ثورة زينا بين «الثورة ونصف الثورة»

عبدالعزيز قاسم 

اليوم وبعد مرور أكثر من شهر ونصف الشهر على ثورة شعب إيران وكردستان الشرقية ضد النظام الإيراني الاستبدادي، يبدو أن الشعب الإيراني مصمم على مواصلة ثورته وأنه لن يكون هناك تراجع من هذه الثورة مهما كان الثمن والتضحية ، بمعنى أنها أصبحت ثورة مستمرة، تختلف عن باقي الثورات والانتفاضات السابقة التي رافقت السنوات الاخيرة، أقول: إن شعب إيران يدرك تماما ان نجاح الثورة بديمومتها، بالرغم من لامبالاة المجتمع الدولي ومؤسسات الأمم المتحدة ، بأن الثورة لا يمكن أن تتوقف ويجب أن تستمر حتى تصل إلى نتيجة إيجابية، بل على العكس من ذلك، فليس لمصلحة الشعب الإيراني أن تتوقف الثورة!
وستكون هناك عواقب وخيمة على مصير الشعب الإيراني، ولهذا نرى ان المتظاهرين يلجؤون بشكل يومي لابتكار أشكال وأنماط جديدة من اشكال الاحتجاجات والإضرابات والمظاهرات لإطالة أمد الثورة. 
يبدو أن شعب إيران بخبرته الغنية من انتفاضاته السابقة، يدرك جيدا كلمات الزعيم الصيني (ماو تسي تونغ ) الذي قال ذات مرة: “من يقوم بنصف ثورة كمن يحفر قبره!” ، ولهذا فالشعب الإيراني مصر كما يبدو على الاستمرار بثورته و مهما كان الثمن، وعلى العكس من ذلك تماما فكل محاولة لوقف الثورة أو الاكتفاء ب “نصف ثورة” ستكون في مصلحة النظام!! 
و منذ فترة بدا الأمر إلى حد ما أن “شبه الثورة” كانت أيضًا رغبة أمريكية واوربية، وأن أمريكا وأوروبا من خلال بعض العقوبات الشكلية كانت تحاول استخدام “ثورة #ژن_ژیان_ئازادی” للضغط على النظام الإيراني وللتفاوض على بعض الصفقات والعقود مع هذا النظام، و خاصة فيما يتعلق بالملف النووي وايضا البترول والغاز، ولكن الآن لم يعد هناك تراجع عن الثورة وان “نصف الثورة” اصبح من الماضي، واليوم دخلت ثورة الشعب الإيراني حتى على أجندة الانتخابات النصفية للولايات المتحدة 2022  في الثامن من نوفمبر بين كل من الجمهوريين والديمقراطيين ، وكذلك بعد ظهور أدلة قوية حول استخدام أسلحة إيرانية من جانب القوات الروسية في حرب أوكرانيا ، مضيفًا أن الانتخابات الإسرائيلية هذه المرة لا تبدو و كأنها انتخابات دورية فقط ، وانما كاستفتاء بقيادة نتنياهو ، تتعلق بقضايا إسرائيل السياسية والأمنية وخاصة الملف النووي الإيراني. 
وبحسب قراءتي ، فإن  “نصف الثورة” أصبحت جزءاً من الماضي ليس فقط على المستوى الداخلي فحسب و إنما في أوروبا وأمريكا وإسرائيل أيضًا ، وحتى روسيا تتحرك بهذا الاتجاه ايضا و ما الزيارة الأخيرة لوزير الخارجية الروسي إلى الأردن إلا تأكيد لقرب انتهاء دور إيران في سوريا! 
وما استخدام عصابات حزب الله اللبناني والحشد الشعبي ، والمرتزقة لقمع الاحتجاجات الشعبية إلا دليل على الإفلاس الداخلي للنظام الإيراني وانقسام غير معلن في أجهزته القمعية، ناهيك عن العبء المفرط للأزمة الاقتصادية وانهيار العملة الايرانية بشكل غير مسبوق…، وهكذا على المستوى المحلي، الاقليمي والدولي، فمن الواضح أن الثورة ستستمر وبالطبع ستؤدي إلى نتائج إيجابية لمستقبل إيران وشرقي كردستان، مهد وأرض هذه الثورة.

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف   قبل سنوات- عشية الريفراندوم في إقليم كردستان2017- أقيم احتفال تضامني بهذه المناسبة، في بلد أوروبي، وظهرت في مقطع فيديو لقطة لشخص يرفع علم إسرائيل. التقط العشرات، بل المئات، من الكتاب والسياسيين، وأصحاب منصات التواصل الاجتماعي- ممن يعادون الكرد- هذه الصورة، ليجعلوا منها ذريعة للهجوم عليهم، واتهامهم بالأسرلة والانفصال لا السعي لإحقاق الحق بعد تنكر الشريك القسري للرابط…

المحامي عبدالرحمن محمد القضية الكردية ليست قضية لغوية أو ثقافية أو متعلقة بالمواطنة، بل هي قضية سياسية وحقوقية تتطلب حلا سياسيا وفق مبدأ حق تقرير المصير للشعوب والقانون الدولي. صراعنا مع الدول التي تحتل كوردستان هو صراع على الانتماء والأرض والحق والهوية والحرية والاستقلال والدولة. ومن وجهة نظر القانون الدولي، فإن القضية الكردية ليست مسألة تتعلق بالمواطنة أو حقوق المواطنين،…

خالد بهلوي يستقبل السوريون عيد الفطر السعيد بفرح وسعادة تغمران الأجواء، حيث لا يزال الناس يتمسكون بالعادات والتقاليد التي توارثوها عبر الأجيال. يبدأ التحضير للعيد منذ الأيام الأخيرة من شهر رمضان، إذ يتم تنظيف المنازل، وشراء الملابس الجديدة للأطفال والكبار، وتحضير الحلويات التقليدية مثل المعمول بأنواعه (بالعجوة، أو الجوز، أو الفستق الحلبي) إلى جانب الحلويات الأخرى كالغريبة…

إبراهيم اليوسف   لطالما كان الكرد جزءًا لا يتجزأ من النسيج السوري، حيث ساهموا بفعالية في مختلف مفاصل الدولة منذ تأسيسها، فقد تقلد العديد منهم مناصب رفيعة، بما في ذلك الرئاسة، ورئاسة الحكومة، الوزارات، رئاسة الأركان التي كان أول من تولاها كردي، حتى صعود التيارات القوموية العروبوية الناصرية والبعثية، التي سعت إلى تهميش الكرد وتذويب هويتهم. ورغم ظروف القمع، لم…