وليد حاج عبد القادر / دبي
خاص / ولاتي مه
ملاحظة هامة : أحببت بصراحة تامة تناول حياة هذه الشخصية المناضلة لا كسرد تأريخي وتوثيقي لمراحل حياته بقدر ماهو انعكاس لأسلوبه النضالي كإرث ومما تسعف به الذاكرة الشخصية حوله ككاريزما سياسية واجتماعية …
وفي البداية وبمنتهى الصراحة وبشفافية تامة ، علي الإقرار بداية بعجزي التام كما هي كانت تلك اللحظات في طفولتي ، حينما تلبستني هالة لا توصف من الخجل أشبه ما تكون هلعا !! .. نعم !!
أن أقف في محراب قامة ، شخص ومن جديد بقامة المناضل كنعان عكيد آغا وقد قدم سنينا عديدة من حياته ، حريته في خدمة قضية شعبه ووطنه وبالتالي أن تأخذك لحظتك الى تلك البدايات التي تراكمت في ذهنيتك حول مآلات وكينونة تلكم الشخصية / القامة النضالية بامتياز .. نعم هو عينه المناضل كنعان عكيد آغا ، ولتسمحوا لي فلن اتطرق الى تاريخ ولادته ولا الى اي جانب شخصاني بحت في حياته ، سوى أنه كان بإمكانه ان يهنأ برغد العيش وبحبوحتها فهو سليل عائلة لها مالها من املاكها وعراقتها ، بل سأتناول فقط شخصيته ومن زاوية جد قريبة وضيقة وتلكم المساحة من ارثه النضالي وانعكاسها في نفسية طفل شاءت اقداره ان يكون يوم مولده عينه يوم زواج المناضل / روچا بربيدي يي / ، وبالتالي نعود الى تلك اللحظات البدئية في تلك المدينة _ البلدة الهادئة سكونا وألقا ومحبة ، وأعني بها ديريك وذلك القصر / البيت الأنيق الذي كان فيه وعليه دارة عكيد آغا يي جيايي ، وانا الطفل بعد ، لابل حتى الحروف ماكنت أفكفكها سوى في كتاتيب ملا أحمدي خليفة و .. أرسل اليه كمرسال فأقف أمامه ولساني يتلعثم .. قامة عالية بأنفة وجبهة شامخة وعينان لازلت ارتبك في توصيف او تحديد لونهما .. وتلك البيجاما السماوية الفاتحة وانا .. نعم انا الطفل كنت حينها وشموخ كالجودي بقامته وقفت كمن يطالع الجبل صدقوني وأخذتني حالة مركبة من التلعثم المشوب بخجل وأنا المرسال كنت وقد فرضتها الظروف الأمنية على الكبار وباتت المعلومة تدار وتدار ولربما يكون والدي هو مصدرها ولكن !! .. تبقى هي المهمة والحيطة كما الحذر فعيون الشعبة السياسية تطوق الجميع ، وللدقة أكثر !! نعم !! لم تكن قط هي / المهمة / سر ذلك الإنشداه والإعجاب الشديد تجاه هذه الشخصية المناضلة سياسيا والقدوة اجتماعيا وعائليا !! .. نعم !! فمنذ وعيت معنى الكلمة وأنا أحبو ولربما وانا اخطو خطواتي الأولى وكل من يسأل عن عمري !! كان هو الجواب : / روژا داوتا كنعاني عكيد آغا .. خودي دايه .. روژا بر بيدي يي / ..