المجلس الوطني الكردي وكذبة انتفاضة العودة إلى عفرين.

عبدو خليل
بداية
لابد الوقوف عند نقطة مهمة. منعا لأي اصطياد في الماء العكر متعلقة بالجدل حول
الأدوار القذرة لمنظومة العمال الكردستاني في الوصول إلى كارثة عفرين.  خاصة من جهة الاختراقات العريضة التي تعبث
بسافلها وعاليها من قبل أجهزة الاستخبارات الإقليمية وتحديدا التركية وبما يخدم
مصالحها. وسبق لنا ولغيرنا ومنذ سنوات بعيدة أن نبهنا وفككنا هذه المنظومة
المافيوية في وقت كانت ولم تزل فيه  أطراف
كردية ممثلة بالمجلس الوطني الكردي تسعى لمحاصصة هذه العصابة في النفوذ الاقتصادي
والسياسي والقمعي. يأتي هذا التنويه حتى لايزاود علينا احد. لأن الأمور وصلت لدرجة
اتهام من يعري المجلس ويفضح تخاذله حيال منطقة عفرين على كونه أوجلانيا وهذا
يتطابق مع اتهام الاوجلانيين لنا ولغيرنا كلما انتقدناهم بالاردوغانية.
بالتأكيد
ومن شك واقع الأمر يقول أن قسما من أهل عفرين ليسوا سوى رهائن في معسكرات الاعتقال
التي تسمى مجازا بالمخيمات  لدى هذه الزمرة
الأوجلانية المارقة. إلا أن القسم الآخر تحول إلى 
ضحايا لكن هذه المرة لدى البارزانيين السوريين. وتتحدث هذه الفئة الأخيرة
والتي لا تختلف عن الاوجلانيين من حيث التزمت والتمترس خلف فكر القائد المخلص
والحزب المنقذ. أي البارزانيين السوريين. وكما لو اننا نجهل حقيقة منظومة pkk. هذا حسب ظن هؤلاء الرعاع الجدد من أنصاف
وارباع سياسي المجلس الوطني الكردي وصغار كتبته. هؤلاء يحملون الأوجلانيين وحدهم
وزر كارثة عفرين ويتنصلون من حماقاتهم السياسية. والتي لا تختلف من حيث النتائج والوقاحة
عن أقرانهم الاوجلانيين. هؤلاء بالنهاية 
لم يأتوا بجديد. إنما يجترون ما كتبناه خلال الأعوام المنصرمة حول حبائل
وطرق وأساليب العصابة الأوجلانية التركية. يتحدثون وكما لو انهم اكتشفوا قارة
جديدة. وينسى هؤلاء الرعاع انهم في وقت ما رفعوا صور أوجلان إلى جانب صور البرزاني
على أمل أن يمسكوا بعصا السلطة و يهشون بها فوق رؤوس كرد سوريا لاخضاعهم واستلاب
ما تبقى لديهم من همم وعزائم. بينما كنا كمثقفين مستقلين نتعرض لشتى أنواع الترهيب
من هذه العصابة ومن الدول الراعية لها بما في ذلك تركيا التي قدمت للاوجلانيين
دعما خفيا منقطع النظير لتحقيق مأربها البعيدة. وتستخدم اليوم المجلس الوطني الكردي
بذات الطريقة وبوضوح أكثر.
 كان لابد من هذا التنويه والتذكير والتكرار قبل
الوقوف على كذبة يمضي فيها البعض من رعاع 
المجلس الوطني الكردي حول ما يتم تداوله عبر وسائل التواصل وبعض وسائل
الإعلام الصفراء التابعة للمجلس فيما أطلقوا عليها تسمية انتفاضة العودة إلى عفرين.
هذه الكذبة التي تتكرر بين الفينة والأخرى كلما ضاقت بهم السبل في مواجهة القلق
والغضب الشعبي الناتج عن زواج المتعة. المأجور. مع الائتلاف السوري الراعي الرسمي
لمرتزقة ما يعرفوا بالجيش الوطني. وتبرير وتسويف وتمييع الجرائم المنظمة واليومية المرتكبة
في منطقة عفرين.
 وعلى ما يبدو أن هذا الكذب والدجل يأتي وللأسف
تحديدا من الحزب الديمقراطي الكردستاني السوري. البارتي. الطفل المدلل لدى أربيل.
وهنا مربط الفرس. حيث يجهد البارتي الذي فقد مصداقيته و الذي يستولي على زمام
المجلس الوطني الكردي للخروج من ورطات عدة. أولها التستر على  صفقة عفرين الغوطة التي كان المجلس على اطلاع
بتفاصيلها عبر أحد أعضائه المأجورين. حيث أثنى على الصفقة ونقل هذا الخبر السار
إلى رفاقه في أربيل واسطنبول. وهو ذات نفسه الذي يشكك على الدوام في مصداقية
الجرائم المرتكبة في منطقة عفرين ويعتبرها مجرد تصرفات فردية ومبالغ فيها. ويقود
جوقة من متزعمي وسلبطجية القرار الكردي السوري. من أمثال كدو الذي بات الائتلاف
يمسك بلجامه ويجره من وقت لآخر نحو عفرين تحت طائلة الطرد وقطع الراتب. أو على
شاكلة نموذج الساذج المسطح عبد الرحمن آبو الذي وجدته في واحدة من مقابلاته
الأخيرة يثني على انتفاضة العودة ويقول ردا على عدم تركه فنادق أربيل وعودته إلى عفرين.
