في الذكرى السنوية لولادة «الكمونة الديمقراطية !»

نزار بعريني 

Maha Hassan كتبت الصديقة العزيزة 
على صفحتها ، في ذكرى تأسيس” الإدارة الذاتية “:
” كان يمكن لهذه التجربة أن تكون مميزة وعالمية ؛كما قال  نعوم تشومسكي،بما معناه أنّ” روجافا “معجزة  لمنطقة  تعيش بين الأعداء. !
كان يمكن لروجافا أن تكون مثل كمونة باريس الشرق:  حراك علماني ديمقراطي محاط بالديكتاتور في السلطة والإرهاب الإسلاموي معا..(!!).
لكن العقلية القديمة، عقلية الجبال وحكم العسكر،  نحّوا  الجهود الحديثة والاستفادة من الخبرات الفكرية والثقافية والمعرفية… وظاهرة الفساد كذلك.. كل هذا جعل هذه التجربة حلما آيلا للزوال.
لا تجمعني بأحد من القيادات أو الرؤوس الحاكمة هناك أية علاقة، لكن لو أن الصوت يصل ؛ فإن عليهم القيام بانقلاب وحركة تصحيحية بطريقة ما… لتصبح روجافا مقر الضوء العلماني الحر في المنطقة… بس طبعا لست متفائلة؛ لأن الحرس القديم يحكم كل شيء.”. ؟!
شخصيا ، أعتقد أن”ّ خيبة الأمل ” لا تعود فقط للأسباب التي تفضّلت بها الصديقة العزيزة مهى ، بل إضافة إلى تلك الأسباب الوجيهة ،ثمّة عوامل أقوى ، ترتبط جوهريا  بظروف ” التأسيس ” ، وعوامل السياق ، وطبيعة القوى ؛و ليس من مصلحة السوريين ، جميع السوريين، وفي  مقدمتهم  الكرد ، تجاهلها ، أو جهلها !!
يمكن  ان يكون قد تحقق ما توقّعته الصديقة- وغيرها كثيرون ،  وما زال البعض الآخر  يروّج له – لو اتت” الكمونة ”   في سياق  مختلف ، وبقيادة ” قوى نقيضه ” ؛ سياق  تحقق اهداف” المشروع الديمقراطي” للشعب السوري، يضمن دستوريّا و في الممارسة ، مقومات الحقوق القومية ، وغيرها من الحقوق المدنية ، في صيرورة  بناء مؤسسات الدولة الديمقراطية الوطنية الموحّدة. 
أمّا أن  تأتي التجربة في أعقاب حراك ثوري ، وفي سياق جهود قطع مساره ، و صيرورة  قيام مشروع” الثورة المضادة”  للتغيير الديمقراطي ، وفي شراكة مع قواها ، السورية والإقليمية والدولية… ونأمل منها ما نرغب ، فهي  مسألة وعي غير موضوعي ، لا يلبث ان تُعيده  حقائق  الواقع الموضوعية   الى رشده ؛  وفي العودة دليل قدرة على النضج ،  وحرص على معرفة الواقع !
لنتابع تفاصيل  إحدى قصص المأساة  السوريّة المحزنة !
لنتساءل :
كيف نفهم  عوامل السياق وطبيعة  الاهداف التي يحملها مشروع “قسد “، وواجهته السياسية، ” مجلس سوريا الديمقراطية “،لتأسيس  ” هيئة ديمقراطية ”   “سوريّة ” ، تشكّل ، كما يأمل الساعون اليها ، مظلّة  “سورية / ديمقراطية” ، لمشروع قسد  ،  وبذريعة “الحاجة الوطنية لبناء  تيّار وطني ديمقراطي سوري، يمثّل ” البديل الديمقراطي”، ويستطيع أن يقدّم خريطة خروج من هذه المصيبة التي حلّت بالوطن السوري، وبالشرق الأوسط قاطبة” ، كما يقول الأستاذ ” عماد ” في  تقديم إحدى  ندوات ” مسار”  ، المخصصة لتسويق  مبررات المشروع !!
