رحلة إلى الموث

أمل حسن

ينطوي تهريب المهاجرين، كما هو محدد في المادة 3 (أ) من بروتوكول تهريب المهاجرين، على تسهيل دخول شخص ما بصورة غير مشروعة إلى دولة ما، للحصول على منفعة مالية أو مادية أخرى. وبالرغم من أنها جريمة ضد دولة ما، إلا أن المهربين يمكن أن ينتهكوا حقوق الإنسان لأولئك الذين يقومون بتهريبهم، بدءًا من الاعتداء الجسدي إلى حجب الغذاء والماء عنهم.
من الأهمية بمكان فهم أن المهربين هم من المجرمين. إن التقرير العالمي حول تهريب الأشخاص الصادر عن مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة (UNODC) يبرز بعض أكثر الطرق شيوعا التي يستغل بها المهربون أولئك الذين يجرؤون على الانطلاق في هذه الرحلة.
لِماذا؟!  كل هذا هل أنه القدر؟ أم نحن نسابق الزمن، ونجلب القدر  لِأنفسنا عندما نهرب من الموت والموت يرافقنا إلى أين ما ذهبنا وتلاحقنا خلف الأسوار مع أمواج البحار وخيانة البشر وغدر المهربين الذين َ لا يمتلكون ذرة من الوجدان وضمير البشرية بل أنهم أصبحوا مثل الذئاب المسعورة ينهشون بلحوم البشر حين يتم التعامل  مع قوافل المهاجرين بصفقات تجارية  مع تجار الحروب ولِكي تمتلئ الجيوب  بالدولارات والعملات الأجنبية  من أجل توسيع المشاريع والعقارات السياحية وفتح فنادق خمس نجوم على شواطئ البحار من وراء المشرديِن  على حساب  المهاجرين وغرق الأطفال الصغار وأرواح البريئة  الذين فروا من الحروب  والجوع والتشريد وسوء المعيشة.
  فعندما لا يسع  اليخت أو البلم  سوى عشرة أشخاص ويتم الحمل عليه أكثر من عشرين شخصاً، حينها حتماً ستغرق السفينة وبما فيها من البشر لأن الحمل قد ازداد عن حده ولن يتحمل البلم المصنوع من الكاوتشوك، ويفتقد لأبسط قواعد الأمانة والأمن في المياه اكثر من الوزن المطلوب، وعلى هذا المنبر الإنساني  في عتمة الظلام مابين أمواج البحر وامواج الغدر تتلاشى أجسام  الشباب والصغار إلى عمق البحار، ويلاحق آلان الصغير مئات ومئات من الأطفال الملائكة بل طيور الجنة إلى مثواهم الاخير، في ظل خيانة المهربين، أمام مرأى المجتمع الدولي.
بأي عدالة سيتم محاكمة ومحاسبة هؤلاء المجرمين وبأي قانون سنعاقب أنفسنا عندما نهرب من الواقع ونسلك طريق الموت بايدينا؟
لِماذا لا ندافع عن  الوطن بأرواحنا وأقلامنا وسيوفنا أحسن بكثير أن نموت في بلاد الغربة علي يد المهربين والحشاشين وعصابات الطرق  بحالات القتل و الغرق والحرق و الخطف  او صواعق كهربائية او حوادث السير ….. والخ؟ 
ومتى كان الوطن عبئاً علينا؟  حتى أن نصل الى هذا الحد نهدر  بدمائنا ودماء  أولادنا، ونشجعهم إلى طريق المجهول ومغادرة الوطن، متى سنصحو من سبات هذا النوم العميق ومن ذلك الكابوس المزعج؟ ونرى بعين اليقين طريق الصواب،  أن كل ما يحصل على أرض الواقع منذ اندلاع الثورة السوريه وحتى يومنا هذا كلها مؤامرات دولية تلعب جميع الأدوار بكافة مجالات الحياة وبجميع المنظمات باسم الانسانيه  مع شعارات البراقة بحرية الإنسان وحقوق الطفل وتأهيل المرأة ودعم تعليم وعدم زواج القاصرات الدعم النفسي والمعنوي لذوي الاحتياجات  الخاصة، 
ولكنهم لا يملكون اي صفة من تلك الصفات التي تم ذكرهَا  بل يسعون الى الخراب والدمار والموت في كل مكان ورائحة الدم تفوح من كل الجهات والفقر تعم البلاد والجوع يقتل الصغار والجهل تعود من جديد والقضاء على التعليم  هو أكبر سلاح تستخدمه الدول الغربية علينا.
إلى متى سنكون غافلين بما يجري فينا ومن حولنا ونركض وراء السراب وضياع أبنائنا وراء ماليس َ له الوجود في وقت يكون الوطن بأمس الحاجة لأبناء البلد؟  ومتى سنعرف الفرق ما بين قوة الحضارة وحضارة القوة ، نعم أنها رحلة مثيرة  إلى الموت في زمن ثورة الدولار ومصاصين الدماء .

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

شيروان شاهين سوريا، الدولة ذات ال 104 أعوام البلد الذي كان يومًا حلمًا للفكر العلماني والليبرالي، أصبح اليوم ملعبًا للمحتلين من كل حدب وصوب، من إيران إلى تركيا، مرورًا بكل تنظيم إرهابي يمكن أن يخطر على البال. فبشار الأسد، الذي صدع رؤوسنا بعروبته الزائفة، لم يكتفِ بتحويل بلاده إلى جسر عبور للنفوذ الإيراني، بل سلمها بكل طيبة خاطر…

ماجد ع محمد بعد أن كرَّر الوالدُ تلاوة قصة الخريطة المرسومة على الجريدة لأولاده، شارحاً لهم كيف أعادَ الطفلُ بكل سهولة تشكيل الصورة الممزقة، وبما أن مشاهِدَ القصف والتدمير والتدخلات الدولية واستقدام المرتزقة من دول العالم ومجيء الجيوش الأجنبية والاقليمية كانت كفيلة بتعريف أولاده وكل أبناء وبنات البلد بالمناطق النائية والمنسية من بلدهم وكأنَّهم في درسٍ دائمٍ لمادة الجغرافيا، وبما…

صلاح بدرالدين لاتحتاج الحالة الكردية السورية الراهنة الى إضفاء المزيد من التعقيدات اليها ، ولاتتحمل هذا الكم الهائل من الاخذ والرد اللذان لايستندان الى القراءة العلمية الموضوعية ، بل يعتمد بعضها نوعا من السخرية الهزلية وكأن الموضوع لايتعلق بمصير شعب بكامله ، وبقدسية قضية مشروعة ، فالخيارات واضحة وضوح الشمس ، ولن تمر بعد اليوم وبعبارة أوضح بعد سقوط الاستبداد…

المهندس باسل قس نصر الله أتكلم عن سورية .. عن مزهرية جميلة تضمُّ أنواعاً من الزهور فياسمين السنّة، ونرجس المسيحية، وليلكة الدروز، وأقحوان الإسماعيلية، وحبَق العلوية، ووردة اليزيدية، وفلّ الزرادشتية، وغيرها مزهرية تضم أطيافاً من الأكراد والآشوريين والعرب والأرمن والمكوِّنات الأخرى مزهرية كانت تضم الكثير من الحب اليوم تغيّر المشهد والمخرج والممثلون .. وبقي المسرح والمشاهدون. أصبح للوزراء لِحى…