المصلحة الكوردية أولاً وأخيراً

صديق ملا

إن من يتابع سير الأحداث الدراماتيكية والمتسارعة في منطقتنا ((الشرق _أوسطية)) وتحديدا في (سورية والعراق ) يدرك جيداً حجم الإتفاقات والمؤامرات التي حيكت وتُحاك ضد الشعب السوري والعراقي بشكل عام والشعب الكوردي بشكل خاص .
فلو تمعنت في الموقف السياسي لحزب العدالة والتنمية منذ بداية الثورة السورية وما رافق ذلك من تصريحات نارية وخطوط حمراء من أردوغان وأزلامه لآمنت ايماناً مطلقاً بأنه (المخلِّص والناجي) للشعب السوري ، ولكن عندما وصلت الأمور في بلاده حد الإطاحة به وبعصابته استنجد بالقاصي والداني في سبيل مصلحته ومصلحة بلاده ابتداءاً من تقديمه فروض الطاعة للرئيس الروسي بوتين واعتذاره عن إسقاطه الطائرة الحربية الروسية وتنازله للأسد ببقائه في السلطة….
ولو استمعت إلى تصريحات المسؤولين الأتراك والعراقيين قبل أشهر من الآن ما كنت ستخمن أن العلاقات بينهما ستتحسن بهذه السرعة ؛ لكن الدول تفضل دائما المصلحة العليا لدولها مما يجعلها مستعدة لتحويل ((الغد الملتهب إلى يوم نقاء وصفاء)) لتوقيع الإتفاقات والتفاهمات من أجل مصالحها المتبادلة دون الالتفات إلى ما كان يصدر عنهما من خطب حماسية وتهديدات نارية.
ورغم كل الخلافات والمشاكل التي كانت وما زالت تعصف بالعلاقات السياسية والاقتصادية بين كل من (تركيا والعراق وإيران وسورية ) إلا أن هناك نقطة جوهرية مشتركة ما بين هذه الدول (توحِّدهم) وتعيد العلاقات فيما بينهم إلى طبيعتها ألا وهي القضية الكوردية وكيفية قمعها والتصدي لها على الرغم من خلافاتهم وتجاذباتهم السياسية …..
وأمام هذه الوقائع والمستجدات أين تكمن مصلحتنا الكوردية؟؟؟.
إن الواجب القومي الكوردي يتطلب منا جميعا ((أفراداً وجماعات وأحزاباً سياسية)) وأمام المخاطر الجدية، ونكران الأنظمة الغاصبة لكوردستان لحقوق الشعب الكوردي يتطلب :
العمل على توحيد الصف، ومد يد التعاون والتنسيق، ونبذ الخلافات، وتوحيد الطاقات، وبذل الجهود المخلصة للتفاهم والعمل معاً لخدمة شعبنا الكوردي وقضيته العادلة، ورسم الاستراتيجيات العامة للكورد، وتجسيد الموقف الكوردي الموحد في كافة المجالات المتعلقة بمصير الشعب الكوردي في كوردستان سورية، وذلك بالتعاون الأخوي الصادق، والإحترام المتبادل للآراء والمواقف، والحوار الديمقراطي الهادئ، وسد الثغرات التي من خلالها يتسلل أعدائنا إلى الداخل الكوردي، كما أن عقلية الإستبداد بالرأي، وإلقاء التهم جزافاً مُدانٌ بكل المقاييس.
وأعتقد جازماً أن للكًرد محطات تستوجب الوقوف عندها والإشادة بها والإقتداء والسير عليها وتكريسها في هذه اللحظات الحرجة من تاريخ حركتنا السياسية، وللتذكير :
في انتفاضةقامشلو (2004) وبرغم المؤامرة التي حيكت في دهاليز المخابرات الأسدية ضد شعبنا الكوردي فقد استطاعت قيادتنا السياسية الكوردية وبجهود جبارة وبكل تفانٍ وإخلاص تفويت الفرصة على الذين أرادوا الشر بنا وبقضيتنا من خلال تكاتفهم وتشكيلهم بما سميت إطارا (مجموع الأحزاب الكوردية) وكانت بمثابة الصخرة التي تحطمت عليها مؤامراتهم .
ومع التطورات المتسارعة التي شهدتها المنطقة واندلاع ثورة الشعب السوري السلمية ضد نظام الاستبداد ؛ والمطالبة بالحرية والكرامة ازدادت الحاجة إلى إنشاء مرجعية كوردية وفعلاً توجت تلك الجهود في بناء إطار بإسم :
( أحزاب الحركة الوطنية الكوردية) بما فيها حزب الإتحاد الديمقراطي(pyd)والتي تحولت فيما بعد إلى (المجلس الوطني الكوردي) بتاريخ 26/10/2011
والذي ضم غالبية الشعب الكوردي السياسية والإجتماعية والمثقفين والمستقلين وتنسيقيات الشباب والمرأة، وباستثناء حزب الإتحاد الديمقراطي الذي انسحب منه….
وما نتأمله ونرجوه من قيادات الحركة السياسية الكوردية في كوردستان سورية وضع المصلحة الكوردية (أولاً وأخيراً) في الإعتبار والتنازل عن المصالح الحزبية والفئوية والشخصية ووضعها في خدمة المجموع العام للقضية الكوردية، والإتفاق على الحد الأدنى، وأنا واثق بأن مصالحكم الحزبوية والشخصية ليست بمستوى مصالح الدول والأنظمة والتي تتنازل لبعضها خدمة لمصالحها العليا…….. اقتداءاً بالمثل الكوردي القائل:
EGER WIN NEBIN YEK
WINÊ HERIN YEK BI YEK

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…

مصطفى جاويش بعد مضي عام على معركة ردع العدوان وعلى سقوط النظام السوري ووصول احمد الشرع الى القصر الرئاسي في دمشق بموجب اتفاقيات دولية واقليمية بات الحفاظ على سلطة الرئيس احمد الشرع ضرورة وحاجة محلية واقليمية ودولية لقيادة المرحلة الحالية رغم كل الاحداث والممارسات العنيفة التي جرت ببعض المحافظات والمدانة محليا ودوليا ويرى المجتمع الدولي في الرئيس احمد الشرع انه…

ماهين شيخاني مقدمة يواجه الشعب الكوردي في سوريا منذ عام 2011 تحولات سياسية وأمنية عميقة، أفرزت بيئة معقدة تتداخل فيها عوامل داخلية وخارجية. وفي ظل غياب تسوية سياسية شاملة، برزت ثلاثة أطراف رئيسية تركت أثراً مباشراً على مسار القضية الكوردية وعلى الاستقرار الاجتماعي والسياسي في مناطق توزع الكورد. هذا “الثالوث” يشمل الجماعات المتطرفة، والإدارة الذاتية، والمجلس الكوردي، وكلٌّ منها يمتلك…

حسن مجيد في الوضع الكوردي العام وبشكل خاص في إقليم كوردستان العراق كل أصناف المعارضة مرفوضة وخاصة المسلحة منها فالقيام بأعمال الشغب حتى لو لم تكن مرتبطة بأجندات إقليمية أو خارجية فقط يحق لك أن تعارض ضمن مجالات حرية الرأي والتعبير . إن النيل من المنجز بطرق غير شرعية وتخريبية تخدم المتربصين والذين لايريدون الخير للكورد . الواجب الوطني…