يقينا لانستطيع أن نقيّم طبيعة مشروع سياسي ما ، من خلال الاهداف المُعلنة ، التي قد لاتكون في احسن الأحوال اكثر من” يافطة”  لإخفاء الاهداف الحقيقية..
 في محاولة لإعطاء مقاربة لجواب السؤال، من الضروري إدراك  طبيعة القوى المنخرطة ، وما تحمله من مصالح ، وتسعى لتحقيقه  من اهداف ؛على الصعيد الخاص ، وعلى مستوى ” الشركاء “، علاوة على معرفتنا بطبيعة السياقين ، التاريخي والراهن.
أوّلا ،
 في الجوهر ،مصداقية  ” إدّعاء ” الديمقراطية للقوى والأحزاب  لايمكن ان تُبنى خارج أرضية  حقائق السياق التاريخي لتكوّنها وصيرورتها ، ولا لسلوك شخصياتها خلال سنوات الصراع الأخيرة.
أ- اذا اخذنا الجانب ” العربي ” من  القوى والشخصيات التي استجابت لمساعي” مسد” ،  وشاركت في لقائي  ستوكهولم” الاوّل والثاني ، وتشارك بحماس في ملتقياتها الداخلية ،  ووافقت على أطروحاتها السياسية حول” اللامركزية والفدرالية” ، واعلنت عن استعدادها  للإنخراط في اي شكل تنظيمي قد يتمخّض عنه المؤتمر التأسيس المزمع عقده خلال الخريف  القادم ، نجد  أنّها بنسبتها العظمى ،تنتمي الى احزاب ما يُسمى ” اليسار “- انشقاقات الحركة الشيوعية/ الإشتراكية  السورية ، وتعبيراتها السياسية المختلفة ، بالإضافة الى تفرّعات ” المدرسة القوميّة “، البعثيّة والناصرية(١) – وهي احزاب غير ديمقراطية ، افتقدتها  في الممارسة والنظرية ، سواء مَنْ انخرط منها  داخل مؤسسات السلطة ، او تمترس  في صفوف المعارضة  ؛ وقد أكّدت  تلك “الأصالة “في سلوكها عجزها عن ايجاد اي شكل من اشكال التوافقات الوطنية ، وقد ارتفع منسوب حراكها الديموقراطي  وفقا لمقتضيات مصالح  القوى الخارجية ، وفي إطار أجنداتها السياسية .(٢). 
ب- على الجانب الكردي ، تشكّل قيادة” قسد” السلطة المسيطرة  في مناطق الإدارة الذاتية، وفي يدها  جميع خيوط اللعبة؛ وليست جبهة ” مسد ” و”سلطة إدارتها الذاتية” سوى هياكل ” تمثيلية ” على  النموذج  البعثي  !!
إذ  يهيمن في قيادة” قسد” زعماء ” حزب ” الإتحاد الديمقراطي ” الذي يُشكل الفرع السوري لحزب ” العمال الكردستاني التركي ” ، وهو حزب ستاليني ،شمولي ، في الممارسة والايدولوجيا ، فهو الدليل الأوضح لغياب ادنى اشكال العلاقات الديمقراطية ؛  وقد جسّدت هذه الحقيقة ليس فقط هيكلية الحزب الداخلية ، وآليات إتخاذ القرار ، وأيضا ادواره السورية والإقليمية والإمبريالية ،و علاقاته  ” الإقصائية ”  بأحزاب المجلس الوطني الكردي، وممارساته ” الغير ديمقراطية ” تجاه الخصوم والمنافسين في المناطق الخاضعة لسيطرته  ! 
ثانيا ، 
فيما يتعلّق بعوامل السياق التاريخي. 
