نزار بعريني
احاول توضيح بعض جوانب الإجابة على سؤال مهمّ ، أعتقد أنّه يشغل بال معظم المهتمين بالقضيّة السورية :
كيف نفهم سياق وطبيعة المتغيّرات المتسارعة ، المرتبطة بسلطات “قوى الأمر الواقع”، التي باتت تشكّل “النظام السوري “بشكله الراهن ؛ سواء على الصعيد الذاتي ، أو في إطار علاقاتها مع الوسطين الإقليمي والدولي ؟
نقاط في غاية الأهميّة لابدّ من الاشارة إليها لفهم عوامل السياق الراهن والتاريخي لأحداث المرحلة .
١-“الحراك السياسي الحالي” المرتبط بإجراءات “تأهيل” سلطات الأمر الواقع في مناطق السيطرة التركية ( الإئتلاف وفصائل ” الجيش الوطني “)،والأمريكية( قسد )، والروسية / الايرانية( سلطة النظام الأسدي ) ،والذي انطلقت صيرورته في أعقاب ” قمّة القدس المحتلة ” الأمنية ، في حزيران ٢٠٢١، (وما تمخّض عنها من اتفاق على مبدأ القبول والإعتراف المتبادل بين سلطات الأمر الواقع الرئيسة الثلاث -” أسد “، ” قسد ” “حكومة الإئتلاف “-١)، هو نتيجة رئيسة ، ومسعى لتكريس سياسي شامل ونهائي لما حصل من تقسيم واقعي ، عسكري ،رسمته موازين قوى الحرب بين ٢٠١٥- ٢٠٢٠ ،و كانت قد اعترفت بحقائقه الواقعية عمليّا وسياسيّا الأطراف المتحاربة
عبر الاتفاق الروسي التركي ،خلال قمّة الرئيسين اردوغان وبوتين التاريخيّة ، برعاية أمريكية، في٥ آذار ٢٠٢٠ ،وأكّدت عليه التفاهمات السياسية اللاحقة خلال ٢٠٢١ ، وبرزت في سياقه “اربع سلطات” قوى أمر واقع ، تتشارك السلطة على كامل مساحة الجسد السوري، التي كان يمارسها النظام السوري حصريّا ، بتفويض إقليمي ودولي منذ ١٩٧٠ !!
٢-إنّ أهداف الحراك السياسي الحالي ونتائجه ،( الذي تقوده الولايات المتّحدة ،بغياب جزئي لروسيا -التي كان لها دور رئيسي في صناعة وقائع السيطرة العسكرية الراهنة-وبمشاركة حكومات اوروبا الديمقراطية والمعارضات السورية، وسلطات الأمر الواقع الميليشياوية ، ويقوم على أرضيّة الصفقة السياسية” المقدسيّة ” ،ويسعى لشرعنة وتثبيت متزامن لحدود وسلطات قوى الأمر الواقع الميليشياوية ،التي شكّلت في سياق الصراع الأذرع السورية لقوى الثورة المضادة ؛القوى التي تورّطت في الخيار العسكري الطائفي ، خلال ٢٠١١ -٢٠١٢ ، في مواجهة الحراك السياسي السلمي،ولمنع تحقق ما وجّبه من استحقاقات ديمقراطية وطنية شاملة )، تتناقض جوهريا مع ” مسار جنيف”؛ الذي اطلقه تقاطع مصالح الولايات المتّحدة وروسيا عند عدم فرض حل وانتقال سياسي خلال ٢٠١١، وفي أبرز محطّاته ، القرار ٢٢٥٤ ، الذي أقره” مجلس الأمن ” في ٢٠١٥-في اعقاب التوصّل إلى اتفاق ” خلّبي ” امريكي / روسي ، حول ” خارطة طريق ” لانتقال سياسي شامل في دمشق ، تشارك فيه السلطة والمعارضة ، ويضع سوريا التي كانت قائمة قبل ٢٠١١ على مسار مرحلة سياسية نوعية جديدة .
٣- في حين يأتي الحراك السياسي الحالي في سياق تنفيذ خطوات مسار ” خارطة الطريق ” التي وضعتها ” قمّة القدس المحتلة الأمنية “والتي يتمحوّر هدفها المركزي على دفع صيرورة تأهيل سلطات الأمر الواقع بشكل متزامن ، بما يُعيد رسم الخارطة الجيوسياسية لسوريا سايكس بيكو وفقا لواقع السيطرة الميليشياوية ويكرّس واقع تقسيم قائم ،فأنّ ” صفقة القدس ” بنهجها واهدافها ، ترتكز بدورها على مشروع أمريكي ، وضعت اهدافه ومبرراته مؤسسة RAND الأمريكية منذ ٢٠١٥ ، و قدمتها لصنّاع القرار في الولايات المتحدّة. (٢).
