د. محمود عباس
ما ذنب آل البرزاني الأفاضل أن تتأذى:
يبدو أن بعض القيادات الحزبية المتملقة إما أنهم لغايات ذاتية، أو لعدم استيعابهم مكنونات المقال وغاياته، الذي تناولنا فيه أخطاء مؤسسة حكومية، من الدرجة الثالثة، تابعة لإحدى وزارات الإقليم الفيدرالي الكوردستاني، مهمتها رعاية شؤون المهاجرين، وخدمة المخيمات، وأخرى ربما تابعة لها أو من ضمنها تهتم بشؤون المغتربين الأجانب، والتأشيرات، والفيز، وهي ككل الإدارات الحكومية الصغيرة تحتضن مسؤولين من كل المشارب، تابعين من حيث البعد السياسي للجهات الحزبية المتنوعة ضمن الإقليم، بينهم الشريحة الوطنية، والصالح، مقابل الانتهازي، والطالح، والفاسد، إلى درجة أن انطباعات القادمين من الغربة إلى الوطن، عن هذه الإدارات، لا تبشر بالخير. وللتعتيم على نقدنا لهذه المعضلة، استخدموا النقد الهابط، بعدما حرفوا مسارات القضايا المطروحة، وأسقطوها في خانة التهجم المبتذل.
ولغاية ما، على الأغلب هيمنت على بعض موظفي الإدارات المعنية نزعة المصالح الذاتية، أو لجهالة بعضهم، أصدروا قرارين على مدى الشهرين الماضيين، قرار رسم الفيزا، ورسوم الإقامة، أضرا المقيمين بتصاريح بشكل ملفت للنظر، ذكرونا بقرار الإدارة الذاتية عندما حاولوا الاستيلاء على أملاك المغتربين، رغم الفارق الكبير بينهما. تأذى منهما المهاجرون والمقيمون في المخيمات من أبناء غرب كوردستان أكثر من الجميع، وقد أدى ذلك إلى بلبلة ضمن المخيمات، وعلى خلفيتهما تحرك السماسرة والمرتشون، واشتغلت الرشاوي.
وهنا كانت من مهماتنا ككتاب وصحفيين، وليس سياسيين، الوقوف في وجه هؤلاء المنتفعين، قبل وبعد تعديل القرارين، للفت نظر المسؤولين الكبار، إلى مدى الضرر الذي سيلحق المشمولين بهذا القرار، لأننا نتوقع أن يتنشط المرتشون والمنتفعون من دفع المؤسسة إلى إصدار قرار مماثل في المستقبل. والإشكالية هنا، هو خلط المفاهيم عند الشريحة الحزبية في غرب كوردستان الممتعضة من مقالنا، فقاموا بتعميم نقدنا على أنه تهجم على حكومة الإقليم، فكما ذكرنا، كثيرا ما يتم تعميم الخاص وتخصيص العام، وعلى أثره نقلوا مواضيع مقالنا إلى جغرافيات أوسع من المطروح، ولغايات، بلغنا، أنهم متربصين لها مسبقاً.
والغريب أن الذين تناولوا المسألة، لم ينتبهوا إلى أنهم بفعلتهم هذه قزموا حكومة الإقليم الفيدرالي الكوردستاني، إلى سوية مؤسسة حزبية، متناسين على أنها شبه دولة ولا تقارن بالأطراف الكوردستانية السياسية، فعندما تخطأ مؤسسة أو إدارة ليست كما تخطأ قيادة حزب.
يحدث أن يصدر بعض المسؤولين القرارات الفاسدة والتي تضر الدولة والشعب بشكل عام، حينها تصبح من ضرورات البعد الديمقراطي، نقدها والمطالبة بإعادة دراستها ومحاسبة المسيئين، وخاصة عندما تتكرر، وهنا فلا علاقة للوزارة بها إلا إذا تفاقمت الإشكالية وأصبحت مضارها تمس الشعب عامة. ولولا النقد وتحريك الأطراف الصالحة في حكومة الإقليم لكان القرارين سارياً حتى اللحظة.
وهنا يحضر السؤال ذاته، للمجموعة الذين راسلونا وتناولوا قضايا خارجية دون فحوى المقال، إن كان لرأيهم الخاص أو قاموا بها تحت أملاءات، ما علاقة آل البرزاني بقرار رسوم تأشيرة الفيزا، ومثلها قرار الإقامة الذي تم إلغاؤه، ليقحموا العائلة الكريمة والسيد الرئيس مسعود البرزاني في القضية؟ بعضهم بالسلب وأخرين بالإيجاب مع التملق، المغرض والمبطن، وفي الحالتين أخطأوا وأساؤوا على خلفية جهالة واضحة، والمتملقين منهم خاصة، لم ينتبهوا أنهم قاموا بتقزيم شخصه ومركزه ومقام آل البرزاني إلى سوية إدارة ومسؤولين يصدرون قرار فاشل، ومن السذاجة إقحامهم في مثل هذه الإشكاليات الضحلة، علما أننا لم نأتي على ذكر السيد الرئيس والعائلة الفاضلة بالمطلق في مقالنا. لذلك نرى أن استخدام أسلوب المراوغة، وإقحامهم، تهمة يراد بها الباطل، وجدلية الدفاع عن مسألة لا وجود لها، رد فعل ساذج لحماية مصالحهم، ومحاولة ضحلة لإنقاذ الذات من مسؤولية القرار المشين.