١- في عوامل السياق التاريخي المتواصل منذ ٢٠١١:
اذا كانت قد وصلت العلاقات بين النظام السوري  وحزب الاتحاد الديمقراطي، الوريث ” السوري ” لPKK  ،والمولود ٢٠٠٣في ظروف العلاقات ” الصراعية ” المستجدّة بين شركاء الأمس ، ووفقا لإرادة زعيم حزب العمال الكردستاني الأسير، وبجهود قيادته المتمركزة في جبال قنديل -الى أسوأ حالاتها ، فقد كان ذلك نتيجة  طبيعية لما وصلت اليه علاقات النظامين التركي والسوري من تطوّر خلال سنوات العقد الأوّل( نتيجة لصفقة أمريكية / تركية ، مرتبطة بنتائج وسياق غزو العراق  !)، وكان من الطبيعي أيضا أن يُعطي  تدهور علاقات النظامين في اعقاب “الثورة “، ٢٠١١ ،  فرصة جديدة لإلتقاء مصالح الطرفين – النظام السوري وقيادة قنديل في حزب “ب.ي.د”-وهو ما فتح صيرورة تعاون ، وتنسيق ، في مواجهة قوى وحراك  الثورة  ،في مناطق الأغلبية الكردية . في خضم تلك الظروف ، وحاجة النظام الماسة الى” شريك كردي”، لمواجهة القوى والجمهور الكردي الذي انخرط بفاعلية في صفوف “الثورة السورية”، ولدت النواة الاولى لميليشيا ” قسد “،  ، وسيطرت ، بفضل” انسحاب تكتيكي ” لقوى النظام عام ٢٠١٢،و دعم ايراني وروسي متعدد الأشكال ،على كامل الشريط الحدوي مع تركيا ،   وتحوّلت في ٢٠١٥ ، في اطار تحقيق اهداف الولايات المتّحدة، إلى جيش جرّار ، بأسم ” قوات سوريا الديمقراطية “، واستطاعت أن تسيطر- بفعل دعم  غير محدود ل ” قوى التحالف الدولي لمكافحة الإرهاب ” ، وفي سياق  إعادة توزيع الجغرافيا  التي سيطرت عليها  ” فصائل المعارضة ” الموالية لتركيا والسعودية وقطر(٣)- على معظم مناطق السيطرة الداعشية !
٢- في عوامل السياق الراهن، الذي يفسّر مساعي مسد لتشكيل ” تحالف للقوى الديمقراطية ” !
 في ٥ آذار ٢٠٢٠، وبعد وصول الصراع إلى درجة “التمّاس المباشر” بين الأتراك والروس ، “نجح “اتفاق روسي تركي ، برعاية امريكية، الى وضع تفاهمات ” شبه نهائية ” لوقف اطلاق نار بين  تركيا من جهة ، ومنافسيها، الروس والايرانيين والأمريكان ، لأقتسام  شمال وشرق سوريا، رسمت نقاطه الرئيسة،(وما تبعها من صراعات لتحسين الحصص ، و اتفاقات مُلحقة أيضا ، طيلة٢٠٢٠ ، وخلال العام ٢٠٢١ ،  وفي ضوء ما رسمته الحروب  التركية المستمرة على مناطق “قسد ” منذ ٢٠١٦  من حقائق جديدة على خريطة السيطرة العسكرية)،الخطوط  العامّة لشروط  “صفقة سياسية ” ، قد  تشكّل المرحلة الأخيرة من ” “مسار آستنة”،(٤)، وتعبّر عن مصالح ” الجميع ” من خلال ” الاعتراف بحقائق  الواقع ”  الجديدة التي صنعتها موازين القوى ، وتؤسس لحصول ” هدنة ” طويلة الأجل !!
  جوهر الصفقة ” صاغت تفاهماته  ” قمّة القدس  المحتلّة الأمنية “(٥)،وتمحورت حول فكرة  ” الإعتراف  المتبادل ” بالحصص ومناطق النفوذ ؛ وقد شكّل القاعدة الرئيسية لخطوات إعادة التأهيل  اللاحقة  ! 
