لنبدأ من الذات …!

اكرم حسين 

بموازاة التهديدات التركية  الاخيرة باجتياح مناطق جديدة في كردستان سوريا واشتداد القصف التركي على مدنها وبلداتها ، تزداد معاناة الاهالي وتتعاظم الصعوبات الاقتصادية والحياتية من قلة المياه  ونقص الخدمات وزيادة اعداد العاطلين والمهجرين وتراجع الاسواق بسبب الغلاء وارتفاع اسعار المواد وعدم توفر الكهرباء  دون تدخل او معالجة من قوى الامر الواقع بينما تنأى الاحزاب الكردية الاخرى عن نفسها في الانخراط بالأحداث والتدخل لدى الجهات الاقليمية والدولية لوضع حد لهذه التهديدات والولوج الى عمق المشكلات الحدية وبناء رأي عام منظم  ذاتيا وموجه نحو ادراك الازمات و قيادة الجماهير في تحقيق مطالبها الحياتية  وبناء عتبات كبح  القوى المتحكمة بالرضوخ وإيجاد حلول او معالجتها حسب الامكانيات المتوفرة بعيدا عن  ادارة الظهر وممارسة المزيد من سياسة القهر الاقتصادي ، وفي هذا النأي لا تتسق هذه الاحزاب مع الفكر الذي تتبناه بصفتها تدافع عن حقوق الكرد وتصون وجودهم الثقافي والسياسي فما يثبت القول هو التجربة المباشرة في وجودها الحسي لا الوهم النظري وقدرة الفكر الاخر على نقضه من واقع الامكانية  وفي هذا الالغاء  يتأبد الفشل ويأتي الطموح  متسقا مع العجزفي انعدام الاتساق بين القول والتجربة وعدم وحدتهما  في ايديولوجية القوى الكردية المسيطرة  .
صحيح ان معالجة الواقع العنيد  قد تكون مهمة صعبة التحقيق وقد تكون مستحيلة بسبب  عمق المشكلات القائمة والظرف الموضوعي  الذي يزيد عن طاقة القوى والاحزاب الكردية التي انحسر دورها في ظل العسكرة وضعف الامكانات الاقتصادية وهو ما يضعها في موقع الحيرة والخروج من دائرة العقل وافلات الواقع من قبضتها  وكأن العلاقة بينها وبين الواقع الموضوعي علاقة خارجية ، وفي هذا مأزق القوى كلها لكن بالمقابل هناك مساحات يمكن ان تعمل بها وقضايا باستطاعتها ايجاد حلول مؤقته لها لان الخيارات يجب ان لا تنعدم اذا ما ارادت هذه القوى ان تكون حية .
المشكلة لدى هذه القوى تكمن في النسق الذهني والمفاهيمي  وفي التمثيلات الخاطئة  ومواجهة الواقع بالحيل والابتعاد عن المفهوم النضالي  – وترك القاعدة  تكتوي بنارها وعارها -وخاصة بعد كل ما حصل منذ 2011 فالسياسة ذاتها  تمارس اليوم رغم انها اثبتت فشلها ماضيا وحاضرا ونتج عنها ذوات مشلولة وغير قادرة على الفعل وتكوين الارادة مما سبب للكرد هذا الاستعصاء المعروف لدى الجميع .
من يطاب بإسقاط النظام وان  يكون البديل عليه ان يغير نفسه وحزبه وان يُسقط مستحاثاته اولا وان يخلق بيئة نقدية تتطابق مع الواقع وتعمل على كسب ثقة الناس ودعمهم  والوصول الى اهدافه وغاياته في خلق مجتمع  حر وديمقراطي قائم على التعددية والمواطنة المتساوية واحترام الفرد كقيمة عليا  وفي هذا قد يتغلب على الازمة ويصون الوجود والحقوق .

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

خالد بهلوي تحت شعار “وقف العنف والتهجير – العيش المشترك بسلام”، وبمبادرة من مجموعة نشطاء من الشابات والشباب الغيورين، شهدت مدينة إيسين الألمانية يوم 21 ديسمبر 2024 وقفة احتجاجية بارزة للتعبير عن رفض الاحتلال التركي والتهديدات والانتهاكات التي يتعرض لها الشعب الكردي المسالم. الحضور والمشاركة: حضر الفعالية أكثر من مائه شخصً من الأخوات والإخوة الكرد والألمان، إلى…

د. محمود عباس ستكثّف الولايات المتحدة وجودها العسكري في سوريا وستواصل دعمها لقوات سوريا الديمقراطية (قسد) والإدارة الذاتية. تدرك تركيا هذه المعادلة جيدًا، وتعلم أن أي إدارة أمريكية قادمة، حتى وإن كانت بقيادة دونالد ترامب، لن تتخلى عن الكورد، لذلك، جاء تصريح أردوغان بعد عودته من مصر، ووزير خارجيته من دمشق اليوم كجزء من مناورة سياسية تهدف إلى تضليل الرأي…

شادي حاجي المرء لا يذهب إلى طاولة المفاوضات وهو خالي الوفاض وإنما يذهب وهو متمكن وقادر والمفاوض يكشف أوراقه تدريجياً تبعاً لسير العملية التفاوضية فعند كل منعطف صعب وشاق يقدم المفاوض بطريقة أو بأخرى معلومة ولو صغيرة حول قدراته على إيقاع الأذى بالطرف الآخر من أجل أن يكون مقنعاً فعليه أن يسأل عن مقومات الندية والتي تتركز على مسألة القوة…

إبراهيم اليوسف منذ سقوط النظام المجرم في 8 كانون الأول 2024 وتحول السلطة إلى السيد أحمد الشرع، بات السوريون، سواء أكان ذلك في العاصمة دمشق أو المدن الكبرى والصغرى، يتطلعون إلى مرحلة جديدة يتخلصون فيها من الظلم والاستبداد. حيث سنوات طويلة من مكابدات المعذبين في سجون الطاغية الأسد وأبيه”1970-2024″ كانت كفيلة بتدمير أرواح مئات الآلاف. إذ إن بعض…