالة قضية مجزرة 1988 لمجلس الأمن الدولي!

المحامي عبد المجيد محمد* 

حركة التقاضي لضحايا المجزرة 
بدأت حركة التقاضي والعدالة لضحايا مجزرة عام 1988 برسائل السيد مسعود رجوي في 17 و 27 أغسطس 1988 إلى الأمين العام للأمم المتحدة آنذاك، السيد بيريز ديكويار. وهي حركة وصلت إلى ذروتها في صيف 2016 بدعوة الرئيسة المنتخبة للمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية السيدة مريم رجوي.
ورداً على هذه الدعوى، طالبت المقاومة الإيرانية مراراً بتشكيل لجنة لتقصي الحقائق، فضلاً عن تشكيل محكمة دولية للتعامل مع هذه الجريمة الكبرى، التي تعد مثالاً واضحًا على جريمة ضد الإنسانية.
خلال هذه السنوات تم تحقيق العديد من الإنجازات والانتصارات في حركة التقاضي، وتم تسجيل مجزرة عام 1988 كجريمة ضد الإنسانية وإبادة جماعية في الكونغرس الأمريكي والأمم المتحدة وبرلمان العديد من الدول ومنظمة العفو الدولية، إلخ.
وفقًا للسيد جيفري روبرتسون، قاضي محكمة الأمم المتحدة الخاصة لسيراليون، فإن مذبحة السجناء السياسيين الذين كانوا يقضون عقوباتهم “هي أسوأ جريمة منذ الحرب العالمية الثانية” (يونيو 2020).
نشاطات المقاومة الإيرانية 
وعقب إعلان حركة التقاضي من قبل السيدة مريم رجوي، كانت من بين أنشطة المقاومة الإيرانية لقاءات عديدة مع شخصيات سياسية وبرلمانية وحقوقية، وإقامة معارض مختلفة في أماكن رسمية لدول مختلفة، والعديد من التظاهرات والإجراءات، وخطب أعضاء المقاومة في اجتماعات مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، وتقديم معلومات مفصلة عن مجازر عام 1988 وكشف منفذيها ومرتكبيها.
وهكذا، في عام 2017، طالب عدد من مقرري الأمم المتحدة، بمن فيهم المقررة الخاصة الإيرانية الراحلة السيدة أسماء (عاصمة) جهانجير، بأن يتم التعامل مع قضية مذبحة عام 1988 من قبل الأمم المتحدة والمجتمع الدولي.
رسالة مقرري الأمم المتحدة إلى النظام الإيراني بخصوص مجزرة عام 1988 
حذر 7 مقررين خاصين للأمم المتحدة، في 3 سبتمبر 2020، النظام الإيراني من مذبحة السجناء السياسيين عام 1988 واستمرار رفض الإعلان عن مصير ودفن الضحايا. 
المقررون الخاصون هم:
– رئيس مجموعة العمل الخاصة بالاختفاء القسري 
– المقرر الخاص لعمليات الإعدام خارج نطاق القانون والتعسفي 
– المقرر الخاص المعني بحقوق حرية المجتمع وتكوين الجمعيات 
– المقرر الخاص المعني بحالة حقوق الإنسان في إيران 
– المقرر الخاص لتعزيز وحماية حقوق الإنسان والحقوق الأساسية في التعامل مع الإرهاب 
– المقرر الخاص المعني بالتعذيب وغيره من ضروب السلوك والعقوبات القاسية واللاإنسانية والمهينة 
– المقرر الخاص لترويج الحقيقة والعدالة والتعويض وضمان عدم التكرار 
ودعا المقررون الخاصون للأمم المتحدة في بيانهم إلى إجراء تحقيق شامل ومستقل في عمليات الإعدام التي وقعت في عام 1988، وكتبوا في بياناتهم أن ما حدث يعد جريمة ضد الإنسانية، وإلى أن تكشف سلطات النظام الإيراني علناً عن مصير الضحايا ومكان دفنهم، فإنها ستستمر في ارتكاب “جرائم ضد الإنسانية”.
هذه الرسالة مهمة من جوانب مختلفة. لكن الجزء الأكثر أهمية في البيان أنه اعتبر كبار مسؤولي النظام الإيراني متورطين في مذبحة عام 1988.
هذا هو المطلب الذي دأبت عليه المقاومة الإيرانية منذ عقود.
فتوى الخميني بذبح أعضاء مجاهدي خلق 
تعود المواجهة بين مجاهدي خلق ونظام ولاية الفقيه إلى الأيام الأولى من وصول نظام الملالي إلى السلطة.
من أجل عدم الدخول في حرب غير مرغوب فيها وسابقة لأوانها، استخدم مجاهدو خلق كل ما لديهم في قدرتهم السياسية والاجتماعية لمنع مثل هذه المواجهة.
لكن في 20 يونيو 1981، فرض الخميني الحرب على مجاهدي خلق والشعب الإيراني، وبعد ذلك بإصدار الفتوى ب “إعدام جميع السجناء السياسيين الذين يدافعون عن مجاهدي خلق”، واتخذ قرارًا غير إنساني بذبح كل أعضاء مجاهدي خلق.
بدأ الحرمان من جميع الحريات والاعتقالات التعسفية وعمليات الإعدام المتسرعة وخارج نطاق القضاء. وأخيراً، أمر الخميني بمذبحة “قادة مجاهدي خلق”.
بعد هذا الأمر، بدأت فرق الموت العمل في طهران ومحافظات البلاد، وبطريقة لا يمكن تصورها ووحشية للغاية، قامت بذبح 30 ألف سجين سياسي، تسعون بالمائة منهم من أعضاء مجاهدي خلق.
وشُكلت مقابر جماعية في شرق طهران وفي العديد من المدن الإيرانية، ودُفن الأشخاص الذين أُعدموا بشكل جماعي دون إبلاغ عائلاتهم.
بالطبع، لاحقًا، عندما تم الكشف عن وثائق المجزرة التي ارتكبت بحق مجاهدي خلق، قام النظام أيضًا بتدمير المقابر الجماعية لمن تم إعدامهم من أجل إتلاف آثار الجريمة.
ومنعت وسائل الإعلام الحكومية من ذكر اسم مجاهدي خلق (واستخدام مصطلح ازدرائي المنافقين) وعبر كبار أعضاء حكومة الملالي في بيانات مختلفة أن مجاهدي خلق قد انتهوا و… في منطق الملالي والفاشية الدينية الحاكمة، تقرر ألا يبقى أي من أعضاء مجاهدي خلق حياً على هذا الكوكب!
ضرورة إحالة قضية مجزرة عام 1988 إلى مجلس الأمن الدولي 
تمثل السيدة مريم رجوي رغبة الشعب الإيراني ومقاومته فيما يتعلق بحركة التقاضي. ويطالب الشعب الإيراني والمقاومة وأقارب ضحايا المجزرة بإحالة قضية هذه الجريمة ضد الإنسانية إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة ومحكمة دولية.
يجب إنهاء حصانة خامنئي والقادة الآخرين والمتورطين في مذبحة عام 1988.
كان الرئيس الحالي للنظام الإيراني، إبراهيم رئيسي، عضوًا رئيسيًا في “لجنة الموت” في سجني إيفين وجوهردشت، وكنائب للمدعي العام، لعب دورًا في إعدام آلاف السجناء السياسيين.
محسني أيجئي، الرئيس الحالي للقضاء في النظام، كان مسؤولاً بشكل خاص في وزارة المخابرات أثناء المجزرة فيما يتعلق بالمذبحة التي نفذت بحق مجاهدي خلق.
بالإضافة إلى مدراء آخرين في وزارة الاستخبارات والعديد من المسؤولين الآخرين وأعضاء هذا النظام، جميعهم متورطون في قتل السجناء السياسيين في عام 1988 وإعدامات في الثمانينيات، ويجب عليهم جميعاً أن يواجهوا العدالة لارتكابهم جرائم ضد الإنسانية.
وفي هذا الصدد، خاطبت السيدة رجوي الحكومات وقالت: “أريد من كل الدول أن تدعم إحالة قضية مجزرة عام 1988 إلى مجلس الأمن الدولي”.
وفي تغريدة بتاريخ 24 يوليو 2023، كتبت السيدة مريم رجوي عن حركة التقاضي:
“إنها حركة من أجل مقاضاة المتورطين في تنكيل أي إيراني مظلوم تعرض خلال هذه الأعوام الـ44 من حكم الملالي لسوط اضطهاد الملالي ونهبهم. وهذا ثأر وتقاضي من أجل كل الدماء التي أريقت ظلماً. وحركة التقاضي هذه جزء لا يتجزأ عن المقاومة لإسقاط نظام ولاية الفقيه.”
* كاتب حقوقي وخبير في الشؤون الإيرانية 

