سعيد يوسف وفلسفة أوجلان ؟

الدكتور محمد مصطفى 

 سيرًا وراء هدي كانط, الذي قال يتعين على كل شيء أن يخضع لمحك النقد. وعلى خطى فلاسفة الشك والتوجس؟ 
 نشر الاستاذ سعيد يوسف في موقع ولاتى مه ثالوثه النقدي مقال بعنوان: قراءة نقدية في النسق المفاهيمي لمشروع الأمة الديمقراطية, أي فلسفة أوجلان  اعتماداً على كتاب واحد كما يقول وهو المجلد الثالث المعنون ” بمانيفستو الحضارة الديمقراطية ” سوسيولوجيا الحرية.  يدعي الكاتب انه قدم رؤية واضحة عن جذور المشروع وبنيته وأهدافه . 
إلا أنه في الحقيقة قد تحدث عن القشور, ولم يبلغ الجزور ولم يسبر أغوار العميقة لفلسفة أوجلان أي أن مقاله ليس إلا عبارة عن قراءة سطحية سريعة, مبتذلة, تفتقر إلى الحيادية ومنهجية البحث التحليلي.
النقاش الفكري الفلسفي والأسلوب الرخيص في التناول, لايجتمعان حتي لو كان صاحب الفكرة عدواً. 
على أبواب الانشقاقات عادة ما تلجأ الأحزاب الكردية إلى الإشاعة والتضليل والتشويه فتصدر رسائل تشهير ضد خصوم اليوم ورفاق الأمس للإستهلاك الداخلي والمحلي. 
 النقد هي القدرة على التمييز وإصدارالاحكام. على أساس فصل الذات عن الوضوع  الذي هو معيار مصداقية أي دراسة نقدية, مناقشة الأفكار, وليس الاشخاص.
بدل التحليل والاسطنباط والاستدلال المبني على قواعد التسلسل المنطقي والسببية والحياد والاستقلالية في التفكير, والتوازن في إستخدام العقل والعاطفة, تسرع الكاتب في القفز إلى الإستنتاجات المسبقة وإلى النزعة النصية المحكومة بالميتافيزيقا في التعامل مع الزمن والتاريخ والمسافة والجغرافيا, وبسب الضحالة المعرفية التي لا تمكنه من مقاربة منظومة أوجلان الفكرية أتكأ الكاتب على أدوات مبتذلة غير معرفية مثل هوس المؤامرة, والشخصنة, والاستهجان, والقدح, فهو لم يأتي بفكرة مضادة جديده‌واحدة, تدحض الانساق المعرفية لنظرية الحضارة الديمقراطية. إذ يدعي بأنه من المتعذر أن يكون شخص واحد قد كتب ما زيل بأسم أوجلان, ويلوح إلى جهات ما تكتب له, في حين نرى إن ثلثي الكلمات والعبارات في نص مقال الكاتب سعيد يوسف مأخوذة من كتاب أوجلان. قام هو فقط برصفها وكتب فقط تعليقات مقتضبة وهزيلة, النص الاوجلاني رصين, وكثيف لربما لايفهمه القارئ العادي الغير متخصص وهذا واقع وإن تشكك سعيد يوسف في ذلك.
 الرجل محكوم بالسجن المؤبد منذ أكثر من عشرين عاماً, وأفكاره طليقة يحق له لغيره من المثقفين الامساك بها ودحضها والحكم عليها, ووضعها تحت مجهر النقد, ومقارعة الفكرة بالفكرة والحجة بالحجة وتقديم البراهين, والأدلة على خطأها, بطريقة حضارية على الرغم من إختلافه معه.
بدل مناقشة أفكار الكاتب لجأ إلى التناول الشخصي, ومن الواضح إن للكاتب موقف مسبق من أوجلان وفلسفته ويوضحه بجلاء في مقدمة مقاله فهو يضع فرضية ويحاول البرهان عليها, وهذه عادة دأب عليها معظم الكتاب الكرد, في مخاطبة الاخر المختلف, فيرون فيه خصماً لدوداً يحاولون إبراز الجوانب السلبية فقط, دون الإشارة إلى أي بقع ضوء محتملة. يرضخون للسياقات الثقافية الشائعة, يبقون في حجر فكري وسبات دوغماتيكي, فهم أسرى الثقافة الرائجة وليسوا صناعها.
