إعدام محسن شكاري علامة على يأس خامنئي من استمرار الانتفاضة

نظام مير محمدي 

فجر الخميس 8 ديسمبر وبأمر من خامنئي، تم إعدام شاب يبلغ من العمر 23 عامًا يُدعى محسن شكاري، اعتقلته القوات القمعية في انتفاضة أهالي طهران في شارع ستار خان (غرب طهران) في 25 سبتمبر / أيلول.
وأغرقت أنباء إعدام هذا الشاب العالم في الدهشة والصدمة، حتى أصبحت الأخبار وهاشتاجها توجهاً عالمياً خلال ساعات قليلة بتكرارها مليون ونصف المليون مرة.
وبحسب القضية التي رفعها قضاء خامنئي ضد الشاب المنتفض، فقد ورد أنه متهم بقطع الشارع ب “خنجر” بيده وتهديد الناس للانضمام إليه وهذا مثال على “ترهيب الناس”. [تخويف الناس].
لكن قضاء خامنئي لا يرد على هذا التناقض الجوهري مع هذا الاتهام الباطل بأنه من الممكن إجبار الناس على الانتفاض والاحتجاج لمدة 83 يومًا بتهديدهم؟
إذا كان هذا هو الحال، فكيف يمكن أن ينتفض الناس في جميع أنحاء إيران، من خاش وسراوان وزاهدان في شرق إيران إلى بيرانشهر وبوكان ومهاباد في غرب إيران، ويطالبون بإسقاط النظام؟ 
لماذا الإعدام ولماذا نُفذ في فجر يوم الانتفاضة ال 84؟ 
خلال 83 يومًا من الانتفاضة، ظهر خامنئي تحت ذرائع مختلفة وتحدث عن انتهاء الاحتجاجات والانتفاضة الوطنية ومطالبة الشعب بإسقاط النظام.
ووصف خامنئي الاحتجاجات التي عمّت أرجاء البلاد بأنها “تشويش لحفنة مخدوعة وغافلة ومرتزقة وذات صلة بالخارج”.
بالطبع يتضح لكل من تابع أخبار الانتفاضة الإيرانية أن الجمهور الذي تم جلبه لسماع خطب خامنئي هم الباسيج والقوى القمعية التي أنهكتها الانتفاضة والقمع المستمر للشعب.
وكان خامنئي ينوي إلهامهم بخطبه وشحنهم بالروح المعنوية. على سبيل المثال، في 26 تشرين الثاني (نوفمبر)، عندما كان يتحدث إلى “الباسيج”، أخبرهم أن لدينا عدة ملايين من “الباسيج” الرسميين وعدة ملايين من “الباسيج” غير الرسميين.
كانت كلمات خامنئي هذه انعكاساً لحقيقة أن الناس الذين سئموا القمع والديكتاتورية تدفقوا إلى الشوارع وطالبوا بالحرية وإسقاط نظام الملالي بأكمله.
لقد فعل خامنئي كل ما في وسعه في اجتماعات خلف الكواليس واجتماعات مغلقة مع مسؤولي حكومته حتى يتمكن من قمع الانتفاضة بتكلفة أقل وإعادة الناس من شوارع إيران إلى منازلهم.
لكن هذه الخطة فشلت. لذلك، استخدم تكتيك الـ 42 عامًا الماضية ونفذ أول إعدام بحق المعتقلين في الانتفاضة.
في إيران، في ظل حكم الملالي، ليس الإعدام عقوبة بالمعنى القانوني والقضائي الكلاسيكي، بل هو أداة من أدوات حكم الملالي وآلية لتخويف وإرعاب الشعب والقوات المقاومة في الداخل.
يعلن خامنئي، الذي يقبع على رأس نظام ولاية الفقيه الاستبدادي، جيدًا أن هذا الإعدام سيكلفه الكثير، لكنه يأسه قاده للاستسلام  لهذه الطريقة في العمل ونفذها من خلال رئيس قضاء الملالي. 
في كراهية هذا الفعل المعادي للإنسان من قبل خامنئي، دافع اثنان فقط من بيادق ودمى خامنئي عنه، أولهم إبراهيم رئيسي، المعروف بجلاد عام 1988 بين الشعب الإيراني (في صيف عام 1988، كان رئيسي هو العضو الرئيسي في لجنة الموت في طهران کنائب المدعي العام وكان له دور مباشر في إعدام عدة آلاف من السجناء السياسيين في سجني إيفين وجوهردشت)
وثانيهم أحمد خاتمي، أحد أئمة صلاة الجمعة في طهران، ورفض مسؤولون حكوميون آخرون اتخاذ موقف علني.
وقال إبراهيم رئيسي، مساء الخميس، 8 كانون الأول / ديسمبر، في مسجد سلمان بطهران، إنه سيتم بحزم تحديد هوية “مثيري الشغب” ومحاكمتهم ومعاقبتهم.
كما قال أحمد خاتمي في خطابه بمدينة ميناب بمحافظة هرمزجان، “لا يجوز وضع سلطة النظام في أيدي مثيري الشغب. نشكر القضاء على حزمه في تنفيذ حكم الإعدام”.