ثالثا ، 
الاستنتاج الموضوعي  الوحيد الذي يمكن الوصول اليه هو البون الشاسع ، والتناقض الجوهري بين المُعلن ، والواقعي ، الدعاية ، والحقيقة ، ويشكّل القاعدة لتنفنيد جميع المبررات التي تسوقها الأطراف المشاركة ، وفي مقدمتها ما يدّعيه “الديمقراطيون العرب” :
١-الإدّعاء بأنّ الوقوف مع “مسد”( الديمقراطية)هو موقف وطني سوري ، في مواجهة سلطات الأمر الواقع الأخرى ، المعادية للديمقراطية  وتتطلّعات السوريين المشروعة ، لا يصمد أمام حقائق  المتغيرات الشاملة، التي تُظهر  تزامن   جهود اعادة تأهيل” قسد “مع إعادة تأهيل سلطات الأمر الواقع الأخرى ، في سياق ” حل سياسي ” أمريكي / روسي  لتثبّت سلطات الجميع ،وبما  يجعل من  المساعدة في إعادة تأهيل إحدى سلطات الأمر الواقع ( مسد) ، دعما  لتنفيذ جميع خطواته المكمّلة  في صيرورة تحقيق اهداف ” الصفقة السياسية.
 لافرق كبير، في السياق العام ، بين مَن يدعم جهود إعادة تأهيل سلطة النظام ، او سلطة ” الجيش الوطني ” او سلطة ” الهيئة ” طالما تصبّ  جميع الجهود في إطار تحقيق اهداف المشروع المشترك ، وطالما سيؤدّي نجاحها إلى وأد فرص اقامة حل سياسي شامل ، وفقا للقرار ٢٢٥٤ ، او اي مسار آخر، يتضمّن ، كخطوة أولى ، حدوث انتقال سياسي في دمشق ! 
١- الإدّعاء بأن تشكيل” جسم سياسي ديمقراطي معارض “يأتي في سياق مصلحة مشتركة لقوى “الخندق الديمقراطي” السوري الواحد ، وبما يعزز عوامل بناء ” سوريا الديمقراطية “،في مواجهة خنادق أخرى( إسلامية ) ، استعدادا للمشاركة الديمقراطية الفاعلة في بناء سوريا المستقبل ؛ التي ستتمخّض عن حل سياسي شامل ، اصبح وشيكا؛ هو تضليل واضح ، وخداع للرأي العام،لأنّ ” تأهيل” قسد هو جزء من صيرورة إعادة تأهيل جميع سلطات الأمر الواقع الميليشياوية الأخرى  ، ويمنع حدوث حل سياسي ، يشكّل خارطة طريق لبناء نظام ديمقراطي سوري !!
٣- تفضيل ” قسد ”  بالمقارنة مع  سلطات الأمر الواقع المسيطرة، والإدّعاء بأنّ  التفاف “القوى الديمقراطية” السورية حول مسد ، هو فرصة تاريخية ، لما قد تشكّله من  نموذجا” للكمونة الديمقراطية”  ، قابل للتعميم ، في اطار حل سياسي شامل ….قادم ؛ هو بدوره  إدعاء غير واقعي ، لأنّ قسد لا تسير على طريق بناء مشروع ديمقراطي خاص ، في إطار الدولة السورية الجديدة !!  فولادة دولة سورية جديدة يشترط حدوث انتقال في دمشق ، لايساهم دعم مشروع قسد الخاص في تحقيقه، بل يكرّس واقعه الراهن  !!
٤- الوقوف مع قسد اليوم هو ردّا للجميل، كما تؤكّد مبررات “القوى الديمقراطية” !  لسان حالهم يقول ، يكفي” قسد” فضلا على جميع السوريين ، وفي مقدمتهم الديمقراطيين، انّها كانت القوّة الأساسية التي هزمت” داعش “؛ وهو قول ” ربع الحقيقة ” ، و لا يصمد أمام ابسط اشكال المحاكمة الموضوعية !(٦).
