المشهد السوري والانتظار المرعب… في خضم الصراعات التوافقية

               

عزالدين ملا

أيام قليلة وندخل العام 2022، بذلك نكون قد خرجنا من العام 2021 أكثر خسارة، يعتبر هذا العام بالنسبة للسوريين أكثرهدوءًا من الناحية العسكرية ولكن كان أكثرشراسة من الناحية الإقتصادية والمعيشية، مضى العام مع فقدان الأمل بإنفراج قريب.
أما السياسة العالمية بقيت متفرجة على معاناة الشعب السوري، بل زادها مقايضات وضغوطات ولي الأذرع، أمريكا التي لم تتوضح سياستها الخارجية في عهد جو بايدن على الرغم من قرب إنتهاء عام على توليه الرئاسة. روسيا المتمسكة بنفوذها في سوريا وحماية النظام السوري. تركيا التي تطلق تصريحات إعلامية في القيام بإجتياح جديد على المناطق الشمالية السورية. أما فيما يتعلق بالقوى المسيطرة على الأرض تحاول بكل السبل للحفاظ على سلطتها حتى لو يتعلق ذلك بحقوق من هم تحت سطوتها.
1- كيف تحدثنا عن العام 2021؟
2- ما التغييرات الموجودة في هذا العام ولم تكن موجودة في الأعوام الماضية؟ 
3- وضع الكورد في هذا العام من الناحية السياسية والإقتصادية؟
4- حسب ما جرى في هذا العام, كيف ترى العام القادم؟ ولماذا؟
الإنتهاكات بقيت مستمرة وإزدادت وتيرتها
تحدث عضو اللجنة المركزية للحزب الديمقراطي الكوردستاني – سوريا، شاهين أحمد، بالقول: «كما تفضلتم في مقدمتكم كان عام 2021 – الذي يلملم أوراقه ويتهيأ للرحيل بعد أيامٍ قليلة – حلقة من مسلسل معاناة السوريين، الأزمة السورية راوحت مكانها، ولم نشهد خلال هذا العام أية مبادرات جدية لإيجاد حلول حقيقية، وكل اللقاءات والمؤتمرات التي جرت حول سوريا بما فيها إجتماعات اللجنة الدستورية كانت جميعها مع الأسف في حقل إدارة الأزمة وإطالة أمدها. كان عاماً ثقيلاً على السوريين لجهة زيادة نسبة الفقراء، وإنضمام شرائح جديدة لمساحات الجوع، بالمقابل إستمرت حملات التجنيد والإعتقال والتهجير والإنتهاكات في مختلف مناطق سوريا وإن بنسب متباينة، والمؤسف أن الملف السوري فقد خلاله الإهتمام المطلوب من جانب المجتمع الدولي بصورة عامة، والأمريكي بصورة خاصة، حيث بدأ يطفو على السطح التراجع الواضح للدور الأمريكي في سوريا، وخاصة أن السوريين كانوا يعلقون آمالاً كبيرةً على توجهات الإدارة الجديدة في واشنطن، لكن يبدو أن الأولوية لدى تلك الإدارة باتت في مواجهة الصين على حساب باقي الملفات. ما حصل خلال العام 2021 لم يكن أقل وطأة من سابقيه وذلك لجهة إرتفاع منسوب الكراهية إلى مستويات مخيفة تنذر بمستقبل ملؤه العنف والصراع، بين مختلف مكوّنات المنطقة على حساب السلام والتعايش والبناء. والمؤسف أن النصف الثاني من هذا العام بدأ يشهد تصعيداً غير طبيعي لهجمات تنظيم داعش الإرهابي في سوريا والعراق بشكل عام وضد المناطق الكوردية في جزأي كوردستان في سوريا والعراق بصورةٍ خاصة. بإختصار كان 2021 عاماً مكملاً لعقد عجاف على السوريين». 
يتابع الأحمد: «في الحقيقة لم يكن هناك تغيير ملفت في هذا العام ( 2021 )، وبشكل عام كان استمراراً للمأساة، ولكن ربما كان هادئاً نسبياً لجهة الحروب أو الإجتياحات العسكرية الكبيرة، ولكن الموت بقي جزءاً من حياة السوريين اليومي، وكذلك موجات الهجرة والتهجير بقيت مستمرة، وسوية الإنتهاكات لم تنخفض. 