ومع خطواتي الأولى ترسخ هذا الإسم وارتبط بذاكرتي وقد ساعدتها امور أخرى كثيرة واهمها كانت العلاقات العائلية منذ أيام الراحل والده عكيد آغا وتلتها الصداقة والروح الرفاقية التي توطدت اكثر بين الراحل كنعان ووالدي بفعل الإلتزام الحزبي وماتلاها من رحلة اعتقالهما مع كوكبة المناضلين الكورد وايامات سجن المزة ودورة المحاكم الطويلة مضافا لهذه العوامل ، الجيرة المنزلية حيث بيوتنا كانت قريبة من بعضها .. هذه العوامل مضافا اليها قصص الإعتقال وحفلات التعذيب الوحشي والسرد المتواصل لها من قبل الوالد رحمه الله وخاصة الصمود الجمعي وبالتالي تسليطه / والدي / الضوء على ابناء الذوات كالراحل نواف نايف باشا والراحل كنعان آغا ود . نورالدين ظاظا وأوصمان صبري وغيرهم ، وبالرغم من حدية بعض العلاقات البينية التي ظهرت وبوادر الخلافات داخل السجن إلا أن الموقف من الرفاق جميعا والإلتفاف كما واحتضان القادم من وليمة التعذيب الجسدي فيتناسى الجميع خلافاتهم ، وبعد الخروج من السجن وما تلاها من فترة المحاكمات والإستقرار في ديرك ، وما تلاها من مرحلة الجمود التنظيمي واتساع دائرة الخلافات وبروز تيارات داخل الحزب ، كان للراحل كنعان عكيد دور بارز لابل ويسجل له موقف بحسب معاصريه ومحازبيه وبالرغم من أنه كان يمثل الكتلة الأقوى شعبية وأعضاءا والتي تسمت او اسموها بكتلة المعارضة التي وقفت وناضلت بشراسة للحد من شق وحدة الحزب واختار ومجموعته البقاء بعيدا عندما انشق الحزب برغم محاولات الطرفين الحثيثة لاستمالته وغالبية الكوادر المتفقة مع رأيه . وكانت السنوات ١٩٦٣ ولغاية ١٩٦٦ مليئة بالأحداث والتوترات بدءا من ظهور البعث وتوضح المشاريع العنصرية وزاد معه الضغط الأمني الممنهج بالتواتر مع اندلاع الثورة الكردية في كردستان العراق ومشاركة جيش النظام في الحرب ضدها ، كل ذلك لم لم يمنع زيادة الشرخ التنظيمي لدرجة بات / الإنشقاق / كحالة تمارس فعليا على أرض الواقع ، ووسط كل هذه المعمعة ظل المناضل كنعان وخيرة كوادر البارتي ملتزمين بمواقفهم ومصرين على وحدة الحزب ورفضوا مطلقا المشاركة أو دعم أية جهة على حساب الأخرى وإن ظلوا يناضلون ويتنشطون بلا هوادة للحفاظ على امر بات مستحيلا وهو وحدة الحزب ، و بدأت مرحلة جديدة من الإعتقالات التي شملت كثيرا من الشخصيات العامة والوجهاء كما النشطاء وزجوا بهم في سجن الحسكة وطبيعي ان المناضل كنعان كان في مقدمة المعتقلين ، واطلق سراح جميعهم ليعود المناضل الى نشاطه وموقفه الرافض للإنشقاق والداعم بقوة لكل الأنشطة الوحدوية الى ان تكللت الجهود وتمت الدعوة الى مؤتمر توحيدي سنة ١٩٧٠ وتشكيل القيادة المرحلية والتي لعب فيها دورا بارزا واستقطب غالبية الكوادر التي كانت مستنكفة العمل التنظيمي لتصبح نواة للحزب الواحد وبالرغم من ثقل قيادة الثورة الكردية والقائد التاريخي للشعب الكردي ملا مصطفى البرزاني والمفاوضات والحوارات ولفترة طويلة ، لم تسفر عن ايجاد حل جذري للوحدة التنظيمية بين ما سمي باليمين واليسار وان استطاعت جذب تيار واسع من الطرفين ولينعقد مؤتمر جديد وبالتالي انبثاق او عودة الحزب الديمقراطي الكردي وذلك صيف ١٩٧٢ ولم تدم أنشطة قيادة هذا الحزب طويلا وبالترافق مع توجه حافظ أسد بتطبيق مشروع طلب هلال العنصري وجلب المغمورين الى القرى النموذجية التي بنتها ما كانت تسمى ب / لجنة اعمار مزارع الدولة / الملحقة بقيادة البعث القطرية .
