الشعب الإيراني يخاطب ولي الفقيه: «أُف لَّكُمْ وَلِمَا تَعْبُدُونَ!»

عبدالرحمن کورکی (مهابادي)*

لا يخجل ولي الفقيه المتحكم في إيران من القول إنه يستمد شرعيته من “الله” لذلك فإن “شعب الله” على حد قوله هم “عبيد” ويحتاجون إلى “وليٍ قَيِم”!
لا يخجل علي خامنئي من تحويل إيران من الناحية العملية إلى “سجن” للإيرانيين ورعايا ولاية الفقيه المطيعين هم السجانون ومنفذي أفكاره وخططه وبرامجه، وبحسب وجهة نظره فإن مكان معارضي ولي الفقيه هو “السجن” ويحكم عليهم بالإعدام والقتل، وأما من هم خارج السجن فيجب إغتيالهم.
لا يخجل علي خامنئي من أن نظامه قائما على التعيينات خلافا لمزاعمه ودعايته، وأن «الإنتخابات» في إيران ما هي إلا عباءة للتعيينات، ذلك لأن كل من يعين هو من المنفذين الخانعين لعقيدة وسياسة وبرنامج “ولي الفقيه”.
من وجهة نظر ولي الفقيه أن كل شخص غير مطيع لا ينتمي إلى هذا العالم ويجب أن يرحل إلى العالم الآخر، ويستحل قبل ذلك جسده وروحه وممتلكاته للمطيعين لولي الفقيه، والمطيعون لولاية الفقيه لا عمل لهم سوى أكل أجساد وأرواح وممتلكات  الشعب، ولم تكن مجزرة الإبادة الجماعية لأكثر من 30 ألف سجين سياسي في صيف عام 1988 مثالا واضحا على أن للنظام الحق المطلق في القيام بذلك فحسب بل والإستمرار به أيضا، لأن ذلك مشروعا وضروريا من أجل “الحفاظ على النظام”، ويعد قتل الناس في قرى ومناطق كردستان إيران على يد الحرس، وقمع الأقليات الأخرى من الأمثلة على ذلك!
ومن وجهة نظر علي خامنئي الدموي أن الحرية تعني القمع والاستقلال، أي نفي المعارضين والقضاء عليهم، أما القوانين فتسهل تنفيذ أوامر الولي الفقيه، وبالتالي ستعمل على حماية الولي والولاية، تلك القوانين التي تم سنها وفقا لأهواء “ولي الفقيه” ذلك لأن السلطة المطلقة والقانون بأيدي ولي الفقيه، بمعنى أن القمع والإستبداد بات ممأسسا.
وبحسب وجهة نظر ولي الفقيه يمكن لجنود ولاية الفقيه أن يقتلوا الناس دون روادع في شوارع أو ساحات الفقر والغلاء، والفساد، ونهب ممتلكاتهم وأخذ عوائلهم كرهائن، ففي إيران تتم التغطية على الجرائم وانتهاكات حقوق الإنسان تحت عباءة “الإسلام” المزيفة بأمر من ولي الفقيه، وبهذا السبب يستمر “نظام الولاية” في انتهاك حقوق الإنسان بغض النظر عن الإدانات الدولية، فخلال فترة سنة من رئاسة إبراهيم رئيسي الدموي لرئاسة الجمهورية تم تسليم أكثر من 520 سجينا إلى فرق الإعدام!
ومن وجهة نظر علي خامنئي يتم بناء القصور لمطيعي وموالي الولاية ودون “عوائق”، ويتتم من أجل الشعب مأسسة وضعهم في فئة “الفساد في الأرض” ويتم تعريف الإيرانيون الفقراء والجياع بـ “المخلين” و “المحاربين” والذين يجب أن يُشنقوا بشكل فردي أو زوجي أو جماعي، وفي هذا النظام يكون رفع المشانق على أبواب البيوت والشوارع عادة وأسلوب الحكم الصحيح ومظهر العدالة!
ومن وجهة نظر علي خامنئي وخلافا للقرآن الكريم الذي جاء فيه “لا إكراه في الدين”، فكل من ليس معي هو عدو (!) ويجب أن يأتي للطاعة، وإلا يجب أن يقتل، وكل من تمكنوا من مغادرة إيران يحكم عليهم بـ “الإعدام” غيابيا، وكل من “عارض ولاية الفقيه” ليس إيرانيا ويجب أن يُمحى ويُباد من على وجه الأرض، ومن بين وسائل المحو والإبادة الإرهاب والتفجيرات في أقصى بقاع العالم، وكذلك التدخل في شؤون الدول.
في إيران تحت سلطة حكم ولاية الفقيه يجب ألا يفكر الناس في حقوقهم الأساسية لا سيما “الحرية” و “الأمن” الشخصي، ومن  أجل السيطرة على هذا الأمر وتنفيذه تعمل الأجهزة المطيعة والأشخاص الأتقياء في نظام الولاية ليل نهار حتى لا قدر الله (!) لا تقع مشكلة لـ  “نظام الولاية” تحت المسميات المستعارة = “الإسلام” و “إيران” و “الجمهورية الإسلامية”!
