عبداللطيف الحسيني
لأنّي عانيتُ كالمِئات من هذه الحمّى: حمى الضياع بينَ الحدود يجلدُنا الجوعُ في النهار، والبردُ والجوعُ في الليل، خصوصاً حينَ تنخفضُ درجاتُ الحرارة إلى أدنى مستوياتها “تجمّد الماء فوقَ الكفّ”. جرّبتُ كيفَ يصفعُ الثلجُ وجوهَنا في المثلّث القبيح شكلاً و مضموناً “حدود تركيا وبلغاريا و اليونان”، ومازال ذاك الثلجُ يعصف بروحي.
ماذا أستفيدُ من مقال بعدّة أسطر حولَ معاناة اللاجئين العالقين بينَ حدود بيلاروسيا وبولندا؟ الجوابُ لا شيء… بل أستفيدُ كلَّ شيء…. أعزّ ما أملك “راحة الضمير”. يستحيلُ أن أديرَ ظهري لآلام الناس، غرباءَ كانوا أو أقرباء. جّدّي ماركس لقّنني هذه التعاليم التي تحملُ عذابات الناس.
تواصلتُ مع عدّه جهات هنا في ألمانيا لنصرخ في وجه دول الاتحاد الأوربي ومنظمات حقوق الإنسان من خلال الاعتصامات والاحتجاجات لوضع حدّ مريح لهؤلاء اللاجئين، وبينهم نساء و شيوخ وأطفال.
وَإنما أوْلاَدُنَا بَيْنَنا * * * أكْبَادُنَا تَمْشِي عَلى الأرْضِ.
لَوْ هَبَّتِ الرِّيحُ عَلى بَعْضِهِمْ * * * لامْتَنَعَتْ عَيْني مِنَ الْغَمضِ.