يضيف الأحمد: «الشعب الكوردي في سوريا هو جزء من الشعب السوري، ومعاناته هي جزء من معاناة السوريين عامةً، وبالتالي لا يمكن أن نفصل ما يجري على الصعيد الكوردي عن الكل السوري. معيشياً إزدادت الأوضاع سوءًا مثل بقية مناطق سوريا، وسياسياً ليست هناك حلول جدية واضحة في الأفق، المراهنة كانت على الدور الأمريكي فيما يتعلق بالمفاوضات بين المجلس الوطني الكوردي من جهة، وأحزاب الوحدة الوطنية الكوردية بقيادة pyd من جهة أخرى، لكن مع الأسف خلال 2021 لم نر أية خطوات جديدة أو جدية من جانب الراعي الأمريكي أو من جانب قيادة قسد، والإنتهاكات بقيت مستمرة وإزدادت وتيرتها بشكل ملحوظ من جانب ما تسمى  بـ “منظمة جوانن شورشكر” التابعة لحزب العمال الكوردستاني، حيث حملات خطف القاصرين والقاصرات عادت بشكل مخيف، وكذلك مداهمة المكاتب وحرقها، ومطاردة وخطف النشطاء السياسيين والإعلاميين ، ومازال مصير المفقودين مجهولاً حتى هذه اللحظة، ولم تلتزم الجهات الموقعة على وثيقة الضمانات – أمريكا ومظلوم عبدي – بتواقيعها. 
يزيد الأحمد: «ولأن القادم بشكل عام سوف يكون استمراراً للراهن، بالرغم من أن المعارك العسكرية تقلصت مساحاتها نسبياً، ولكن التوتر والقلق مازالا مسيطرين في الميدان، والأحوال المعيشية إزدادت سوءًا، والحلول الحقيقية للأزمة مازالت غائبة تماماً، وجميع السوريين باتوا يشعرون بأنهم في نفق مظلم وبأنهم خذلوا وهزموا!، وكما ذكرت أعلاه بأنه حتى هذه اللحظة لا تلوح في الأفق أية مبادرات جديدة مختلفة من شأنها الدفع بعملية سياسية جادة وبرعاية أممية وفق بيان “جنيف1”  لعام 2012، والقرارات الدولية ذات الصلة وخاصة قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254 لعام 2015،لا من جانب المتورطين في الملف السوري، ولا من جانب الأمم المتحدة، ولكن الثابت في المعضلة السورية أن الإمور على الأرض تسير لصالح الرؤية الروسية ولو ببطء شديد، والمشروع الروسي يتلخص في إعادة الإمور إلى ما قبل إنطلاق الإحتجاجات الشعبية في منتصف آذار 2011، وإعادة كامل سوريا لسيطرة مؤسسات النظام، ومن ثم القيام ببعض الإصلاحات الدستورية في الجوانب الإدارية، وربما منح بعض الحقوق الثقافية واللغوية لبعض المكونات. بالمقابل ليست هناك استراتيجية أمريكية واضحة بخصوص الملف السوري. بدون أدنى شك أمريكا دولة عظمى قوية ومهمة ومؤثرة على مختلف المواقع والملفات، لكن السياسة الأمريكية في سوريا مازالت يكتنفها الغموض والتردد وحتى التخبط أحياناً، وكل تحركاتها تأتي في إطار استخدام الورقة السورية واستثمارها لخدمة بقية الملفات في إطار المصالح المتبادلة مع اللاعبين وخاصة روسيا، وكذلك في إطار الضغط على إيران لتحسين شروط التفاوض معها لإعادة صياغة إتفاق نووي جديد بشروط أفضل. بإختصار اللوحة مازالت ضبابية، لا النظام في وارد تغيير سياساته، ولا المعارضة السورية التي تفقد وزنها ودورها بإستمرار في وضع تستطيع فيها القيام بأية خطوة من شأنها تغيير الأوضاع أو دفعها نحو حلول حقيقية، ولا اللاعبين المتورطين في المستنقع السوري لديهم مشاريع أو مبادرات جدية بخصوص إنهاء معاناة السوريين، أو إيجاد حلول سياسية واقعية للأزمة. لذلك