الذكرى الثانية لاحتلال سري كانييه.. وكرى سبي

عمر إسماعيل 

في مثل هذا اليوم التاسع  من تشرين الأول 2019، شهدت مدينة سري كانييه/رأس العين وكري سبي، من كوردستان سوريا غزواً بربرياً من قبل الجيش التركي مع  فصائل المعارضة السورية المُسلحة، تحت مُسمى عملية “نبع السلام”، التي أدت إلى احتلال المدينة وأريافها وتهجير السكان، ثم الاستيلاء على ممتلكات المدنيين، بالتزامن مع عملية تغيير ديمغرافي مُمنهجة شهدتها المدينة عبر جلب سكان من محافظات أخرى وتوطينهم في المدن الكورديه التي هُجّر أهلها على غرار ما فعلها الحزب البعث سابقا في تنفيذ مشروع الحزام العربي في السبعينات واستيطان وجلب العرب الغمر من محافظة الرقة بحجة غمر أراضيهم وما سمي بعد ذلك بعرب الغمر وتوطينهم في قلب المنطقة الكوردية 
ها قد مر عامين حزينين مليئبن بالانتهاكات التركية وجرائم الحرب التي يندى لها جبين الإنسانية، يمر على أبناء مدينتي سري كانييه وكري سبي المحتلتين، والمجتمع الدولي لم يحرك ساكناً، لكن آمال نازحي تلك المناطق في تحقيق العودة الآمنة إلى ديارهم لم تضعف، ويصرون على إيصال صوتهم إلى العالم أجمع لكسر الصمت المريب حيال قضيتهم الوطنية  والقومية  والانسانية بإرادة  قوية ولفضح  جرائم دولة الاحتلال التركي التي لم تقتصر بحق أبناء تلك المناطق فقط في يوم الاجتياح فحسب، إنما تتواصل حتى اللحظة بحق من تبقى من مدنين في المنطقة، حيث بلغت عدد ضحايا الهجوم التركي إجمالاً 340 شخصاً، ووثقت 187 حالة بينها 7 حالات إعدام ميداني، وحالتي اغتصاب، استشهاد 25 شخص وإصابة 945 آخرون نتيجة التفجيرات وعمليات التخريب في سري كانييه وكري سبي 
ناهيك عن جرائم الخطف والقتل تحت التعذيب التي تطال المدنيين بدافع الحصول على فديه مالية والذين وصل عددهم إلى 85 مختطف، كذلك عمليات السطو والسلب في سري كانية وكري سبي أيضاً لم تكن خارج قائمة الأعمال الارهابية للاحتلال التركي وفصائله، إذ تم سرقة محتويات 31 معمل
صناعي، 29 فرن، والاستيلاء على 3200 طن من السماد، 1000 طن من الشعير وسرقة أكثر من 300 ألف رأس ماشية، وغيرها من عمليات السرقة في وضح النهار كما مارست تركيا سياسة حرب المياه التي انتهجتها بحق أبناء مدينة الحسكة ونازحي سري كانية وكري سبي القاطنين هناك، إذ عمدت على إيقاف ضخ المياه من محطة علوك في الريف الشرقي لسري كانييه إلى مدينة الحسكة وأريافها، مما أجبر المدنيون على مواجهة جائحة كورونا وسط ازمة مياه كبيرة. رغم مناشدات للمنظمات المجتمع الدوليّ لضمان توفير الحد الأدنى من الأمان في مناطق الكوردية ما سمي مؤخرا ومجحفاً بشمال شرقي سوريا والعمل على تقديم المُساعدة لمهجّريِ سري كانيه وكري سبي داخل سوريا وخارِجها. وما اكتبه اليوم في الذكرى الثانية المشؤومة لاحتلال قطعة عزيزة من أرضنا الكوردية اضم صوتي إلى صوتهم ومحاولة لإيصال صوتهم إلى الخارج، والتعبير عن مدى حاجتهم إلى دعم دولي حقيقي يمهد لعودتهم الآمنة إلى الديار وإنهاء الاحتلال التركي والاستفادة من الظروف الموضوعية المتوفرة لصالح قضيتنا القومية العادلة .

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…

عنايت ديكو   الوجه الأول: – أرى أن صفقة “بهچلي – أوجلان” هي عبارة عن اتفاقية ذات طابع أمني وجيوسياسي بحت، بدأت معالمها تتكشف بشكل واضح لكل من يتابع الوضع عن كثب، ويلاحظ توزيع الأدوار وتأثيراتها على مختلف الأصعدة السياسية، الأمنية، والاجتماعية داخل تركيا وخارجها. الهدف الرئيسي من هذه الصفقة هو ضمان الأمن القومي التركي وتعزيز الجبهة الداخلية بجميع تفاصيلها…

اكرم حسين العلمانيّة هي مبدأ سياسي وفلسفي يهدف إلى فصل الدين عن الدولة والمؤسسات الحكومية ، وتنظيم الشؤون العامة بما يعتمد على المنطق، والعقلانية، والقوانين الوضعية بدون تدخل ديني. يتضمن مبدأ العلمانيّة الحفاظ على حرية الدين والمعتقد للأفراد، وضمان عدم التمييز ضد أي شخص بسبب دينه أو اعتقاده. تاريخياً ظهرت العلمانية مع اندلاع الثورة الفرنسية حيث خرجت الطبقة البرجوازية…