عوض عن القراءة النقدية والمنهجيه‌ ‌الهادفة والجوء إلى التشاركية الفكرية التي تؤدي إلى التغييروالتطوير المعرفي ومحاولة تصحيح الفكر, والمسار, بدل اللجوء الى الوصم بالالقاب الدارجة والمعروفة التي لا تدخل في خانة أي منظومة نقدية أو تيار نقدي الذاكرة السلبية للكاتب الذي يعيش وهما مزدوجا, مشحون بالانفعال الايديولوجي.
يتذكر جيدًا ما قاله أوجلان في القرن الماضي عن أن الاكراد السوريين, ضيوف رحمان في سوريا هاربين من تركيا, ولا يتذكر مطالبة أوجلان في 2009  بقيام فيدرالية الدجلة والفرات تضم الاكراد السوريين والعرب وغيرهم.
 أي إن الرجل قد أعاد النظر بموقفه وتحول إلى داعية سلام, وطالب بإلقاء السلاح, ونبذ العنف, وطرح مبادرة سلام مع تركيا, لا يجوز للباحث المنصف فقط ذكر المواقف السلبية السابقة بصورة إنتقائية أي أن يقوم بنوع من الإنحياز التأكيدي للبرهان على صحة وجهة نظره المسبقة .
 وأليكم ماكتبه في  مقدمة مقاله : (لابدى من التنويه بأن المؤلف المزيل بأسم أوجلان يكون إنطباعاً لدى القارئ بأنه من المتعذر أن يكون شخصاً واحداً بمفرده قد ألف الكتاب, بل مجموعة أشخاص أوجهات) أي وضع وصمة في بداية ونهاية مقاله على الكتاب.
يقول سعيد يوسف في نهاية مقاله (لا أستبعد أن فشل أوجلان الشخصي سياسياً, دفعه إلى تأليف هذا المشروع الأممي الديمقراطي, وذلك كنوع من التعويض عن حضوره الوجودي ولكن عبر فلسفة اجتماعية غريبة على بيئتنا الاجتماعية والثقافية وربما ثمة عوامل أخرى تسكن خلف هذا المشروع.
 إن أوجلان مصاب بجنون العظمة وهو نفسه يعلن ذلك, عندما يرى نفسه كالنبي إبراهيم تارة أو غيره من الانبياء في مرات اخرى وهذا شأنه, ثمة سؤال مشروع, يفرض حضوره إذ كان أوجلان أرهابياً كما تدعي السلطة التركية, فينبغي أن يكون فكره أرهابياً ولايجوز الفصل بينهما عندئذ يجب حظر أفكاره ومنع إنتشار كتبه وتداولها, ولو كانت أفكاره أرهابية… لما حولت حكومة أنقرة سجن إمرالي إلى دار نشر توزع كتبه, فما السبب يا ترى هل هو ديمقراطيتها وتمدنها؟
 قطعا لا …. إني لا أجد تفسيراً لما يحدث سوى أن الكتب الصادرة من إمرالي إنما تستجيب لأجندات السلطة التركية وأهدافها, أو أنها على الأقل لا تسبب لها القلق وربما تنتظر المزيد من التنازلات.
وأن مشروع الأمة الديمقراطية يوفر لها الأطمئنان وكذلك لكل السلطات الاقليمية المغتصبة لكوردستان, لإنه يحارب كل فكر كوردي مغاير ويدعو إلى الحفاظ على الحدود المجحفة والقائمة الأن ويرفض العبث بها, تلك الحدود التي رسمها سايكس اللعين _وبيكو الاثيم …..)
