منعطف اليوم الـ 41 لانتفاضة الشعب الإيراني

نظام مير محمدي 

بالتزامن مع اليوم الأربعين لمقتل الشابة الكردية مهسا أميني على يد دورية إرشاد القمعية في طهران، والتي أصبح اسمها رمزًا لانتفاضة الشعب الإيراني على مستوى البلاد، وتكرار هاشتاقها أكثر من 200 مليون مرة في التوییتر العالمي حیث ترك رقماً قياسياً غير مسبوق؛ مرت انتفاضة الشعب الإيراني بيومها الحادي والأربعين بشعارات قوية جدًا للإطاحة بالفاشية الدينية الحاكمة.
في حفل إحياء ذكرى مهسا أميني في مسقط رأسها، مدینة سقز، في إقليم كردستان الإیرانیة، حضر حشد كبير، ومن خلال رفع شعار “كلّنا مهسا” عبروا عن تضامنهم مع عائلتها وكذلك مع الثوریین في جميع أنحاء إيران ضد المسؤولين الحكوميين القمعيین المتوحّشین.
يحاول خامنئي وجميع أعضاء حكومته بكل قوتهم التظاهر بأن الانتفاضة، وبتعبیرهم “الاضطرابات”، قد انتهت في جميع أنحاء إيران، ولكن من الناحية العملية أصبح من الواضح أن هذه الانتفاضة دخلت ذروة جديدة و لقد انتفض الناس أكثر من السابق وشدّدوا بالفعل على مطلبهم الأساسي “بإسقاط” نظام ولاية الفقيه.
يمكن القول على وجه اليقين أنه في هذا اليوم، تجاوزت انتفاضة الشعب الإيراني منعطفاً تاريخيًا أكبر من المنعطفات السابقة، بما في ذلك حرق سجن إيفين لإثارة الرعب في السجون في جميع أنحاء إيران، حيث يوجد دائمًا احتمال للتمرّد والمواجهة. ومن ثمّ  انضمام المحامین إلی الثوار و..
استمرت الانتفاضة يوم الأربعاء 26 أكتوبر واتسعت في عموم إيران، من الشمال إلى الجنوب ومن الشرق إلى الغرب، وفي 63 مدينة خاصة في المدن الإيرانية الكبرى مثل طهران وتبريز ومشهد وأصفهان وشيراز ومدن أخرى. إضافة ‌إلی ذلك في 65 جامعة، أعلن الطلاب والأساتذة غير المنتسبين للحكومة تضامنهم مع الثوار وردّدوا هتافات ضد خامنئي ومنتسبیه. ومما أعطى روحًا جديدة للانتفاضة على الصعيد الوطني هو انضمام الأطباء إلى الانتفاضة واستقالة نائب رئيس نقابة‌ الأطبّاء تضامنًا مع الانتفاضة ومع مطالب الشعب الإيراني والاحتجاج على قمع مظاهرات سلمیة في المدن والجامعات والمدارس.
بالإضافة إلى توسّع واستمرارية الانتفاضة، كانت هناك قضية مهمة أخرى تتعلق باليوم الحادي والأربعين للانتفاضة وهي أنها تزامنت مع الرابع من شهر «آبان» الإیراني، عيد ميلاد محمد رضا بهلوي، شاه إيران السابق، الذي يدعي ابنه أنه یرید أن یخلفه ويسمي نفسه “ولي العهد في الانتظار”. لكن أبناء الشعب الإیراني هتفوا بـ “الموت للظالم سواء كان الشاه أو القائد[خامنئي]” في جميع المدن والتظاهرات، وبهذا الشعار صراحة نفوا “الشاه والشيخ” أي الماضي والحاضر لصالح المستقبل. ويعبّر هذا الشعار عن رغبة الشعب الإيراني في الإطاحة الكاملة بنظام ولاية الفقيه من جهة وعدم العودة إلى أي نوع من الأنظمة الدیكتاتوریة من جهة أخرى بهدف تحقيق الحرية والتحرر من أي قمع وفرض وإكراه. لقد أطاح شعب إيران بالنظام الدكتاتوري للشاه ودفنه عام 1979، واستناداً إلى الجدلية التاريخية والسياسية والاجتماعية، فإن نبش القبور والعودة لا يمكن تصوره ناهيك عن تحقیقه.
نقطة أخرى مهمة في استمرار الانتفاضة كان دعم الإيرانيين في الخارج الموجودین في المدن الكبرى في أوروبا، بما في ذلك المظاهرة الكبيرة في برلين في 22 أكتوبر، والتي شارك فيها ما لا يقل عن 80 ألف إيراني، وكذلك مظاهرات في واشنطن الولايات المتحدة وأوتاوا وتورنتو في كندا وملبورن وسيدني في أستراليا وفي باریس ولندن و.. دعموا التظاهرات داخل إيران وأكدوا على كل مطالب الثوار داخل إیران. من الطبيعي جدا أن يكون دعم الإيرانيين المقيمين بالخارج وكذلك الدعم الدولي من رجال الدولة والسياسيين والبرلمانيين والمحامين والصحفيين ونشطاء حقوق الإنسان حول العالم لانتفاضة الشعب الإيراني وإدانة القمع الوحشي من قبل الحكومة یساند في استمرار انتفاضة الشعب الايراني، وكل ذلك استظهار للثوار داخل إیران. 
ویجدر الإشارة إلی راديكالية شعارات الثوار في جميع أنحاء إيران كبعد آخر مهم أيضًا. شعارات مثل “الموت لخامنئي”، “الموت للديكتاتور”، “سأقتل كل من قتل أختي”، “سأقتل كل من قتل أخي”، “سيد علي [خامنئي] الضحاك، سندفنك تحت التراب “إلخ.. 
وتدلّ الشعارات على الكراهية العميقة للشعب الإيراني لمظاهر الجرائم والقمع الوحشي، وتحديداً خامنئي، وكامل نظام ولاية الفقيه.
إن الحضور الموحّد لجميع الإثنيات والقوميات الإيرانية، بما في ذلك العرب والأكراد والأتراك والبلوش، وكذلك الديانات غير الحكومية مثل السنة والزرادشتيين والمسيحيين واليهود، سمة أخرى لانتفاضة الشعب الإيراني، التي توحد صفوف الشعب الإيراني ضد الحكومة.
وعن أهمية اليوم الحادي والأربعين لاستمرار انتفاضة الشعب الإيراني، قالت السيدة مريم رجوي، الرئيسة المنتخبة للمقاومة الإيرانية، إن “العاصفة العاتية التي اجتاحت إيران اليوم أظهرت أنكم أيها الشباب والنساء في إيران. تستحقون تقریر مصیركم في إيران ديمقراطية. بإمكانكم ویجب القضاء على دكتاتورية ولاية الفقيه وإقرار الحرية  في إيران والسلام في المنطقة.”
* كاتب حقوقي وخبير في الشأن الإيراني 

