المواقع الكردية حرية التعبير أم نشر الأمية الثقافية

دلشـــــــــاد عفدال

نشر موقع welate me  الالكتروني بُعيد الخامس من تشرين الأول كتابة بعنوان: النشاط الخجول في ذكرى المجردين من الجنسية بقلم شهاب عبدكي قبل أن أناقش الأفكار الرئيسية التي وردت فيها أقول إن الكتابة يجب أن تمر تحت منظار الناشرــ الذي هو صاحب الموقع هنا ـــ لتنشر بعد قبولها من حيث سلامة اللغة والمعاني, أما اللغة فيجب أن تكون صحيحة نحويا و إملائيا و أن تكون الكلمات و الجمل مترابطة بضمائر وأدوات تحافظ على جنسها ـــ من حيث التذكير و التأنيث ـــ وأن تكون المعاني محددة ومعبرة وصاحب الكتابة بذلك سيكون واحدا ممن أمضى وقتا في القراءة والكتابة يكفي لتمييزه عن الإنسان العامي المتمتع بثقافة سماعية فقط أو مشفوعة بقراءات متقطعة قصيرة من قبيل لحظة انتظار دوره في صالون الحلاقة أوفي عيادة طبيب، هنا لا أريد أن أصادر حق هؤلاء في التعبير و النشر و لكن يجب أن يتم ذلك في سياق طرح الرأي لا إطلاق الأحكام.
إن السيد شهاب استسلم في كتابته لأسلوب الاستطراد الإنشائي المسيطر على ألسنة و أقلام جميع المتعلمين الذين يغبطون الكتّاب (يتمنون أن يكونوا كتابا) دون أن يجيدوا الكتابة وهم في معظم الحالات غير أكاديميين ولا باع لهم في الشأن الثقافي، أي لا يمتلكون ناصية الكلمة كي تلوي عنقها أمامهم، فما منهم إلا أن يستخدموها قسرا لتأتي نافرة، طارئة، عصية على التجانس والارتباط.
السيد شهاب ـ مدفوعا من وسطه الثقافي الارتجالي والسياسي العفوي ــ يرغب أن يتظاهر كشخص استثنائي، فيطرح نفسه كاتباً يتصدى للشأن العام القومي و الوطني قبل أن يتأكد من امتلاكه أدوات الكتابة (الحقيقية) وتوفير مستلزماتها، صابرا على الحامض ليأكل الحلو، فيمتطي صهوة الانترنيت الكردي، هذا السهل الممكن الذي أصبح ــ بكل أسف ــ كالبحر الطويل حمار المبتدئين والمتأدبين و المتسللين والمستعجلين.
إذا بدأنا بالعنوان (ذكرى المجردين من الجنسية) نراه غير دقيق فللمجردين من الجنسية ذكريات غير محددة و لكن الخامس من تشرين الأول ذكرى محددة هي ذكرى التجريد من الجنسية.
يقول السيد شهاب في السطر الثامن (وما تفرزه هذه العوامل…) دون أن يشير إليها أعلاه ثم يقول (ولسبب بسيط كونه كردي يتكلم بلغة مغايرة عما هو موجود في الدستور) بدلا من عما (هي موجودة) في الدستور، ويقول في موضع آخر (تبحث الدول عن منابع جديدة لثقافات قد اندثرت حتى تنوع من مكونات بلدانها).
ليعلم صاحبنا أن مكونات بلادنا ليست منابع جديدة للثقافة إنما هي قديمة قدم البلاد ولا تستطيع أية دولة أن تنوع من مكوناتها الوطنية ما لم تكن موجودة أصلا، إلا إذا استقدمتها من الخارج كما هي حال دول الخليج ، وجدير ذكره هنا أنه لم يلحق كلمة المكونات بـ (الوطنية) أو(الاثنية) مما يشير إلى أن صاحبنا لا يعرف المعنى الدقيق لـ (المكونات) ولذلك استخدمها في غير محلها.
السيد شهاب يورد جملا كثيرة غير مترابطة تأتي حشوا بعيدة عن الاستطراد كمن يدفع بملعقته في صحن البرغل الأصفر فتتعفر بخرقة سوداء من قبيل… (فهذا يؤدي دورا ايجابيا في تطور البلد ويترتب على ذلك أن النضال الكردي لايزال في بداياته .

السطر 12) و(عدم الاستهتار والاستغلال غير مبرر.السطر16)
وهكذا فالبحث عن الجمل الركيكة وغير المترابطة في كتابة السيد شهاب كالبحث عن الفرسان في سهل ماردين (مثل كردي).
في سياق اتهامه الحركة الكردية بالانعزالية يقول (يبدو أن إرث الماضي كان سببا رئيسيا في ذلك وهو المقاطعة بين المعارضة الكردية والمعارضة العربية في سورية…) هنا يثبت جهله لمعنى المعارضة سوريا لأنه يجهل بأن (المعارضة الكردية) التي يعوّل عليها في كتابته متمثلة بالتحالف و الجبهة كانت حتى عام  1998موالاة وكانت تعبر عن تلك على رؤوس الأشهاد في كل الاستفتاءات الرئاسية وتتجاهل إن لم نقل تستنكر القوى العربية ذات الإرث المعارض (الحقيقي) مثل حزب العمل الشيوعي والمكتب السياسي وغيره وتتبرأ من أعضائها المتعاملين مع هذه المعارضة.