وبالفعل فقد باشر حافظ أسد بالتطبيق العملي لسياسة التعريب والتغيير الديمغرافي ، وكان ردة الفعل قوية عند
البارتي وتوضحت بأن الأمور تتجه نحو التصعيد وبالفعل وكإنعكاس للموقف الشجاع الذي اتخذه البارتي حينذاك من هذه العمليات لتتم استهداف غالبية قيادته وكوادره المتقدمة واعتقالهم وطبيعي هنا ايضا أن يكون المناضل كنعان بصفتيه القيادية والإعتبارية في المقدمة وليقبع في المعتقل مع رفاقه الى اوائل الثمانينيات ، وهنا وللتاريخ ولإنصاف هؤلاء الأبطال المناضلين يتوجب ذكر حقيقة لربما يعرفها القليلون عنه هو والمناضل الراحل دهام ميرو ، وهي تتعلق بعرض قدمه محام بارز حينذاك كان قبل ذلك محافظا سابقا للقنيطرة ومقربا من القصر الجمهوري ومراكز سيادية في الأمن السوري حيث سرب معلومة للراحل ميجر عكيد أخو المناضل كنعان عن استعداده لتأمين اطلاق سراح المعتقلين مقابل عشرين الف ليرة عن المعتقل الواحد ، وأوصل السيد ميجر المعلومة لوالدي والذي اوصله بدوره الى اخوة الراحل دهام ميرو وقيادة الحزب الذي كان قد انشق الى اتجاهين ، وطلب منهم استمزاج رأي المعتقلين اثناء زياراتهم ولم يكن رد المناضلين الراحلين دهام وكنعان بمفاجئة !! حيث رفضا تماما الخروج من المعتقل برشوة فهم ليسوا بمجرمين وانما اصحاب حق وقضية / ومن جديد كان لهذا الموقف ايضا انعكاسه الإيجابي فيما بعد بل اكثر من عشرة سنين حين اعتقالي في الأسابيع الأولى عندما سعى اخوتي لإطلاق سراحي مقابل رشوة وشريطة ان اغادر سوريا الى الخليج وفعلا اخبروا والدي بذلك ، فرفض الوالد اطال الله في عمره ذلك الأمر رفضا قاطعا وذكر إخوتي بموقف المناضلين دهام وكنعان وقال لن اذهب الى اخوكم ولن اطلب منه اية شيء لأنني اعلم ماذا سيكون موقفه سلفا / كان هناك شرط آخر هو ان اوقع تصريحا خطيا بعدم التعاطي بالشأن السياسي / .. وبعد اطلاق سراحه وظهور بوادر المرض عليه وماكان قد آل عليه وضع الحزب آثر ترك مضمار العمل الحزبي وان بقي قريبا جدا منه .. نعم هو ذا عينه المناضل الراحل كنعان عكيد الذي آمن بقضية شعبه وقدم التضحيات الجسام في سبيلها وترك من وراءه إرثا نضاليا ما استطاع كثيرون من جيله والأجيال المتعاقبة إلا أن تتصقل من تجربته النضالية وتقف كذلك بكل تقدير واحترام لهذه الشخصية المضحية ، وشخصيا لا أستطيع النكران مطلقا إرث كما وأثر هذه الشخصية الأنموذج وكذلك ومسيرة نضاله التي أضحت كمدرسة فرضت نمطية وأسلوبا نضاليا انعكست مؤثراتها في شخوص عديدين خاصة وأنموذج كما آلية نضاله وفي أحلك الظروف السياسية المترافقة بقمع شديد ورغم ذلك فقد ثابر المناضل واستمر يشد من إزر رفاقه ويبتكرون حسب امكانات المرحلة وظروفها امكانات التواصل ، نعم وبالعودة الى بدايات هذه الأسطر وما خلفته الذاكرة ورسخته لسنين طويلة هي