لا أرى أية تغييرات جوهرية في المشهد السوري في العام القادم. ومع ذلك نحن محكومون بالأمل لننتظر نتائج طلب الكونغرس الأمريكي من إدارة الرئيس بايدن خلال 90 يوماً برؤيةً واضحة حول استراتيجية الإدارة بخصوص الأزمة السورية، مع أنني لست متفائلاً بأن معجزةً ستحصل في هذا الجانب، ولكن نتمنى ان يكون العام الجديد أقل وطأة وقسوةً على أهلنا في سوريا عامةً وكوردستان سوريا بشكل خاص. وهناك جملة أسئلة تطرح نفسها علينا بإلحاح شديد ومنها: ما الذي سنغيّره في أنفسنا وطريقة تفكيرنا ومنهجية عملنا وأساليب نضالاتنا وبنية تعبيراتنا السياسية – التنظيمية كي نتوقع الأفضل؟ وماهي الآليات الجديدة التي سنقوم بإدخالها إلى سيستيم عملنا كي نتوقع الأحسن؟ أين أخطأنا كي نصححه؟ وأين أصبنا كي نرسخه، ونعززه حتى نتمكن من مغادرة حقولنا السلبية صوب الأفق الإيجابية؟ هل نمتلك الجرأة الكافية كي نسمي الإمور بمسمياتها، ونوصف الدواء الناجع للأمراض المستشرية في واقعنا ونؤسس لمرحلة أكثر صحية؟ كيف السبيل إلى قطع الطريق على عمليات التفريخ الحزبي في حقولنا وحواضننا كي نتخلص من الأرقام الوهمية في حالة حركتنا التحررية الكوردية في سوريا ؟ المراجعات التي يجب أن تجريها نخبنا الفكرية والثقافية وحركتنا التحررية الكوردية في سوريا يجب أن تكون شاملة لمختلف نواحي الحياة السياسية والاجتماعية والفكرية والثقافية والحزبية».
المنطقة في العام 2022 أمام تغييرات جيو سياسية
تحدث الكاتب السياسي و المتحدث باسم تيار المستقبل الكردي، علي تمي، بالقول: «مع بداية عبورنا إلى العام الجديد لازال شعبنا في كل مكان يعيش أزمة إقتصادية خانقة، ففقدان الكثير من الفرص العمل وهجرة الطلاب والقصر نتيجة خطفهم وتجنيدهم في معسكرات حزب الإتحاد الديمقراطي، دفع كل ذلك بالآلاف من الشباب وشاباتنا إلى الهجرة نحو المجهول، بينما سياسياً فهذا الشعب الذي ظلمه التاريخ قبل الجغرافيا يواجه اليوم مصيره مع تصارع القوى العظمى والإقليمية على مستقبله وطموحاته، فهذا الشعب تعرض منذ خمسون عاماً لأبشع الممارسات والإنتهاكات، فحزب “البعث” الذي دمّر سوريا وشرد الملايين منها طمعاً بالثروة والحكم، مارس أبشع الإنتهاكات بحق شعبنا وتجريده من حقوقه الوطنية المشروعة ومن الهوية السورية، واتخذ بحقه إجراءات صارمة  لدفعه نحو الهجرة وترك أرضه للغمر الذي تم نقلهم من ضفاف الفرات واستوطنهم في المناطق الكوردية والتي تحولت اليوم إلى مسرحاً  للقوى الدولية والإقليمية الذين باتوا يتصارعون على تاريخه وجغرافيته  لتحديد مصيره وفق المنطق الذي يؤمنون به». 
يتابع تمي: «الشعب الكوردي في سوريا ومع دخول العام الجديد لازال يعاني من أبشع الإنتهاكات بحق القصر ونقص الخدمات وفقدان الأمن والاستقرار، فتمارس بحقه  سياسة الإرهاب لدفعهم للهجرة وترك أرضهم وممتلكاتهم للغرباء، فهذا الشعب لازال ينتظر فسحة أمل واتفاق مرتقب بين المجلس الوطني الكردي وب ي ن ك ، عسى ولعل أن تخفف عنه  العبء والضغوطات ولو بشكل مؤقت ريثما يتم إيجاد حل شامل لعموم سوريا، حتى يتمكن من العيش بالسلام والهدوء داخل منطقة التي تحولت اليوم إلى حقل ألغام وتوترات ملتهبة من جميع الجوانب». 