عندما يدافع عن النضال في سبيل قضية المجردين من الجنسية في عام 1992(بيان الملصق) يعاتب الحركة الكردية لتقاعسها ــ حسب قوله ــ عن النضال في سبيلها في عام 2007.
 يبدو أن كاتبنا يعتمد على السليقة أثناء الكتابة وسليقته لا تميز القرار عن البيان، فالحركة الكردية ليس لها سلطة اصدار القرارات للجماهير، إنما لها أن تصدر البيانات و النداءات أما القرارات فلأعضائها، و في موضع آخر يشير إلى بياني الجبهة والتنسيق (ورافق كليهما نشاطات في دمشق و القامشلي) تبين فيما بعد أنه لم يتم أي نشاط بهذه المناسبة في دمشق، ربما كان الرجل يتمنى ذلك إلى جانب معظم قواعد التحالف و الجبهة أو كانت قيادة الإطارين تنوي ذلك حتى آخر لحظة ــ إنما الأعمال بالنيات ــ
يستطرد كاتبنا قائلا (العمل الحقيقي كان هو أن تقوم ــالحركة بفعل سياسي جماهيري كبير على مستوى الوطن ككل في دمشق وحلب وحمص … وغيرها) يجدرالذكر هنا بأن (غيرها) هذه لاتشمل القامشلي في نظر كاتبنا حيث لم يؤشر مقياسه إليها، والمقياس هذا اعتمده أساطين السياسة الكردية وحكماؤها الواقعيون، مقياس يحدد المكان والزمان المناسبين للاعتصامات والاحتجاجات وكل الأعمال الميدانية ماعدا المظاهرات ذلك بعد أن يدشنها آخرون ببضع سنين .

  
يقول عن المهرجان الاحتجاجي في القامشلي (أما في القامشلي فكانت المهزلة بعينها…..

لم تكن هناك دراسة شاملة لهذا النشاط الميداني… فلماذا صدور هذا القرار؟) إن هذه الدعوة للدراسة الشاملة التي تتذرع بها دعاة البقاء في البيوت في القامشلي أيام المناسبات السياسية ريثما تصل الدراسة المزمعة ستبقى ماثلة أمام أنظارنا بقاء الظروف والضغوطات التي تتشدق بها أبواق النظام لديمومة احتكاره السلطة و الثروة والحجر على حريات الجماهير وحقوقها، ويعلم الكرد وغيرهم من السوريين أن تينك الظروف والدراسة هما من فصيلة واحدة وظيفتها ذر الرماد في العيون لترحيل القضايا ــ لا حلهاــ كسباً للوقت ؟.
في جملة أخرى تعذر على كاتبنا استنطاق مشاعره ليقول (فكان بيان الجبهة والتحالف خاليا من ردود الأفعال أما بيان لجنة التنسيق ورد فيها ــ بدلا من فيه ــ كلمات لا تعبر عن شيء سوى تعريف الآخر مثل ميداني…)
يا للعجب، الذين لم يقوموا (بدراسة شاملة) أخطؤوا فأحضروا ألف أو ألفين أوخمسة آلاف شخص في الاعتصام الخطابي في القامشلي، حسب تعبير الكاتب الذي يقول (طبعا نعيش في دولة أمنية فكتاب التقارير له ــ بدلا من لهم ــ نصيب خاص وقد يكون كبيرا… أين المجردون من الجنسية الذي ــ بدلا من الذين ــ يزيد تعداده ــ بدلا من تعدادهم ــ عن 250 ألف شخص… تلك القرارات الحزبية التي تسللت ــ بدلا من نزلت ــ من القيادة الكردية إلى القواعد والجماهير غير جديرة بالاحترام..) إذن كاتبنا هنا يقر بأن الاعتصام كان ممنوعا وكان للخوف والمراقبة واحتمال الفصل من الوظائف والملاحقة الأمنية والاعتقال والتعذيب حضورا مكثفا، وهذا هو رده ــمن حيث لايدري ــ على التهم التي يكيلها معبرا عن عصبيته الحزبية القبلية العمياء وحالة الاستلاب أو الانفصام التي تغذيها الحبل السري ــ الزعامي ــ الصوفي التي ترمي لجعل قواعدنا الحزبية نسخا متماثلة من المريدين كقطع النقود بين يدي شيوخ الكثير من أحزابنا لا خصوصية لهم يفكرون بعقل واحد ويتنفسون برئة واحدة والهدف الفعلي الرئيسي ــ غير المعلن ــ لعملهم هو ديمومة مناصب الشيوخ أما النشاط الرئيسي ــ غير المعلن ــ لهم فهو تأمين مبررات و أسباب هذه الديمومة .
أما الذين قاموا ( بدراسة شاملة) أصابوا فأصدروا بيانا انترنيتيا تاريخيا تلوكه ألسنة الجماهير و أصبح دستورا لحاضر الكرد ومنارة لمستقبلهم.
عن المقارنة بين البيانين المذكورين أعلاه فان بيان التحالف والجبهة جاء خاليا من الدعوة إلى فعل ميداني بخلاف العام الماضي واكتفى البيان بإبداء الموقف الاستنكاري للإحصاء الاستثنائي واستحضار تاريخه فهل يريد كاتبنا المحترم أن يمنن علينا خلو البيان المفضل إليه من ردود الأفعال، وهل يجوز الجمع مابين الأفعال وردود الأفعال في بيان واحد، الصيف والشتاء لا يقيمان معا على سطح واحد .
السيد شهاب يضع رافضي العمل السياسي الميداني والقائمين به في كفة واحدة، بل يقزم النشاط الاحتجاجي الذي قوبل باستحسان المئات من الشباب والشابات التي هتفت حناجرها للهوية و الحقوق ونددت بالقمع والاستبداد والغلاء وسط زغردة الكرديات وتلاوة البيانات في وضح النهار أمام أنظار كتاب التقارير وأسيادهم.