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

كفاح محمود حينما كان الرئيس الراحل عبد السلام عارف يُنعى في أرجاء العراق منتصف ستينيات القرن الماضي، أُقيمت في بلدتي النائية عن بغداد مجالسُ عزاءٍ رسمية، شارك فيها الوجهاء ورجال الدين ورؤساء العشائر، في مشهدٍ يغلب عليه طابع المجاملة والنفاق أكثر من الحزن الحقيقي، كان الناس يبكون “الرئيس المؤمن”، بينما كانت السلطة تستعدّ لتوريث “إيمانها” إلى رئيسٍ مؤمنٍ جديد! كنّا…

نظام مير محمدي *   عند النظر في الأوضاع الحالية الدائرة في إيران، فإن من أبرز ملامحها ترکيز ملفت للنظر في القمع المفرط الذي يقوم به النظام الإيراني مع حذر شديد وغير مسبوق في القيام بنشاطات وعمليات إرهابية خارج إيران، وهذا لا يعني إطلاقاً تخلي النظام عن الإرهاب، وإنما وبسبب من أوضاعه الصعبة وعزلته الدولية والخوف من النتائج التي قد…

خالد حسو تعود جذور الأزمة السورية في جوهرها إلى خللٍ بنيوي عميق في مفهوم الدولة كما تجلّى في الدستور السوري منذ تأسيسه، إذ لم يُبنَ على أساس عقدٍ اجتماعي جامع يعبّر عن إرادة جميع مكونات المجتمع، بل فُرض كإطار قانوني يعكس هيمنة هوية واحدة على حساب التنوع الديني والقومي والثقافي الذي ميّز سوريا تاريخيًا. فالعقد الاجتماعي الجامع هو التوافق الوطني…

تصريح صحفي يعرب “تيار مستقبل كردستان سوريا” عن إدانته واستنكاره الشديدين للعملية الإرهابية الجبانة التي استهدفت دورية مشتركة للقوات السورية والأمريكية بالقرب من مدينة تدمر، والتي أسفرت عن سقوط عدد من الضحايا بين قتلى وجرحى. إن هذا الفعل الإجرامي يستهدف زعزعة الأمن والاستقرار، ويؤكد على خطورة الإرهاب الذي يتهدد الجميع دون تمييز، مما يتطلب تكاتفاً دولياً جاداً لاستئصاله. كما يُعلن…