وليد حاج عبدالقادر / دبي
في ثلاثية القائد الأوحد والحزب الواحد والعدو الأوحد ، والتي أصبحت كما متلازمة التوحد التي أطاحت بكلّ مفاهيم الديمقراطية توصيفاً ، والقومية ضحية لتربية وطنية منفية أصلاً ومسلوبة كخاصوية مسلكاً وتوجّهاً ، هذه الوحدانيات بتفردها التي تسخّر كلّ جهدها وامكاناتها للنفي الوجودي لما قبلها ولغاياتٍ لم تعد خافية وبعنوان واضح تتمثّل في عنوان فاقع بنكهة ديالكتيكية مشوّهة تبتر القديم ، وتتخبّط في استحداث الجديد ، تخضع التطور البشري منذ لحظاتها الواعية الأولى لرغائبيتها في النقد والتعليل ، وكقميصٍ بالٍ تُرمى كلّ النتاجات في دهاليز النسيان لحظة انشطار الفكرة الجديدة.
وفي المحصلة فهي تنتج صراعاتٍ وحروب ضروس مع عدو تستجلب عداوات وعلى أنقاضها يعلنها الأوحد نظريات تحاكي نظريات و .. لنثبت بأننا في هذه البقعة نولد لسببٍ واحد فقط وهو أن / .. نقاتل لا لأيّ هدفٍ آخر سوى تحكيم القادة الوطنيين بأعناقنا .. / حسب مقولة السيد حازم صاغية في زاويته بجريدة الحياة عدد 19485 – الثلاثاء 9/8/2016 .. قبل مسألة الأرحام .
هذا الأوحد صانع الحزب الأوحد والأمل الأوحد وبعقيدة واحدة والمنتج الرئيس للعقائدي / المؤدلج الذي يرى في نفسه واحداً أوحداً ، وهو فقط الأوحد الذي لا غيره مَن يمتلك الحقيقة المطلقة ، وبالتالي جينة الصدق والوفاء كما الإخلاص ووو ، ما يعني وبشمولية مطلقة ، وكإسقاط مباشر لنزعة طوبا / واقعية لكلّ مفاهيم الخير و.. إلصاق الشرور بمخالفه فيصبح مثله كمثل داعية أو راهب ما أن تُمسّ أية نقطة ضعف لديه حتى يلسعك بداء الكفر والهرطقة ، ويالها من شراسةٍ ما بعدها شراسة عندما يصبح التحزب كمؤسسة من أهمّ وظائفها تطويب الأوحد وتنميط كما إعادة صياغة المجتمع على هدي قناعاته ، ومثلها وبلولحة سيف ديمقريطس ، وحينها شاءت الأطر المتحزّبة أم أبت ، فستنحرف عن وظيفتها الأساس ، وستصبح مثلها مثل أيّة مؤسسة دعوية / كنسية و … كادره مجرّد متقمّص / مقلّد لدور داعية يرى في ذاته صاحب رسالة خالدة / أو دعوة هدائية ومهدوية … كما استعرضها وبتوسع السيد عبد الإله بلقزيز في جريدة الحياة / في نقد النزعة الدعوية … 25 – 6 – 2013 ع 18344 ص 10 . هذا التوصيف الدقيق وكنزعة توجه منكشفة على الواقع والمحيط ، وبالرغم من كثافة التمويه الممارسة ولغط المصطلحات الفارهة ببريقها ، إلا أنّ الوقائع والمعطيات المنتجة لن يطول فيها الوقت لتطرح انكشافاتها ، وكمثالٍ يمكننا تتبع حالة الانسلاخ عن الواقع والسياحة في مخيال نظري تفوح منها النزعة الديماغوجية بكلّ تجلياتها ، وهذه السياحة التنظيرية – الفكرية – التنبؤية هي التي مارسها السيد مصطفى قره صو في تصريحٍ له لموقع / وكالة A N H يوم الأحد الواقع في 11/ 8 / 2019 حيث قال ( .. لثورة 15 آب دورٌ كبيرٌ في قيامها, هذا النضال القائم حتّى يومنا هذا ضدّ قوى الاستعمار والاستبداد, ولولا 15 آب, لما رأينا كفاح الشعوب المستعبدة ضدّ الأنظمة الحاكمة الدكتاتوريّة, حتّى ثورات ’الربيع العربي’ هي نتاج ثورة الديمقراطيّة التي بدأنا بها. وكذلك الأمر بالنسبة للشعب الكُردي الذي يناضل منذ عشرات الأعوام, أشعل ثورة في كلّ المدن, البلدات والقرى.. الثورة مستمرّة يعنفوان كبير, والأهمّ من ذلك, أنّ المجتمع دخل مرحلة الثورة وامتلك وعياً كافياً للمطالبة بحقوقه المشروعة في الحرّية والديمقراطيّة .. ) .. ولنتأمل سويةً تتبع حلقات الضباب المتصاعدة دائرياً وكشريط متتالٍ في الآفاق فتتبعثر لتتبخّر وكانها لم تكن ! ولمَ لا ؟ فهاهو القيادي في حزب العمّال الكُردستاني يعود مجددا الى تنظيراته ( .. إنّ ثورة 15 آب لم تكن ثورة مسلّحة فحسب, بل “هي ثورة مجتمعيّة أيضاً . إذ ناضلت ولا تزال تناضل لأجل نشر مفاهيم وقيم الديمقراطيّة داخل المجتمعات. كما تمكّنت من تغيير ذهنيّة المجتمع نحو الالتفات إلى مقاومة الظلم والاستبداد, نحو ترسيخ قيم المساواة والعدالة في مواجهة الفاشية والدكتاتوريّة .. ) ولكن – وهذه مني – في العودة مجدّداً إلى السيد حازم صاغية ( نقاتل لا لأيّ هدفٍ آخر سوى تحكيم القادة الوطنيين بأعناقنا ) ..
