تعددية المواقع الانترنتية الكوردية بين الواقع والطموح*

Berzo Mehmûd

مما لا شك فيه أن الشبكة الانترنتية الجبارة وسيلة هامة في نشر الوعي  الفكري والسياسي والادبي والعلمي والفني … الخ، اذا استخدم بطريقة سليمة وصحيحة بعيداً عن جوانب السوء وكل ما لا تتناسب ولا تنسجم مع مفاهيمنا الاجتماعية ومعتقداتنا الدينية.

 والشعب الكردي نتيجة لمعاناته بسبب عوامل الصهر القومي المفروضة عليه من القومية السائدة، وحرمانه من ممارسة ثقافته القومية والتعبير عن ذاته من خلال وسائل الاعلام كالتلفاز والراديو والصحافة الورقية جراء  السياسات العنصرية المطبقة بحقه من قبل الانظمة التي تتحكم في حقوق الشعب الكوردي

وتحدد له هويته وتفرض عليه ممارسة ثقافة غير ثقافته وتعلم لغة غير لغته، مما يخلق لديه الكراهية والبغض تجاه القومية الغالبة.

كل هذه العوامل تدفع به اللجوء الى وسائل ممكنة ومتاحة ليعبر عن ذاته المكبوتة والمقموعة.

فكانت المواقع الانترنتية الوسيلة الاسهل تنفيذاً والاوفر مادياً والاسرع وصولاً وتحقيقاً والاكثر نشراً، الأمر القادر على  النشر على أكثر من صعيد: الصورة و الصوت والكتابة والحوار المتبادل من نقطة ما في هذا العالم الى نقطة أخرى بصرف النظر عن المسافات الشاسعة بين المكان المنطلق والمكان الهدف.
أما الاخوة الكورد الذين يعملون في المواقع الانترنتية والمواقع الاعلامية الاخرى مثل التلفاز والصحافة والراديو فهم مناضلون انترنتيون ومناضلون اعلاميون بامتياز، لأنهم يبذلون جهداً كبيراً ويعيشون معاناة حقيقية ويسخرون معظم أوقاتهم في خدمة الاعلام الكوردي من أجل تقديم الحقيقة والوصول الى النبأ في موقع الحدث، ونشر ألأفضل بفكر نير لبناء وعي أجمل.

هؤلاء يستحقون كل الاحترام والتقدير من شعبهم ومن أهلهم، وأن السواد الأعظم منهم يحس بمسؤولية عالية في عمله وفي أداء مهامه الملقاة على كاهله، اذ يبتعد عن الاستخدام السيء لموقعه، كأن يسخر موقعه لشخص معين جراء علاقة شخصية أو مادية أو اجتماعية أو سياسية ما أو غيرها، لأنه يدرك تمام الإدراك لو حصل هذا، سيصبح الموقع بمثابة دكان أو حانوت يبيع ويشتري وفق مصالحه الذاتية أو الحزبوية، وعندئذ يسقط عنه الصفة الكوردية النضالية.
إلا أن السؤال الأبرز في هذا الموضوع هو كثرة المواقع الكوردية الانترنتية التي تخصنا كأكراد سوريا .

ان هذا الكل الانترنتي عمل هام وجيد، إذا استخدم بطريقة أكثر فاعلية ,اكثر تنظيماً ضمن خطة تضعها هيئة عليا ومسؤولة عن جميع هذه المواقع.

ولكن قبل أن أقدم بعض المقترحات المتعلقة بوجوب تنظيم وتنسيق العمل في النشر الانترنتي، وترتيب هذا العمل وفق آلية جديدة تضع التخصص من أولويات التوجه الجديد في العمل الأنترنتي، أود أن أعرج قليلاً على القاء الضوء على بعض المساوئ والسلبيات التي تطرأ في كيفية عمل هذه المواقع وخاصة ما يتعلق بعملية النشر الجارية فيها، وهي:
1.

      فقد أصبح الموقع الواحد ينشر النبأ والحدث والسياسة والفكر والادب والرسم والندوة والدراسة والمقالة بكل أنواعها التاريخية والادبية والسياسية والفكرية والعلمية وووو .

فالموقع الواحد هو موقع (بتع كلو) كما لو أنه (سوبر موقع) يحتوي على كل ما يجري ولا يحتوي على شيء، طالما هناك احتمالية لموضوع جديد في موقع أخر.

هذا الهاجس يراود المتتبع في كل مرة يدخل الموقع الانترنتي، وهذا بدوره يؤدي الى ضياع المتلقي دون فائدة تذكر.
2.

      هذا العمل المتصف بالشمولية يربك العاملين في الموقع، فمعظم المواقع يديرها شخص واحد لا يملك الإمكانيات المادية ولا التخصصية، يبذل أقصى ما في وسعه بعد  ارهاق جسده وذهنه وجيبه على الأغلب.
3.

      كل المواقع الكوردية تنشر نفس النبأ ونفس المقالة ونفس الدراسة للكاتب الواحد كما لو أن كاتباً واحداً ينشر المقالة ذاتها في عدة مواقع.