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

صلاح بدرالدين موضوعنا الرئيسي في هذه العجالة يتعلق بالتجربة الخاصة بالحركة السياسية الكردية السورية المتعلقة بمسائل الوحدة ، والاتحاد ، والاتفاق ، والانقسام ، والتحالفات ، وإعادة البناء ، كما يعبر عنه المشهد الراهن ، وباستحضار دروس تجارب الأحزاب السياسية القومية المعاصرة في بعض أجزاء كردستان بالمجالات ذاتها ، وذلك على ضوء الحقائق الثلاثة التالية اللتي لايمكن القفز فوقها…

ريزان شيخموس في الثامن من ديسمبر، سقط النظام الأسدي بعد عقود من القمع والاستبداد، وساد الفرح أرجاء سوريا من أقصاها إلى أقصاها. خرج الناس إلى الشوارع يهتفون للحرية، يلوّحون بأعلام الثورة، وتغمرهم مشاعر النصر والكرامة. لقد ظنّ السوريون أنهم طووا صفحة قاتمة من تاريخهم، وأن الطريق بات سالكاً نحو دولة مدنية ديمقراطية تحتضن كل أبنائها دون إقصاء أو تهميش….

د. محمود عباس   عزيزي إبراهيم محمود، قرأت كلمتك التي جاءت إضاءةً على مقالتي، فلم تكن مجرد “ردّ”، بل كانت استئنافًا لحوارٍ أعمق، طالما تهرّبت منه الساحة الثقافية الكوردية، أو تم اختزاله في شعارات مستهلكة، لم أتفاجأ بجرأتك في تسمية الأشياء، ولا بذلك الشجن الفكري الذي يسكن سطورك، فأنت كتبت كمن يعرف أن لا أحد سينقذ هذا الجسد الكوردي من…

بوتان زيباري   في مسرح الشرق الأوسط، حيث تتبارى الإمبراطوريات القديمة والحديثة في نسج خيوط مصائر الشعوب، تبرز سوريا كقماشةٍ ملوّنة بدماء التاريخ وأحلام الثوار، تُحاك عليها سرديات القوة ببراعة الفيلسوف ودهاء المحارب. ها هي أنقرة، وريثة العثمانيين، تُعيد تمثيل مسرحية “الفوضى الخلّاقة” بأدواتٍ أكثر تعقيدًا، حيث تتحول الجغرافيا إلى رقعة شطرنجٍ وجودية، والسياسة إلى فنٍّ مركبٍ لإدارة الأزمات عبر…