نعم لتحاور التعبيرات ( الفكرية – الثقافية – السياسية ) في الوسط الكردي المستقل.. قضية للنقاش ( 199 )

 

صلاح بدرالدين

بحسبة بسيطة يمكن التأكد من وجود غالبية وطنية مستقلة خارج الأحزاب الكردية ضمن صفوف كرد سوريا بالداخل والخارج ، من النساء والرجال ، تنتمي جغرافيا الى مختلف المناطق ( عفرين – كوباني – الجزيرة – حي الاكراد بدمشق ) ، تضم مفكرين ، ومثقفين ، وسجناء سياسيين سابقين  ، وأصحاب خبرة ، وتجارب النضال السري ، ومن كانوا منتمون سابقا الى مختلف التيارات السياسية من اليسار ، واليمين ، والوسط ، اكثريتهم هجرت العمل الحزبي تجاه مفهوم ( الكردايتي ) المستقل العام ، برغم اختلاف المنشأ ، وتعدد التصورات ، فان الجميع يتفق على الأمور التالية : ١ – ضرورة حل ازمة الحركة الكردية السورية ، بإعادة بنائها ، واستعادة شرعيتها ، وتوحيدها بالطرق المدنية الديموقراطية .
 ٢ – فشل الأحزاب الكردية في توحيد الصف الكردي ، وحل القضية الكردية ، وإنجاز المهام القومية ، والوطنية . ٣ – عجز الأحزاب الكردية من طرفي الاستقطاب في العمل المشترك  تحت لواء مشروع وطني كردي سوري يحقق الطموحات ، ويعيد للكرد دورهم ، ويوحد حركتهم ، ويحفظ استقلالية قرارهم ، ويصون شخصيتهم المميزة ، وهذه الثوابت كافية لتحاور المؤمنين بها ، وتوافقهم على خطوات لاحقة . 
   فقد بات من المعروف في الساحة السياسية الكردية السورية ، ان قيادات أحزاب طرفي الاستقطاب وليس كل أعضائها تنتهج موقف التجاهل لرغبة الغالبية الوطنية المستقلة ، في تصوراتها المطروحة لحل الازمة الناشئة بإعادة بناء الحركة ( كما في مشروع حراك ” بزاف ” ) عبر بوابة المؤتمر الكردي السوري الجامع ، وكذلك المحاولات الأخرى الفردية الفكرية ، والثقافية ، المشابهة من جانب مثقفين ، وناشطين ، واذا كان الطرفان الحزبيان يتهربان من الحوار الشفاف ، والعلني حول مصير الشعب ، والقضية ، والحركة ، لاسبابهما الخاصة  المعروفة ، فلماذا يسود التباعد ، والحذر ، والمواقف السلبية المسبقة ، بين صفوف الداعين الى التغيير من المستقلين ؟ .
   ليس تعصبا لحراك ” بزاف ” ولكنه الاقدم ( منذ ٢٠١٢ ) في مجال الدعوة الى إعادة بناء ، وتوحيد ، وشرعنة الحركة ، والأكثر وجودا في الداخل ، والشتات ، والاغزر عقدا للقاءات التشاورية ، والمنابر النقاشية ، والوحيد الذي يمتلك مشروع البرنامج المتكامل بشقيه القومي ، والوطني كمنطلق استراتيجي ، وكذلك النظام الداخلي لتسهيل ، وتكامل العلاقات ، والنشاطات ، ولديه العديد من المبادرات المرحلية ، والتصورات ، والعشرات من الوثائق ، كما لديه تواصل ( غير رسمي لانه ليس حزبا ، ومازال حراكا فكريا ، ثقافيا ، سياسيا في طور التشكل التنظيمي ) مع معظم الأطراف المعنية بالملفين السوري ، والكردي .
  حراك ” بزاف ” لديه وضوح الرؤيا بحكم الخبرة ، والعلاقات الديموقراطية بين لجانه التنسيقية ، ويختلف عن البادئين حديثا ، فهو بدأ بالبد اية طارحا عبارة او صرخة مالعمل ؟ وبمرور نحو عشرة أعوام ، امتلك الجواب ، الذي نعتبره مازال مشروعا قيد الدراسة ، والتعديل يمكن التحاور حوله في كل زمان ، فاالبادئون حديثا من الناشطين يشبهون الحراك قبل عشرة أعوام ، بدلا من أداء نفس التجربة لعقد من الزمن لماذا لا يتعاملون مع وثائق ” بزاف ” الجاهزة حتى لو بشكل نقدي بناء ؟ هذا تساؤل جوهري يحتاج الى جواب مقنع ، من جانب اشقائنا ، وشركائنا في عملية الإنقاذ .
  حراك ” بزاف ” يستقبل اطروحات بعض المثقفين ، والناشطين الكرد السوريين من اجل الإنقاذ ، وحل ازمة الحركة الكردية برحابة صدر ، واستحسان ، ويجد فيها تحقيقا لما نصبو اليه جميعا ، وانتصارا لمشروعه ، ولاشك سيتحقق اللقاء ات المثمرة  معا عاجلا ، أم آجلا ، وسيحقق الجميع سوية شروط الانتقال الى مرحلة متقدمة في العمل السياسي ، والتنظيمي ، والبناء الفكري ، الثقافي ، أتساءل بكل صدق هل بيننا نحن دعاة التغيير وإعادة البناء ، والمؤتمر التوحيدي المنشود موانع ، وحواجز يستحيل تخطيها ؟ .