يضيف تمي: «لا شك أن المجتمع الكوردي بشكل خاص والسوري بشكل عام لازال يعيش حالة الخوف والقلق ويتعرض لأبشع الإنتهاكات التي تمارس بحقه، فكابوس الهجرة لازال يسيطر على المشهد في ظل الأزمة الخانقة التي تعصف بالبلد، وخوف القصر من تجنيدهم لحرب عبثية لا نهاية لها وضحايا دائماً هم البسطاء والأبرياء من أبناء شعبنا، التغيرات التي حدثت في 2021 على المشهد السوري هو لجوء الآلاف إلى الدول الاسكندنافية رغبة منهم بالعبور إلى أوربا، والعملية السياسية في جنيف لا تزال  تتراوح في مكانها ولا حل في أفق، والنظام لازال يصرّ على الحل العسكري والتهرب من تنفيذ إتفاق جنيف (2254 )، بالتالي المشهد لازال قاتماً، موسكو وواشنطن لا تزالان تصفّيان حساباتهما داخل سوريا على حساب معاناة أهلنا وشعبنا وحقوقهم العادلة.  
يشير تمي: «إلى أن المناطق الكوردية في سوريا  سواء في عفرين التي تتعرض لأبشع إنتهاكات والإعتقالات بهدف ترهيب الناس  ودفعه لترك أرضه وشجرته على يد بعض المجموعات العسكرية  التي تدّعي عبثاً  بالإنتماء إلى القوى الوطنية السورية، بينما في كوباني لا تزال طبول الحرب تقرح على ضفاف هذه المدينة التي تعرّضت لأبشع مجازر خلال الأعوام الماضية والإنتهاكات في العصر الجديد، كوباني اليوم تعيش بلا كهرباء، والخدمات محدودة والضغوطات الأمنية فاقت ذروتها وسط تصارع القوى الدولية على مصير هذه المدينة، أما القامشلي فهي كغيرها من المدن الكوردية مثل الدرباسية وعامودا عاشوا 2021، عام القلق والخوف والإعتقالات فضلاً عن الخدمات السيئة والتهميش المبرمج التي تستهدف المنطقة برمتها، وعلينا أن لا ننسى كابوس التغيير الديمغرافي في القامشلي بعد أن قامت الآلاف من أبناء شعبنا ببيع ممتلكاتهم لدفع أجور الهجرة نحو اوربا». 
يردف تمي سياسياً: «لا تزال المفاوضات بين المجلس الوطني الكردي وقسد تتراوح في مكانها بسبب تعنت الأخيرة وعدم القيام بواجباتها وتعهداتها حيال التفاهم الحاصل  مع  المجلس الوطني الكردي وعدم قدرتها على التخلص من الطوق الذي فرضه حزب العمال الكردستاني ومنعه من إجراء أي اتفاق كوردي – كوردي فقامت هذه المنظومة بتوكيل  (جوانن شورشكر) الإرهابية بتوتير الوضع وخطف القصر بهدف خلط الأوراق وتدوير الزوايا وفق مصالحه في سوريا وضرب ما تم التفاهم عليه بين المجلس وقسد بعرض الحائط فضلاً عن قيام هذه المنظومة بالضغط على عوائل قوات البشمركة وهذا يعتبر انتهاك صارخ بحق أبناء المنطقة، بينما جبهة السلام والحرية التي تشكلت وانطلقت من القامشلي قبل عام من الآن، رغم اللقاءات السياسية التي قامت بها في واشنطن وموسكو إلا أنها لا تزال بحاجة إلى تنظيم قوي وإعلام محترف حتى يتمكن من تثبيت نفسه كلاعب في المعادلة السورية، بينما المجلس الوطني الكوردي هو الآخر الذي تحول إلى لاعب قوي في المشهد السياسي السوري، ويقوم بدور محوري على عدّة جبهات، والنشاطات واللقاءات التي اجراه  في اوربا وموسكو وواشنطن وجنيف تحسب له وبات  رقماً صعباً في المعادلة السورية فهو الآخر  ينتظر عقد  مؤتمره المتأخر اصلاً، وذلك لإعادة ترتيب الأوراق من جديد لمواكبة الأحداث والتطورات السياسية المصيرية التي تنتظر المنطقة». 