طبعاً هذا السلوك من قبل الكاتب وليكن هو أنا فأنه غير مقبول في حال تكراره، أو في حال لم يكن نتيجة خطأ ما.

فبعد أن سألت أحد الكتاب عن سبب هذه المشكلة،  فأجاب قائلاً أن السبب هو أن بعض المواقع لا تنشر لكاتب معين لسبب ما قد يكون خلافاً اجتماعياً أو خلافاً ثقافياً أو غيظة ما أو تضامن مع عصابة أو لنقل شلة تكن العداء الشخصي لهذا الكاتب.
4.

       فالنبأ الواحد  يتم نشره في جميع المواقع بصرف النظر عن طبيعة الحدث وحجمه ومستواه وخاصة اذا كان الحدث يتعلق بنشاط جماعات من هذا أو من ذاك، فتجد النبأ في جميع المواقع لنفس الكاتب المحرر للنبأ، والذي يعد في تصور العقول الجاهلة وكأن زلزالاً قد حدث، فهيا الى الصلاة وقراءة الفاتحة.

هذا الايقاع الطبلي الرتيب أقل ما يمكن وصفه هو استخفاف بعقل القارء أو المشاهد أو المتتبع الانترنتي.

ولكن هناك بالمقابل ما يبرر جزء من المشكلة هو أن بعض المواقع الكوردية محجوبة من قبل جهاز المراقبة الحكومية، وهذا الوضع الشاذ يخلق مشاكل واخطاء  مبررة لدى البعض، اذ أن الكاتب محق جزئياً في نشر المقالة أو النبأ في موقعين على الاقل: موقع محجوب وموقع غير محجوب في طريقه الى الحجب.
وأعتقد أن الحل الأنسب والأنجع لهذه المشكلة هو حل هذه المواقع والبحث عن ألية تعيد ترتيب هذه المواقع من جديد ، كأن يتخصص موقع عامودا بنشر الأخبار وألأحداث، وموقع عفرين يتخصص في المقالات والدراسات الاجتماعية والفكرية والسياسية.

وموقع تيريز بالنتاجات الادبية .

 

وفي هذا الصدد أقترح العمل:
1-        بإتجاه تطبيق فكرة التخصص الموقعي بأن يكون لكل موقع تخصص معين وطابع محدد من حيث ما يحتويه الموقع من أقسام
2-        بالإضافة الى لجنة متخصصة في انشاء تصميم المواقع لتيناسب ويتلائم مع ضرورات المحتوى ويجاري التطور الحاصل في عالم التقنيات البرمجية وهندسة الموقع الانترنتية من أجل أداء أفضل ووظيفة أكثر حيوية على صعيد المهام والاقسام.
3-        العمل وفق نظام وشروط وضوابط يحدد المهام والوظائف لكل هيئة وكل مسؤول وكل عضو في الموقع .

وهذا يحتاج الى وضع نظام داخلي يعمم على كل الهيئات والمواقع للاطلاع والالتزام به.
4-        لا بد من وجود متخصص لكل موقع يرأس طاقم العمل.

فموقع أدبي يفضل أن يديره أو يرأسه أو يساعده شخص متخصص في الادب أو أنه خبير في الدراسات الادبية، وهكذا بالنسبة للمواقع الاخرى.
5-                    كما قد يؤدي الأمر الى دمج في بعض المواقع لتحقيق نوعية أفضل.
6-                    والأهم من كل شيء هو حرية الكلمة والبعد عن القمع الفكري وإقصاء الأخر لسبب ما.
7-                    على الكاتب الالتزام الواعي بشروط النشر لمادته، على أن لا يرسلها إلا لموقع واحد.
أما بخصوص ماهية المواقع الضرورية في الوقت الحالي، يمكن عرض المقترحات التالية:
1-  انشاء موقع عام باللغة الكوردية فقط وبتصميم هندسي عال الجودة بحيث يضاهي تقنيات وتصميم موقع (نت كورد) حيث الشكل والمضمون منسجمان في عملية توافقية وهارمونية تعزف مقاطع وجمل متنوعة يتوزع فيها: الاخبار والمقابلات و الأحداث والكتاب الدائمين والكتاب الضيوف لتقديم الدراسات الكوردية والعامة والجديد في عالم المطبوعات الكوردية والجديد في عالم اليوم.
2-  موقع متخصص في المقالات والدراسات الاجتماعية والفكرية والسياسية باللغتين الكوردية والعربية، مع واجهتين كردية وعربية
3-  موقع متخصص في الابداعات والنتاجات الادبية الكوردية من قصة وشعر ومسرح ، بالاضافة الى تقديم قسم خاص بالفولكلور الكوردي وقسم أخر بالدراسات الادبية الابداعية باللغتين الكوردية والعربية ولكن بشرط أن تكون الواجهة الاساسية باللغة الكوردية.
4-   موقع متخصص في الفن التشكيلي والفن الموسيقي والغناء بالإضافة الى الدراسات والأبحاث المتعلقة بمواضيع الفن الحديث والفولكلوري والتراث الشفاهي، مع قسو للمقابلات الفنية والحوارات الفنية.