٤-لم تكن السياقات السابقة ، في جانبها السياسي ، (محطّة ومسار جنيف منذ ٢٠١٢ ، وصفقة ” القدس ” ٢٠٢١ ) ، وفي مسارها العسكري ( في المرحلة الثانية، التي بدأت مع التدخّل المباشر لجيوش أوروبا والولايات المتّحدة وروسيا خلال ٢٠١٤ – ٢٠١٥ ، تحت يافطة ” محاربة الإرهاب وحماية مؤسسات الدولة السورية “، وشهدت معارك طاحنة بين قوى و اهداف المشاريع المتنافسة لإقتسام الجسد السوري) إلّا نتيجية ، ومراحل متعاقبة “لخيار الحرب ” ، الذي شكّل خلال ٢٠١١- ٢٠١٢،خيار استراتيجي ، شاركت في اتخاذ قراره ، وتبنيه ، وتورّطت في معاركه جميع القوى التي كانت تتعارض مصالحها حينئذ مع استحقاقات إصلاح سياسي ديمقراطي ، جعل من تحققها الحراك السلمي للشعب السوري ، إمكانية ، وباتت تشكّل المسار الوحيد للحفاظ على مقوّمات الدولة السورية ، والتي أدركت أنّ دفع الصراع السياسي على مسار الخيار العسكري الطائفي الميليشياوي ، بما يفتت وحدة الصف الوطني السوري، ويدمّر قواه السياسية وحواضنه الإجتماعية ، هو الطريق الوحيد لمنع تحقيق هدف الثورة المركزي ؛ الأنتقال السياسي الشامل !
٥- إنّ الجهد الذي بذلته ” قوى الخيار العسكري- الثورة المضادة “، إقليميّا ومحليّا ودوليا ، لتشكيل منصّات وهيئات وتجمّعات ” لمعارضات سياسية وثقافية سوريّة “، وقادته إقليميا بشكل رئيسي حكومات قطر والسعودية وتركيا، وبدور فاعل للنظام ، لم يكن خارج سياق تحقيق اهداف الخيار العسكري، وبما يؤدّي الى منع تشكّل قيادة وطنية ديمقراطية ، تقود الحراك الثوري على طريق مسار التغيير ، وقد أصبح” المشروع السياسي المعارض” ، وما تمّ تعويمه من هيئات وشخصيات ومنصّات ، خاصّة التي شاركت في مسار جنيف ، وحصلت على تمويل خارجي ،جزءا لايتجزأ من ادوات تحقيق اهداف المشروع الأمريكي والروسي !!
بناء عليه ، يمكن القول أنّه إذا كان من الطبيعي ان” تكلّف” الولايات المتّحدة جميع شركائها، وتسخّر ادواتها في أذرع الثورة المضادة، لتنفيذ مشروعها الراهن ، والعمل على خطط تأهيل وإعادة تأهيل ” سلطات الأمر الواقع ” ، فمن البديهي أن تكون ” مسد “، الواجهة السياسية لقسد، هي أحد أبرز تلك الأدوات المكلّفة بجهود ” تأهيل ” سلطة ” قسد ” على ” الحصّة ” الأمريكية ، في مناطق الإدارة الذاتية، التي رسمت الآلة العسكرية الأمريكية حدودها تحت يافطة محاربة “داعش” ،وأن تعطي الإدارة الأمريكية ، وشريكتها ، “مسد” أهميّة خاصة لمسألة إيجاد غطاء سياسي “عربي / سوري / ديمقراطي”، وإقليمي / أوروبّي لمشروع السيطرة الأمريكية على شمال وشرق سورية ، الذي تنفذه قسد !
الحقيقية الأبرز التي من مصلحة جميع المشاركين في تنفيذ مشروع ” التأهيل المتزامن ” لسلطات الأمر الواقع الميليشياوية “الأمريكي طمسها تتجسّد في الفكرة التالية :
العامل الجوهري الذي يُفسّر القلق الامريكي على “قسد” ، وبالتالي مجمل سياسات واشنطن لطمئنته ، هو إدراكها بافتقاد قيادة الميليشيا للشرعية الكردية والسوريّة( والإقليميّة ) على حدّ سواء،التي يصبح توفّرها، خاصّة في مراحل انتهاء الحروب ضدّ داعش ، ومرحلة التسوية السياسية، عاملا حاسما في تمكين ” قسد ” من إداء دورها على أكمل وجه في مرحلة ” السلام “، كما كانت في مرحلة ” الحرب “!
ضمن هذا السياق العام سعت واشنطن لدفع قيادة قسد الإقصائية ، الشمولية ، لاتباع سياسات ” مدّ الجسور ” مع جميع المتورطين بالكارثة لسورية ” أصدقاء وخصوم ” على حدّ سواء ؛ في السلطة والمعارضة، مع “أدوات النظام التركي”، “، ومع روسيا وإيران ، أيضا !!