أريد أن أقول أخيراً لو تحرر كاتبنا من الاستلاب وامتلك المحاكمة المنطقية والتسلسل المنطقي في التفكير وفكر بعقل كردي حر لاستدل على أجوبته دون شديد عناء وأوعز سبب ضعف الحضور المذكور إلى ترهيب السلطة التي بنت قلاعاً من الخوف في نفوس الكرد وغيرهم من السوريين وما زالت مجزرة قامشلو وانتفاضة 12 آذار واغتيال الشهيد شيخ معشوق خزنوي شاخصاً أمام أعين الكرد وشركائهم في الوطن وأقول إن التحزب البدائي الأعمى إذا ما اقترن بالثقافة الارتجالية المحاطة بهالة من القداسة تجعل من الجماعة كمن عمي على قلوبهم فهم صم بكم عمي لا يفقهون.

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

شادي حاجي القضية الكردية في سوريا ليست قضية إدارية تتعلق بتدني مستوى الخدمات وبالفساد الإداري وإعادة توزيع الوظائف الادارية بين المركز وإدارات المناطق المحلية فإذا كان الأمر كذلك لقلنا مع من قال أن المشكلة إدارية والحل يجب أن يكون إدارياً وبالتالي حلها اللامركزية الادارية فالقضية الكردية أعقد من ذلك بكثير فهي قضية شعب يزيد تعداده على ثلاثة ملايين ونصف تقريباً…

اننا في الفيدرالية السورية لحقوق الانسان والمنظمات والهيئات المدافعة عن حقوق الإنسان في سورية ومع مناصري ثقافة التسامح واحترام حقوق الانسان ومع أنصار السلم والحرية، نقف مع السوريين ضد الانتهاكات الجسيمة والاعتداءات الصريحة والمستترة على حقوق الانسان الفردية والجماعية، وسياسات التمييز ضد المرأة والطفل، وضد الأقليات، وضد الحرب وضد العنف والتعصب وثقافة الغاء الاخر وتهميشه، وتدمير المختلف، والقيام بكل ما…

نحن، المنظمات الحقوقية الكردية في سوريا، نهنئ الشعب السوري، بجميع مكوناته وأطيافه، على إسقاط نظام الاستبداد، إذ تمثل هذه الخطوة التاريخية ثمرة نضال طويل وتكاتف الشعب السوري ضد آلة القمع، وهي بلا شك نقطة انطلاق نحو بناء سوريا المنشودة. إن سوريا الجديدة، بعد إسقاط النظام البائد، تدخل مرحلة حاسمة، وهي مرحلة البناء والسلام والصفح. لذا، ينبغي أن تسود فيها العدالة…

خليل مصطفى بتاريخ 22/2/1958 (شهر شباط) تم التوقيع على اتفاقية الوحدة (بين مصر وسوريا)، حينها تنازل رئيس الجمهورية السُّورية شكري القوتلي عن الرئاسة (حكم سوريا) للرئيس المصري جمال عبد الناصر (طوعاً)، وقال لـ (جمال عبدالناصر): (مبروك عليك السُّوريون، يعتقد كل واحد منهُم نفسهُ سياسياً، وواحد من اثنين يعتبر نفسهُ قائداً وطنياً، وواحد من أربعة يعتقد بأنهُ نبي، وواحد من عشرة…