يردف تمي: «إلى أن كل الوقائع والمعطيات تشير أن واشنطن مترددة في التعامل السياسي مع القوى السياسية الكوردية واصبح الملف السوري عامة خارج اهتمامتها، فيبدو أنها تتدحرج  لتتوافق  مع موسكو لتسلمها بقية المناطق في  شرق الفرات خطوة خطوة وعلى المراحل، فواشنطن تنظر إلى نفسها اليوم بأنها أمام حيتان كبرى تصارع لتغيير الموازيين في العالم، لهذا السبب ترى أن سوريا ليست من أولوياتها، فتوجهها  نحو الصين وروسيا التي باتت تقرعان  طبول الحرب على حدود أوكرانيا بات من أولويتها وعلى صدر صفحاتها». 
يختم تمي: «المرجح في هذا العام هو تخلي واشنطن عن قسد ودفعها إلى الحضن الروسي إن لم تتفق مع المجلس الوطني الكردي، وأنقرة هي الأخرى ستحاول في العام الجديد إلى توسيع مناطق نفوذها، ودائرة السيطرة بالتالي الاحتمال الأكبر هو تغيير الخارطة الجيوسياسية على الأرض، بينما النظام هو الآخر الذي لن يتجرأ على مهاجمة إدلب لأنه سيدفع الملايين بالهجرة نحو أوروبا، بالتالي ستشكل ذلك كابوساً للغرب، بينما طهران فهي من المرجح في العام الجديد تقوم بإدخال لبنان إلى فوضى خلافة من خلال أدواتها هناك، وتل أبيب التي تعيش حالة القلق والترقب من تطور الإيران النووي، وربما تكون هناك مفاجآت حول هذا الملف، بينما واشنطن وفي ظل  ترددها في التعامل مع الملف السوري ومن المرجح أن تتنازل عن بعض المناطق لأنقرة في شرق الفرات مقابل الإنخراط في اللعبة الدولية في  أوكرانيا والتخلص من صواريخ الروسية الصنع التي اشترتها قبل عامين من موسكو، وبناءاً على كل ما ذكرته، ستشهد المنطقة في العام الجديد ( 2022 ) تغييرات جيو سياسية ربما تلتهب عدّة جبهات، منها إقليم كوردستان، ولبنان وأوكرانيا، وعودة داعش بنسخة جديدة هو المرجح لأن هذا التنظيم تحوّل إلى “بقرة حلوبة” تستفيد منه كل القوى والأطراف المتصارعة داخل سوريا والعراق». 
سيحمل عام 2022 بداية مرحلة جديدة لصورة العالم في السنوات القادمة
تحدث السياسي، خالد كمال درويش، بالقول: «مرَّ عام 2021 ثقيلا على العالم أجمع وخاصة في مجال الإقتصاد الذي طغى على كل الأوليات  فتفشي وباء الكورونا ووصوله إلى الذروة والركود الكبير في أقوى الإقتصاديات دفع سياسة المواجهات العسكرية الباهظة التكلفة إلى أدنى مستوى لها منذ سنوات، واصبح الحديث عن المفاوضات في حل الأزمات هي اللغة الدارجة، وهذه اللغة في جوهرها لا تصبح متداولة كثيرا إلا عندما لا توجد حلول للمشكلات، بل هي لكسب الوقت وتمرير الوضع الحالي، فالتاريخ أثبت بأنه لم يكن هناك أية حلول نهائية لأي مشكلة عالمية أو إقليمية إلا بعد إنتهاء المواجهة العسكرية أو بالتهديد الجاد بحتمية استخدامها في حال لم تتوصل المفاوضات إلى خواتم تلبي مصالح الدول الكبرى، ولكن الذي جرى في هذا العام كان مجرد مفاوضات بطيئة وغير جادة لحل المشكلات، فصورة الأزمة السورية لم تتغير واقعيا وكذلك الملف الأهم وهي المفاوضات بخصوص النووي الإيراني، والذي بقي يرواح في مكانه، وانسحب هذا الوضع على كل أماكن النزاعات في العالم». 
يتابع درويش: «بطبيعة الحال لم يكن الوضع الكوردستاني بعيدا عن هذه المشهدية فلا تغيير في أحوال الكورد في أجزاء كوردستان المقسمة بإستثناء كوردستان – العراق، والذي تابع وبالرغم من الوضع الصعب والتهديد المستمر من قبل الإرهاب – تحت الطلب – والتدخلات الإقليمية التي لم ترد أبدا الخير لهذه التجربة, رغم كل ذلك تابعت الحكومة والقيادة الكوردستانية صاحبة تجربة تراكمية كبيرة هدفها بناء أساس صحيح لكيان كوردستاني، والعمل الدؤب لتثبيت دور الكيان الفيدرالي الكوردستاني كتجربة حديثة وناجحة في مجالات الحياة كافة وبخطوات كبيرة ومستمرة».