مؤسسات الإقليم، أو إداراتها، تابعة للحكومة، ملك للأمة، وليس كما تفضل بها الممتعضون من سياسة الإقليم، على أنه حكر لآل البرزاني الكرام، وهم يدركون أن السيادة للشعب على الوطن والدولة، وآل البرازاني يعملون ضمن كيان سياسي متشعب المؤسسات، وهم أعلى من أن يتلوثوا بمثل هذا الأمر.
ومن غرائب التناقضات، وربما لضحالة الخبرة السياسية، أن المتناولين لهذه الإشكالية، خدموا المسؤولين في الإدارة الذاتية بسوية لم يتمكن منها معظم مؤيديهم ولا الذين تناولوا المقال من الجانب الأخر، نحن نتحدث في البعد السياسي وليس الحزبي، وساعدوا حزب الإتحاد الديمقراطي بنفس الطريقة التي قام بها أعضائه. وعلى نفس السوية الضحلة في التهجم، قزموا آل البرزاني الأفاضل، عندما أنزلوهم إلى سوية المسؤولين لإدارة بسيطة فاشلة في قرارتها.
ولقلة الخبرة السياسية، لا يدركون، أن تكرار سرد أخطاء الإدارة الذاتية التي يتناولها الشارع الكوردي بشكل روتيني، وبالسذاجة المعروضة، ملقنة جلها من قيادات في الإدارة، مطعونة في قوميتها من البعد الإيديولوجي، ينشرونها لامتصاص امتعاض الشعب، ليتناسوا القضايا والإشكاليات الرئيسة التي عليها خلاف، وهو ما يضر قادم الأمة، وقد كتبنا عما يرددونه كل يوم، مرات ومرات، على مدى سنوات طوال، ما بين 2011م وحتى 2015م، قبل أن تستفحل، يوم كان بإمكاننا كحراك غرب كوردستان، ردع الحزب الحاكم وتصحيح الأخطاء، وللأسف لم يحصل والأسباب متعددة لربما سنأتي على ذكرها يوما ما، وتوقعاتنا خرجت صائبة، واليوم لم تعد تجدي نفعا النقد الذي تجاوزه الزمن، بل تخلق المصائب والكوارث بين شعبنا. واليوم رؤيتنا للمستقبل أكثر وضوحا من الذين يزيدون شرخ الخلافات، ويطالبوننا الاشتراك في المعارك الداخلية.
وللأسف، أخطأ المنتقدون من الطرفين وعلى خلفية عدم الخبرة من جهة وللؤم ربما تم تلقينه لهم من جهة أخرى، في تحميل آل البرزاني وزر كل ما يجري في الإقليم من الأخطاء والسلبيات، ولربما على المسؤولين في حكومة الإقليم تنبيههم مثلما نذكرها لهم الأن، على فعلتهم المسيئة هذه، والبحث عن الذين يقفون وراء توظفيهم لهذه المهمة، وإقحامهم في سياق مقال نقدي بحثنا فيه أخطاء أربع أطراف سياسية-حزبية-إدارية كوردستانية ذكرناهم بالأسماء في المقدمة. وليست مشكلتنا فيما إذا كانت الأدمغة لا تتحرك إلا في أتجاه واحد، ولا ترى الوطن إلا من خلال أحد الطرفين، وكلاهما لا خير فيهما للوطن وهم على هذا الخصام، وعلى هذه السوية من تناول أساليب العلاج لقضايانا.
وللعلم، لقد كان حراس طوطم قنديل والإدارة الذاتية أحنك من الطرف الأخر، لأنه في تهجمهم لم يقحموا قادتهم في المساوئ والأخطاء الجارية، بل أذنبوا في رسائلهم وبالأسماء بعض الكوادر الجاهلة وبعض المسؤولين الفاسدين وتجار الحروب بما يجري، وهم ذاتهم الذين يتم ذكرهم في الشارع الكوردي، ولم يأتوا على ذكر أي قيادي في قنديل أو أخرين في الإدارة الذاتية.
فليت الطرفين يعيدون التمعن في متن مقالاتنا، للوقوف على ما قدمناه، والتي لا نخفيها ولا يرهبنا قوة للتغطية على ما نؤمن به، ولا نبالي فيما إذا كنا على خلاف ما يؤمنون به، ونتحاور عليه، شرط أن يقدموا نقد مفيد، بعيدا عن المصالح الذاتية أو الإملاءات الخارجية، يدحضون وجهة نظرنا، ويبتعدون عن بيع الوطنيات، ويتغاضون عن منهجية الموقف المسبق، من رؤيتنا…
يتبع…
الولايات المتحدة الأمريكية
mamokurda@gmail.com
2/8/2021م