  من المعلوم اننا جميعا لدينا مآخذ حقيقية على أداء أحزاب طرفي الاستقطاب ، وقد نحملها المسؤلية الأكبر في ماوصل اليه شعبنا لان طرفاها يستحوذان السلطة ، والمال ، والمسلحين ، والدعم الخارجي  ، ومن ضمن ملاحظاتنا المشتركة علي قياداتها ، تهربها من الحوار ، وتجاهل الاخر المقابل ، والاهتمام فقط بالقشور أي باتفاق الأحزاب ، وليس بإعادة بناء توحيد الحركة الكردية ، ونحن او البعض في صفوفنا الساعين الى التغيير ، وحل الازمة ، يمارس النهج ذاته بالقطيعة ، والتجاهل ، واثارة الشكوك حول البعض الاخر أحيانا ، وقد تختلف الأسباب ، ولكن المبدأ واحد !!؟؟ . 
  بحسب معرفتي ، واطلاعي ، فان ” البزافيين ” لم يتصوروا ولو للحظة ان الآخرين يجب ان يلتحقوا بهم ، بل ينتظرون بشغف الحوار الشفاف المتكافئ ، والتواصل ، وإزالة الحواجز ، والتعامل مع البعض الآخر على أساس الأفكار ، والسياسات ، والمواقف ، وليس الأشخاص الا وسائل لنقل أفكار النقاش ، والمشتركات الجامعة ، على مبدأ : الحركة باقية ومستمرة ، والأشخاص لهم قيمة ، واعتبار ، واحترام ، ولكنهم زائلون . 
  لدينا في الساحة الكردية السورية بالداخل ، والخارج  قامات وطنية مستقلة ، ومناضلون مجربون مضحون ، ومثقفون ملتزمون بقضايا شعبهم ، ووطنهم ، يعملون بمنظمات ، وجمعيات ، او بشكل فردي ، وهم جميعا مجال الفخر ، والاعتزاز ، ولكن أقول بكل اسف مازلنا جميعا وبصورة متفاوتة ، لم نتخلص تماما من عاهات الماضي ، ومن نوع من الثقافة الدخيلة الانتهازية الوصولية ، التي زرعتها أنظمة الاستبداد الحاكمة وأجهزتها القمعية ، ودعمها المال السياسي ، ورسختها العقلية الحزبوية السائدة المخترقة ، المستندة الى نهج التبعية ، وعدم الاستقلالية ، ومفاهيم وافدة متخلفة غريبة بتخوين الاخر المختلف ، والمواقف المسبقة ، والاعلام الديماغوجي ، ولاننسى هنا دور بعض التيارات في كيانات المعارضة السورية في الاساءة للحركة الكردية ، وتشجيع انتهازيين من أصول كردية واغرائهم بالاموال لينقلبوا على قضايانا ، ويظهروا وجه حركتنا بصورة مشوهة  .
  في الأزمنة الراهنة نعيش في نعم خدمات التواصل الاجتماعي ، ويمكن الاستفادة من كل دقيقة لمصلحة قضايانا عبر الحوار ، والنقاش من اجل التفاهم ، والتقارب ، والعمل المشترك حول مشروع متفق عليه ، فلنبتعد عن – الانا – السلبية ، وعن الشكوك ، والمواقف الشخصية المسبقة ، ولنتعاون من دون ان  يتبع  احد بآخر ، كلنا سنلتحق بقضايانا ، وثقوا جميعا انه لا دور لكرد سوريا الان في ظل المعادلة الراهنة ، ولن يستطيع طرف واحد ، او فرد واحد تبديل المعادلة ، وليس امامنا الا الاجتماع ، والاجماع كسبيل للتغيير ، وإعادة الأمور الى المستوى الأفضل لتحقيق الأهداف .
  فهل نعجز جميعا ان نتوافق مثلا على اختيار مجموعة موسعة من الوطنيين المستقلين من بين بنات وأبناء شعبنا ، ليقوموا بدور هيئة ، او لجنة تحضيرية في انجاز خطوات عملية نحو توفير الشروط ، والأسباب اللازمة ، لانجاح عملية انقاذ الحركة ، وتوحيدها ، واستعادة شرعيتها ، وتحقيق أهدافها ؟ .
  كل وطني كردي سوري معني بهذه القضية التي أثرتها ، ومنتظر منه ان يدلي برأيه حولها ، ولنعمل جميعا على استعادة مكانة ودور حركتنا ، وصيانة الشخصية الوطنية الكردية السورية ، ونستعيد وديعة ” احمدي خاني ” منذ اكثر من اربعمائة عام ،التي كانت صرخة مدوية ، مازال صداها يلاحق الأجيال ، لتحقيقها على ارض الواقع .
  ولذلك القضية تحتاج الى النقاش

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…

عنايت ديكو   الوجه الأول: – أرى أن صفقة “بهچلي – أوجلان” هي عبارة عن اتفاقية ذات طابع أمني وجيوسياسي بحت، بدأت معالمها تتكشف بشكل واضح لكل من يتابع الوضع عن كثب، ويلاحظ توزيع الأدوار وتأثيراتها على مختلف الأصعدة السياسية، الأمنية، والاجتماعية داخل تركيا وخارجها. الهدف الرئيسي من هذه الصفقة هو ضمان الأمن القومي التركي وتعزيز الجبهة الداخلية بجميع تفاصيلها…

اكرم حسين العلمانيّة هي مبدأ سياسي وفلسفي يهدف إلى فصل الدين عن الدولة والمؤسسات الحكومية ، وتنظيم الشؤون العامة بما يعتمد على المنطق، والعقلانية، والقوانين الوضعية بدون تدخل ديني. يتضمن مبدأ العلمانيّة الحفاظ على حرية الدين والمعتقد للأفراد، وضمان عدم التمييز ضد أي شخص بسبب دينه أو اعتقاده. تاريخياً ظهرت العلمانية مع اندلاع الثورة الفرنسية حيث خرجت الطبقة البرجوازية…