أمّا عن تجاوب مسد / قسد مع الضغوط الأمريكية فقد كان بديهيا ، وأخذ اشكال وسياسيات مختلفة ، لتحقيق رغبة الباب العالي !
سياسات ” مدّ الحسور ” مع روسيا والنظام السوري، وايران شغلت اهتمامات ” مسد ” طيلة اشهر ٢٠٢٠- ٢٠٢١ .
تواترت زيارات قيادة ” مسد ” لموسكو ، في العامين الماضيين ، وذهبت التوّقعات إلى الأعتقاد أنّ السبب الأساسي قد يكون ضمّ ” مسد ” إلى جوقة” اللجنة الدستورية “، وادخلها في” مسار جنيف”؛ ووضعها البعض في إطار “استغلال روسيا لحالة مزعومة من انعدام الثقة بين ” قسد” وواشنطن ، لضمّ قسد إلى جانبها “؛ لكنّ شيء من هذا القبيل لم يحدث ، وبالتالي لايمكن وضعها إلّا في سياق التحضير لما حدث في توافقات ” قمّة القدس “حزيران، ٢٠٢١ ، وحلّ التأهيل المتزامن ؛ وقد حصلت مسد في احد تلك الزيارات على مباركة الرفيق ” قدري جميل ” ، ومنصّة موسكو. في نهاية آب ٢٠٢١ ، وخلال زيارة خاصّة ، وقّع وفد من “مسد”- ضمَّ رئيسة الهيئة التنفيذية إلهام أحمد ونائبها حكمت الحبيب، ورئيس الاتحاد السرياني سنحريب برصوم، إضافة إلى العضو في المجلس سيهانوك ديبو- مذكرة تفاهم مع حزب “الإرادة الشعبية”، تتعلّق ب”الحل السياسي في سوريا”!!(٣).
في نهاية ت٢ ،٢٠٢١ ، التقى وزير الخارجية الروسي بوفد قيادة ” مسد ” ، مؤكّدا دعم موسكو لجهود ” تطبيع العلاقات ” بين “مسد” ودمشق!!
على الصعيد السوري ، بعوامله السوريّة والأمريكيّة ، تتصاعد التوجيهات الأمريكية لوضع ضغوط على مسد لتكثيف التواصل والتنسيق مع فاعليات ” عربية ” ، تشكّل اوراق مهمّة لإضفاء الشرعية السورية على المشروع الأمريكي/ القسدي !
في نهاية آذار ، ٢٠٢٠ ، يصدر تقرير عن ” البنتاغون ” ، يتحدّث عن “إقصاء المكوّن العربي عن مفاصل اتخاذ القرارات، داخل المؤسسات العسكرية والمدنية التابعة لمسد ”، وعن” السلبية التي تنظر فيها أغلبية المكوّنات العربية في المنطقة إلى “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) والمؤسسات المدينة المرتبطة بها، لا سيما “مسد”” .
في نفس الإطار ،كانت قد اعلنت و”كالة الاستخبارات “التابعة للجيش الأمريكي، إنّ “قسد” ووحدات حماية الشعب” (الكردية) تستأثران بمراكز السلطة واتخاذ القرارات حتى داخل الإدارات المدنية”! وانتقد التقرير ما اعتبره نهج ” اقصائي ” في سلوك تلك القوّات ، يؤكد عدم رغبة القيادة في تقاسم السلطة مع العرب، حتى في المناطق ذات الأغلبية العربية،رغم أنّ أغلب العناصر المنتشرين على خطوط الجبهات في تلك المناطق هم من العرب.!!
في تلك الظروف ، تصبح اهداف وطبيعة الحراك “المسدي” اكثر من واضحة !!
تحدّث الموقع الرسمي لـ”مسد”، خلال الفترة الممتدة بين 16 و20 من أيار ٢٠٢٠ ، عن زيارات وفود من المجلس إلى وجهاء قبائل عربية في محافظة الحسكة،ضمّت شخصيات قيادية بارزة، بما في ذلك الرئيسة المشتركة ، أمينة عمر، ورئيسة الهيئة التنفيذية، إلهام أحمد، فضلًا عن قياديين آخرين، وشملت الزيارات شيوخ عشائر “اليسار”،” الجوالة”، و”الجربا”، إضافة إلى شيخ عشيرة البوسالم، بدران أحمد السالم، وشيخ عشيرة الشرابين، صالح البشار الدهام.
ليس خارج السياق السابق أيضا ، نفهم حرص واشنطن على حصول تفاهمات مع “احزاب المجلس الوطني الكردي ” ، والسياسات الأخيرة تجاه ” الثورة السورية ” ومحاولة مسد وضع نفسها في صفوف المعارضة !