إن الأمر متعلق بقرار سياسي. لاندري حقيقة حجم العمل الذي يقوم به هذا المسطح ولا
عن القرار السياسي السيادي الذي يمنع أحدنا من العودة إلى بيته. وهو ذات نفسه يفضح
كذبته في ذات المقابلة ويقول. لو انه يجد ثقبا يصل به إلى عفرين لما وفره. مع انه
قيادي في البارتي والمجلس. حليف الائتلاف وعاجز عن الوصول إلى عفرين. هذا
المسطح  يتبجح بانتفاضة العودة وهو ذات
نفسه يبحث عن ثقب. أمام هذه التراجيديا والعجز عن فعل شيء ما لا يجد المجلس أمامه
سوى تكرار تجارب الأبوجية في التعويل على بث الإشاعات وتنظيم حملات الكذب ضمن
تواتر يتناسب وحجم ردود فعل الغضب الشعبي.
إذا
تورط البارتي والمجلس بإشاعة أكاذيب العودة في كل مرة لا تأتي عن عبث أو من فراغ.
هناك محاولة حثيثة لمسح لطخة السواد التي وصمت جبينه نتيجة تورطه في كارثة
عفرين.  و التهليل الأخير و المنظم لدعم إشاعة
انتفاضة العودة إلى عفرين انطلاقا من مقرات و مهاجع وفنادق قادة البارتي المقيمين
في أربيل واسطنبول. والذين صدعوا رؤوسنا خلال الأسابيع المنصرمة بعودة مئات
العوائل إلى منطقة عفرين. كذبة يدركها كل عفريني جريح وحر في الداخل والخارج. وهو
مطلب تركي  للخروج من ضيق التقارير
المنظمات والجهات الأممية التي تقصت أوضاع منطقة عفرين ووصفتها بجرائم حرب. من طرف
آخر يسعى صناع هذه الإشاعة لتخفيف الضغط عن أربيل نتجة الحرج حيال تراجع شعبية
متزعميها بين أهل عفرين. خاصة بعد استقبال نصر الحريري المشين. بالإضافة إلى
محاولات التغطية على عورة المجلس التي باتت أوسع من تحمل مريديه المتورطين معه لذا
كان لا بد من المضي خلف مقولة غوبلز. اكذب حتى تصدق نفسك. وهذا منطلق جعير البعض
فرحا بكذبة انتفاضة العودة. كل هذا ولم نتحدث بعد عن محاولة استخدام كارثة عفرين
في بازارات شرق الفرات للضغط على الاوجلانيين في مسعى لتقوية موقف المجلس وهذا هو
الهدف البعيد والذي يمكن الحديث فيه في وقت لاحق .
في
واقع الحال ومن خلال اتصالاتي الاعتيادية و اليومية مع منطقة عفرين وسؤال العديد
من الاصدقاء .  يؤكد الكل أن مجمل من عادوا
خلال الثلاثة أشهر الأخيرة لا يتجاوز عددهم الفعلي في أفضل الحالات الخمسون شخصا
اي ما بين 15 إلى 20 عائلة مع الأخذ بعين الاعتبار أن غالبيتهم قدموا من لبنان
وتركيا ودمشق. أي من مناطق لا تمت بصلة لمخيمات أو لمعسكرات سلطات الأمر القذر pyd والتي تضرب طوقا أمنيا صارما حول أهل عفرين
الرهائن لديهم كما نوهنا. وأغلب من عاد لأسباب  
تتصل مباشرة بشح ظروف المعيشة خاصة في لبنان والمدن السورية التي ترزح تحت
نير النظام والتي باتت تعيش أوضاع اقتصادية كارثية. وكذلك بعض كبار السن الذين
يجدون أنه لم يعد في العمر متسعا. و تنبع مخاوف هؤلاء من أن يخطفهم الموت بعيدا عن
أرضهم. وكل هذا يأتي ضمن سياق طبيعي لحركة البشر وسط ظروف الحرب. نعم هناك من يعود
بين الفينة والأخرى. وهذا يختلف كليا عن مفهوم الانتفاضة كما يروج له مريدوا
وإمعات المجلس ومن يدور بفلكهم . بالمقابل هناك من يترك المنطقة أيضا. هربا من
الخطف والقتل والسلب والفلتان الأمني وهذا يختلف عن عودة القلة القليلة كفعل منعكس
على ظروف المعيشة والعيش. لأن عملية النزوح و التهجير الناعمة والقسرية من منطقة
عفرين ممنهجة  ومدروسة وذات منحى صريح.
