جنديرس تتزلزل، جنديرس تزلزل.. إلى آل بشمرك

 

إبراهيم اليوسف

 
في محمدي جنديرس وإسماعيلها وفرحانها
بينما كنا في ذكرى عشية نوروز التي استشهد فيها المحمدون الثلاثة، قبل خمس عشرة سنة، وجرح آخرون، وكنا لانزال تتبع خيط الدم الكردي منذ انتفاضة الثاني عشرمن آذار2004 التي تمضي نحو عشرينيتها، تزامناً مع حدثين مهمين سماهما الصديق د. كاميران حج عبدو” بالزلزالين” ضمن عنوان محاضرته” عفرين بين زلزالين” التي  دعتنا إليها” عفرين بيتنا”، وحضرها لفيف- نخبوي- من الحضور” والنخبة هنا لا تعني التفوق السوبرماني بل تعني حصيلة التخير- أي الرمزية- تحديداً- والحضور الرمزي، الطوعي، المتفق عليه،  غير المستجلب نتيجة فرض مسبق، وكان توقيت المحاضرة هو يوم-18- آذار- الذي أعلن كيوم احتلال لعفرين من قبل تركيا ومرتزقتها، وضمن تواطىء أممي مشين، يشكل لطخة عارعلى جبين: روسيا وأمريكا والأسرة الدولية المتحكمة، وكل من تواطأ مع فعل الاحتلال المجرم، بالإضافة إلى الزلزال الثاني الذي أصاب عفرين، لاسيما في قلبها- الجنديرسي- ضمن دورة طبيعية يمكن قراءتها، في إطارها العلمي، وغير بعيد عن فعل يد التدميرللطبيعة والعمران و واسترخاص حياة الإنسان!
 في هذه الحالة من الغليان، ومحاولات تضميد الجراح، بهدف الانطلاق إلى دورة الحياة، بخطى ثابتة، من دون نسيان ما تم، في المديين القريب والبعيد، ضد وجود الكردي، ونحن لانزال نعد الساعات، بل الدقائق، في انتظار استكمال مراسم شعلة نوروز، وصلنا الخبر الأليم الذي هزَّ- جنديرس- وعفرين- وأجزاء كردستان، وضمائر العالم اليقظ- اليقظ في شروط اليقظة- لدى الجيران، والعالم- أنى وجدوا- عبر عويل مديد، لما يزل يتصادى في جهات الخريطة الأربع:
لقد صعدإلى أعلى عليين إلى مايوازي علو روح الكردي وجباله أربعة من سدنة  موقدي نار نوروز جنديرس.حراسها الميامين الصامدين المتشبثين بجبلهم و زيتونهم، برصاص أعداء الحياة
أربعة شهداء. كل شهيد رسول جهة في بيت بشمركي واحد
أجل، فقد جاءت التفاصيل، على نحو جد سريع، في عنوان رئيس واحد، يحمل أسماء أربعة عمالقة من أسرة- بشمرك- هم على التوالي:
فرح الدين عثمان بيشمرك- إسماعيل عثمان بيشمرك- محمد إسماعيل بيشمرك- محمد عثمان بيشمرك
إضافة إلى بعض الجرحى الذين أصيبوا، في هذه المجزرة التي ارتكبها بعض المحتلين ممن تجري في عروقهم: سموم حقد عنصرية خليطة مما هو داعشي وصدامي وأتاتوركي أوصمنلي، إذ لم يرق لهم- وهم يمثلون أشباههم في كل مكان- ليس ضمن ما سمي- بالجيش الوطني- عديم الوطنية، بلا استثناء، مادام أمره مرهوناً بأيدي محتلي تراب بلدهم، وإنما ضمن صفوف أعداء الكرد جميعاً، أولاء الذين يشددون على عوامل تبعية الكردي، وجعله مسلوب الإرادة، الحرية، التراب- كما أسس لذلك عتاة معلمي سياسات التمايز التي اشتغلت لوأد هذا الإنسان، واستئصاله من فوق تراب مكانه، بل إمحاء ملامح هذا المكان وكائنه، في آن!
وإذا وضعنا لبَّ هذه التفاصيل، تحت المجهر المرئي أمام أعيننا، فإن أسرة- آل بيشمرك- واستمراراً لدورة نار نوروز، راحوا يشعلون نارهم فوق سطح منزلهم الجنديرسي، الكائن في شارع ال16، وسط المدينة، فاستفزت خفافيشَ الليل، جمراتُ النار ووميضها اللاهب الذي شق أول عتمة أمسية العشرين من آذار2023، أو أمسية عشية عيد نوروز المقدس لدى الكرد، وعدد من أعمدة شعوب المنطقة- الأصليين- منطقة الشرق الأوسط، ومنهم: الكرد، وهوما لم يأت من- لاشيء- وإنما هو متأت من معجم تعامل المحتل-لا المستعمر- فالمستعمر أعلى شأناً، وحضارة، ورقياً، رغم كل ما يسجل على هؤلاء، ضمن تجاريب المكان وكائنه، بل وإن كان هذا المستعمر سبب رئيس في ضرب الإسفين بين المكان وكائنه، وتسليط خفافيش الليل البهيم- عليهم، الخفافيش المدنمتة بأصنافها، أو أصنافهم، لا ضير، ما قلب مشعل النار. مائدة ليلة- رأس السنة الكردية- رأساً على عقب، وتحولت دماء الشهداء الضحايا إلى- زيت- إضافي- لنا وأوقدوها بأنفسهم، ليكونوا ضمن قافلة مديدة، تمضي من زمن: كاوا الحداد- إلى زمن سلمان آدي- إلى زمن المحمدين الثلاثة، الذين نستذكرهم، كي ينضم إليهم: محمدان آخران، خلفاء، غير ختاميين، للنار التي لم يستطع أي جبروت عبر التاريخ الإجهاز عليها!
إن سرعة استجابة الكرد، في كل مكان مع دماء هؤلاء الضحايا، تجسد في خروج أهلنا في جنديرس- عفرين- في مظاهرات أولى، وهم يحملون نعوش جنازات الشهداء الأربعة، ويضمدون جراحات الجرحى. جراحات قلوب الأمهات الثكلاوات- الآباء الثكالى، ومطالبتهم بإخراج الفصائل من المدن والقرى- في مطلب أول- علينا استكمال بنوده، بالمطالبة بإنهاء فعل الاحتلال، لاسيما ونحن نستشعر. نرى، بأمات أعيننا، كل هذا التضامن الكردستاني، مع  دماء أولاء الضحايا، الأبطال. مع معاناة أهليهم تحت وطأة هؤلاء الراديكاليين، بأشكالهم، وهم يرضعون مع حليبهم الحقد على الكردي، كي تنداح الدائرة، وينضم إليها كل كردي. كل حر. كل شهم، أنى كان، وأية كانت هويته، لطالما نحن أمام ثنائية، فحسب، التشيع للقاتل، أو الضحية. التشيع لنار كاوا التي اوقدها في أعالي جبال كردستان، أو لمصاص الدماء. مستهدف تلك النار، ومطفئها.
ثمة أمامنا- ككرد- أولاً، أن نستجيب لنداء الدم، في جنديرس. نداء نار نوروز التي استهدفها رصاص العدو اللئيم. أن نضع برامجنا جميعاً، كل من جهته: ميدانياً، وكتابياً، أن نطرق- الأبواب- التي يمكن لها أن تنصفنا، أن تنهي فعل الاحتلال، وتطرد فلول المرتزقة وسيدهم، كي تستمرنار نوروز مشتعلة، أينما وحيثما كان الكردي، وكردستانه!
21-3-2023