في إطلالة السيّدة ” الهام احمد ” على شاشة تلفزيون ” عفرين ١” ، يستفسر المضيف عن اسباب تغيّر بعض سياسات وسلوكيات “مسد”- بعد زيارة آخر وفد امريكي رفيع المستوى الى مناطق الإدارة الذاتية، وإجراء محادثات عميقة ومطوّلة -كالسماح برفع اعلام الثورة ، بعد أن كانت محظورة ، والاحتفال بالذكرى السنويّة ، رغمّ أنّه، و” منذ بدأ الحراك ، كان مَن يرفع هذا العلم ، يُعتبر خائنا، وضدّ ثورة “روج آفا “التي تتحدّثون عنها في اعلامكم؟
لمزيد من توضيح عوامل السياق العام ، وسياسات الاطراف ذات الصلة، من المفيد الاشارة الى بعض النقاط الإضافية:
١- اهداف وخطوات الخطّة الأمريكية التي طرحتها RAND هي الفكرة الجوهرية في مفهوم” مسد” لطبيعة الحل السياسي ، ومفهوم “سوريا الجديدة”، ويتناقض في اهدافه وآلياته مع مسار جنيف ، وخارطة الطريق التي دعى اليها القرار ٢٢٥٤ (٤).
٢- على الصعيد الإيدولوجي ، من الطبيعي أن تستخدم “مسد “، بواقع كونها واجهة سياسية ل”قسد” ، التي يهيمن على قيادتها ” حزب الاتحاد الديمقراطي “(PYD)، الفرع السوري لحزب وميليشيات (PKK) التركية ، إطروحات الحزب ” الأم ” ذاتها ، كغطاء سياسي وإيديولوجي لأهداف مشروعها الأمريكي ، الساعي لتكريس واقع تقسيم سوريا بين سلطات الأمر الواقع؛ والتي يأتي في مقدّمتها مفهوم ” اللامركزية ” و” الفدرالية ” و” الشعوب السورية “.(٥). الحل السياسي بالنسبة لمسد يتمّ عبر شكل الدولة اللامركزية، ويتجسّد في الحالة القائمة “بحكم مناطق سلطات الأمر الواقع ” نفسها بنفسها ” !(٦).
٣-تمارس بعض قوى وشخصيات المعارضات اليسارية، الشيوعية والقومية – رغم ما كان لمعظمها تجارب غنيّة في معارضة سلطة النظام، وقدّمت تضحيات عظيمة في مقارعة اذرع الاستبداد السلطويّة طيلة عقود – دور” الكومبارس الديمقراطي “في مشروع ” مسد ” “الديمقراطي”، تحت ذرائع ومبررات وطنية وديمقراطية غير موضوعية ، تفنّدها حقائق طبيعة مشروع” مسد” ، وسياقه ؛ خاصّة في تعارضه مع اهداف وآليات ” مسار جنيف ، والقرار ٢٢٥٤ ، وخارطة طريق بناء الدولة الوطنية الديمقراطية ، الموحّدة ، التي يستحيل إطلاق صيرورتها قبل أن تبدأ خطوتها الأولى : انتقال سياسي في دمشق !! (٧).
في إطار نظرة شاملة للمشهد السياسي السوري، يبدو لي أنّ ما يقوم به السيّد اردوغان- و أعلن عنه في إحدى خطبه الانتخابية ، حول “إعادة توطين” مليون ونصف لاجىء في مناطق شمال وغرب سوريا،حيث تسيطر قواته وميليشيات ” شركائه ” ، وما يبذله نظامه من جهود على صعيد إعادة تأهيل ” “الفصائل والإئتلاف “معا ، كسلطتين سياسية وأمنية ،تعملان في الفترة القادمة على تثبيت أركان السلطة ” السورية ” الجديدة في ” حصّته ” من الكعكة السوريّة- يتكامل مع جهود يمارسها آخرون ، لإعادة تأهيل سلطات” الأمر الواقع” الأخرى ، في مناطق سيطرة ” قسد ” وسلطة ” النظام” ” ،وتأتي جميع الجهود في سياق ” الصفقة الامريكية/ الروسية ” لإعادة تأهيل ، وتثبيت، وقائع سيطرة سلطات الأمر الواقع ، بما يُعيد رسم الخارطة السياسية السورية على طريقة ” سايكس – بيكو “.
