هزيمة وفضيحة الولي الفقيه في إيران!

عبدالرحمن کورکی (مهابادي)

   عقد يوم الإثنين 24 اكتوبر المؤتمر السنوي المسمى بـ “مؤتمر الوحدة” بحضور علي خامنئي وعدد من مرتزقته في الخارج، وفي هذا المؤتمر الذي كان على عكس مؤتمر العام السابق الذي حضره 167 شخصا وقد شارك في مؤتمر العام الذي سبقه 350 من مرتزقة النظام، وحضر المؤتمر هذه السنة 52 شخصا فقط مما أظهر هزيمة النظام وهشاشته وعلامات مسيره نحو السقوط، وتُظهر إحصائيات المشاركين بشكل جيد مدى حجم نفوذ وتأثير نظام ولاية الفقيه خارج الحدود، كما أن تكوين المشاركين دليل آخر أيضا على هذه الهزيمة الاستراتيجية.
أسباب الهزيمة!
    بفضل تقدم المقاومة الإيرانية والانتفاضات الشعبية التي كانت السبب الرئيسي لهزيمة النظام على الصعيدين الداخلي والخارجي والتي أدت في نفس الوقت إلى تباعد في الموقف الدولي والرأي العام العالمي بشكل أو بآخر أيضا عن نظام القرون الوسطى، ولقد تم فضح أفعال هذا النظام في مجال الإرهاب وإنشاء مراكز للتجسس والإرهاب في الدول ولم يعد هناك من مشتريٍ لدعايته المخادعة.
 فهو نظامٌ مسؤول عن عدد القتلى والارهاب والدمار والتفجيرات من العراق إلى سوريا ولبنان، إلى أفغانستان واليمن وفلسطين ودول الشرق الأوسط الأخرى إلى بلدان الأراضي البعيدة.
مراكز إرهابية ومرتزقة للنظام في الدول!
بالإضافة إلى سفارات وقنصليات هذا النظام في الدول والمدن الكبرى في العالم والتي تكلفها مبالغ ضخمة كل عام تجدر الإشارة إلى أنه تم إنشاء عدد كبير مما يسمى بـ مراكز الثقافة والتوجيه والإرشاد الديني والدينية لهذا النظام في بلدان مختلفة ليتم استخدامها في الأعمال الإرهابية إذا لزم الأمر، فوجود أعضاء جماعة شارك في المؤتمر السنوي لما يسمى بـ “الوحدة” في الواقع ينتمون إلى هذه المراكز. 
وقد هتف الناس بجميع أنحاء إيران في انتفاضتهم الأخيرة بحماس مخاطبين علي خامنئي في صوت واحد موحد (خامنئي تحلى بالحياء واترك غزة وسوريا ولبنان) و … 
جريمة ووقاحة ولي الفقيه!
لقد كان أكثر أمر ملفت للنظر في إنعقاد هذا المؤتمر هو حضور علي خامنئي مرتديا الكَمْامْة «القناع» وهو الذي كان قد قال في حديث له  عن كورونا في 3 مارس 2020: “هذا ليس بالبلاء الكبير يوجد ما هو أكبر منه أيضا، وما هو إلا حدث عابر وليس بالأمر العضال فلا نضخم الأمور ونبالغ فيها، ويمكن صرفه ورفعه بالدعاء والتوكل”، وبتاريخ 8 يناير 2021 أيضا وفي خطاب بث مباشر له قال :”يُمنع دخول للقاحات كورونا الأمريكية والإنكليزية” 
وبعد تأخير مدته 526 يوما جاء خامنئي إلى الميدان في يوم 11 من أغسطس سنة 2021 متخوفا من انتفاضة الشعب وقال: ” إن قضية كورونا من وجهة نظري هي القضية الأولى في البلاد، وكتبت رويترز في مقال لها بنفس اليوم ” دعى خامنئي إلى إستيراد لقاحات”.
تنور كورونا جريمة خامنئي بحق الشعب الإيراني!
يذكرنا مسرح هذا المؤتمر بمقتل ما يقرب من نصف مليون إيراني بفيروس كورونا الأمر الذي يعد “جريمة كبرى ضد الإنسانية” بكل المقاييس، والمتسبب الرئيسي هو علي خامنئي ونظامه الذي ضحى بالشعب الإيراني في سبيل جعل كورونا درعا للنظام للنجاة من العقوبات، نعم إنها الجريمة التي لا تزال مستمرة ويفقد مئات الأشخاص ارواحهم يوميا بسببها في وقت تخلصت فيه أكثر البلدان من عبىء هذا الوباء الخطير.
الهدف من تنظيم وعقد المؤتمر!
ويعتقد خبراء في الشأن الإيراني أن هدف نظام الملالي من عقد هذا المؤتمر الهزلي هو تصوير وتقديم علي خامنئي كـ “إمام” لمسلمي العالم وتنشيطا لمرتزقته الإرهابيين في الدول الإسلامية، وقال خامنئي في جمع من عملائه بوقاحة ” الأنبياء كانوا “أئمة”! ويزعم خميني وخامنئي وغيرهما من قادة هذا النظام أنهم يستمدون شرعيتهم ونظامهم من الله، ويقولون إن نظامهم الشرير نظام إلهي ومقدس.