والسؤال هنا كيف يمكن تقييم فلسفة, نسق فكري متكامل, كتب بألاف الصفحات على مدى نصف قرن من الزمن من خلال قراءة مجلد واحد آلا وهو المجلد الثالث كما أدعى الكاتب ؟
ثم كتب سعيد يوسف قائلا: بقي أوجلان ماركسياً حتى قبل إعتقاله وسجنه في جزيرة إيمرالي اي حوالي ثلاث عقود من الزمن قبل ان يعلن الطلاق معها فما الذي يحدث ؟ 
ثم يقول كان تلميذا ماركسيا, ويكتب في نفس الصفحة يقول: بدأ اوجلان حياته السياسية قومياً ثم انتهى منها الى شخص ضد القومية ؟
أي جعل من أوجلان ماركسيا وقوميا في نفس الوقت وفي نفس الصفحة ؟
التغيير
أن كل من يقع في نقطة التقاطع الابدي مع العابر لا بدى من أن يتغير خلال نصف قرن, وكما يقول هيراقليتس ليس هناك شيء ثابت سوى التغيير.
التغيير حالة صحيحة في السياسة, والمجتمع. بعد إنتهاء الحرب الباردة وسقوط المنظومة السوفيتية, ودخول العالم في عصر العولمة, وظهور الاتحاد الاوربي, العالم تحول إلى عصر التقانة المعلوماتية تغيرت المفاهيم, وألتقت الاقطاب المتنافرة تحول نلسون منديلا من أرهابي إلى رئيس لجنوب أفريقيا وياسر عرفات من أرهابي إلى رئيس للسلطة الفلسطينية,
العالم في تغيير مستمر أما نحن الاكراد نريد أن نبقى متمترسين في خصام أبدي نتقوقع في الجمود العقائدي ونتباهى بالميثاليات الفارغة فإذ الشيوعية قد إنهارت في موطنها الأصلي وغادرها الناس أفواجا وتنفسوا الصعداء بخلاصهم  إلى الحرية بعد كسر جدار برلين وزوبان الجليد يريد سعيد يوسف من أوجلان أن يبقى أخر ماركسي على الكوكب ؟. ويسأل لماذا قام بوضع نَسقه الفكري الأمة الديمقراطية ويسأل  لماذا في هذا التوقيت.؟
 يقول الكاتب الشئ ونقيضه, يجب تحديد المفاهيم والمصطلحات بدقة أوجلان اما ان يكون ماركسياً او قومياً ولا يجوز أن يكون الاثنين معاً في نفس الوقت ؟
يشير الكاتب الى المصادر المعرفية والنظرية لفلسفة اوجلان قائلاً (لا بد من التنويه هنا بأن المؤلف المزيل بأسم اوجلان زاخر بالمفاهيم والمصطلحات والافكار والمعلومات حتى يمكن القول بأنه يشكل ترسانة مفاهيم وموسوعة معرفية مما يكون انطباعاً لدى القارئ أن من المتعذر أن يكون شخصاً واحد بمفرده قد الف الكتاب بل مجموعة اشخاص أو جهات).؟
من الجدير بالذكر أن العديد من المفكرين عبرالتاريخ كتبوا أفضل مؤلفاتهم في السجون مثل غرامشي الذي سجن في إيام فاشية موسوليني ثمان سنوات أبدع في السجن وكتب ثلاثة الاف صفحة تحت عنوان دفاتر السجن.
 وكذلك الكاتب اليوناني الأصل أسماعيل بيشكجي الذي أمضى سبع عشرة عاماً في السجون التركية في القرن الماضي بسبب أرائه والان تباع كتبه في تركيا بحرية وابن تيمية ومالكوم أكس وحسن الترابي ويعقوب ذيادين وغيرهم.
(ثم يتسائل سعيد يوسف:  لِما حول حكومة انقرة سجن ايمرالي الى دار نشر توزع كتبه ؟ فما السبب ترى هل هو ديمقراطيتها وتمدنها ؟ قطعاً لا … !! إني لا اجد تفسيراً لما يحدث سوى إن الكتب الصادرة من إيمرالي انما تستجيب لاجندات السلطة تركية واهدافها ؟
ليس دفاعا عن الرجل أن كل مطلع على أحوال السجون التركية يدرك أنها تخضع لمعايير الاتحاد الاوربي ولم تبقى كما كانت في إيام كنعان إيفرين هناك مكتبات في السجون ويمكن للسجين أن يقرأ ما يشاء أو ينشر ما يشاء هناك إتصالات وزيارات, فتركيا اليوم مختلفة عن إيام حكم العسكر.
