نظام مير محمدي *
بمناسبة ذكرى وفاته في 13 شهر خرداد 1368 شمسي (3 يونيو/ حزيران 1989 ميلادي)
ولد الخميني في اليوم الأول من شهر مهر 1281 شمسي ( 24 سبتمبر 1902) في مدينة الخمين بوسط إيران. كان والده مصطفى بن أحمد الهندي ويعيش في كشمير بالهند. لم يكن الخميني منخرطاً في الشؤون السياسية حتى بلغ الستين من عمره. دخل السياسة منذ عام 1962 واحتج على الشاه (محمد رضا بهلوي) من موقف رجعي، كان أساسه منح المرأة حق التصويت. كما فرض الشاه قيوداً عليه. في عام 1964، نفي الخميني إلى تركيا ثم إلى النجف بالعراق، وأصبح غير نشط سياسيًا وكان مشغولاً بتلقّي دورات خاصة بالحوزة ولم يكن له علاقة بأية حركة سياسية.
في عام 1977، بعد 15 عامًا من النضال الثوري للمجاهدين والفدائيين وغيرهم من المقاتلين، وتجهيز الأسس لثورة اجتماعية في إيران، أجبرت إدارة كارتر، رئيس الولايات المتحدة في ذلك الوقت، الشاه على التخلي التعذيب والإعدام وإجراء إصلاحات في البيئة السياسية للبلاد. في مثل هذا الوضع، استغل الخميني غياب قادة المجاهدين والقوى الثورية الأخرى الذين تم إعدامهم أو سجنهم، وبمساعدة شبكة الملالي، سرق قيادة ثورة الشعب الإيراني وشوّه شعاراتها.
نظرية ولاية الفقيه ونتائجها المشؤومة
تعتبر نظرية السيادة المطلقة للفقيه أهم نظرياته حول طريقة حكم وإدارة البلاد. بمساعدة منظري حكومته مثل أخوند محمد بهشتي، الذي كان يتمتع بالهيمنة المطلقة، تمكن من إدخال هذه النظرية في الدستور. وفقًا لنظرية السيادة المطلقة لرجل الدين، فإن شخص الفقيه هو المسؤول عن جميع شؤون البلاد. بمعنى آخر ، تعود حياة الناس وممتلكاتهم إلى الفقيه، وهذا الشيء يعيد الى الأذهان السلطة المطلقة للكنيسة في العصور الوسطى. رأى الخميني أن للوصي الشرعي الحق في إعلان الحلال حراماً أو الحرام حلالاً. ومن فتاواه الشهيرة أنه تم إخبار المحققين والمعذبين في السجون في جميع أنحاء البلاد أنه إذا حكم على ابنة مجاهد أو مقاتل بالإعدام، فيجب على أحد حراس السجن أن يتزوجها قبل الإعدام (وبصورة أدق اغتصابها) ، وشهدت العديد من الفتيات اللواتي كن في سجون النظام في ذلك الوقت على هذه القضية في مختلف هيئات حقوق الإنسان. علاوة على ذلك ، وبناءً على هذه الفتوى، هناك العديد من السجينات اللاتي على قيد الحياة حالياً أكدن استعدادهن للإدلاء بشهادتهن أمام أي محكمة دولية محايدة أو لجان دولية لتقصي الحقائق حول هذا الموضوع.
من فتاوى الخميني الأخرى بشأن المجاهدين المسجونين خلال حرب الثماني سنوات مع العراق أنه سمح للسجون في جميع أنحاء البلاد بتوفير الدم اللازم لجبهات الحرب من السجناء السياسيين.
مِن الممكن كتابة مئات الكتب عن الجرائم التي ارتكبها الخميني بحق الشعب الإيراني لكشف طبيعته اللاإنسانية.
هناك مؤسسة أُنشئت بعد وفاة الخميني تحت عنوان (معهد “مؤسسة” الإمام الخميني) للمحافظة على المصنفات والنشر، صنفت ونشرت تصريحات وكتابات الخميني، شُطبت من مؤلفاته بعض أقواله وكتاباته المؤذية اجتماعياً وسياسياً والموجودة ضده.
وهناك فتوى أخرى من فتاواه غير الإنسانية وبموجبها أصدر أعضاء هيئة الموت حكماً فيما يتعلق بالمجاهدين والمعتقلين السياسيين عام 1988 وبعد شرب كأس السم للانتقام من المجاهدين. واعتبر الخميني المجاهدين سبباً لشرب كأس السم الذي تجرّعه في الحرب التي أطلق عليها (معاداة الوطن)، ولهذا السبب، أطلق على المجاهدين تسمية المنافقين في الحكم الذي أصدره بحقهم، إذ أمر بإعدام أي مجاهد في السجن وأي سجين يدافع عن موقفه من المجاهدين.
أمر الخميني بمذبحة وإبادة مجاهدي خلق
ولسنوات عديدة، ظل أقارب الخميني طي الكتمان. ومع ذلك، بعد الانتفاضة والاحتجاجات على مستوى البلاد في كانون الأول/ ديسمبر 2017، نشر مكتب السيد حسين علي منتظري، الذي تم الإعلان عنه سابقًا خلفًا للخميني ولكنه عزله لاحقًا من هذا المنصب، شريطًا يتحدث فيه السيد منتظري إلى أعضاء لجنة الموت، إذ قال أن هذه الإعدامات التي تنفذها ستسجل لاحقًا اسمك كمجرم في التاريخ. أحد هؤلاء الأعضاء في لجنة الموت هو أخوند إبراهيم رئيسي، الرئيس الحالي لإيران، وبعد نشر هذا الشريط نشر أقارب الخميني فتواه التي صدرت بحق المجاهدين وأمرت بقتلهم وإعدامهم جميعًا. خلال السنوات العشر من حكمه المشين للمجتمع الإيراني، أمر الخميني بإعدام 120 ألف سجين سياسي من مجاهدي خلق ومقاتليها بجريمة المطالبة بالحرية.
كان ثلاثون ألفًا من الذين تم إعدامهم من السجناء السياسيين، تسعون بالمائة منهم من مجاهدي خلق، الذين أُعدموا في وقت قصير جدًا في صيف عام 1988 في سجني إيفين وجوهردشت (بالقرب من مدينة كرج) ودُفنوا في مقابر جماعية.
الحرب مع العراق وآثارها
تابع الخمینی الحرب التي استمرت 8 سنوات مع العراق وألحق أضراراً بأكثر من ألف مليار دولار للشعب والاقتصاد الوطني في إيران.
لقد أسفرت الحرب عن أكثر من مليوني قتيل وجريح من الشعب الإيراني فقط وأصبح أكثر من 80٪ من المجتمع الإيراني تحت خط الفقر.
سجل الخميني اسمه بصفته الديكتاتور الأكثر كرهًا في التاريخ المعاصر، وأصبح خالدًا في مزبلة التاريخ.
وفي نهاية المطاف، في 3 حزيران/ يونيو 1989، توفي الخميني وأنهى حياته المشينة.
بوفاته، فقد “خط إمام” (سیاسة وسلوك الخميني) راعيه وصاحبه. وبقي وحده أمام الفصيل المعارض وأهالي ضحايا الحرب المدمرة.
* كاتب حقوقي وخبير في الشأن الإيراني