صحيح أن” قسد” شاركت  في محاربة  ” داعش ” ، وعظيمة تلك البطولات والتضحيات التي قدّمها فقراء الكرد والعرب ، لكنّ محاربة داعش ليس  معيارا للوطنية والديمقراطية ، ليس  فقط لأنّه تمّ محاربتها  من قبل  قوى اخرى ، شكّلت راس حربة الثورة المضادة للتغيير الديمقراطي، كهيئة تحرير الشام ، و ” ميليشيات الحشد الشعبي ” ، بل لانّ   جهود  محاربة داعش لم تأت  في اطار الجهد الوطني الديمقراطي السوري ، و تحت مظّلة تحقيق اهداف هذا المشروع ، الذي هو مشروع الثورة ، بل ، بعكس ذلك ،  أتت  في إطار تحقيق اهداف مشاريع قوى خارجية او داخلية ، معادية   ، كمشاريع الولايات المتّحدة ، وجميع الأنظمة  الإقليميّة!!
 (١)-تاريخيّا ، نعرف جيّدا حجم الضرر المعنوي والمادّي الذي اصاب قيم وفكر واهداف ” المشروع الإشتراكي/ الشيوعي  ” بسبب رفع راياته من قبل قوى لم تكن جديرة بتحقيق اهدافه التاريخيّة . من المؤسف أن  نفس قوى ” الافلاس التاريخي “تلك  ترفع اليوم رايات ” المشروع الديمقراطي “،  غير عابئة بما يلحق بأهدافه وقواه  من تفشيل ، لصالح جميع القوى المعادية ، خاصة سلطات انظمة الاستبداد!!
(٢)-لنستمع ما يقوله الأستاذ “برهان  ناصيف “، القيادي في ” تيّار مواطنة ” ،  عن طبيعة سلوك تلك القوى ” الديمقراطية”: 
“في ٢٠١٨ ، كان فيه بوادر لجهد أمريكي ضاغط بإتجاه إيجاد حل للحالة السوريّة . بادرت” حركة ضمير “
ودعت لمؤتمر وطني للقوى السياسية، رغم عدم توفّر شروط انعقاد مؤتمر وطني.!
على اية حال ، كنّا حوالي ٢٥ قّوة موجودة على الطاولة ، وكانت البدايات مبشّرة .
لما همدت همّة ” الولايات المتحدّة ّ “، لإيجاد حل سياسي ، بدأ الهبوط يظهر!!
قطعنا كل الأشواط الممكنة لإقامة تحالف رصين ، يقوم على تفاهمات عالية . ناقشنا في اللجنة السياسية ، كما 
يذكر الأستاذ” كومان حسين “جميع التفاصيل. فقط عندما تراجع الظرف الموضوعي بالإهتمام  بالحالة  السوريّة، بدأت الناس تبرد. هذا هو السبب الأساسي لفتور همّة الناس!!
تجربة ” اللقاء الديمقراطي ” ماتت ، عندما ماتت وعود الحل السياسي “!
بمعنى آخر، لمّا هبط مستوى العمل السياسي ، هبط معه ايضا اللقاء السوري الديمقراطي!! 
شيء آخر، هناك قوى سياسي حاولت تلعب لعبة ” عدّد القوى ” ، وستقود هذه القوى بسهولة !
نحن مندخل على هذا التحالف بأربع ، خمس قوى ، تقتصر على الأشخاص الذين يمثلهم ، ويدارون من قبل جهة معيّنة ، وهو ما كان ملموسا في انتخاب الهيئة السياسية !
الدرس الذي يجب ان نستفيد منه هو عدم السماح بوجود ” قيادة ” تضع الآخرين تحت جناحها !” 