في سياقها السوري الأشمل ، تحدث الجهود المتناسقة في ضوء نتائج هزيمة الثورة و أهداف المشروع الديمقراطي للشعب السوري في المرحلة الأولى من ” الخيار العسكري” ، ٢٠١١- ٢٠١٤ ، وبناء على ما أدّت اليه موازين قوى الصراع من تقاسم للحصص ومواقع النفوذ في المرحلة الثانية، ٢٠١٥- ٢٠٢٠ ؛ بما يضع سوريا ، والسوريين أمام حقائق مروّعة ، يحاول جميع المتورطين ، في ” سلطات النظام ” و”منصّات معارضاتها ” وشركاؤهم ،التعتيم عليها ، وتمريرها من خلف ظهر السوريين ، وفي استغلال لأجواء ونتائج الحرب “الأمريكية الروسية” المدمِّرة ضدّ أوكرانيا ، وصراع الهيمنة الإمبريالية على أوروبا ، وانشغال السوريين في معاناتهم المعيشية والإنسانية ، وآلام ما خلّفته مسارات الحرب من جروح ، ما تزال تنزف على اكثر من جانب، في الجسد والروح السوريّة !!
من جهة أولى ، وفي إطار تنفيذ اتفاقيات صفقة ” القدس المحتلة ” الأمنيّة/ السياسية ،لتثبيت الوقائع السياسية والعسكرية الجديدة ، يعمل النظام التركي على” مساعدة “السوريين، على اكثر من صعيد :
على الصعيد الشعبي( اللاجئين ) والسياسي ( الإئتلاف ) والعسكري ( الفصائل ) لتسريع خطوات التأهيل في ” حصّته ” من الكعكة( وقد زادت عن مساحة ” المنطقة الآمنة التي كان يطالب بها سابقا ، بعرض ٣٥ كم ) ، التي فرضتها موازين قوى الصراع بين ٢٠١٥- ٢٠٢٠، وبما يثبّت قواعد السلطة القائمة التي تُديرها حكومة ” الإئتلاف ” ، وفصائل “جيشها الوطني”!
في نفس الإطار ، من جهة ثانية ، تعمل “حكومة السويد”، بتوجيهات أمريكية ،على “مساعدة ” القوى والشخصيات الديمقراطية” للتنسيق والتكامل مع جهود ” مجلس سوريا الديمقراطية” ،( الواجهة السياسية لقوات سورية الديمقراطيّة “، ” قسد ” )،و عبر لقاءات استكهولم ، وما يتوقّع أن ينتج عنها من تشكيل ” إئتلاف ديمقراطي “جديد لقوى ” المعارضة الديمقراطية”،” السوريّة”)، يأمل العرّاب الأمريكي وأدواته أن يقدّم غطاء ” ديمقراطيا سوريّاً “،يعمل على “سورنة”سياسات “قسد ” الخاصة بشرعنة سلطتها على ” الحصّة الأمريكية !!
من جهة ثالثة ، وفي نفس السياق ، يبدو جليّا تكامل جهود الولايات المتّحدة وشركائها الأوروبيين لتأهيل” قسد “في مناطق الإدارة الذاتية، وجهود تركيا لتحويل حكومة الإئتلاف المؤقّتة الى دائمة ، مع جهود إعادة تأهيل “سلطة النظام” في مناطق “سوريا المفيدة”؛ على الصُّعد الداخلية وعلى المستوى الإقليمي، الذي تقود مساره حكومات الإمارات والجزائر..، ولا تخرج عن هذا السياق محاولات إشغال الرأي العام بقضايا غاية في الأهميّة ، تُلقي بظلالها القاتمة على وحدة السوريين الوطنية والاجتماعية، وتعمّق الخنادق التي صنعتها مسارات الحرب وأدواتها!
في السياق الشامل لإجراءات إعادة التأهيل ، كما كانت عليه الحال في تبنّي الخيار العسكري الطائفي في ربيع ٢٠١١ ، من الطبيعي أن تشكّل المظلّة الأمريكيّة أهمّ عوامل السياق ، ومقوّمات النجاح. الجميع ينفّذ ، في تناغم واضح للمصالح ، وتكامل للجهود ، ما تمّ الاتفاق عليه في قمّة ” الصفقة” الأمنيّة التي حصلت في مؤتمر ” القدس المحتلة”، في ٢٢حزيران ٢٠٢١،بين مستشاري الأمن القومي الأمريكي والروسي والإسرائيلي، برعاية” نتن ياهو” ،وبحضور سفراء الدول ، حيث ” تمّ الوصول إلى صفقة من التوافقات السياسية الإستراتيجية ، تضمّنت “اعترافاً متبادلاً ” بين سلطات الأمر الواقع” السورية” ، يشرعن وجودها ، ويضمن مصالح القوى الإقليمية والدولية الحامية لها ؛ روسيا إيران تركيا والولايات المتحدّة، وبما يشكّل “حلاً سياسياً” ، شبه نهائي للصراع ، ويحدد شكل الخارطة السياسية ” لسوريا المستقبل ” !
حصل هذا قبل ” الغزو الروسي لأوكرانيا ، في شباط ٢٠٢٢، الذي تصبّ نتائجه على الصعيد السوري في إطار تسريع جهود تطبيق توافقات” الصفقة ” الأمنية/ السياسية .
