الكورد في غرب كوردستان والتنظير المجاني!!

عزالدين ملا

الكوردي في غربي كوردستان ترك كل شيء، وذهب يحلل وينّظر على وسائل التواصل الاجتماعي، وكأنه يفهم كل حقائق دهاليز السياسة العالمية ويعطي حلول للأوضاع السياسية الكوردية وحتى الاقليمية والدولية. ويشرح الأمور المستقبلية والخفايا في الغرف المغلقة للسياسة العالمية، لو كنا كذلك لمّا وصلنا إلى هذه الحالة.
أتأسف على تلك العقلية الكوردية الجاهلة في غربي كوردستان التي جعلتنا نتوقف لنرتاح من تعب سنين الوجع والظلم، ولكن كأول فرصة سنحت لنا، توقفنا في مكاننا، ولم نتحرك ولا خطوة نحو الأمام، بل على العكس تراجعنا خطوات وخطوات نحو الوراء، ونحن ننظر على سياسات أمريكا وروسيا ونحلل ونُنَظِّر عنهم وكأننا فلاسفة وحكماء، فمازال عاداتنا وتقاليدنا وتفكيرنا السلبي تسيطر على عقولنا ومصيرنا. 
أسفي على العاطفة الكوردية السّمحة الساذجة والمحبة للغير التي تجعل لعاب الآخرين تسيل علينا، تمنيت أسمع أنه في إحدى المرات كنّا أصحاب هيكل كوردي موحد وموقف موحد وهدف موحد!. فما زلنا ملتهين بالأفكار والايديولوجيات البالية، التي أصبحت من السلبيات الزائلة من حياة الشعوب، وبتلك العقل العنيد والقاسي الذي لا يقبل التحاور مع بعضنا البعض، ولكن نقبلها مع الغريب.
موجعة حال ذلك الكردي، الذي خسر أجزاء من أرضه، وأفرغ من ناسه، البعض استشهد والبعض نزح والبعض الآخر هاجر، الذي يختصر وضع شعبه بفقدان أجزاء من أرضه الممتدة من عفرين إلى سري كانييه مروراً بـ كري سبي، والشعب المظلوم والمنهك الذي نزح وهاجر، العديد منهم غرق في البحار والغابات الأوروبية، ومن فقد حتفه في الثلوج، والبعض الآخر مات مقتولا على يد الغدر والخيانة في بلاد الغربة، شعب لم يرَ من الحياة سوى الهم والحزن والقهر.
وا أسفي على الشعب، فالذين يبيعون القضية أكثر من الذين يُخلصون ويُدافعون عنها، والفاسدين أكثر من الشرفاء، الذين يسرقون، وينهبون خيرات البلد أكثر من الذين يحافظون على الأملاك العامة وثرواته، والذين يهربون، ويهاجرون أكثر من الذين يتشبثون بالأرض. 
 على هذا الشعب الذي أصبح عدد أحزابه أكثر من عدد المدارس والجامعات، وعدد القيادات أكثر من عدد الأطباء والمحامين، هذا القيادي الذي لا يعرف من أجل ماذا أصبح قياديا؟ وما هو هدفه؟ ولا يعرف عن أي شيء يدافع؟  وكل طرف يجتمع مع كتلته، في اجتماعات متشابهة لأهداف كيدية ضد بعضهم البعض، وتاركين العدو يسرح، ويمرح، ضارباً المبادئ والقيم في عرض الحائط. 
على هذا البلد، الذي لا يستطيع أن يحافظ على حياة مواطنه، ولا يستطيع دعم معيشته، فقط  نرى عدد السيارات والمولدات في تزايد، حتى أصبح عددها أكثر من أعداد المواطنين، لا يوجد غير التلوث والأمراض، دون اكتراث أحد لحياة وصحة المواطن، لا إحساس ولا مسؤولية، ولا هم ولا غم سوى حب الذات والثروة، الذي يطغى الأنا، ولم يبقَ سوى العجائز والمعاقين بعد ان خسرنا خيرة شبابنا في أرض غير أرضنا، ضحوا بدمائهم في سبيل اللا شيء. 
قلب يتوجع على الإعلام الكوردي الذي لا يأبه لحياة الكوردي، وخاصة بعض شاشات الفضائيات الكوردية التي نسيت هم المواطن الكوردي، ولا يدور في فلك سياستها ومنهجها سوى تهييج الكورد على بعضهم البعض وزيادة حالات الاحتقان في كل نواحي الحياة ، وزيادة التشنج، وسوء الفهم، بكلمات التخوين والعمالة، كلمات في خدمة القلة المستفيدة، وتضر عامة الشعب.
 وهنا نتساءل:
 ما هي الحقيقة وراء هذه الكذبة التي خلف هذه الحقيقة التي خلَّف هذه الكذبة التي يحاولون نقلها للشعب الكوردي؟!.

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

صلاح بدرالدين   منذ أيام يدور سجال حامي الوطيس بين كل من حزب الاتحاد الديموقراطي – ب ي د – والمجلس الوطني الكردي – انكسي – وأحزاب الوحدة الوطنية في القامشلي ، حول مسالة عقد ( المؤتمر الكردي ) وشكل وآلية المشاركة فيه ، وبايجاز صريح بشان الحصص الحزبية ، والتفرد ، والتنازع حول النفوذ ضمن اطار الوليد الذي لم…

د. محمود عباس أنقذوا سوريا قبل أن تُطْبِقَ عليها الظُلمات، قبل أن تتحول إلى كيانٍ معلقٍ في الفراغ، تتقاذفه الرياح العقائدية والتجاذبات الإقليمية والصراعات العالمية. كيف لبلدٍ يمتلك إرثًا حضاريًا ضاربًا في جذور التاريخ أن ينحني أمام هذا الطوفان المريع من الابتذال الفكري والانحطاط الثقافي؟ كيف لشعبٍ كان يومًا مركزًا للحضارة والتنوير أن يُختَزل إلى مجرد متلقٍّ لفكرٍ…

درويش محما ظهور حزب العمال الكردستاني في اواخر السبعينات من القرن الماضي، هو أسوء ما حصل للكرد في تاريخهم المعاصر، وأفضل ما قد يحصل لهم في المستقبل القريب هو اختفاء هذا الحزب بكل فروعه ومشتقاته؛ وكلما سألني احدهم عن كيفية التخلص من هذه العاهة المستديمة التي اصابت الكرد في مقتل، كنت اقول: بقاء هذا الحزب من عدمه بيد انقرة….

كنت خلال يوم الجمعة 13/3/2004م مصاباً بكريبٍ شديدٍ، حين اتصل بي محافظ إدلب السيد حسين الهدّار رحمه الله، إذْ علم بأنّني مريضٌ، وأعلمني أنّه سيزورني في منزلي.. هيّأتُ نفسي كي أدعوه لتناول طعام العشاء في مطعم الشلال في حلب، وبينما نحن في طريقنا باتجاه المطعم، وردني اتصالٌ هاتفيٌّ من السيد سليم كبول محافظ الحسكة، رددتُ عليه، وراح يسألني الدكتور سليم:…