وهذا ما يخجل إمعات المجلس من الخوض فيه. يخرسون عن حقيقة أن تركيا حققت أهدافها
الخفية في منطقة عفرين بنسبة تفوق المتوقع وبزمن قياسي. منطقة يسكنها اليوم  أقل من 25 ٪ من سكانها المحليين. الكرد. وتسمية
عودة بضعة أفراد وعائلات بالانتفاضة لا تشبه في بشاعتها سوى التسمية التي أطلقتها pyd على ورطتهم في منطقة عفرين تحت مسمى مقاومة
العصر التي صارت محل استهزاء واستهجان الكل.
وبعيدا
عن كل هذا. في المنطقة التي أقيم فيها بالقرب من برلين.  وصلت مؤخرا عائلتين قادمتين من منطقة عفرين بعد
رحلة مريرة من الألم والتعب. ولولا سرية المعلومات هنا في أوربا وخصوصيتها لكنت
ذكرت العائلتين بالاسم بحكم وصولهم إلى مكان آمن. و تحدثت إليهم مطولا عن الأوضاع
الكارثية في منطقة عفرين. وكلتا العائلتين تعرضتا للسلب والخطف. ولا أريد أن ابتعد
كثيرا. احد الاصدقاء الذين وصلوا إلى أوربا قادما أيضا من عفرين خلال الأشهر
الماضية شرح لي كيف أنه تعرض للضغط حتى يشتري معصرة الزيتون التي كان يملكها.
تصوروا شخص يشتري من السارق ما سلب منه تحت تهديد السلاح. ولكم أيضا أن تتخيلوا
اعتقال معلمة مدرسة لان علامة الفطحل ابن قائد الفصيل متدنية ولا تليق بكم وحجم الأسلحة
المكدسة لديه. كل هذا ولم اتحدث شخصيا عن منزلي المستلب  في القرية. ولا عن فيلا لأحد الأصدقاء. تحولت
إلى سجن يمارس فيه أغرب وأقسى أصناف التعذيب .
أخيرا.
يطول الحديث عن لا أخلاقية ما يقوم به البعض من دعاة القضية الكردية في سوريا تجاه
منطقة عفرين. كما حال كذبة انتفاضة العودة التي تفضحها الجرائم اليومية المرتكبة. و
التي تخدم تركيا ومرتزقتها الذين يستبيحون المنطقة وفق منهجية ترمي لإلحاق المنطقة
بالدولة التركية بعد إفراغها كليا من سكانها المحليين. وصناعة هذه الإشاعات من قبل
المأجورين وعديمي الضمير المكشوفين والمعروفين بالاسم محاولة بائسة لنسف حقيقة ما
يجري على الأرض. والأهداف والدوافع المحرضة لهكذا اشاعات لم تعد بحاجة لشروحات
كثيرة.
وتبقى
مسألة العودة إلى عفرين هي أمل وحلم كل أهل عفرين. ولكن عندما تكون المنطقة مسلخ
بشري وساحة للجريمة المنظمة تنعدم إرادة العودة وتكاد تكون مستحيلة سيما وأننا هنا
نتحدث عن بشر وليس عن حجر.  لديهم مخاوفهم
وهواجسهم . وإشاعة انتفاضة العودة محاولة بائسة لإثبات أن عفرين باتت جنة من جنان
سوريا الكئيبة. و بنفس الوقت تعبير صادق عن حالة العجز والفشل التي تنخر في  المجلس الكردي. وهذه الإشاعات ليست أكثر من
استعاضة العمل الجاد على توفير بيئة أمنة لعودة حقيقية وطوعية لأهل عفرين سوى
بمزيد من الحيل لتغطية  فشل البعض أو
لإرضاء أولياء نعمهم للارتقاء بعملهم الوظيفي الرخيص. و لا تخدم بنهاية المطاف سوى
أجندات تركيا ومرتزقتها.  وما علينا من وقت
لأخر. وكلما ضاقت بهم السبل. سوى  تصديق كذبة
انتفاضة العودة.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…

عنايت ديكو   الوجه الأول: – أرى أن صفقة “بهچلي – أوجلان” هي عبارة عن اتفاقية ذات طابع أمني وجيوسياسي بحت، بدأت معالمها تتكشف بشكل واضح لكل من يتابع الوضع عن كثب، ويلاحظ توزيع الأدوار وتأثيراتها على مختلف الأصعدة السياسية، الأمنية، والاجتماعية داخل تركيا وخارجها. الهدف الرئيسي من هذه الصفقة هو ضمان الأمن القومي التركي وتعزيز الجبهة الداخلية بجميع تفاصيلها…

اكرم حسين العلمانيّة هي مبدأ سياسي وفلسفي يهدف إلى فصل الدين عن الدولة والمؤسسات الحكومية ، وتنظيم الشؤون العامة بما يعتمد على المنطق، والعقلانية، والقوانين الوضعية بدون تدخل ديني. يتضمن مبدأ العلمانيّة الحفاظ على حرية الدين والمعتقد للأفراد، وضمان عدم التمييز ضد أي شخص بسبب دينه أو اعتقاده. تاريخياً ظهرت العلمانية مع اندلاع الثورة الفرنسية حيث خرجت الطبقة البرجوازية…