يضيف درويش: «سيحمل عام 2022 بداية مرحلة جديدة لصورة العالم في السنوات القادمة، فالمفاوضات بخصوص أيران وبرنامجها النووي الذي وصل إلى مراحل متقدمة، والعقوبات المفروضة زادت من معاناة الشعب الأيراني ولم توقف خطوات أيران المتسارعة لإمتلاك سلاح نووي، فخلال الفترة القليلة القادمة ستتوضح إرادة وجدية الولايات المتحدة في منعها من دخول أيران إلى مجموعة الدول التي تملك السلاح النووي، ومن جهة أخرى سيدخل النزاع الأمريكي الصيني الإقتصادي والذي يشكل الأولية عند  إدارة بايدن مراحل أكثر حدة، وبالتالي ستترجم بشكل واضح في نزاعات شرق آسيا خاصة وبقية العالم عامة».
سورية المعاناة والألم
تحدث عضو هيئة السكرتاريا للإتحاد الطلبة والشباب الديمقراطي الكوردستاني- روج آفا، جوان علي، بالقول: «لعل خير ما أبدأ به كلامي هي تلك الكلمات التي آنفتُ ذكرها سوريا المعاناة والألم، نعم هكذا يمكن إختصار كل ما يجري في بلادنا. سورية الدولة من الناحية القانونية منهارة ومن يحكم الآن هي ثلة من بقايا المافيات الدولية. ويمكننا إختزالها بأنها ثلة من عملاء كل من المحتلين المتمثلين بـ أيران وروسيا إلى جانب العشرات من الميلشيات الطائفية والمرتزقة، ناهيك عن ذلك التعليق السياسي والدبلوماسي لكيان الدولة السورية في الجامعة العربية، إلى جانب تلك الدول التي تدَّعي إيمانها وإحترامها للقانون الدولي وحقوق الإنسان وفي مقدمتها الدول الأوروبية والولايات المتحدة الأمريكية، ناهيك عن معظم دول الجوار التي أدارت بوصلتها في التعاملات سواء الإقتصادية منها أو السياسية بدافع ما وإلى ما شابه، لذلك نرى ونشهد ما يحدث في الساحة الإقتصادية من غلاء في الأسعار وفقدان الحاجات اليومية 
يتابع علي: «أما من الناحية الأخلاقية، فمن المعيب جداً أن يتحدث المرء بما جرى ويجري أمام أنظار هذا العالم الأعمى إلى يومنا هذا، فأي زعيم أو رئيس يقبل على نفسه بعد كل هذه المجازر والمآسي والحروب الطاحنة التي ذهبت ضحيتها آلاف الأبرياء وتشرد نصف عدد سكان سورية بين الدول، وعانا وكابد ما عاناه من ويلات تندّى لها جبين البشرية جمعاء.
أي زعيم أو رئيس يملك ذرةً من الكرامة والكبرياء يقبل أن يبقى في سدة الحكم بعد كل ما حصل من دمارٍ وحروب بتلك البلاد التي يحكمها إلا إذا كان دكتاتوراً فاشياً متعطشاً للدماء،
يضيف علي: «أما من الناحية أو صعيد التغيرات التي لمسها المواطن من هذا العام الجاري 2021 فهي كثيرة والأيام كانت حبلى بالمفاجأت، ومنها الإرتفاع الصاروخي والعامودي في الأسعار المرتبطة بدورها بسعر صرف الدولار. 
