في اليوم العالمي لحرية الصحافة: التقرير السنوي عن أبرز الانتهاكات بحق الإعلاميين في سوريا مقتل 715 من الصحفيين والعاملين في مجال الإعلام منذ آذار 2011 بينهم 52 بسبب التعذيب على يد أطراف النزاع والقوى المسيطرة

بيان صحفي (لتحميل التقرير كاملاً في الأسفل):

لاهاي- أصدرت الشبكة السورية لحقوق الإنسان اليوم تقريرها السنوي عن أبرز الانتهاكات بحق الإعلاميين في سوريا بمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة، وقالت إنها وثقت مقتل 715 من الصحفيين والعاملين في مجال الإعلام منذ آذار 2011 على يد أطراف النزاع والقوى المسيطرة في سوريا بينهم 52 بسبب التعذيب؛ مشيرة إلى أن الانتهاكات بحق المواطنين الصحفيين وحرية الرأي والتعبير لا تزال مستمرة منذ اندلاع الحراك الشعبي في سوريا قبل نحو 12 عاماً.
قال التقرير -الذي جاء في 24 صفحة- إن النظام السوري منذ حقبة حكم حافظ الأسد واستمراراً في حقبة حكم ابنه بشار الأسد وصولاً إلى يومنا هذا يحكم سوريا بقبضة من حديد، ولم تشهد سوريا يوماً حرية في العمل الصحفي والإعلامي، وذلك منذ استيلاء حزب البعث على السلطة في آذار عام 1963، والذي حظر جميع الصحف المستقلة، وأبقى فقط على الصحف الناطقة باسمه. وبحسب التقرير فإنه لن يكون هناك حرية صحافة ورأي وتعبير طالما بقيت الدكتاتورية والاستبداد، والسبيل الوحيد لتغيير واقع قمع الحريات الأساسية والتضييق عليها هو تحقيق الانتقال السياسي في سوريا، والذي هو المطلب الأساسي للحراك الشعبي منذ آذار 2011 وحتى اليوم.
وتوسَّع التقرير في الحديث عن حرية الصحافة والرأي والتعبير بعد اندلاع الحراك الشعبي نحو الديمقراطية في سوريا في آذار/ 2011، حين زادَ النظام السوري من قمعه للصحفيين والعاملين في القطاع الإعلامي، وطرد وحظر جميع وسائل الإعلام العربية والدولية التي كانت في سوريا، وما زال هذا الحظر مستمراً على مدى اثنا عشر عاماً حتى الآن. ولفتَ التقرير إلى أنه ولسدِّ هذا الفراغ الهائل، ولتغطية الأحداث التاريخية التي كانت تجري في سوريا، تصدى نشطاء لهذه المهمة الصحفية، وبرزت فكرة المواطن الصحفي في سوريا، حيث حمل هؤلاء النشطاء على عاتقهم مسؤولية نقل الأخبار، وتصويرها. الأمر الذي جعل هؤلاء عرضة للاستهداف، ووفقاً للتقرير لم تقتصر الانتهاكات بحق الصحفيين والعاملين في القطاع الإعلامي على النظام السوري على الرغم من أنه المرتكب الرئيس لها، لكنَّها امتدت لتشمل جميع أطراف النزاع والقوى المسيطرة، وبشكلٍ خاص عند فضح انتهاكات سلطات الأمر الواقع، وبوجهٍ عام مارست جميعاً سياسة تكميم الأفواه، وأصبحت سوريا نتيجة اثنا عشر عاماً من هذه الانتهاكات المتراكمة والمركبة من أسوأ دول العالم في حرية الصحافة، وفي حرية الرأي والتعبير، وذلك وفقاً للانتهاكات التي وقعت بحقهم.
يقول فضل عبد الغني المدير التنفيذي للشبكة السورية لحقوق الإنسان:
“في اليوم العالمي لحرية الصحافة نتذكر تضحيات مئات الضحايا من الصحفيين والإعلاميين السوريين وبشكل خاص بعد الحراك الشعبي في آذار 2011 حيث تم استهدافهم على نحو خاص، وما زالوا ينتظرون محاسبة مرتكبي الانتهاكات بحقهم وفي مقدمتهم النظام السوري، لأن الدكتاتورية والاستبداد نقيض حرية الصحافة وطالما بقي النظام السوري الحالي لن تنعم سوريا بأيِّ شكلٍ من حرية الصحافة”.
استعرض التقرير حصيلة أبرز الانتهاكات التي تعرَّض لها الصحفيون والعاملون في مجال الإعلام في سوريا منذ آذار/ 2011 حتى أيار/ 2023، وسلَّط الضوء على حصيلة أبرز الانتهاكات التي سجلها منذ اليوم العالمي لحرية الصحافة المصادف العام المنصرم أيار/ 2022 حتى أيار/ 2023 وأورد أبرز الحوادث التي وقعت في المدة ذاتها. وقال إنه منذ اندلاع الحراك الشعبي تفنَّنت مختلف أطراف النزاع في ممارسات تنتهك حرية الصحافة والرأي والتعبير.
