جينة إفشال مبادرة سورية الإتحادية

 وليد حاج عبدالقادر / دبي 

مازال الغموض والخلط في التوصيف هو السائد فيما يخص مفهوم الوجود – التواجد الكردي ضمن الخارطة السورية كضم أو إلحاق، والتي شملت وفق مقاسات سايكس بيكو، هذا الأمر الذي تصدر المشهد السياسي، منذ مؤتمر الصلح بعد الحرب الكونية الأولى، وليتوه بعضهم في فوضى المسميات والتعابير السياسية من جهة، والشطب المتقصد لمتتاليات ومآلات تشكل خارطة الدول حسب التفاهمات التي جرت، وكل ذلك وفق مخرجات اتفاقية سايكس بيكو  والجغرافيات التي أحدثت ولندخل كرديا صراعا بينيا وايضا بتماس مع ذات النمط من التداخل وبالتشارك مع قوموية الدول التي احدثت، 
وهنا وبعيدا عن كل السياقات النظرية التي تموضعت وفق ما رسمته مس بيل المستشارة في البعثة الإنكليزية في العراق حينذاك، وخطوط قلم الرصاص خاصيتها وبالتوازي مع سلسلة المفاوضات والتوافقات وبالنتيجة ما فعله الترك بقيادة اتاتورك في مؤتمر الصلح وتشكيله وفدا كرديا – تركيا مشتركا قابله وعد بدولة اتحادية للترك والكرد ومن ثم التفافه الفظيع على الكرد وتفرده بدولة اتاتوركية مثلما يقول التاريخ . كل هذه الإحداثيات لاتزال حية تنطق ووثائقها مؤرشفة ليس فقط في مكتبات او الدوائر الملحقة بالمؤسسات التي عنت واجتمعت وقررت بالبصم على منتجاتها، اضف الى ذلك المعطيات التاريخية والجغرافية بسكانها، ومع هذا، وعلى قاعدة اكرام الضيف واجب، برز من بين الكرد فئة لاتزال بعض من مفرداتها تتبناها مجموعات تفرعت من ذات الشروش وتجهد بكل قوة في البحث عن بقعة ضوء، اية ضوء وفقط للإستحواذ من جهة والبقاء من جديد في ذلك الضوء، نعم لقد افردت كل الوثائق التاريخية التي وقعت مع العرب بقيادة الشريف حسين عبر بريطانية والتي حددت في إطار مراسلات حسين مكماهون وبالأخص الرسالة الخامسة منها الحد الجنوبي للدولة العربية المرتقبة، وماتلاها بعد ذلك من المفردات التي لسنا بصددها في كل الاحوال، ومنها كمثال جغرافية الدولة السورية المحدثة وخط التوازي مع الدولة العراقية والمحددة كانت بولايتي البصرة وبغداد والتي شملت حتى جنوبي الشرقاط والإبقاء على ولاية الموصل كقضية مستقلة ( والموصل كانت تشمل حتى اقاصي ماردين ونصيبين ) . وباختصار ومن دون الخوض في الكم الهائل من المعلومات التاريخية، وبالإستناد على منتجات التراتب التاريخي وظهور خرائط جديدة لدول تعددت خطوطها مدا وتقلصا، حتى ظهرت الدول التي تأشكلت من ذات الخرائط وبعناوينها العريضة، دون الإلتفات بجدية الى البعد الديموغرافي وحق اولئك البشر في خيارهم المصيري، فكانت تشكيلة – كوكتيل من الدول التي قسمت الجغرافية ببعديها الطبيعي والبشري، كل ذلك وبمنطق انتقائي توجيزي، ولغايات ما دون سياسية حينما يمارسها بعض من الأتقياء كنا نخالهم في التقية الثقافية ! ومجمع النخبة ألمافوق ابراجهم العاجية، و .. فجأة وأمام استحقاقات شعبية وجماهيرية نراهم يتراكضون وراءا وكالقنفذ ليحتموا بذواتهم كدروع شخصية ! ما لفت نظري هو حوار تلفزيوني بين ثلاثة من مثقفينا ذوي العيار الثقيل، هي ذات الحالة المتدرجة هدرجة مع عين التربة التي هيأت منذ زمن طويل لبذرة الشقاق البيني والزوغان التفافا مع نسمات شفرات المراوح التي عبثت في هيكلياتنا وايضا زمنا طويلا، وها نحن بوعي او من دونه لا زلنا فيه نتخبص .. الاجتزاء والقص والتشبث بالمفردات للتلاعب بالمعاني، على هدي الغرق في التفاصيل الذي قد يتلهى بها قسم من الجمهور المتفرج، لابل قد تخلق نوعا من – البراظيط – التشويش ولكنها عمرها لن تخفي من المتن حقائقها … سأختزل نقطتين، وهنا ساركز على طرح – مشروع تم خنقه قبل أن يتكور حتى كجنين، وأعني بها هنا مبادرة سوريا الإتحادية ودون الخوض في كثير من التفاصيل التي يفترض ان تعد كركائز عملية للإرتقاء بسورية وطنية فهما وممارسة ؟! : أفلا يعني الغاء العربية من اسم الدولة بأنها تعني بلا قومية الدولة المعاد تشكيلها ؟ عندما يقبل الآخر ويتقدم خطوة بزاوية منفرجة ويطرح بديلا لها مواطنة أشبه بحاضنة تستوعب، او بعبارة أدق، تؤسس حاضنة تكون تلك المواطنة ديدنها،  لا بشكل احتوائي ميكانيكي يؤدي إلى الانصهار والذوبان،  بقدر ما يطور الخاص جدليا مع رقي العام، وبالتالي ! الإقرار بوجود أية فئة – مجموعة – شعب ما تاريخيا على أرضه ؟ ماذا تعني ؟ وأظننا جميعا نتعاطى مع بيانات و مبادئ أشبه ما تكون بإيجاز مكثف وقوانين خاضعة لشروحات وتفاسير ستكون أشبه بملاحق توضيحية .. نقطتان مهمتان أصر صديق من الثلاثة تجاهلها على ذات المبدأ : عندما تعلن المبادرة بأنه على جميع القوات العسكرية غير السورية مغادرة الأراضي السورية وأنها ستسعى إلى تحرير كل شبر من الأراضي السورية داخل جغرافيتها التي تأسست في ظل الانتداب ؟ ماذا تعني ذلك ؟ وهل عفرين هي في خارطة دولة طوالستان الماغوطية ؟ والنقطة الأخيرة : المبادرة هي مستقلة حتى وإن كان فيها قيادات سياسية او ضباط عسكريون ولكنهم بصفاتهم الشخصية، وحتى لو كانوا ضمنيا في تشاور مع كتلهم او احزابهم، فمن الطبيعي أن يبحثوا عن المشتركات المؤسسة لآفاق مستقبلية بينية على أرضية النقاط المشتركة وأنصاف الحلول للمختلفة، لا أن يتسلح كل ببرنامجه الحزبي أو .. ؟ .. في الختام : كنت وسأظل – اتمنى – لو تمت قراءة المبادرة بدقة وربط موادها ببعضها لا انتقاء جملة هنا، وكلمة في صفحة أخرى واتخاذها مطية لطعنها حتى تذبل بدل من تطويرها .. الخطوط الحمر تتكسر وبات كل شيء قابل للنقاش بين جميع مكونات سوريا وبات الجميع يعرف كل الخفايا والأهم أن : إقرار الكل بالكل بات مسلكا يتطور، وعليه اتمنى من نخبتنا الكردية القراءة المتأنية ومناقشتها لا بعقلية حزبية صرفة او : كانعكاس لإرث المظلومية التي تجذرت فينا وأصبحنا نحن من يكلسها بنيويا، رغم إقراري بدرجات فظاعاتها ولكن : دائما هو الألم الذي يوحي بالأمل وما علينا جميعا سوى مقارنة أحرف الكلمتين و .. إعادة اشكلتها – وأدرك سلفا : ان كثيرين من سيعلقون على كلمة – الأشكلة – .

