نزار بعريني
ان ندين ، ونجرّم ، ونتبرّأ من كافة المجازر التي أرتكبهتا “قوى الثورة المضادة” ، في سياق تحويل الحراك السلمي الى حرب طائفية ، ولمنع حدوث انتقال سياسي وتغيير ديمقراطي ،هو موقفا وطنيّا وإنسانيّا وسياسيّا واخلاقيّا ، ودينيّا ،و من مصلحة سوريا الموحّدة والسوريين أن يتبنّاه الجميع ، بكل انتماءاتهم المذهبية والقومية والسياسية!
فالمجرم يمثّل نفسه ، والجريمة بكل اشكالها ووسائلها وسياقها ، هي جريمة سياسية بامتياز ، وليست طائفية أو قومية ، طالما كان الهدف الاساسي من ارتكابها تحقيق اهداف سياسية، ومن البديهي ، وفي منطق القانون ، أن لا يحمل وزر جرائم الحروب السياسية ، التي ينفذها طائفيون او متعصّبون قوميّا ، الطوائف والقوميات التي ينتمون اليها !!
إذا كان الهدف الرئيسي لتحويل الحراك الثوري السلمي للشعب السوري الى حرب طائفية هو بالجوهر سياسيّا وليس طائفيا ، رغم استخدامه الوسائل الطائفية- تمحّور منذ ٢٠١١ حول تفتيت وحدة السوريين ، وبما يمنع حدوث انتقال سياسي وتحوّل ديمقراطي- فأنّ الهدف الأوّل للتسريب هو أيضا سياسيّا بامتياز ، ويسعى لتعميق الخنادق الطائفية التي حفرتها الحرب الميليشياوية بين السوريين ، وإيصالها إلى مرحلة اللاعودة ، مرحلة” الطلاق” الوطني النهائي بين الطائفتين الرئيسيتين ، اللتين يشكّل تعايشهما المشترك، في إطار وحدة الشعب السوري ، احدى اهمّ مقوّمات وحدة الدولة السورية!
يأتي أيضا هذا السلوك اللاوطني في إطار تعميق الخنادق الطائفية بين السوريين في سياق سياسي ، تشكّل محطّته الراهنة اخطر مراحل صيرورة الحرب ، وتتمثّل في العمل لتحقيق اهداف” صفقة سياسية “، ينفذها جميع اطراف الخيار العسكري-بقواه الخارجية وأذرعه السورية ،وطوابيرهم السياسية المعارضة ، وتحت مظلّة توافق روسي أمريكي -و تسير خطواتها على طريق تثبيت مواقع الحصص التي فرضتها حروب قوى الثورة المضادة بين ٢٠١٥- ٢٠٢٠ ،وعبر مشروع أمريكي لإعادة تأهيل سلطات الأمر الواقع – الأسد ، قسد، الجيش الوطني ، وإمارة النصرة – ،و بما يحوّل” حصصها” الى “كانتونات” طائفية وقومية منفصلة؛ خدمة لمصالح القائمين عليها من أذرع الثورة المضادة ، ولمصالح وسياسات حماتهم الإقليميين والدوليين ، وعلى حساب وحدة سوريا، ومصالح جميع السوريين ، مذاهب وأديان واقوام وأثنيات ، دون استثناء !!
من جهة ثانية ،
العقل ” السياسي الطائفي” النخبوي يرى الأحداث من منظار آخر ، وهمّه الرئيسي هو ركوب الموجة ،لتحقيق المزيد من المنافع الخاصّة ، وآخر ما يعنيه هو ما يلحقه هذا السلوك من ضرر بمصالح الذين يدّعي الدفاع عنهم !! انّه سلوك براغماتي ، رخيص ، نفعي ، يتناقض مع مصالح سوريا الموحّدة ، ويصب في خدمة اعداء المشروع الديمقراطي للشعب السوري !
