الدلالات الفلسفية للحذاء

أحمد عبدالقادر محمود 
للحذاء أهمية عظمى لا تقل عن أهمية القدم ذاتها، فكما لا يستطيع المرء أن يسير بالشكل الصحيح دون القدم، هكذا لا تهنئ له عيشٌ دون الحذاء . حتى القدم على أهميتها لا تستطيع الوقاية من الأشواك والمسامير و فتافيت الحجارة دون ارتداء الواقي الحذائي، الحقيقة تأتي أهمية الحذاء أيضا لاستخداماته المتعددة، عدا عن كونه أحد العناصر الضرورية في الأعياد والمناسبات الهامة، فهو أداة تقويم ومعاقبة وتمرد وسخرية، تقوُّم به الأم أطفالها ويستخدمه الغضبان في رمي خصمه إن كان بعيداً عن مرمى لكمته، بمعنى يستخدم كقذيفة متوسطة المدى، أما المتمرد على الحالات السلبية في المجتمع، يرفعه كرمز إهانة في وجه المنافقين والمرائين، وأيضا يستخدمه الساخر في مجالات شتى، فحين يسخر من الأغبياء والحمقى  يشبّه رؤوسهم بالحذاء،
 للحذاء أيضاً مقامات، يكتسب الحذاء مقامه من مقام المضروب به، فإن كان من حجم الرئيس الأمريكي  بوش الأبن الذي ضُرب في بغداء، فهذا الحذاء يتربع على نصب تذكاري شديد الأهمية، أما مقامه الذهبي والفضي والبرونزي  فيأتي من كونه ساهم في جعل بعض لاعبي كرة القدم  هدافين على مستوى العالم، وهكذا تتعدد مقاماته بحسب منتعله فمنها الحذاء الثوري، الحذاء الفني، الحذاء الأدبي، الحذاء الفلسفي، الحذاء الديمقراطي، الحذاء الأممي، الحذاء الإيكلوجي، الحذاء الأنطلوجي ….. إلى أن نصل للحذاء المعتري والمسكيني و إلخ . 
لهذا ربما نجد في المستقبل بابٌ أخر من أبواب العلم ألا هو علم الحذاء لوجيا ، على غرار علم التاريخ، الميثولوجيا، الأنثروبولوجيا، السيكولوجيا ، الفلك ….. إلخ . وتخصص له جوائز في نوبل، على سبيل المثال لا الحصر جائزة نوبل  للإسكافيا لوجيا ، وأيضا ربما  تفرد له السينما العالمية حيزا هاما من الأفلام الهوليودية، تحت عناوين مختلفة، ( ذهب مع الحذاء )، ( ألف أم تبكي ولا يبكي حذائي )، (حرب الأحذية )، (إنقاذ الحذاء ميكأب )،(صمت الأحذية )، (الحذاء الأسود )، (الحذاء العراب ) .. إلخ .وتخصص له جائزة كان ( الحذاء الذهبي)  وعلى غرار السينما أيضا مهرجانات أدبية وجوائز على شاكلة : جائزة أفضل نص حذائي، وهكذا حتى نصل إلى جوائز للمتفوقين في الجامعات والمدارس فبدل أن يمنحوا مجسمات للكتاب أو القلم يمنحوا مجسمات صغيرة للحذاء بحللٍ قشيبة مغلفة بأفخر أنواع الرباط . للمستقبل أستشراقاته ولا بد أن يضع الحذاء في مكانته التي يستحقها . 
دع الكتاب والقلمَ وتشبث بالحذاء 
إن أردت العُلى فذاك هو الاحتذاء 
ضعه فوق رأسك عزّةً  وفخرا وإباء 
وعض عليه بالنواجذ خشية الاهتراء
أجعله منارةً يهتدي لرائحتها السفراء  
لا تكترث لمن ينعت فعلك هذا بالغباء 
إنما سر فدرب النضال  شقاء وإبتلاء 
أسمع لرموزك وخالف من تراهم سفهاء 
التشبث بقولهم  محمودٌ وإن كانوا هُبلاء 
إن خسرت الواقعة فليس لك ولهم عزاء 

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

عقدت ممثلية المجلس الوطني الكردي في سوريا (ENKS) بإقليم كوردستان اجتماعها الاعتيادي يوم الأحد، 26 آذار 2025، في أربيل، لاختيار قيادة جديدة. استُهل الاجتماع بالوقوف دقيقة صمت إجلالًا لأرواح شهداء الكورد وكوردستان، وشهداء الثورة السورية، وعلى رأسهم القائد التاريخي ملا مصطفى البارزاني والمناضل إدريس البارزاني. وبحضور كامل الأعضاء، جرت مناقشات مستفيضة أعقبها فتح باب الترشيح، حيث تم انتخاب السيدة أسماهان…

إبراهيم اليوسف تعرض الكرد، عبر العقود الماضية، لحملات متكررة من التشويه والتشكيك في انتمائهم، ووصلت إلى حد اتهامهم بالأسرلة، بعد الثورة الكردية في بداية الستينيات من القرن الماضي في كردستان العراق، وفي مطلع التسعينيات، وكأنهم مطالبون وحدهم بتقديم فروض الولاء والطاعة لشعوب المنطقة، دون أن يتم منحهم الحد الأدنى من حقوقهم القومية. وما يثير السخرية أن هذه الاتهامات…

د. محمود عباس في عام 1980، وفي ختام كرّاسي التحليلي (الكورد وثورة الخميني)، دوّنتُ بحروف الغضب والخذلان، عن كيف سُحقت اليد الكوردية الممدودة إلى الجمهورية الإسلامية الوليدة، لا بخطاب فكري، بل بسيفٍ مشرّع باسم الدين. واليوم، بعد أكثر من أربعة عقود، يعود ذات المشهد – لكن على مسرحٍ سوري – بوجوهٍ مختلفة، وشعارات متغيرة، وأدوات شبيهة. يا حكومة…

– المبادئ: وأنا أدلي بشهادتي عمّا جرى في يوم الجمعة/ الثاني عشر من شهر آذار عام 2004م وفي الأيام التي تلتها، (بعد مضى 20 عاماً عليها)، أودُّ بداية أنْ أنوّه بالآتي: حينها كُنت مُدرِّساً لمادة التربية الفنية التشكيلية، وعضو اللجنة النقابية في شعبة مدينة قامشلي لنقابة المعلمين، وسبق لي (شخصياً) أنْ كُنتُ لاعب كرة قدمٍ ضمن التشكيلة الأساسية لنادي…