(٣)- 
لنتابع بعناية ما يبوح به   أحد ابناء ” الثورة ” ، الأستاذ ” محمد حجي درويش ” ، في تعقيبه  على طروحات ضيوف ندوة ” أمارجي ” المنعقدة بتاريخ ٢٩ آب الماضي ؛  الأستاذ ” كومان حسين ” والشيخ ” رياض درار ” ، اللذين دافعا عن  ” التجربة “، ودورها في محاربة ” داعش ”  وبررا نشاطها الديمقراطي :
” في الحديث عن سياق ” ولادة  ” قسد ، فثمّة مغالطات ، تفترض محو الذاكرة السورية !!
أنا اعيش في حلب ، وأعرف تماما ما حدث في عفرين بدقة متناهية، ومسؤول عن كلّ كلمة أقولها :
” ما تمّ في عفرين في البداية ، عندما شكّلوا  ” وحدات حماية الشعب ” ، قام النظام بتسليمهم المقرّات في عفرين ، وقام بتسليمهم ” قطعتين عسكريتين “، و” .. أسلحة ودبابات .. من أجل قمع تظاهرات  أهلنا في عفرين ، التي انطلقت مع بداية الثورة ..في إحدى التظاهرات ، كنت مشبّك إيدي مع ايادي أحرار  شباب من عفرين …والذين انقضّوا علينا ، وضربونا بالعصي ، وكسّرونا ، وفرّقونا …  هم من ” وحدات حماية الشعب ” !!
هذا المشروع ….مشروع لا وطني .لا يملك أيّ من مقوّمات الوطنية ….
النظام لديه ” الجبهة الوطنية “…وقسد لديها ” مسد “..التي لايختلف دورها ابدا عن ” الجبهة الوطنية ” !
هذا الحزب الإرهابي ….حزب ال ب.ك.ك. ، يقدّم خدمات ، ويمدّ يده ..لكلّ الأطراف  ومخابرات الدولية ..بما فيها تركيا، التي يدّعي بمعاداتها ، والتي تشكّل  ” ملاحقته ” هدفها الرئيسي…
نتحدّث عن خطط ورغبة تركية لإحتلال شمال سوريا فقط من أجل منع ” المشروع الكردي ” !!
هذا تقزيم للقضية الوطنية ..”
(٤)-خطط وسياسات ” خفض التصعيد “-  بدءا من مذكّرة ٤  أيّار ٢٠١٧ -إعلان إقامة مناطق خفض التوتر،  في الغوطة الشرقية، وبعض أجزاء شمال محافظة حمص، وفي محافظة إدلب، وبعض أجزاء المحافظات المتاخمة لها (اللاذقية، وحماة، وحلب) وبعض أجزاء جنوب سوريا”، وبيان الجولة السادسة ، ١٤ – ١٥ أيلول حول  آليات عملها –   لم تكن في أحدى جوانبها  سوى   تكتيكا روسيا / أمريكيا للإستفراد بفصائل المعارضة المسلّحة ، وإعادة توزيعها على مناطق محددة، ستشكّل لاحقا ” سلطات الأمر ” الواقع في  ” الجنوب ” و “إدلب ” ، وشمال غرب سوريا ؛ وفي جوانبها الأخرى ، محاولة من النظام التركي لأمتلاك ما يكفي من اوراق القوّة لفرض مصالح بلاده على خارطة التسوية السياسية النهائية؛ وكان من الطبيعي أن تتعارض جهوده مع سياسات وخطط المتدخّلين/ الشركاء ، الآخرين- الروسي والأمريكي  والإيراني، فدخل ” الشركاء ” في حروب ضروس لتقاسم الحصص ومناطق النفوذ، حصل خلالها النظام التركي على المناطق التي اعترف بها بوتين ( وأمريكا )في اتفاق ٥ آذار ، ٢٠٢٠  !!