وقد الشعب في جميع أنحاء إيران مرددا بحماس تام في انتفاضاته الأخيرة وبصوت واحد صادح أن “خامنئي قاتلاً … ونظام حكمه باطلاً”
وثيقة فضيحة وهزيمة النظام!
   ينعقد هذا المؤتمر في ظل ظروف نظام ولاية الفقيه المتأزمة من جميع الجهات ولا يمكن حلها هذا من جهة، ومواجهته الحتمية للشعب والمقاومة الإيرانية عشية سقوطه من جهة أخرى.
وقد قال دمية خامنئي في السلطة القضائية الإيرانية الملا محسن إيجئي مؤخرا: “نحن على حافة الهاوية الحادة، وإذا لم نتوخى الحذر، فسنذهب منحدرين إلى قاع الوادي”، وخامنئي الذي يرى نهاية نظامه بوضوح في كل خطوة من خطوات الانسحاب يصر كما سلفه (خميني) على قمع وتصدير التطرف والإرهاب والعداء، ولهذا السبب وضع إبراهيم رئيسي رئيساعلى كرسي رئاسة الجمهورية …
   أطلق إبراهيم رئيسي المعروف الآن لدى الرأي العام العالمي وفي تاريخ إيران بـ”المجرم الكبير” وذلك لدوره الإجرامي في مجزرة السجناء السياسيين سنة 1988 أطلق في هذا المؤتمر لقب الإمام على “ولي الفقيه”وقال ” الإمام هو تحولنا نحن أيضا كتابعين للرسول الأكرم (ص) ومع التوكل على الله والإعتماد على نهوض الشعب”.
الوحدة من وجهة نظر ولي الفقيه الحاكم!
    إن الدعوة إلى “الوحدة الإسلامية” من قبل ولي الفقيه المتسلط على إيران هو خداع من أجل الترويج للإرهاب والأصولية باسم الإسلام في إيران وخارج حدودها، ففي العقود الأربعة الماضية تم إعدام أو اغتيال أكثر من 100،000 شيعي وسني في إيران والخارج بواسطة النظام الإيراني وبطرق مختلفة من قتل وإرهاب وقمع، في إيران وتحت سلطة الملالي تم قمع أتباع أهل السنة وغيرهم من أتباع الديانات السماوية بشدة، أهل السُنة المحرومون حتى من مسجد واحد في العاصمة الإيرانية، كما يعدم النظام الإيراني مقاتلين سُنة يناضلون من أجل الحرية،  وقد دمر النظام مساجدهم في طهران وماطق أخرى من إيران عدة مرات، كما ليس لأهل السنة، ولا لغيرهم من أتباع الديانات السماوية الحق في تولي المناصب الرئيسية في البلاد من بينها رئاسة الجمهورية.
   كان شعار “كلنا معاً” الذي رفعه خميني مؤسس نظام ولاية الفقيه في إيران منذ البداية شعارا مزيفا أجوفا لأنه تزامن وترافق مع قمع الحريات والأقليات والعدوان على الجيران والتدخل في الشؤون الداخلية لسائر الدول، ولا يخفى على أحد ما هو الهدف من هذا الشعار شعار “كلنا معا”، فحتى اليوم ولحظتنا التي نعيشها لا زال نفس النهج قائما متبعا خاصة فيما يتعلق بالناس والميول الفكرية والوطنية، ومع هذا كله وبنفس هذا السياق كان ولي الفقيه ولا يزال يفكر في أئمة الإسلام وانفتاح البلاد! في حين لا مكان للاحترام والتعايش المتبادل في ثقافة نظام ولاية الفقيه، وسجل نظام الملالي على مدى 43 عاما هو أوضح دليل على هذه الحقيقة.
وقد اعترف الملا شهرياري احد المقربين من خامنئي بهذه الحقيقة في 15 أكتوبر 2021 قائلا :” نحن متهمون من قبل أهل السنة حيث يقولون إنكم لا تتحدثون عن الوحدة والتعاون والتعاطف ووحدة الشيعة والسنة من قلوبكم! أنتم تعبرون عن شيء وتضمرون أشياءا أخرى، وفي الحقيقة تسعون وراء أهداف أخرى”.
كلمة أخيرة!
   يشهد سجل هذا النظام الممتد على مدى 43 عاما على حقيقة أن كلمة “الوحدة” لا علاقة لها بطبيعة وسياسات وبرامج هذا النظام، وحيثما وطأت قدم هذا النظام حل الانقسام والعداء والخداع محل التعايش والسلام والصداقة، وما كلمة علي خامنئي في هذا المؤتمر إلا تعبيرا عن الحقيقة نفسها ولا شيء غيرها.
*کاتب ومحلل سياسي خبير في الشأن الايراني.
***

