شــريف علي
رغم ظروف القمع والاستبداد والبطش الذي تتعرض لها الشعوب الإيرانية إن كان قبل استيلاء الطغمة الدينية عل الحكم في طهران أو بعدها فإنها بقيت على الدوام تقارع السلطات وتنزع لنيل حرياتها المغتصبة والعيش بكرامتها، وكان ولايزال الشعب الكوردي في كوردستان الشرقية السباق دوما في إشعال فتيل المقاومة وهوما ترتب عليه تضحيات كبيرة لا تقارن بالآخرين.
وما تشهده إيران منذ السادس عشر منذ سبتمبر أيلول الماضي من مظاهرات واحتجاجات عارمة عمت ما يزيد ال 150 مدينة إيرانية بما فيها العاصمتين الإدارية والدينية وكبريات المدن الأخرى ردا واستنكارا على استشهاد الفتاة الكوردية (Jina Amini) التي لا تتجاوز ال 22 ربيعا على يد ما تسمى شرطة الأخلاق الإيرانية الإرهابية بذريعة ظهور خصلة من شعرها لم يكن سوى التعبير الصارخ عن مدى ما تتعرض له الشعوب الإيرانية من بطش وإرهاب واستعباد من جانب المؤسسات القمعية للسلطة الدينية الإرهابية التي باتت عابرة ليس للحدود بل عابرة للقارات
وعلى غرار المرات الماضية وما إن إندلعت التظاهرات والإحتجاجت في مختلف المدن الإيرانية بما فيها العاصمة طهران حتى بدأ الطغاة الإيرانيين بتوزيع الإتهامات جزافا لتبرر فشلها في حل أزماتها المستعصية جراء السياسية الإستبدادية والوحشية المفرطة تجاه الشعوب الإيرانية وشعوب المنطقة برمتها والعمل على توجيه الأنظار لآوهام عدوانية خارجية على غرار ما يحصل ووفق مخطط ممنهج منذ أيام باستهدافها المناطق الحدودية المدنية في إقليم كوردستان بالصواريخ والمدفعية والطائرات المسيرة بذريعة إيوائها فصائل معارضة إيرانية مسلحة وتحديدا بيشمركة الحزب الديمقراطي الكوردستاني التي ترى فيها رأس الحربة التي تقارع النظام منتهكة بذلك حرمة دولة جارة وذات سيادة ومسببة في استشهاد وجرح العشرات القرويين وملحقة أضرارا جسيمة بالبنية التحتية للمناطق المستهدفة دون أي مبرر يخولهم بذلك وهو ما استدعى إدانة دولية واسعة من عربية وإقليمية وعالمية لذلك الإعتداءات وأجمعت جميعا على إنها عدوان على إقليم كوردستان والعراق وتهديد مباشر لآمن واستقرار المنطقة ،
إن السلوك العدواني هذا الذي تمارسه سلطات طهران تجاه إقليم كوردستان رغم كونه ليس بالجديد لكنه نابع هذه المرة من حالة مغايرة بات يعيشها النظام الحاكم في ظل المتغيرات التي تشهدها الساحتين الإقليمية والدولية إلى جانب طبيعةالإحتجاجات التي عمت البلاد.
فالتورط الفاضح للنظام الإيراني في دعم الإرهاب سواء في المنطقة و العالم ودعمه اللامحدود للمنظمات المصنفة على لائحة الإرهاب ، للببطش بشعوب البلدان العاملة فيها ،لتنفيذ أجنداته التوسعية في المنطقة وفتح ممرات التواصل بينها وبين نقاط إرتكازه في المنطقة حيث يرى بأن إقليم كوردستان يشكل حجر عثرة أمام ذلك في أعقاب هزيمة داعش الذي أراد ان يكون حصان طروادة لمشروعه ، هذا إلى جانب تناغمه مع روسيا في عدوانها على أوكرانيا من خلال صفقات الآسلحة والنفط والتنسيقات بشأن الملفات الإقليمية بات معتبرا ودون جدال في قوائم الأنظمة الخارقة للقوانين الدولية و الراعية للإرهاب ، ويتطلب من المجتمع الدولي التصدي له بشتى الوسائل وفي مقدمتها العقوبات الإقتصادية التي دفعت بالنظام إلى التضييق على الجماهير و إطلاق يد جلاوزته في ااقمع والتنكيل بمعارضية لدرجة إغتيال فتاة بمجرد ظهور خصلة من شعرها وكونها كوردية، معتبرا ذلك تحد لقبضته الحديدية ولشريعة الغاب التي ينتهجها تحت عباءة الدين .وهو ما جعل منها شرارة الإنتفاضة في كوردستان الشرقية ضد السلطة الدكتاتورية لتحطم جدار القمع وتمتد إلى باقي المناطق الإيرانية لينتفض الشارع الإيراني برمته وتصل إلى معاقل الإرهابيين في طهران وقم وتطالب باسقاط الدكتاتور وحاشيته من الجنرالات وآيات الله وتحرق رموزها في الشوارع والساحات الأمر الذي زاد من تفاقم الأزمات الداخلية للنظام المنهك أصلا بالأزمات الخارجية المتورط بها ما حدا به اللجوء إلى سياسته المعتادة في هكذا حالات الا وهي محاولة تصدير تلك الأزمات نحو الخارج تحت يافطة التهديدات الارهابية الخارجية ليشن حملات صاروخية ومدفعية باتجاه المناطق الحدودية من إقليم كوردستان بذريعة استهداف مقرات بيشمركة الحزب الديمقراطي الكوردستاني مثله مثل النظام التركي في اختلاق الذرائع لقصف المناطق المدنية في جنوب وغرب كوردستان والتسبب في قتل وتهجير عشرات العوائل،وما القصف الإيراني المتواصل للقرى والبلدات ومخيمات اللاجئين في جنوب كوردستان سوى ترجمة لتصدير أزماته المستعصية التي كشفتها الإنتفاضة القائمة بشكل أكبر بالنظر وكما ذكرنا إختلافها عن سابقاتها إن كان بدوافعها أو بنيتها أوالفترة الزمنية والتي دخلت اسبوعها الثالث ولا تزال مستمرة بقوة أعظم .الترجمة التي لاقت رفضا واستنكارا على المستوى العالمي في الوقت الذي كانت تعبر تلك المواقف الدولية عن تضامنها مع إقليم كوردستان أرضا وشعبا ،لكن ما يتطلب الإجابة إزاء الحالة القائمة هو إلى متى يبقى تلك المواقف الصادرة عن المجتمع الدولي مقتصرا على البيانات والتصريحات ولا يتم تجاوزه إلى خطوات عملية تضع حدا للتجاوزات والخرق الإيراني للمواثيق الدولية وكدولة راعية للإرهاب سواء على الصعيد الداخلي أو الخارجي لتنعم شعوب المنطقة بالأمن والاستقرار.