أعتقد أنّ في إدراك هذه الحقائق ، ومخاطرها الوجودية على مقوّمات الدولة الوطنية الديمقراطية الموحّدة،ومسارات قيامها ، مصلحة وطنية عليا لجميع السوريين ،توجّب فضح أدوار المتورطين في” قوى النظام ” والمعارضة وجهود عرّابيهم الإقليميين والدوليين المتكاملة لشرعنة وتثبيت سلطات الأمر الواقع على جميع المستويات !
تحدث خطوات تأهيل وإعادة تأهيل قوى الأمر الواقع في تناقض جوهري مع مصالح السوريين الوطنيين، الذين يرون في الخيار الديمقراطي المسار السياسي الوحيد ، والإطار الموضوعي الاقدر على الحفاظ على وحدة سوريا الجيوسياسية وضمان مصالح جميع السوريين ، بغضّ النظر عن انتماءاتهم القومية والسياسية والمذهبية ، وعلى قاعدة دستور وطني ، يضمن المساواة في الحقوق والواجبات ، أيّ يكن شكل النظام السياسي الذي يتفقون عليه في سياق مرحلة انتقالية !!
السلام والعدالة ، والحقوق المتساوية لجميع السوريين، في ظل الدولة السورية، الوطنية الديمقراطية الموحّدة !
▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎
(١)- في بيان رسمي صادر عن مكتبه ، قال” نتنياهو” في مستهلّ “القمّة الثلاثية “،التي جمعت بين مستشاري الأمن القومي الأمريكي والروسي والإسرائيلي في القدس المحتلة الثلاثاء ، ٢٢ حزيران ، ٢٠٢١ :
«يسرّني جداً أن أكون هنا مع السفير “جون بولتون” مستشار الأمن القومي الأمريكي ومع” نيكولاي باتروشيف” سكرتير مجلس الأمن التابع للفدرالية الروسية ،ومع “مائير بن شبّات “مستشار الأمن القومي الإسرائيلي،وذلك بحضور السفيرين الروسي والأمريكي لدى إسرائيل وسفيري الأخيرة في واشنطن وموسكو والوفود الكريمة من الدول الثلاث الذين جاؤوا إلى القدس لحضور هذا المؤتمر التاريخي الذي يسرنا استضافته».
وتابع : «بناء على مناقشاتنا أؤمن بأنّه توجد هناك أرضية أكبر للتعاون بين دولنا الثلاث مما يصوّره البعض. هذه القمة تشكّل فرصة حقيقية للمساهمة في تحقيق الاستقرار في منطقتنا ،خاصة في سوريا».
اذا اقتصرت رؤيتنا على المُعلن ،لن نكون سوى ضحايا تضليل إعلامي . فقد أكدّت البيانات والتصريحات التي خرجت عن المتآمرين في ” قمّة القدس ” على الاتفاق على معادلة ” قبول النظام ، مقابل خروج إيران “، وهذا لا يحدث في الواقع ، حيث تبيّن الاحداث والمواقف ” قبول النظام ، وتعزيز اسباب بقاء ايران “، وهو ما يحتاج الى تفسير ، نجده في رؤية شاملة لطبيعة العلاقات الجدلية بين جميع الاطراف ، التي تحكمها المصالح المشتركة ، والتي يأتي في مقدّمتها منع حدوث انتقال سياسي شامل في دمشق ، وفقا للقرار ٢٢٥٤ ، ولا تمانع في تهميش مقوّمات الدولة السورية ، طاما يعني ذلك الحفاظ على سلطاتها الخاصّة ، ليصبح تثبيت الحصص الحالية ، في ظل عجز جميع سلطات الأمر الواقع عن تغيير الحدود التي رسمتها موازين قوى الصراع بين ٢٠١٥-٢٠٢٠ هو هدف مشترك.
” تجاهل” وضع شركائهم في ” إدلب” ، قد يعكس توافق مصالح الجميع على الحفاظ على الحالة القائمة ، التي يجعل منها منطقة نفوذ مشتركة ، وساحة مفتوحة ، يلعب عليها الجميع في إطار تفاهمات خاصّة .
على أيّة حال ، سواء تأجّل تحديد مصير ” إدلب ” الى مرحلة لاحقة ،أو تمّ الاتفاق عليه، وهو الأرجح ، يبدو جليّا أنّه لن يخرج عن السياق السياسي العام ، وبما يبقي ” إمارة ” النصرة ، ” بنك إرهاب أمريكي ” مشترك ، يستثمر فيه الجميع ، بما يخدم اجنداته السياسية والأمنية،وفي الزمان والمكان المناسبين!!