بالضبط مجريات ذلك الصباح الصيفي ولعلني ماكنت قد بدأت بفك الأحرف سوى في الكتاتيب ، وكعادة أي طفل وقد استيقظ مع اشراقات الشمس وكنت قد خرجت الى الباب الخارجي واقتعدت حجرة امامها مقابل دار الراحل فتاح عبدالكريم ملا صادق والذي كان حينذاك قد تشارك بسيارة تويوتا لونها احمر مع الراحل توفيق ملا شوقي والذي كان قد فاز حينها بجائزة اليانصيب الأولى وقد تم تكليف السيد صبحي انور الجزيري سائقا عليها . وقفت السيارة امام بيت فتاح وترجل منها توفيق وتقدم صوب دارنا ، ولما صار بجانبي سألني عن أبي ؟! قلت انه بالداخل وخرج والدي فقال له توفيق مباشرة : سأرسل ولدك هذا !! رد والدي : لا لا ؟! انتظر ليأتي ديبو – اخي الاكبر مني المهندس دياب – ويذهب !! وأين ديبو ؟! خرج مع / بظي درماله / اغنام البيت / للقلي / ..أوهو .. رد توفيق وتابع : لا لا والله لن ننتظر ديبو أفندي ومد يده الى جيب / يلكه / الصغير وناولني فرنكين وقال / كورو ت مالا كنعاني عكيد آغا ناس دكي / أجبت : نعم .. فتابع : اذهب الى هناك ولا تسأل عليه مباشرة ؟! ..وما ان تلمح واحد من ولديه شيرو او روني كلمهما او اذا رأيت والدتهما ايضا اطلب منها ان تنادي كنعان ؟! .. تغيرت سحنتي ووجهي بدا عليها الذهول وصرت أفكر وأنا الطفل بعد !! .. أمعقول أن أذهب وأخاطب زوجته وأقول لها أريد ان اكلم العم كنعان ؟!! وأنا الذي يخجل ويشرشر عرقا لحظة العبور حتى بعيدا عن منزلهم وهن على البلكون او امام الباب ؟! .. وانتبهت على صوت العم توفيق وهو يتابع كلامه : : ما أن يأتيك كنعان تذكر جيدا واحفظ هذه الجملة وكررها وإياك ثم إياك أن تخطئ فيها ؟! قل له حرفيا / قاصدا هنكڤ خوار / وهي جملة سهلة علي حفظها لأننا كنا نمارسها هرجا مع بعضنا وفقط بتعديل هنكڤ بأمر آخر / … / .. وأخذ يردد الجملة مرارا ، وسألني والدي إن كنت حفظت ماذا سأقول !! رددت الجملة وانطلقت الى حيث دارهم ، والحق يجب ان يقال : لقد بدت المسافة لي طويلة جدا ، لابل ، خلت نفسي بأنني ذاهب الى باجريق او لربما هي كرزرك وصرت أتدرج .. وصلت زاوية بيت احمد حديدي وعلى يساري بيت احمدي ملا ابراهيم .. أوووه ؟! مامي توفيق !! لماذا لم يذهب الى بيت احمدي ملا ابراهيم فيكلف واحدا من اولاده وبيتهم أقرب ؟! .. لا مناص ايها الشقي !! .. انعطفت يمينا وتجاوزت بيت الحديدي وهاهي شبابيك بيت حاجي محمدي عيشي .. ليتني أصادف كومان أو موسى فهم جيرانهم وأطلب منهما أن ينادوا على شيرو او روني !! .. اللعنة !! لا أحد .. وصلت حافة طريق الزفت / ريا قامشلو / وعلى يساري هوذا الباب الحديدي يطل على غرف ما يسمى بالمركز الثقافي وصفوف الإعدادية المستأجرة من ملا احمدي جار ژنا ، وبدا عليك واضحا اسكندري بريدي وهو يدخل غرفة مقسم الهاتف بقامته الطويلة …انتبهت لذاتك ؟! .