وما زاد الطين بلة بأن الأطراف المؤثرة في الوضع السوري كالراعيين الأساسيين قد وضعا الملف السوري جانباً دون إلمامه أو إيعاره آذاناً صاغية أو إيجاد حلول جذرية تخفف من تلك الأعباء الملقاة على عاتق الحياة اليومية، بغض النظر عن الجرائم التي ألحقت بذوي المجني عليهم، أذ بات الشغل الشاغل للناس هي في كيفية إمضاء ما تيسر لهم من عمرٍ في رصيد الحياة دون سواها من المشاكل والتراكمات، أما الآمال التي كانت ملقاة على عاتق القرار الأممي ذو الرقم 2254، وما يحمله من قراراتٍ في ثناياه أصبح هو الآخر في أدراج مهب الريح التي تذر الرماد في العيون. ناهيك عن السياسات الهوجاء لسلطة الأمر الواقع المتمثلة بحزب الإتحاد الديمقراطي  pyd وعنجهيته وممارساته التسلطية تجاه الناس من خطفٍ للقُصَّر واعتقال الإعلاميين والناشطين السياسين وحرق المكاتب عن طريق أدواتهم المدعاة بجوانن شورشكر زاد من نفور الناس وسخطهم على سوء الأوضاع».
يردف علي: «ولايخفى على الناس جميعاً أن منطقة الجزيرة هي منطقة زراعية حيث يعتمد أغلب الناس فيها على الزراعة، الأمر الذي استغلته سلطة الأمر الواقع من استغلالٍ  للمستلزمات الزراعية من بذار وسماد والمحروقات التي تساعد في جر المياه الباطنية وري الأراضي بها. بالأضافة إلى احتكارها للمواد بدأت سلطة الأمر الواقع ببيع المواد للمزارعين بأثمانٍ مرتفعة وشراء محاصيلهم بأبخس الأثمان وهو ما أثقل كاهل المزارعين بشكل كبير».
يتطرق علي: «إلى أن الحديث في هذا السياق يطول وهو أمرٌ يحتاج إلى مجلدات تفضي وتقرّ بحقيقة الواقع المر. العام الحالي 2021، يشرف على نهايته والعام الجديد تُطرق أبوابه وتقرع أجراسه وكلٌ يتأمل من ربه خيراً ويتوسم بما تفيضه الأيام وخفاياه أملاً. 
وأخيرا:
المشهد السوري في انتظار ما ستنتجه التوافقات والمقايضات بين روسيا وأمريكا، والحل السوري متوقف على نتائج هذه التوافقات، والعام القادم سيكون كـ سابقه إن لم يتحقق هذه التوافقات.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف منذ سقوط النظام المجرم في 8 كانون الأول 2024 وتحول السلطة إلى السيد أحمد الشرع، بات السوريون، سواء أكان ذلك في العاصمة دمشق أو المدن الكبرى والصغرى، يتطلعون إلى مرحلة جديدة يتخلصون فيها من الظلم والاستبداد. حيث سنوات طويلة من مكابدات المعذبين في سجون الطاغية الأسد وأبيه كانت كفيلة بتدمير أرواح مئات الآلاف. بعض السجناء أمضوا…

شكري بكر هذا الموضوع مطروح للمناقشة قد يؤدي بنا للوصول إلى إقامة نظام يختلف عما سبقونا من سلاطين وحكام وممالك وما نحن عليه الآن حيث التشتت والإنقسام وتبعثر الجهود الفكرية والسياسية والإقتصادية والعمل نحو إقامة مجتمع خال من كل أشكال الصراع وإلغاء العسكرة أرضا وفضاءا التي تهدر 80% من الإقتصاد العالمي ، إن تغلبنا على هذا التسلح يمكن…

إياد أبو شقرا عودة إلى الموضوع السوري، لا بد من القول، إن قلة منا كانت تتوقّع قبل شهر ما نحن فيه اليوم. إذ إن طيّ صفحة 54 سنة خلال أقل من أسبوعين إنجازٌ ضخم بكل ما في الكلمة من معنى. سهولة إسقاط نظام الأسد، وسرعة تداعيه، أدهشتا حتماً حتى أكثر المتفائلين بالتغيير المرجوّ. إلا أنني أزعم، بعدما تولّت قيادة العمليات…

طارق الحميد منذ فرار بشار الأسد، في 8 ديسمبر (كانون الأول)، إلى روسيا، وهناك سيل من النقد والمطالبات للحكام الجدد، وتحديداً أحمد الشرع. والقصة ليست بجدوى ذلك من عدمه، بل إن جل تلك الانتقادات لا تستند إلى حقائق. وسأناقش بعضاً منها هنا، وهي «غيض من فيض». مثلاً، كان يقال إن لا حل عسكرياً بسوريا، بينما سقط الأسد في 12 يوماً…