ومن وجهة نظر علي خامنئي إن مجازر الإبادة الجماعية للأقليات، والفساد، والدعارة، والغلاء، والبطالة، والفقر، وبيع الأعضاء البشرية، والحِمالة، وتهريب الوقود، وجمع القمامة، ومنامات الكارتون، وغير ذلك تفسر على أنها شيء طبيعي في المجتمع، وأن الجُناة ليسوا من طرف”الحكومة” بل هم من “الشعب” نفسه، ولقوى وأجهزة النظام الحق المطلق “في صلاحية تقدير الموقف بإطلاق النار” والقيام بإعدامهم أو إطلاق النار عليهم بالبنادق لأن المبدأ في ذلك هو “الحفاظ على النظام”، فالقتل اليومي للحمالين الأكراد ومهربي الوقود من البلوش والإعتداء اليومي على الناس بالضرب والشتم يقع في هذه الفئة (فئة صلاحية تقدير الموقف بإطلاق النار”.
ووفقا لوجهة نظر علي خامنئي والمطيعين لأوامره فإن إيران الحالية هي الدولة”الأكثر ديمقراطية” و “الأكثر أمانًا” في العالم، والتي لديها حكومة قائمة على أنزه”إنتخابات ” والأكثر “إقتدارا” والأعتى ” اقتصادا”، وهي الدولة التي لم تتمكن  “أمريكا” ولا “الغرب” من القيام بعمل عسكري ضدها، كما لم تتمكن “داعش” ولا “القاعدة” من فعل أي شيء حيال ذلك، هذا لأن “شعب” إيران يعشق “الحكومة” و “الولي الفقيه”، والحكومة والولي الفقيه هم أيضا ” الأفضل” في محبة ومودة الشعب. يا للعجب!!
وبحسب وجهة نظر علي خامنئي فإن البشر والبضائع و “النساء” هم عدة درجات في ذلك، فـ “الرجال” أعلى مرتبة من المرأة وليس للمرأة الحق في الطلاق أو تولي مناصب حكومية مهمة ذلك لأن النساء يأخذن قدرهن من الرجال، ولهذا السبب فإن المرأة من وجهة نظر نظام ولاية الفقيه هي الأعلى والأكثر استحقاقاً ولها الأولوية في القمع والاعتقال والتعذيب والإعدام، وقد تمت مأسسة ذلك في قانون وثقافة هذا النظام ، فعندما يكون قاتل المرأة من أقاربها فإن القاتل يصبح”حرا” ، وعندما تقتل الزوجة زوجها، فإن القاتل هنا يستحق “الموت” أي أن الزوجة هنا تستحق الموت .
ووفقا لوجهة نظر علي خامنئي فإن الكذب سهل والخداع أمر شائع والإحتيال مشروع؛ ذلك لأن كل جريمة وتخطيط مباحا من أجل “الحفاظ على النظام”! وتقع مشاريع الشيطنة والمؤامرات ضد معارضي النظام ضمن هذه الفئة!
ومن وجهة نظر ولاية الفقيه فإن ظاهرة “فيروس كورونا” و “الفيضانات” و “الزلزال” وموت وتشريد مئات الآلاف من الإيرانيين هي “هبة إلهية” ينبغي اعتبارها “فرصة” للحفاظ على نظام الولاية واسبابا من أجل “إلغاء العقوبات الدولية”.
ومن وجهة نظر علي خامنئي فإن الخطط الولائية الخاصة لـ “زواج القاصرات” و “الإنجاب” و … ستجعل من إيران الدولة “الأصغر سناً” و “الأسعد” والأكثر “تعليماً” بين دول العالم، وأن عدم التخلي عن انتهاك حقوق الإنسان وإنتاج الأسلحة النووية والحرب والإرهاب والقتل والطموحات التوسعية واجتياح الدول، والتهديد والترهيب في المجتمع، والمشاريع والخدمات الإنسانية هي من أجل الحصول على حياة سليمة!
نتذكر جميعا أن غالبية الذين تم إعدامهم أو إبادتهم بمجازر إبادة جماعية في سجون إيران أو تم إطلاق النار عليهم في الشوارع كانوا من بين أصغر الناس وأسعدهم وأكثرهم تعليما في المجتمع الإيراني، وكانوا من أولئك الذين حُرِموا من حقوقهم “الأساسية” في نظام الولاية!
ومن وجهة نظر علي خامنئي فإنه لا قيود على بيع المناخ والتربة الإيرانية وثروات أخرى للشعب الإيراني على يد النظام لدولٍ مثل الصين وروسيا وتوقيع عقود بمليارات الدولارات عليها، وإقامة مشاريع غير إنسانية مثل إنتاج الأسلحة النووية، والحفاظ على الدكتاتورية السورية وقتل شعب ذلك البلد، وتوفير السلاح والمعدات والحياة المرفهة للجماعات الإرهابية في العراق واليمن ولبنان ودول أخرى، وإنشاء منظمات إرهابية مثل “المدافعين عن الحرم” و “المستشارين العسكريين” وغيرهم … خارج إيران، في حين يُحرم  شخص يتواجد داخل إيران من الحصول على لقاح مضاد لفيروس كورونا، ويتم إعدامه بحجة سرقة شاة، وبسبب الفقر يبيع أعضاء من جسده لإنقاذ أطفاله و… 
وهنا يستوجب الأمر مخاطبة ولي الفقيه ونظامه وأتباعه المطيعين بلغة القرآن لنقول له: “أُفٍّۢ لَّكُمْ وَلِمَا تَعْبُدُونَ“ وهذا هو سبب رغبة الشعب الإيراني على الدوام في تغيير الحكومة وإسقاط نظام ولاية الفقيه في انتفاضاتهم!
*کاتب ومحلل سياسي خبير في الشأن الايراني.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…