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

إياد أبو شقرا عودة إلى الموضوع السوري، لا بد من القول، إن قلة منا كانت تتوقّع قبل شهر ما نحن فيه اليوم. إذ إن طيّ صفحة 54 سنة خلال أقل من أسبوعين إنجازٌ ضخم بكل ما في الكلمة من معنى. سهولة إسقاط نظام الأسد، وسرعة تداعيه، أدهشتا حتماً حتى أكثر المتفائلين بالتغيير المرجوّ. إلا أنني أزعم، بعدما تولّت قيادة العمليات…

طارق الحميد منذ فرار بشار الأسد، في 8 ديسمبر (كانون الأول)، إلى روسيا، وهناك سيل من النقد والمطالبات للحكام الجدد، وتحديداً أحمد الشرع. والقصة ليست بجدوى ذلك من عدمه، بل إن جل تلك الانتقادات لا تستند إلى حقائق. وسأناقش بعضاً منها هنا، وهي «غيض من فيض». مثلاً، كان يقال إن لا حل عسكرياً بسوريا، بينما سقط الأسد في 12 يوماً…

خليل مصطفى مِنْ أقوال الشيخ الدكتور أحمد عبده عوض (أُستاذ جامعي وداعية إسلامي): ( الطَّلَبُ يحتاجُ إلى طَالِب ، والطَّالِبُ يحتاجُ إلى إرادة قادرة على تحقيق حاجات كثيرة ). مقدمة: 1 ــ لا يختلف عاقلان على أن شعوب الأُمَّة السُّورية قد لاقت من حكام دولتهم (طيلة 70 عاماً الماضية) من مرارات الظلم والجور والتَّعسف والحرمان، ما لم تتلقاه شعوب أية…

أحمد خليف الشباب السوري اليوم يحمل على عاتقه مسؤولية بناء المستقبل، بعد أن أصبح الوطن على أعتاب مرحلة جديدة من التغيير والإصلاح. جيل الثورة، الذي واجه تحديات الحرب وتحمل أعباءها، ليس مجرد شاهد على الأحداث، بل هو شريك أساسي في صنع هذا المستقبل، سواء في السياسة أو في الاقتصاد. الحكومة الجديدة، التي تسعى جاهدة لفتح أبواب التغيير وإعادة بناء الوطن…