الوقت يمضي ببطئ شديد وانت فقط بعينيك تحملق في ذلك الباب الحديدي والمحيط .. مابال أهل هذه الحارة كلهم نيام ؟! .. حتى أطفالهم لم يستيقظوا بعد ؟! … وعدت لنفسك تخاطبها … .. هل أنا هنا لأحملق في المحيط وما يجري أم ؟! .. و .. هاقد فرجت .. فتح الباب الحديدي وبدت عجلة دراجة هوائية فتيقنت بأنه عكيد الأخ الصغير للراحل كنعان وبالفعل انطلق بدراجته وانت ايضا لم تسع حتى لتكلمه !! .. يارب !! عساه شيرو أو روني .. وتلفت من جديد صوب بيوتات الجيران .. لا كومان ولا أحد !! وبدا الحرج عليك بعرقه الذي اخذ يشرشر من جديد و .. بان الفرج !! ابنة الراحل فتحت الباب بحركة خاطفة وكنت انت الأسرع رغم ارتباكك لتخاطبها / شيرو .. روني / وتلعثمت في كلامك ولكنها فهمت مقصدك ..أسرعت الى الداخل وتناهى الى مسمعك صوتها تناديهما / كوري مامو قادي لبر دريا / .. و خرج الإثنان وعلائم الدهشة بادية على وجهيهما أيضا !! .. ياالله / مامي توفيق … ماهذا الصباح وهذه المهمة .. كبيرة علي والله كبيرة !! أوففف ؟! / .. وهما واقفان يتأملانك باستغراب شديد ..طيب !! قلتها في نفسك / لا مناص ؟!/ ولكن من جديد ؟! كيف لي ان اطلب منهما مناداة والدهما ؟! .. صحيح نحن جيران ومعارف ومحسوبون على بعضنا ولكن لاتوجد تلك الزيارات والتخالط وسببها الصريح والمباشر استوعبناها في طفولتنا ، نعم هو انعكاس فعلي والضغط كما المراقبة الأمنية وعيون اجهزة الأمن وعملائها وهي تراقب النشطاء والكوادر وأخيرا تقدم شيرو قليلا وهو يبتسم كمن يخلق في نوعا من الجرأة ؟! واتتني الجرأة وقلت له / باڤي ته ل مالا / .. لا لا ..لأكن دقيقا بالرغم من انها تكاد ان تقترب زمنيا ونصف قرن !!.. نعم !! لمحته من خلف الباب الحديدي شبه المفتوح بقامته ، هو عينه ومازال بلباس النوم كان ، بيجاما ازرق سماوي فاتح وبأزرار زرقاء غامقة كان في الكوريدور الداخلي وأشرت لشيرو وطلبت منه أن يناديه ، تطلع شيرو وراءه وركض الى والده و .. تقدم الراحل صوبنا ولعلها هي الآن نفس الرجفة لابل شعور الرهبة وانت تقف وجها لوجه امام شخصية كان لها مالها من سمات وصدى ترسخت في ذهنيتك الطفولية وها انت تجسدها كلمات بعد ان عرفت مناح ما كنت قط تدركها حينها ، وللآن !! ..نعم لاتزال محياه ببسمته الواثقة وتلك الجبهة الشامخة وعيناه الممتلئتان أملا وعنفوانا .. تأملني وهو يعلم بأنني لست سوى مرسال ، وقد أطاحت الرهبة والخجل بشجاعتي خاطبني / هه .. برازي .. ج هيا .. خيرا / .. قلت له بتلكؤ شديد وكمن يضبط خروج الحروف بدقة / قاصدا هنكڤ خوارا / .. رد باقتضاب !! / باشه / .. وكانت هرولة لابل وكأنها قفزة واحدة وصرت بباب الدار وسيارة الجيب لاتزال امام بيت فتاح ملا صادق وهذا يعني ان العم توفيق ملا شوقي ينتظرني .. وبالفعل بعد مضي قليل من الوقت رأيته خارجا وجاء صوب دارنا وما أن صار بموازتي حتى سألني وأخبرته بالرد ايضا وليؤكد علي من جديد وبحزم ألا أتفوه به لكائن من كان !! وليسامحني العم توفيق فوالله بقيت