وفي تكملة لخطابه قال “… لم يفكروا في شيء آخر سوى إسقاط النظام …” 
اخماد النار بالبنزين! 
كان فعل خامنئي هذا أشبه بإطفاء حريق بالبنزين. لأنه في مساء يوم إعدام محسن شكاري تواصلت وسائل الإعلام الدولية مع أعضاء وحدات المقاومة والمقاومين في إيران.
وأثناء إدانة هذا الإعدام، تعهد الجمهور بأنهم سينتقمون لدمه. واستمرت المظاهرات في العديد من المدن الإيرانية بشعارات الموت للديكتاتور والموت للجلاد خامنئي، و “سأقتل من قتل أخي”، إلخ.
وفي الدول الأوروبية وكندا وأستراليا، أدان أنصار مجاهدي خلق والمقاومة الإيرانية هذا الإعدام الوحشي من خلال القيام بمظاهرات ومسيرات احتجاجية وطالبوا الحكومات بإدانة هذا العمل اللاإنساني للنظام الإيراني وإغلاق سفارات هذا النظام وطرد عملائه. 
ردود الفعل الدولية على هذا الإعدام الوحشي 
كان هناك العديد من ردود الفعل الدولية على هذه الجريمة التي أمر بها خامنئي، بما في ذلك وزير الخارجية الأمريكي أنطوني بلينكين، الذي قال: “نشعر بالاشمئزاز من إعدام محسن شكاري. رسالتنا إلى القيادة الإيرانية واضحة: ضعوا حداً لهذا القمع الوحشي. سنواصل محاسبة النظام الايراني “.
وكتب مستشار الأمن القومي الأمريكي جيك سوليفان على تويتر أن الإعدام “غير العادل والوحشي” لمحسن شكاري هو محاولة لترهيب الشعب الإيراني الشجاع.
وأعلن المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية، وهو يعرب عن تعاطفه مع أسرة محسن شكاري، أن إعدامه يظهر التكثيف الرهيب لجهود النظام لقمع المعارضة والاحتجاجات. وأضاف: “نحزن لوفاته ونقدم تعازينا لأسر الضحايا والناجين”.
وكتب وزير الخارجية البريطاني على حسابه على تويتر: “لا يمكن للعالم أن يغض الطرف عن العنف الشنيع الذي يرتكبه النظام الإيراني ضد شعبه”.
ورداً على إعدام محسن شكاري، كتبت وزيرة الخارجية الألمانية النالنا بربوك: “لا إنسانية النظام الإيراني لا حدود لها”. 
وأعلنت منظمة العفو الدولية في تغريدة أنها شعرت بالرعب من إعدام محسن شكاري بعد أقل من ثلاثة أسابيع على إدانته في محاكمة وهمية وغير عادلة للغاية. على النظام الإيراني الكف عن استخدام عقوبة الإعدام كأداة للقمع السياسي ضد المتظاهرين في محاولته اليائسة لإنهاء الانتفاضة الشعبية.
وقال جاويد رحمن، المقرر الخاص لحقوق الإنسان المعني بإيران، إنه صُدم بنبأ إعدام محسن شكاري. وقال أنه يجب على السلطات الإيرانية أن تنهي على الفور استخدام عقوبة الإعدام كسلاح ضد المتظاهرين وأن توقف جميع عمليات الإعدام على الفور. 
إعلان من أمانة المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية 
وصفت السيدة مريم رجوي إعدام شهيد الانتفاضة محسن شكاري بأنه علامة على عجز خامنئي ونظام الملالي في مواجهة الانتفاضة والثورة الديمقراطية والخوف من آفاق السقوط، وقالت إن هذه الجريمة الشنعاء ستضاعف نار غضب المواطنين والثوار وأن المنتفضين والثوار خاصة شباب شارع ستار خان لن يتركوها بلا رد.
وحثت السيدة رجوي الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء والمدافعين عن حقوق الإنسان على التنديد بشدة بإعدام محسن شكاري واتخاذ إجراءات فعالة وعملية ضد النظام الفاشي الديني الحاكم في إيران من أجل وقف عمليات الإعدام والقتل. وأكدت أنه يجب إغلاق سفارات هذا النظام وطرد دبلوماسيه وعملاء ومرتزقة وزارة المخابرات والحرس. إن التعامل مع نظام يمثل وصمة عار على جبين الإنسانية المعاصرة لا ينتج سوى تقويض قيم حقوق الإنسان.
كاتب حقوقي وخبير في الشأن الإيراني 