لا تقتصر مشكلة العقل” السياسي الطائفي” ،” النخبوي ” ، الذي تطفوا ” ثقافته ” الطائفية البغيضة على فضاء التواصل الاجتماعي، وتعيد شحن المشاعر الطائفية عند السوريين ،و بما يساعد في تعميق التفتيت المجتمعي ، ويعزز جهود قوى الثورة المضادة التقسيميّة ،( وقد لا يكون جاهلا بهذه الأهداف ، التي يساهم في تحقيقها)، على عدم رؤيته طبيعة العلاقات الجدلية بين القوى المتحاربة – أذرع الثورة المضادة الميليشياوية – والقاعدة المشتركة التي يقفون عليها، رغم تعدد الرايات والأقنعة، وتصارعها !
يبرع دعاة هذا الوعي في استخدام منطق المقارنة العددية بين ما ارتكبته هذه القوّة او تلك من ” قوى الثورة المضادّة “، دون أن يغلّبوا أنفسهم إدراك طبيعة السياق العام، حيث حصلت جميع المجازر الطائفية من قبل أذرع الثورة المضادة ، التي انتهجت التطييف والميلشة وسيلتها ، وتقاطعت اهدافها في دفع الحراك السياسي المطلبي ، الديمقراطي ، السلمي، على مسارات حروب طائفية ،من اجل تحقيق هدف مشترك ، يتناقض مع مصالح جميع السوريين، ويقطع مسارات الانتقال السياسي والتحوّل الديمقراطي!؟
فكلّ القوى التي تورّطت في الخيار العسكري الميليشياوي، ورغم صراعها البيني على السلطة والحصص، شكّلت جبهة واحدة في مواجهة استحقاقات ديمقراطية وطنية، كان يمكن لتحقيقها في ربيع ٢٠١١، أن يقطع مسار الخيار العسكري الطائفي، ويحمي سوريا ، والجميع؛واستخدمت نفس وسائل وآليات الصراع ، الميلشة والتطييف، والإرتهان لإجندات الخارج ، بما يجعل الجميع في خندق واحد ، خندق العداء لأهداف وآمال السوريين في الحريّة والديمقراطية !! ويتجاهل وقائع أنّه في سياق معاركها التناحرية على اقتسام الجسد السوري، وفي إطار تقاطع اهداف جميع أذرع الثورة المضادة، استخدموا التطييف كوسيلة ، وارتكاب المجاز كنهج، لتفتيت السوريين وطنيّا وتحشيدهم طائفيا ، وترويعهم !!فالجميع يعارض اهداف المشروع الديمقراطي للشعب السوري، والجميع يستخدم التطييف والميلشة لمنع تحقيق اهداف الحراك الثوري،ويستخدم نفس الأدوات والوسائل !!
نقطة مركزية أخرى يُغيبها الوعي الطائفي !
في خضم هذا المستنقع الدموي الطائفي التقسيمي الذي دُفع اليه السوريين، عقابا لتوقهم الى الحياة والحريّة ، أنّ جريمة تبنّي “الخيار العسكري الطائفي”، في مواجهة استحقاقات ديمقراطية وطنية مشروعة في ربيع ٢٠١١ ،وما نتج عنه من تدمير وجرائم، هي جريمة إقليمية ودولية ، شارك في التخطيط لها وتنفيذها ، وتهيئة مسرحها السياسي والعسكري ، حكومات جميع سلطات الأنظمة الإقليمية ، والمسؤولين في الإدارتين الأمريكية والروسية، وعلى رأسهم بوتين واوباما وترامب ( ويأتي بايدن ليقطف الثمار السياسية لوحده ، بعد نجاح سياسات بلاده الإمبريالية في القاء شريكيه” الروسي والاوروبي “في مستنقع الحرب الإجرامية ضدّ اوكرانيا)،وتواطؤ حكومات أوروبا الديمقراطية؛ وهو ما حوّلها الى مقتلة كبيرة ؛ وهذا لايقلل من مسؤولية أيّ من المتورطين السوريين من أذرع الثورة المضادة ،وفي مقدّمتهم سلطة النظام !!