طي الكتمان الى الآن وها أنذا أنشره فقط الآن ، وطبعا كان قد مضى وقت طويل ولربما اكثر من عشرة سنين عندما علمت بأن الجملة تلك كانت عبارة عن كلمة سر لإجتماع موسع عقد في دار حجي كمال حجب اوصماني جب في تل دار .. و .. مضت الأيام بديريك وخضم النقاشات حول المسألة التنظيمية العاصفة بالحزب والموقف الوسط لابل والحازم في التصدي لمظاهر الإنشقاق والمتجلي بموقف الكتلة المعارضة بقيادة كنعان آغا ، والتي نمت من دوره الريادي المرتكز أصلا على بنية عائلية ذي قاعدة جماهيرية اجتماعية وقد تجلت بكل وضوح في عرس أخيه ميجر سنة ١٩٦٥ ، ذلك العرس الذي ماوج بتقاليد احتفاله وكنمط رئيس في آلية الطقس البوطاني والتي اختذنتها الذاكرة ، لابل تتراءى / لي شخصيا / في كثير من لوحاتها وباية مناسبة او تشخيص ، تحليل ، للعرس البوطاني … طبلان أبدع احمو علانا و إيسف الذي لم يكن قد تقاعد بعد و / سر گوڤنديا / قدري عبدالغني وعبدالكريمي ملا عمر ومصطي سمو / والعذر من الألقاب / .. أنواع من الدبكات أبدع فيها ال / جياييون / القادمون كانوا من كردستان تركيا ، وتلك الترانيم المترافقة إن ل /رقسا فقا /أو مونولوج الجبليين وتراتيل اغانيهم الخاصة .. وما مضى وقت طويل وليعتقل المناضل من جديد وبعدها لينتقلوا من ديرك ، فيستقر السيد ميجر بقامشلو والمناضل كنعان وأخيه عكيد في حلب .. و .. مضت سنين طويلة بعيد اعتقاله الأخير وخروجه وبالرغم من ريادته وبقاءه كمثل اعلى لنا لم احظ برؤيته الى ان كان ذات يوم اوائل سنة ١٩٩٥ / وكنت قد خرجت من الإعتقال قبلها بشهور وتصادف ان جاءت ثلاثة مناسبات اجتماعية او لنقل توافقت حدوثها ، وهي وفاه الحاج رشيد عبدالمجيد الجزيري والد منير وكذلك د. رشيد احمد من عفرين زوج ابنة الراحل نواف نايف باشا وكذلك وفاة الشاب جوان محمد شيخو في الشارقة وجنازته التي كانت ستصل الى مطار حلب .. طلب مني والدي رحمه الله مرافقته الى حلب وفعلا انطلقنا وبمعية المناضل خالد مشايخ ، وتوجهنا الى بيت الراحل منير رشيد حيث كان يعج بالضيوف و .. بكل ثقة : ما ان دخل الراحل كنعان وبرفقته مجموعة من كرد عفرين ، حتى خلت نفسي عينه ذلك الطفل الذي واجه رجلا بقامة عالية ، وقفت مع الواقفين وحيث انه لامجال للمصافحة فقد جلسوا في مكان غير بعيد عنا ، وأنا بين الفينة والأخرى أختلس النظر اليه ، تطرق الحديث الى حادثة الشاب جوان محمد شيخو وموعد وصول جنازته المرتقبة ، وسألني العم منير كون اخوتي هناك متابعون ، فقلت بعد حوالي الساعتين . لا حظت وشوشة بين المناضل الراحل كنعان وشخص بجانبه عرفت بأن اسمه ابو جوان الذي مالبث أن شق الطريق الي وسلم علي من جديد قائلا / ت هڤال وليدي / والله شكيت بالأمر وأبوشيرو عرفك بأنك من اولاد الحجي وذهب الى مكانه وتطلعت في المناضل من جديد وهز برأسه محييا وبقيت الحسرة في قلبي لعدم امكانية السلام عليه لزحمة الضيوف خاصة بعد قدوم الراحل نواف نايف باشا وضيوف آخرين واكبوا معه دفن الراحل د . رشيد في عفرين .