إنّ العودة إلى المسلّمات ومنها إلى الثوابت والمتحولات في الأحزاب العقائدية ، وفي الخاصية الكُردية ، هناك أنموذج واحد يتمثّل في حزب العمال الكُردستاني والفائض الآيدلوجي والمتغير لا كضرورة أو كنتاج لتجارب تراكمت ، أو لتصحيح مسار أثبتت الممارسة عدم جدواها ، يضاف إليها أنّ كلّ المتغيرات هي ليست من مخرجات اجتماعات او مؤتمرات حزبية ، بقدر ماهي طوباوية مقدّسة من القائد الأوحد وكهادٍ أو منظّر ، تنظر إلى توجهاته وكتقية يتوجّب الالتزام بها ، وهنا دعونا نتساءل : عن ماهية البراديغما ومدى إمكانية استيعاب مفاهيمها النظرية والاستخلاص الآيديولوجي منها حتى من قبل سدنة قنديل أنفسهم ؟ الأمر الذي عجز فيه جميل بايق ذاته في تفسيرات سابقة له للبراديغما المبتكرة إنتاجاً من قبل السيد أوجلان ، لابل وبغضّ النظر عن ذلك ؟ الفحوى المستوجبة منها كحق الشعوب في تقرير مصيرها ، وقضايا الحرية والديمقراطية والبناء المؤسساتي كتأطير فعلي للقضايا الإنسانية المعاصرة ، فهل ما تمّ تطبيقه في تجربتهم بمناطقنا عزّزت أية ثقافة سوى تطوير وسائل وأساليب الاستبداد ؟ هل فسحت المجال ولو كتجربة في خلق وتعزيز ثقافة الاختلاف وتصقيلها كتقافة وتعايش لتستمر وتزدهر كآفاق وعي ؟ .. أم أنها تقمّصت نزعة الاستبداد وببراعة أكثر من المستبد الأول ؟ .. أما تمّ استخدام الأوحد بثلاثياته وبدرجة امتياز ؟ حيث استند وبانعكاس حقيقي لوحدانيته ثلاثا من جديد : العدو الأول ، والخائن الأول والثالثة كانت استيلاد طواحين هوائية أو استعارتها من الراحل سرفانتس .
إنّ آفة التنظيمات الراديكالية كانت وبقيت في تطويبها لكلّ ما يصدر عن أوحدها تنظيراً لا كنتاج ممارسة من جهة ، ولا عن إفرازات تجارب المجتمع الذي لا يراها الأوحد إلا من بروجه العاجية بهالاتها التي يعليها تابعوه ، وهو من ذات البرج لا يراهم سوى عابرين من تحت أقدامه إلى حيثما يريد ويشاء هو، فيصبح الحزب كروموت كونترول بيده يوجه به الجميع الى محرقة ( اعتبار القضية ملكية حزبية خاصة وبمعالجات موضعية يبذخ فيها هنا وتخون هناك ! تذكّرنا بموضوع الجولان ونقل – المقاومة – الى جنوب لبنان ) ..
وفي الجانب النقيض لهكذا أنموذج فلن أحتاج إلى كثيرٍ من الاسترسال سوى التمسك بالقضية الأساسية والنضال في سبيلها ، ولأعود معكم إلى مقابلةٍ للزعيم مسعود البارزاني مع جريدة الحياة عدد يوم الأربعاء ١٩٨٥٠ تاريخ ٩/٨/٢٠١٧ وفي رده على السؤال التالي : ( .. حتى الدول الإقليمية مثل تركيا وإيران عارضت خياركم المضي في الإستفتاء لأن كياناً منفصلاً في كُردستان العراق سيشجّع أكراد البلدين على الإلتحاق به .
الجواب :
نحن ندعو الى إجراء الاستفتاء في إقليم كُردستان ، وتحدّثنا عن الأسباب التي أدّت الى تبني الإقليم هذه الخطوة ، لانريد أن نكرّر تجربة مئة عامٍ فاشلة ومليئة بالمآسي مع الدولة العراقية ، على الدول الإقليمية أن تعي ذلك، وقد توضّح لها أننا عامل أمن واستقرار في المنطقة . هناك أكراد في الدول المجاورة لا يمكن الإستمرار في إنكار وجودهم الى الأبد ، ولابدّ من حل القضية بالطرق السلمية في الأجزاء الأخرى ، بهدف تحقيق الإستقرار والتنمية والسلام . ) .
و .. باختصار : نعم هي القضية الأساسية التي تتطلب ايجاد الحلول لها لا .. السياحة التنظيرية .