من المؤلم الاعتراف بقدرة اعداء وحدة السوريين ، وقيام دولتهم الوطنية الديمقراطية، على تحقيق اهدافهم بيسر ، ليس فقط بسبب نجاحهم التاريخي في تحويل الثورة الى مجزرة طائفية ، والى حروب تقاسم سوريا الى حصص ومناطق نفوذ ، بل لانّهم حققوا اهدافهم تلك بتحويل السوريين ، من جميع الطوائف والقوميّات( وليس فقط من طائفة محددة ، كما يعتقد الطائفيون !) ، الى أذرع ميليشياوية، تقاتل في سبيل تحقيق اهدافهم ، المتناقضة مع مصالح جميع السوريين !!
من المؤسف أنّهم يحققون اهدافهم اليوم ايضا ، رغم ارتفاع الاصوات الوطنية التي تحذّر من الانجرار في تيّار الحقد والتخوين الطائفي .
بخلاف ذلك ، أعتقد أنّه من واجب النخب السياسيّة والثقافيّة السورية الوطنية أنّ تبتعد عن التحريض والتجييش الطائفي، وتكشف طبيعة الرسائل والاهداف السياسية التي يسعى مسربو الفيديو لتحقيقها ، وطبيعة سياق العنف الطائفي العام .
فليرفع جميع الوطنيين الشرفاء ، من جميع الطوائف والقوميات، الصوت عاليا، لإدانة جميع الجرائم ، والتمسّك بهدف التعايش السلمي، الإنساني والقومي والطائفي ، بين جميع السوريين، في إطار دولة المواطنة الموحّدة، وليقف الجميع في وجه الاصوات الطائفية ” النخبوية “،التي وجدت بالفيديو ضالّتها المنشودة لتعزيز زعاماتها الطائفية !!
نعم للوحدة الوطنية ، بين جميع الطوائف والأقوام ، وفي ظل دولة العدالة السورية ، التي تصون كرامة الإنسان ، وتحمي حقوقه الفردية والقومية والدينية ، على قاعدة دستور وطني ديمقراطي.
اعرض نماذج لبضعة أراء ، تبيّن الحالة التي وصل اليها الوعي السياسي النخبوي من انحطاط طائفي ، وهي بالطبع تعبّر عن آراء اصحابها،ويتحمّلون مسؤولية التحريض والتجييش الطائفي !!
▪︎” مجزرة التضامن والفيديو المنشور هو أمر ليس جديد. كانت المجازر وفيديوهات مماثلة تصل يوميا لأكبر قنوات العالم وخاصة بين منتصف 2012 وحتى نهاية 2014 وهي ذروة المجازر الطائفية..
لن اتحدث عن توقيت نشر الفيديو من قبل بريطانيا ولدى دول الغرب مئات بل آلاف الفيديوهات التي تدين النظام الطائفي منذ 2012 وأهمها مجزرة الكيماوي في 2013.
ما أريد الحديث عنه هو أن نكون واضحين في الطرح دون مواربة. طائفة سورية واحدة في غالبيتها حتى اليوم ومع ظهور الفيديو الأخير تدافع بكل وقاحة عن المجزرة أو تبرر .. وهنا اقول الغالبية العظمى للطائفة وليس جمعيها. مَن يرتكب تلك المجازر في غالبيتها العظمى من مكون واحد.. ومن يُقتل هو من مكون واحد..
الطبطبة وتضليل المعلومة في الطرح هو الأمر غير المنطقي وغير الموضوعي.. هناك مجرم طائفي حاقد وهناك ضحية مظلوم.. ونقطة من أول السطر.”
▪︎
“اتصلت قبل يومين بمدير مطعم حلبي وظّف مؤخرا عددا من أبناء الطائفة القاتلة، وقلت له: توقفت عن طلب الطعام من مطعمكم، لأني أخشى منهم على وضع السم في طعامي، فهؤلاء تربوا على الاجرام والحقد والقتل”.