وإلا كيف أصبح لحزب الشعوب الديمقراطية المعارض ثمانون نائبا, وسيطر على أربعين بلدية, عبر اليات الديمقراطية ؟
وإذا كانت تركيا قطعاً غير ديمقراطية كما يدعي سعيد يوسف كيف حصد حزب الشعوب الديمقراطية ثمانون مقعداُ في البرلمان التركي؟ 
هل بالتزكية كما في الجبهة التقدمية ؟ أم بصناديق الاقتراع ؟ 
تركيا فيها قوانين تضمن حرية التعبيروالرأي والنشر والصحافة ومن الواضح إن كتابات أوجلان تبقى على النقيض وضد أيديولوجية حزب العدالة والتنيمة الحاكم .
ويتابع سعيد يوسف: القول (ويبقى تلميذاً ماركسياً, والماركسية المصدر الاول للأوجلانيزم )؟
مصادر الاوجلانيزم
لم يعتبر أوجلان نفسه ماركسياً في يوم من الايام بل كان ينتقد الماركسية على الدوام واعتبرالاحزاب الشيوعية, كالحزب الشيوعي والتركي والسوري, أحزاباً أصلاحية.
 كان الحزب منذ نشأته في اقصى اليسار وعلى النقيض من الماركسية التقليدية, بأسم الثورية الاشتراكية وإذا أصر سعيد يوسف إن الماركسية هي أحد مصادر الاوجلانيزم كما يدعي , ليقل لنا ماذا أخذ أوجلان من الماركسية اللينينية وأضاف إلى فلسفته ,الامة الديمقراطية ؟
 قوانين الياليكتك ؟, المادية الجدلية ؟ ديكتاتورية البروليتاريا ؟.سياسة النيب ؟, سوفيتات العمال والفلاحين .؟ أم الأشتراكية العلمية ؟, نظرية القيمة الذائدة ؟ المادية التاريخية والصراع الطبقي ؟المنهج الماركسي؟
 لفلسفة ماركس أبعادها الواضحة معروفة بالشيوعية العلمية, وفلسفة الامة الديمقراطية لأوجلان واضحة الابعاد أيضا لكل مطلع وتختلف عن فلسفة ماركس ولايجوز الخلط بينهما والحكم على أساس تشابه الافكار, لايكفي.
تهدف فلسفة الامة الديمقراطية إلى بناء مجتمع بيئي ديمقراطي, كنفيدرالي, كومنيالي, متحرر عن السلطة والدولة, توطيد وتمتين أواصر العلاقات بين الشعوب في ميزوبوتاميا, والعمل على حل القضايا دون تدخل القوى الامبريالية, وتوفير كل شروط الامان والاستقرار والازدهار الاقتصادي, تحرير المرأة وأعطاءها الدور في كافة جوانب الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية ومساواتها بالرجل.
 وأوجلان كان في حينه سباق في نقد جميع جوانب الفلسفة الماركسية السوفياتية, ويرى إن فلسفته متعالية ليس على الماركسية فقط ,بل حتى على الهيغلية أيضا, وعلى فلسفات الحداثوية وما بعد الحداثوية وعلى التيارات القومية ,وتيارات الاسلام السياسي والليبرالية أيضا, هذا ما يؤكده جميل بايك في كتابه تاريخ حزب العمال الكردستاني ويرى في هؤلاء جميعاً خصموم يجب أحتواءهم.
وكما يقال أن أي فلسفة لا يمكن أن تتطور إلا بالتضاد مع فلسفة اخرى وتستند على ماسبقها من علوم وثقافة وقد أستلهم أوجلان أفكاره من كافة الثقافات, ويضع بجرأة كافة الفلسفات تحت مجهر النقد اللاذع فهو ينتقد فلاسفة الانوار, ومدرسة فرانكفورت ,والفكر القومي الكردي والتركي والفكر القومي عموما.
إن بزور بعض أفكار روسو الرومانسية تجدها عند السوفسطائين هذا لايعني أن روسو ليس فيلسوفأ من الوزن الثقل ,صاحب دور في الفكر العالمي؟ ولولا السفسطائين لما كان سقراط.