(٥)- 
…في بيان رسمي صادر عن مكتبه، قال “نتنياهو” في مستهل “القمة الثلاثية” التي جمعت  بين مستشاري الأمن القومي الأمريكي والروسي والإسرائيلي في القدس المحتلة  الثلاثاء ، ٢٢ حزيران ، ٢٠٢١ :
«يسرني جداً أن أكون هنا مع السفير جون بولتون مستشار الأمن القومي الأمريكي ومع نيكولاي باتروشيف سكرتير مجلس الأمن التابع للفدرالية الروسية ومع مائير بن شبات مستشار الأمن القومي الإسرائيلي وذلك بحضور السفيرين الروسي والأمريكي لدى إسرائيل وسفيري الأخيرة في واشنطن وموسكو والوفود الكريمة من الدول الثلاث الذين جاؤوا إلى القدس لحضور هذا المؤتمر التاريخي الذي يسرنا استضافته». 
وتابع : «بناء على مناقشاتنا أؤمن بأنه توجد هناك أرضية أكبر للتعاون بين دولنا الثلاث مما يصوره البعض. هذه القمة تشكل فرصة حقيقية للمساهمة في تحقيق الاستقرار في منطقتنا، خاصة في سوريا».!!
(٦)-
 ” بما يخص موضوع ” كوباني ” والتحرير . أنا أعرف بالتفصيل كيف تمّت العملية ، وكيف نسّق الأمريكان جهود  دخول ” البيشمركة ” وجلب عناصر من ” جبل قنديل “، الذي ادخلهم  ب.ك.ك. التركي ، وكيف نسّق الأمريكان مشاركة ” عبد الجبّار العكيدي ” وجماعته يللي قاموا بعملية تحرير كوباني ، وكيف بإرادة أمريكية تمّ استبعاد العقيدي وعناصره ، وإعادة البشمركة، وإبقاء عناصر ال ب.ي. د. “.محمد حجي درويش.المصدر السابق .
أيلول – ٢٠٢٢

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

درويش محما* خلال الاعوام الستة الماضية، لم اتابع فيها نشرة اخبار واحدة، وقاطعت كل منتج سياسي الموالي منه والمعادي، وحتى وسائل التواصل الاجتماعي لم اتواصل معها ولا من خلالها، والكتابة لم اعد اكتب واصبحت جزءا من الماضي، كنت طريح الخيبة والكآبة، محبطا يائسا وفاقدا للامل، ولم أتصور للحظة واحدة خلال كل هذه الأعوام ان يسقط الاسد ويهزم. صباح يوم…

إبراهيم اليوسف من الخطة إلى الخيبة لا تزال ذاكرة الطفولة تحمل أصداء تلك العبارات الساخرة التي كان يطلقها بعض رجال القرية التي ولدت فيها، “تل أفندي”، عندما سمعت لأول مرة، في مجالسهم الحميمة، عن “الخطة الخمسية”. كنت حينها ابن العاشرة أو الحادية عشرة، وكانوا يتهكمون قائلين: “عيش يا كديش!”، في إشارة إلى عبثية الوعود الحكومية. بعد سنوات قليلة،…

سمير عطا الله ظهر عميد الكوميديا السورية دريد لحام في رسالة يعتذر فيها بإباء عن مسايرته للحكم السابق. كذلك فعل فنانون آخرون. وسارع عدد من النقاد إلى السخرية من «تكويع» الفنانين والنيل من كراماتهم. وفي ذلك ظلم كبير. ساعة نعرض برنامج عن صيدنايا وفرع فلسطين، وساعة نتهم الفنانين والكتّاب بالجبن و«التكويع»، أي التنكّر للماضي. فنانو سوريا مثل فناني الاتحاد السوفياتي،…

بوتان زيباري في صباح تملؤه رائحة البارود وصرخات الأرض المنهكة، تلتقي خيوط السياسة بنسيج الأزمات التي لا تنتهي، بينما تتسلل أيادٍ خفية تعبث بمصائر الشعوب خلف ستار كثيف من البيانات الأممية. يطل جير بيدرسن، المبعوث الأممي إلى سوريا، من نافذة التصريحات، يكرر ذات التحذيرات التي أصبحت أشبه بأصداء تتلاشى في صحراء متعطشة للسلام. كأن مهمته باتت مجرد تسجيل نقاط…