هذا الموقع باللغتين العربية والكوردية.

كذلك قسم مخصص للنتاجات الابداعية للفنانين الكورد، قديماً وحديثاً.

وفي حال أن الموقع بهذا الشكل احتل حجماً كبيراً، يمكن تقسيمه الى موقعين: موقع خاص بالموسيقا والغناء والدراسات الموسيقية والغنائية.

وموقع أخر خاص بالفن التشكيلي.

ويفضل أن يرأس الموقع أو أن يدير الموقع متخصص بالفن.
5-    موقع متخصص بالانباء والحوادث والمقابلات السياسية واللقاءات  والتعليقات، باللغتين الكوردية والعربية.

وهذا يتطلب توفر جهاز كبير من المراسلين الدائمين والمراسلين المؤقتين من أجل امكانية تغطية الموقع بما يجري في المنطقة.
6-  موقع متخصص بقضايا اللغة الكوردية ولهجاتها المتنوعة بواجهة أساسية باللغة الكوردية وفيه قسم خاص باللغة العربية حول قضايا اللغة الكوردية.

ويمكن اضافة زاوية خاصة كغرفة للمناقشة والحوار واعطاء المحاضرات حول اللغة الكوردية شبيهة ب(كوجكا زمانى كوردي) للأستاذ القدير Elend  وذلك على الهواء وباستخدام برنامج البالتوك المعروف.

(هذا الموقع يمكن دمجه في موقع أخر.)
والأن يمكن للسادة العاملين في حقل المواقع الانترنتية أن يعقدوا اجتماعاً عن طريق البالتوك من أجل تداول الأمر بشكل عملي وبحس عال من المسؤولية.

وفي الختام فقد طرحت موضوعاً قد لا يرى النور في الوقت الحالي إلا أنه من الممكن أن يتحقق في المستقبل القريب أو البعيد فذلك يعتمد على إرادة القوى التي تحرك هذا العمل، ودرجة اخلاصها بالعمل الجماعي والتطور لصالح العام بجهد الخاص.

……………..

·        المقال المنشور هنا هو ملخص لما ورد في مقالي المكتوب باللغة الكوردية على جزئين حيث تم نشر الجزء الأول منه في موقع (www.welateme.netm ) وسينشر الجزء الثاني والأخير منه في المستقبل القريب وفي نفس الموقع.

·        ملاحظة من موقع (ولاتي مه): لقد حدد كاتب هذا المقال الأستاذ برزو محمود –  وفي خطوة نتمنى أن يحذو حذوه جميع كتابنا الأعزاء- موقع كورد روز حصراً لنشره, ولكن نظراً لأهمية المقال وبعد أخذ موافقة الأستاذ برزو محمود- الذي كان قد ارسل لنا نسخة للقراءة فقط- نعيد نشره في موقعنا.

 

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف منذ سقوط النظام المجرم في 8 كانون الأول 2024 وتحول السلطة إلى السيد أحمد الشرع، بات السوريون، سواء أكان ذلك في العاصمة دمشق أو المدن الكبرى والصغرى، يتطلعون إلى مرحلة جديدة يتخلصون فيها من الظلم والاستبداد. حيث سنوات طويلة من مكابدات المعذبين في سجون الطاغية الأسد وأبيه كانت كفيلة بتدمير أرواح مئات الآلاف. بعض السجناء أمضوا…

شكري بكر هذا الموضوع مطروح للمناقشة قد يؤدي بنا للوصول إلى إقامة نظام يختلف عما سبقونا من سلاطين وحكام وممالك وما نحن عليه الآن حيث التشتت والإنقسام وتبعثر الجهود الفكرية والسياسية والإقتصادية والعمل نحو إقامة مجتمع خال من كل أشكال الصراع وإلغاء العسكرة أرضا وفضاءا التي تهدر 80% من الإقتصاد العالمي ، إن تغلبنا على هذا التسلح يمكن…

إياد أبو شقرا عودة إلى الموضوع السوري، لا بد من القول، إن قلة منا كانت تتوقّع قبل شهر ما نحن فيه اليوم. إذ إن طيّ صفحة 54 سنة خلال أقل من أسبوعين إنجازٌ ضخم بكل ما في الكلمة من معنى. سهولة إسقاط نظام الأسد، وسرعة تداعيه، أدهشتا حتماً حتى أكثر المتفائلين بالتغيير المرجوّ. إلا أنني أزعم، بعدما تولّت قيادة العمليات…

طارق الحميد منذ فرار بشار الأسد، في 8 ديسمبر (كانون الأول)، إلى روسيا، وهناك سيل من النقد والمطالبات للحكام الجدد، وتحديداً أحمد الشرع. والقصة ليست بجدوى ذلك من عدمه، بل إن جل تلك الانتقادات لا تستند إلى حقائق. وسأناقش بعضاً منها هنا، وهي «غيض من فيض». مثلاً، كان يقال إن لا حل عسكرياً بسوريا، بينما سقط الأسد في 12 يوماً…