عنايت ديكو   الوجه الأول: – أرى أن صفقة “بهچلي – أوجلان” هي عبارة عن اتفاقية ذات طابع أمني وجيوسياسي بحت، بدأت معالمها تتكشف بشكل واضح لكل من يتابع الوضع عن كثب، ويلاحظ توزيع الأدوار وتأثيراتها على مختلف الأصعدة السياسية، الأمنية، والاجتماعية داخل تركيا وخارجها. الهدف الرئيسي من هذه الصفقة هو ضمان الأمن القومي التركي وتعزيز الجبهة الداخلية بجميع تفاصيلها…

اكرم حسين العلمانيّة هي مبدأ سياسي وفلسفي يهدف إلى فصل الدين عن الدولة والمؤسسات الحكومية ، وتنظيم الشؤون العامة بما يعتمد على المنطق، والعقلانية، والقوانين الوضعية بدون تدخل ديني. يتضمن مبدأ العلمانيّة الحفاظ على حرية الدين والمعتقد للأفراد، وضمان عدم التمييز ضد أي شخص بسبب دينه أو اعتقاده. تاريخياً ظهرت العلمانية مع اندلاع الثورة الفرنسية حيث خرجت الطبقة البرجوازية…

اننا في الفيدرالية السورية لحقوق الانسان والمنظمات والهيئات المدافعة عن حقوق الإنسان في سورية، وبالمشاركة مع أطفال العالم وجميع المدافعين عن حقوق الطفل وحقوق المرأة وحقوق الانسان، نحيي احتفال العالم بالذكرى السنوية الثلاثين لاتفاقية حقوق الطفل، التي تؤكد على الحقوق الأساسية للطفل في كل مكان وزمان. وقد نالت هذه الاتفاقية التصديق عليها في معظم أنحاء العالم، بعد أن أقرتها الجمعية…