▪︎”عندما نشاهد بعين واحدة
أين نحن من هذه المجازر ؟
* مجزرة جسر الشغور 2011 : راح ضحيتها 120 شهيد من الامن العسكري و الشرطة بعد التمثيل باجسادهم و هم احياء تم قتلهم و رميهم من اعلى الجسر إلى النهر .
* مجزرة عدرا العمالية 2013 : راح ضحيتها مئات بين شهداء و مفقودين من رضع و اطفال و نساء و كبار السن .
مجزرة ريف اللاذقية الشمالي 2013 ( معركة احفاد عائشة ) : راح ضحيتها مئات بين شهداء و مفقودين من رضع و اطفال و نساء و كبار السن .
مجزرة حطلة بدير الزور 2013 : راح ضحيتها 60 شهيد بينهم اطفال و نساء و كبار السن .
*مجزرة الشعيطات بدير الزور 2014 : راح ضحيتها 1500 شهيد بينهم أطفال و نساء و كبار السن .
…………… مجزرة اشتبرق 2015 : راح ضحيتها مئات بين شهداء و مفقودين من المدنيين ( مواطنين سوريين ) الم يسلم منهم لا الرضيع و لا الأطفال و لا النساء و لا العجز من قبل شياطين إيرررردوغان .
الشهيد البطل ذو 18 عام فادي زيدان من أفراد الجيش السوري تم دهسه بالدبابة من قبل تنظيم الدولة ISIS عام 2015 .
* مجزرة مشفى الكندي في حلب 2016 : راح ضحيتها 88 شهيد من عناصر الجيش السوري تم تقيدهم قبل قتلهم .
* مجزرة الزارة 2016 : راح ضحيتها عشرات بين شهيد و مفقود من اطفال قطعوا احياء و رضع ذبحوا احياء و نساء و كبار السن .
و هذا غيض من فيض
حرق الضابط الطيار ، تقطيع الاطفال أحياء ، بقر بطون الحوامل أحياء وضع الاجنة على النار لشوائها او سلقها و و و و و و و و
و الصفحات الصفراء تتباكى على فيديو حي التضامن المزعوم الذي نشرته صحيفة الجارديان الصهيونية عام 2013 والذي لم تتاكد صحته الى الان .
المجد للشهداء و الخلود لذكراهم .”
▪︎ ” كل سوري في براسو ذرة عقل، أو ذرة إنسانية، أو ذرة ضمير أو أخلاق أو شرف، يحتم عليه أن يدين جريمة الإبادة الجماعية التي ارتكبتها عناصر مسلحة تقاتل إلى جانب النظام في حي التضامن و هي جريمة موثقة بالصوت و الصورة و لا تحتمل أي تأويل..
و لا يوجد لدي أدنى شك بأن الجريمة تمت بعلم و معرفة أجهزة أمن النظام و بقرار قيادي لبث الرعب في قلوب السوريين.
و لا أشك أبدا في أن النظام هو من سرب هذا الفيديو كما سرب من قبل ذلك الكثير من الفيديوهات التي تخدم أجندته لتقسيم سوريا.
و أنا أدعو جميع من يدافعون عن النظام ليشاهدوا الفيديو المذكور فلربما ترتجف ضمائرهم الميتة و تنهض من قبورها العفنة. انظروا كيف يتسلى من تدافعون عنهم بالأرواح و الحياة البشرية و بعدها تعالوا لنتباحث فيما إذا كنتم من بني البشر أم من سلالات أخرى!!…….
و للمعارضين من أصحاب المنطق الطائفي أقول: لو بدو يفيدكم هالمنطق كان فادكم من زمان, الخطاب الطائفي هو أجندة النظام فلماذا تتسابقون إليه؟!!!
النظام مو علوي، و لا عم يقتل السنة لأنهم سنة، هو نظام إجرامي و يقتل كل من يثور ضده و يشكل خطرا عليه. و أوضح دليل على ذلك هم مئات الألاف من السنة الذين لجؤوا إلى مناطق النظام في الساحل السوري، و ملايين السنة في دمشق و حلب و حماه و الساحل الذين لا يقتلهم النظام.
أيّار – ٢٠٢٢