(٢)-
قدّم مركز بحوث RND الأمريكي ،(تُعرّف نفسها ك” مؤسسة غير ربحية وحيادية وملتزمة بالصالح العام” ، ولا همّ للقائمين عليها سوى “جعل المجتمعات في جميع أنحاء العالم أكثر أمان” ، وتضع ما تصل اليه من بحوث واستنتاجات على طاولة صنّاع القرار في واشنطن ) في ٢٠١٥ دراسة في جزأين، حول طبيعة الحل السياسي الذي يخدم مصالح الولايات المتّحدة ،رغم تناقضه الجوهري مع “مسار جنيف ” ، لما يؤدّي إليه في النتيجة من تثبيت لمواقع الحصص والنفوذ التي حصلت عليها الدول المتورّطة في الخيار العسكري ، وفي مقدمتها الولايات المتّحدة . الفكرة الاساسية في مشروع سلام RAND التي تُنفَّذ بحذافيرها !!
مما جاء في تحليل سياسي وعسكري شامل :
《يجب أن يكون الهدف الرئيسي للولايات المتحدة وشركائها التفاوض على وقف دائم للأعمال العدائية مع دعم الحوار الطويل الأمد حتما بين الفصائل السورية فيما يتعلق بالشكل المستقبلي للدولة السورية.
ولأنّ هدف إعادة توحيد سوريا في ظل قيادة وطنية متفق عليها ومع مجموعة واحدة من الهياكل الأمنية – هو أمر بعيد، يجب النظر في كيفية توفير الحكم الأساسي للمناطق التي تسيطر عليها المعارضة في الفترة الانتقالية.》.
https://doi.org/10.7249/PE202
٣-جاء في وثيقة التفاهم تأكيد على :” والتزم الطرفان بأن «دولة المواطنة المتساوية المأمولة في سوريا تؤكد على التنوع المجتمعي السوري، والالتزام بإيجاد حل ديمقراطي عادل للقضية الكردية في سوريا، وفق العهود والمواثيق الدولية والإقرار الدستوري بحقوقهم، وبالحقوق القومية للسريان الآشوريين، وجميع المكونات السورية، ضمن وحدة سوريا وسيادتها الإقليمية».
وشددت الوثيقة كذلك على أن «الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا ضرورة موضوعية وحاجة مجتمعية متعلقة بظروف البلد وحاجات المنطقة التي أنتجتها الأزمة الراهنة. ومن المهم الاستفادة من تجربة الإدارة الذاتية، إيجاباً وسلباً، بصفتها شكلاً من أشكال سلطة الشعب في المناطق ينبغي تطويره على المستوى الوطني العام، وفي إطار التوافق بين السوريين، وبما يعزز وحدة الأراضي السورية، وسيادة دولتها ونظامها الإداري العام».
٤-في لقاء خاص على” تلفزيون عفرين١” مع السيّدة إلهام احمد ، الرئيس التنفيذي لمجلس سوريا الديمقراطية، تحدّثت عن وجود فعلي لثلاث سلطات أمر واقع ، متباينة سياسيا وثقافيا وعسكريا ، وضرورة أن يأخذ اي مسار سياسي هذه الحقائق بعين الأعتبار”، لكنّها تنكر معرفتها بطبيعة ” الحل “!
مفهوم الحل السياسي، كما تراه قيادة” مسد “يتمحور حول ضرورة مشاركة ” الإدارة الذاتية ” في اي حل تفاوضي، على قدم المساواة مع باقي سلطات الأمر الواقع ، وهي جاهزة للحوار ، لرسم خريطة مستقبل ” سوريا الجديدة “! .
في جوابها على سؤال : لماذا باتت الانظار تتوجّه الى مناطقكم حين الحديث عن حل سياسي قادم في سوريا ؟”، تقول :
” التقييم الشامل للمشهد السياسي السوري يُظهر ” ثلاث مناطق نفوذ ، موجودة في الجغرافيا السورية، وبما يجعلها مقسّمة سياسيا وعسكريا وثقافيا .في ظل هذا الوضع ، بالتأكيد ، البحث عن حل سياسي ، يفتح المجال للحديث عن سوريا جديدة ، تكون ضمن إطار نظام لامركزي. وهذا يحتاج الى تفاهمات ، وحوارات مطوّلة . اذا لم تحدث حوارات وتفاهمات، سيكون هناك مخاطر! لذلك ، نحن نرى أنّ الوضع السوري ، وبعدما وصل إلى هذا الحدّ ، الحديث عن مشاركة الإدارة الذاتية في شمال وشرق سوريا بات امرا مهمّا وضروريا . في السابق ، كانت العملية السياسية تُقصي الإدارة ، بسبب الاعتقاد بأمكانية قيام حل سياسي دون مشاركة بعض ممثلي ومكونات الشعب السوري. الآن ، تغيّرت (!!)، وبات يدرك الجميع ضرورة أن يأتي الحل السياسي على يد جميع السوريين( سلطات الأمر الواقع)، دون إقصاء أي طرف من مكوّناته الثقافية .لذلك الحديث عن اشراك الإدارة لابدّ منه”!