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

خالد بهلوي تحت شعار “وقف العنف والتهجير – العيش المشترك بسلام”، وبمبادرة من مجموعة نشطاء من الشابات والشباب الغيورين، شهدت مدينة إيسين الألمانية يوم 21 ديسمبر 2024 وقفة احتجاجية بارزة للتعبير عن رفض الاحتلال التركي والتهديدات والانتهاكات التي يتعرض لها الشعب الكردي المسالم. الحضور والمشاركة: حضر الفعالية أكثر من مائه شخصً من الأخوات والإخوة الكرد والألمان، إلى…

د. محمود عباس ستكثّف الولايات المتحدة وجودها العسكري في سوريا وستواصل دعمها لقوات سوريا الديمقراطية (قسد) والإدارة الذاتية. تدرك تركيا هذه المعادلة جيدًا، وتعلم أن أي إدارة أمريكية قادمة، حتى وإن كانت بقيادة دونالد ترامب، لن تتخلى عن الكورد، لذلك، جاء تصريح أردوغان بعد عودته من مصر، ووزير خارجيته من دمشق اليوم كجزء من مناورة سياسية تهدف إلى تضليل الرأي…

شادي حاجي المرء لا يذهب إلى طاولة المفاوضات وهو خالي الوفاض وإنما يذهب وهو متمكن وقادر والمفاوض يكشف أوراقه تدريجياً تبعاً لسير العملية التفاوضية فعند كل منعطف صعب وشاق يقدم المفاوض بطريقة أو بأخرى معلومة ولو صغيرة حول قدراته على إيقاع الأذى بالطرف الآخر من أجل أن يكون مقنعاً فعليه أن يسأل عن مقومات الندية والتي تتركز على مسألة القوة…

إبراهيم اليوسف منذ سقوط النظام المجرم في 8 كانون الأول 2024 وتحول السلطة إلى السيد أحمد الشرع، بات السوريون، سواء أكان ذلك في العاصمة دمشق أو المدن الكبرى والصغرى، يتطلعون إلى مرحلة جديدة يتخلصون فيها من الظلم والاستبداد. حيث سنوات طويلة من مكابدات المعذبين في سجون الطاغية الأسد وأبيه كانت كفيلة بتدمير أرواح مئات الآلاف. بعض السجناء أمضوا…