وطبقاً للتقرير فإنَّ النظام السوري المسيطر على الدولة السورية يتحمل المسؤولية الأكبر فيما وصلت إليه سوريا من أسوأ التصنيفات على مستوى العالم، فيما يخص حرية الصحافة والعمل الإعلامي، وتشويه صورة سوريا والشعب السوري، وهو المرتكب الأكبر للانتهاكات بحق الصحفيين والعاملين في مجال الإعلام، متفوقاً بفارق شاسع عن بقية أطراف النزاع، كما أن القوات الروسية تعتبر من الناحية العملية مواليةً وداعمةً لانتهاكات النظام السوري، لذلك فهي تتحمل مع النظام السوري مسؤولية 85 % من الانتهاكات بحق الصحفيين والعاملين في مجال الإعلام في سوريا، ووفقاً للتقرير فقد تنوعت أنماط الانتهاكات التي ارتكبها النظام السوري بحق الصحفيين والعاملين في قطاع الإعلام، فما زال النظام السوري يحظر بوجهٍ عام وسائل الإعلام المستقلة، ويتحكم بشكل مطلق بالإعلام الحكومي، ويقيد حرية الرأي والتعبير أمام الإعلاميين والمواطنين مستنداً إلى قوانين (مراسيم، أو عن طريق مجلس الشعب باعتباره خاضعاً له بالمطلق) تُعارض صراحةً القانون الدولي لحقوق الإنسان، وتُقيِّد بشكلٍ مُخيف حرية الصحافة والرأي والتعبير. وتطرَّق التقرير إلى القانون 20 لعام 2022 الخاص بالجريمة المعلوماتية الذي أصدره النظام السوري في نيسان/ 2022 ورأى أنه يحتوي على عدة مواد غامضة التعريف، وينتهك الحق في حرية الصحافة والرأي والتعبير ويهدد الحقوق الرقمية والخصوصية على الإنترنت، وأكد أنَّ ما نصَّ عليه القانون، تكريس لسياسة النظام السوري في تقييد حرية الرأي والتعبير، وتوسيع لنطاق التهم الفضفاضة، التي اختلقها النظام السوري ويتذرع بها منذ آذار 2011 لشرعنة عمليات الاعتقال الواسعة التي مارسها وإطلاق يد عناصر أجهزته الأمنية.
سجل التقرير مقتل 715 من الصحفيين والعاملين في مجال الإعلام، بينهم 7 طفلاً، و6 سيدة (أنثى بالغة)، كما أنَّ من بينهم 9 من الصحفيين الأجانب، و52 قتلوا بسبب التَّعذيب، إضافة إلى إصابة ما لا يقل عن 1603 بجراح متفاوتة، وذلك على يد أطراف النزاع والقوى المسيطرة في سوريا منذ آذار/ 2011 حتى أيار/ 2023، وكان من بينهم 553 بينهم 5 طفلاً، و1 سيدة، و5 صحفيين أجانب، و47 بسبب التعذيب داخل مراكز الاحتجاز، قتلوا على يد قوات النظام السوري. و24 على يد القوات الروسية، وهذا يعني أنَّ النظام السوري وحليفه الروسي مسؤولان عن قرابة 81 % من حصيلة الضحايا من الصحفيين والعاملين في مجال الإعلام، كما يتحمل النظام السوري مسؤولية ما تقارب نسبته 91 % من حصيلة الضحايا بسبب التعذيب داخل مراكز الاحتجاز الرسمية وغير الرسمية التابعة له.
وطبقاً للتقرير فقد قتل تنظيم داعش 64 بينهم 1 طفلاً، و2 سيدة و3 صحفياً أجنبياً، و3 بسبب التعذيب. قيما قتل 8 بينهم 2 بسبب التعذيب على يد هيئة تحرير الشام. وقتل 26، بينهم 1 طفلاً، و3 سيدة على يد جميع فصائل المعارضة المسلحة/ الجيش الوطني. وبحسب التقرير فقد قتلت قوات سوريا الديمقراطية 4 من الصحفيين والعاملين في مجال الإعلام منذ آذار 2011، فيما قتلت قوات التَّحالف الدولي 1. وقتل 35، بينهم 1 صحفي أجنبي على يد جهات أخرى.
وقد عرض التقرير رسوماً بيانية لتوزع حصيلة القتل خارج نطاق القانون وفقاً للأعوام منذ آذار 2011، وتبعاً للمحافظات السورية، وأظهر المؤشر التراكمي لتلك الحصيلة أنَّ عام 2013 شهدَ مقتل قرابة 25 % من الصحفيين والعاملين في مجال الإعلام، تلاه عام 2012 بنحو 18 % ثم 2014 بقرابة 16 %. كما أظهر تحليل البيانات أن محافظة حلب شهدت مقتل الحصيلة الأعلى من الضحايا بقرابة 22 % تلتها درعا 17 % ثم ريف دمشق 16 %.