(٥)-في ندوة خاصة على موقع Massar IDM.org، الذي تُديره “مؤسسة ديمقراطية ” معارضة من ” كندا ” ، بتاريخ ٢٣ نيسان الماضي ، وتحت عنوان ” ورشة البديل الديمقراطي السوري ….لقاء استكهولم ” ، لم يعمل الجميع ، ضيوف ومضيفون ، على تغييب السياق العام للنشاط التي تقوم به مسد، فحسب ، بل حاولوا وضعه في سياق الحل السياسي الاممي ، وبناء دولة وطنية ديمقراطية!!
حول اهمية أطروحة ” اللامركزية ” في لقاء استكهولم الثاني ( ٩- ١٠ونيسان )التي تعمل مسد على ترويجها ، يقول السيد حسن محمّد علي(مسد ) :
“…. طرحنا مواضع عديدة ، وثمّة مواضيع اخرى قادمة. كان طرح ” اللامركزية “، وطبيعة التحديّات التي يمكن ان تواجهها في المستقبل .اللامركزية تواجه تحدّيات خاصة بها، من الناحية الأيديولوجية والإقليمية والمناطقية” .
” جميع اللقاءات تشاورية ، وتم تبادل الأراء حول توجّهات سوريا المستقبل ، لذلك تمّ تبادل الآراء بشكل عام . يعتقد الجميع بان طبيعة الحكم في سوريا المستقبل يجب أن تكون لامركزية ، دون الدخول بتفاصيل حول نوعيتها .
نجاح المشروع يعتمد على مناقشة مبدأ اللامركزية ، دون الدخول بتفاصيل حول نوعيتها .
(٦)-في تقييمه للقاء ستوكهولم الثاني، يقول الأستاذ ” رياض درار ” الرئيس المشترك لمسد ” وعرّاب جهودها ” الديمقراطية ” :
” في استكهولم ٢، حطّينا نقطة اساسية لمشروع الدولة السورية في المستقبل ، ومن خلال تجربة الإدارة الذاتية في مشروع ” اللامركزية الديمقراطية “.
حبينا نشرح او نطرح مع كلّ رفاقنا الموجودين في المؤتمر الثاني فكرة ” اللامركزية ” !……
تمّ التأكيد على ضرورة اللامركزية لسوريا ، وهو مشروع يمكن أن يُطبّق على اساس إدارة المناطق نفسها بنفسها ، ويمكن تأصيل هذا المشروع ، من قبل لقاءات أخرى “.
(٧)-تشارك تلك الشخصيات والقوى المعارضة ، (التي عجزت ، لأسباب متنوّعة ، بنيويّة ، عن قيادة ” الثورة ” في ربيع ٢٠١١ ، وتنافست على قيادات هيئات المعارضة التي صنّعت هياكلها التنظيمية القوى الإقليمية والدولية المعادية لهدف الثورة المركزي، الانتقال السياسي والتحوّل الديمقراطي، وسعت خلال سنوات لتسويق نفسها كتيّارات ديمقراطية ، رغم ثقل ارث منبتها القومي / الستاليني ، و دون أن تصل إلى ادنى اشكال التوافقات النظرية او التنظيمية او تملك القدرة على طرح وعي سياسي سوري ” ديمقراطي ” ثوري ، خارج ما تروّجه دعايات القوى الإقليمية والدولية ؛ وهو مؤشر واضح على طبيعة الأزمة البنيوية التي تعيشها ، والتي تجسّدت ايضا في عجزها عن لعب اي دور ” وطني ” في مسارات الصراع ، وارتهان نشاطها الثقافي والسياسي لهذا الطرف او ذاك من قوى ” الثورة المضادة “، على الصعد السورية والإقليمية ، ولم تنجح بعض رموزها سوى في لعب دور الطابور الخامس، على الصعيد الدولي/ الأمريكي!
في سياق تبريرها لدورها الجديد ، تقدّم المببرات ” الديمقراطية السورية ” ، في لوي واضح لعنق الحقائق التاريخية والراهنة ، ولسان حالها يقول ، أن تصل الفرصة متأخرة ، وعلى متن القطار ” الديمقراطي “الأمريكي ، خيرا من أن لا تصل أبدا !!
تقدّم لنا ” ندوة مسار ” طيفا واسعا من المبررات ، التي ساقها مشاركون في لقاء استكهولم ٢، في محاولة لتسويق مواقفهم السياسية والشخصية ، اعرضها بالتفصيل لاحقا !!
أيّار – ٢٠٢٢