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف منذ سقوط النظام المجرم في 8 كانون الأول 2024 وتحول السلطة إلى السيد أحمد الشرع، بات السوريون، سواء أكان ذلك في العاصمة دمشق أو المدن الكبرى والصغرى، يتطلعون إلى مرحلة جديدة يتخلصون فيها من الظلم والاستبداد. حيث سنوات طويلة من مكابدات المعذبين في سجون الطاغية الأسد وأبيه كانت كفيلة بتدمير أرواح مئات الآلاف. بعض السجناء أمضوا…

شكري بكر هذا الموضوع مطروح للمناقشة قد يؤدي بنا للوصول إلى إقامة نظام يختلف عما سبقونا من سلاطين وحكام وممالك وما نحن عليه الآن حيث التشتت والإنقسام وتبعثر الجهود الفكرية والسياسية والإقتصادية والعمل نحو إقامة مجتمع خال من كل أشكال الصراع وإلغاء العسكرة أرضا وفضاءا التي تهدر 80% من الإقتصاد العالمي ، إن تغلبنا على هذا التسلح يمكن…

إياد أبو شقرا عودة إلى الموضوع السوري، لا بد من القول، إن قلة منا كانت تتوقّع قبل شهر ما نحن فيه اليوم. إذ إن طيّ صفحة 54 سنة خلال أقل من أسبوعين إنجازٌ ضخم بكل ما في الكلمة من معنى. سهولة إسقاط نظام الأسد، وسرعة تداعيه، أدهشتا حتماً حتى أكثر المتفائلين بالتغيير المرجوّ. إلا أنني أزعم، بعدما تولّت قيادة العمليات…

طارق الحميد منذ فرار بشار الأسد، في 8 ديسمبر (كانون الأول)، إلى روسيا، وهناك سيل من النقد والمطالبات للحكام الجدد، وتحديداً أحمد الشرع. والقصة ليست بجدوى ذلك من عدمه، بل إن جل تلك الانتقادات لا تستند إلى حقائق. وسأناقش بعضاً منها هنا، وهي «غيض من فيض». مثلاً، كان يقال إن لا حل عسكرياً بسوريا، بينما سقط الأسد في 12 يوماً…