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف منذ سقوط النظام المجرم في 8 كانون الأول 2024 وتحول السلطة إلى السيد أحمد الشرع، بات السوريون، سواء أكان ذلك في العاصمة دمشق أو المدن الكبرى والصغرى، يتطلعون إلى مرحلة جديدة يتخلصون فيها من الظلم والاستبداد. حيث سنوات طويلة من مكابدات المعذبين في سجون الطاغية الأسد وأبيه كانت كفيلة بتدمير أرواح مئات الآلاف. بعض السجناء أمضوا…

شكري بكر هذا الموضوع مطروح للمناقشة قد يؤدي بنا للوصول إلى إقامة نظام يختلف عما سبقونا من سلاطين وحكام وممالك وما نحن عليه الآن حيث التشتت والإنقسام وتبعثر الجهود الفكرية والسياسية والإقتصادية والعمل نحو إقامة مجتمع خال من كل أشكال الصراع وإلغاء العسكرة أرضا وفضاءا التي تهدر 80% من الإقتصاد العالمي ، إن تغلبنا على هذا التسلح يمكن…

إياد أبو شقرا عودة إلى الموضوع السوري، لا بد من القول، إن قلة منا كانت تتوقّع قبل شهر ما نحن فيه اليوم. إذ إن طيّ صفحة 54 سنة خلال أقل من أسبوعين إنجازٌ ضخم بكل ما في الكلمة من معنى. سهولة إسقاط نظام الأسد، وسرعة تداعيه، أدهشتا حتماً حتى أكثر المتفائلين بالتغيير المرجوّ. إلا أنني أزعم، بعدما تولّت قيادة العمليات…

طارق الحميد منذ فرار بشار الأسد، في 8 ديسمبر (كانون الأول)، إلى روسيا، وهناك سيل من النقد والمطالبات للحكام الجدد، وتحديداً أحمد الشرع. والقصة ليست بجدوى ذلك من عدمه، بل إن جل تلك الانتقادات لا تستند إلى حقائق. وسأناقش بعضاً منها هنا، وهي «غيض من فيض». مثلاً، كان يقال إن لا حل عسكرياً بسوريا، بينما سقط الأسد في 12 يوماً…