مجزرة عامودا

عبداللطيف الحسيني

الحقّ العامُّ لا يسقط بالتقادم حتى و إن تنازل أصحابُ الشأن عنه بخصوص أيّة جريمة أو مجزرة. يجب أن يكون هذا العنوانُ مرآة أمامَ حزب الاتحاد الديمقراطي الذي ارتكبَ مجزرة عامودا التي ستبقى لطخة سوداء في تاريخ هذا الحزب الذي استلمَ المناطقَ الكرديّة بقوة سلاح طاغية الشام بشار الأسد.
استطاع هذا الحزبُ أن يوقفَ الحراكَ الشبابي ضدّ البعث والأسد في المناطق الكردية بخلق تهمة واهية باطلة بحق ثلاثة شبّان من مدينة عامودا بتهمة تهريب السلاح والحشيش. مَن لا يعرف مدينة عامودا أذكّرُه بأن تاريخ هذه المدينة يرفض التدجين والترويض, وكأنّها خُلقت لتقولَ (لا) العاليةَ الثوريّة في وجه أي استبداد مهما كان هذا المستبدُّ مدجّجاً بالقوّة عَددَاً وعُدّة.
حين اعتقل هذا الحزب سربست نجاري وديرسم كردي و ولات فيتو بتلك التُهم الباطلة خرج أهالي عامودا بدايةً بالعشرات.. ثم بالمئات.. ثم بالآلاف ليقولوا (لا) كالعادة في وجه هذا الحزب وقياداته, ففي اليوم الأسود من تاريخ هذا الحزب 27/6/2013 اُستشهد خمسةُ أبرياء من أهالي مدينتي, وفي اليوم التالي تمّ قنص السيد علي رندي من قِبل قنّاصي هذا الحزب الذين تمركزوا فوق منارة الجامع الكبير.
وبعد ارتكاب المجزرة أعلن الحزب منع التجوال في المدينة و منع الأهالي من دفن شهدائهم وتم اعتقال وجرح العشرات, بعدها أيقن أهالي المدينة بأنّ الحياة باتت مستحيلة.. فتمّت الهجرة من يومها بالعشرا.. وتطوّرت بعدها بالمئات.. ثم بالآلاف حتى باتت عامودا خالية من العقد الأوسط (الجيل الشاب).
الحقّ العام لا يسقط بالتقادم: نريد محاسبة المجرمين الذين خططوا ونفّذوا وأعطوا الأوامر باطلاق النار على الأهالي الأبرياء.
الرحمة للشهداء والشفاء للجرحى والعار والخذلان للمجرمين.
بالفيديو: مجزرة عامودا:

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

النقل عن الفرنسية إبراهيم محمود باريس – أكد البروفيسور حميد بوزأرسلان على ضرورة تحقيق الكُرد للاندماج الداخلي، وشدد على أن المسألة الكردية، بسبب الاستعمار فوق الوطني لكردستان، لا تقتصر على دولة واحدة بل هي شأن إقليمي. وتحدثت وكالة الأنباء ANF عن المسألة الكردية مع حميد بوزأرسلان، مؤرخ وعالم سياسي متخصص في الشرق الأوسط وتركيا والمسألة الكردية، يقوم بالتدريس في كلية…

درويش محما* خلال الاعوام الستة الماضية، لم اتابع فيها نشرة اخبار واحدة، وقاطعت كل منتج سياسي الموالي منه والمعادي، وحتى وسائل التواصل الاجتماعي لم اتواصل معها ولا من خلالها، والكتابة لم اعد اكتب واصبحت جزءا من الماضي، كنت طريح الخيبة والكآبة، محبطا يائسا وفاقدا للامل، ولم أتصور للحظة واحدة خلال كل هذه الأعوام ان يسقط الاسد ويهزم. صباح يوم…

إبراهيم اليوسف من الخطة إلى الخيبة لا تزال ذاكرة الطفولة تحمل أصداء تلك العبارات الساخرة التي كان يطلقها بعض رجال القرية التي ولدت فيها، “تل أفندي”، عندما سمعت لأول مرة، في مجالسهم الحميمة، عن “الخطة الخمسية”. كنت حينها ابن العاشرة أو الحادية عشرة، وكانوا يتهكمون قائلين: “عيش يا كديش!”، في إشارة إلى عبثية الوعود الحكومية. بعد سنوات قليلة،…

سمير عطا الله ظهر عميد الكوميديا السورية دريد لحام في رسالة يعتذر فيها بإباء عن مسايرته للحكم السابق. كذلك فعل فنانون آخرون. وسارع عدد من النقاد إلى السخرية من «تكويع» الفنانين والنيل من كراماتهم. وفي ذلك ظلم كبير. ساعة نعرض برنامج عن صيدنايا وفرع فلسطين، وساعة نتهم الفنانين والكتّاب بالجبن و«التكويع»، أي التنكّر للماضي. فنانو سوريا مثل فناني الاتحاد السوفياتي،…