وعلى صعيد الاعتقال التعسفي/ الاحتجاز أو الاختفاء القسري، سجل التقرير منذ آذار/ 2011 حتى أيار/ 2023 ما لا يقل عن 1309 حالة اعتقال وخطف بحق صحفيين وعاملين في مجال الإعلام على يد أطراف النزاع والقوى المسيطرة في سوريا، لا يزال ما لا يقل عن 471 منهم، بينهم 9 سيدات و17 صحفياً أجنبياً قيد الاعتقال أو الاختفاء القسري، ووفقاً للتقرير فإن 387 منهم لا يزالون قيد الاعتقال أو الاختفاء القسري على يد قوات النظام السوري، بينهم 8 سيدة، و4 صحفياً أجنبياً. فيما لا يزال 48 بينهم 1 سيدة، و8 صحفياً أجنبياً ممن اعتقلهم تنظيم داعش قيد الاختفاء القسري. و11 على يد هيئة تحرير الشام. و12 بينهم 5 صحفياً أجنبياً لا يزالون قيد الاحتجاز او الاختفاء القسري على يد جميع فصائل المعارضة المسلحة/ الجيش الوطني. و13 على يد قوات سوريا الديمقراطية. وقد أظهر تحليل البيانات أنَّ محافظة حلب حصدت الحصيلة الأعلى من حوادث الاعتقال هذه بقرابة 14%، تليها محافظتا دير الزور ودمشق بقرابة 11 % لكل منهما، ثم إدلب قرابة 9 %.
أوردَ التقرير حصيلة أبرز الانتهاكات بحق الصحفيين والعاملين في مجال الإعلام منذ أيار/ 2022 حتى أيار/ 2023، حيث وثق مقتل 4 منهم، 1 على يد كل من قوات النظام السوري والمعارضة المسلحة/ الجيش الوطني، و2 على يد جهات أخرى. كما سجل ما لا يقل عن 59 حالة اعتقال وخطف بحق صحفيين وعاملين في مجال الإعلام بينهم 6 سيدات، كان من بينهم 24 بينهم 4 سيدات على يد قوات النظام السوري. و12 على يد هيئة تحرير الشام، و6 على يد جميع فصائل المعارضة المسلحة/ الجيش الوطني، و17 على يد قوات سوريا الديمقراطية.
أكد التقرير أنَّ كافة أطراف النزاع والقوى المسيطرة انتهكت العديد من قواعد وقوانين القانون الدولي لحقوق الإنسان في المناطق التي تسيطر عليها، وبشكلٍ خاص حرية الرأي والتعبير، مثل المادة 19 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والمادة (19-2) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، كما انتهكت العديد من قواعد وقوانين القانون الدولي الإنساني، وفي مقدمتها القاعدة 34 من القانون العرفي التي توجب احترام وحماية الصحفيين في مناطق النزاع ما داموا لا يقومون بجهود مباشرة في الأعمال العدائية.
أوصى التقرير مجلس الأمن الدولي والمجتمع الدولي ببذل جهود واضحة في إنهاء حالة النزاع في سوريا عبر عملية سياسية تنقل سوريا من دولة شمولية إلى دولة ديمقراطية تحترم حرية الصحافة والرأي والتعبير، كما طالبه بالتنديد بالانتهاكات الممارسة من قبل أطراف النزاع بحق الصحفيين، ودعم المؤسسات الصحفية العاملة على الأراضي السورية من أجل استمرار عملها في نقل الوقائع والأحداث.
وطالب أطراف النزاع/ القوى المسيطرة كافة بالإفراج الفوري عن الصحفيين والعاملين في مجال الإعلام المعتقلين تعسفياً، وكشف مصير المختفين قسرياً. وإبطال جميع “القوانين الأمنية” التي تقمع بشكل رهيب حرية الرأي والتعبير وبشكلٍ خاص تلك الصادرة عن النظام السوري.
إلى غير ذلك من توصيات إضافية…

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…

عنايت ديكو   الوجه الأول: – أرى أن صفقة “بهچلي – أوجلان” هي عبارة عن اتفاقية ذات طابع أمني وجيوسياسي بحت، بدأت معالمها تتكشف بشكل واضح لكل من يتابع الوضع عن كثب، ويلاحظ توزيع الأدوار وتأثيراتها على مختلف الأصعدة السياسية، الأمنية، والاجتماعية داخل تركيا وخارجها. الهدف الرئيسي من هذه الصفقة هو ضمان الأمن القومي التركي وتعزيز الجبهة الداخلية بجميع تفاصيلها…

اكرم حسين العلمانيّة هي مبدأ سياسي وفلسفي يهدف إلى فصل الدين عن الدولة والمؤسسات الحكومية ، وتنظيم الشؤون العامة بما يعتمد على المنطق، والعقلانية، والقوانين الوضعية بدون تدخل ديني. يتضمن مبدأ العلمانيّة الحفاظ على حرية الدين والمعتقد للأفراد، وضمان عدم التمييز ضد أي شخص بسبب دينه أو اعتقاده. تاريخياً ظهرت العلمانية مع اندلاع الثورة الفرنسية حيث خرجت الطبقة البرجوازية…