 ورينيه ديكارت أخذ منهج الشك (مقال في المنهج) من أبي حامد  الغزالي إذ وجد وزير أوقاف مصري سابق في مكتبة ديكارت في باريس كتاب الغزالي المنقذ من الضلال مترجم الى اللاتينية و قد كتب عليه بخط  ديكارت ينقل إلى منهجناً لا يعني إن ديكارت ليس فيلسوف كبير أوجد منهج معرفي عظيم ؟
 وصاموئيل هانتغتون أخذ فكرة صراع الحضارات من الفيلسوف النازي كارل شميدت, لا يعني إن هانتغتون ليس مفكراً ؟.
 يشيرالكاتب الى المفكرين الاخرين مثل اندري غوندر فرانك الذي درس حضارة ميزوبوتاميا, لقد درس هيغل الحضارة الشرقية والحضارات الاخرى بما فيه الكفاية إذ يقول في كتابه العقل والتاريخ إن الحضارة قد أشرقت في الشرق ولكنها كالشمس تنقلت نحو الغرب ولايمكن لشمس أن تعود. لن يكون لشرق حضارة في المستقبل , إن حركة الشمس تنقلت, والان هي تضاء من الغرب  .
  وأرلوند تونبي درس مختلف الحضارات على مدى أربعين سنة. أبن خلدون درس مختلف الحضارات منذ قرون .
 ثم يتحدث عن مواري بوكين وافكاره اللاسلطوية والكومونات .
باكونين
من الملاحظ إن الاشتراكي الثوري مخائيل باكونين 1814-1876 هو أول مفكر ربط بين اكومونات المستقلة والحرة, والكنفيدرالية الديمقراطية, قبل الشياطين السبعة الذين أورد الكاتب أسمائهم بقرن من الزمن, وكان على خلاف فكري حاد مع ماركس بخصوص ديكتاتورية البرولتاريا وهو من اتباع برودون ولقب بنبي الهدم واللاسلطوية وكان عضو في جمعية الشغيلة العالمية, وشارك في ثورات في عدة دول أوربية.
وقد أقامت الكومونات في أوربا اللاتينية في القرون الوسطى وروسيا القيصرية والصين . 
 ثم ينتقد الكاتب العد مية القومية لدى أوجلان.
من الاهداف التي أعلن عنها حزب العمال الكردستاني منذ نشأته كان رفع شعار كردستان الكبرى المستقلة إلا انه تراجع عن مطلبه في الاستقلال فيما بعد وأصبح يطالب بالفيدرالية ثم بالحكم الذاتي ؟
وهذا ليس خطأً أن يتراجع أي حزب عن رفع شعارات قومية لاتتناسب وروح العصر بل يجب رفع شعارات واقعية قابلة للتحقيق تؤمن بالمساواة والعدالة بين الشعوب.
وطرح أوجلان رؤيته للسلام مع الدولة التركية في 2013 البنود العشرة, لتحقيق المصالحة مع الدولة وهذه سياسة صيحة واقعية لاقت ترحيباً في جميع الاوساط الكردية والتركية. التحول في المواقف شيئ طبيعي .
وعي الشباب ليس مثل وعي الذي يتقدم به العمر, تتراكم الخبرات والتجارب وتعاد قراءة الأحداث بوعي أكثر نضوجا, وعي الشاب تحليلي ويتحول إلى بنائي مع تقدم العمر المعرفة تراكمية.
ماركس حقق قطيعة أبسيمولوجية مع كتابه الأيدولوجية الألمانية الذي كان قد كتبه في شبابه  لأنه تحررمن مفهوم الذاتية الأنسانية كما يقول لويس ألتيسير إذ يرى إن ماركس الحقيقي موجود ما بعد الأيديولوجية المانية أي في كتاب الرأسمال وهو أخر كتبه.
   عثمان صبري طرح شعار توحيد وتحرير كردستان, إلا أنه أنتهى به الامر الى تعليم حلقات الابجدية الكردية لأنصاره في منزله في ركن الدين وجاءت الاحزاب الكردية تطالب على أستحياء ببعض الحقوق الثقافية.
في حين خون بعض ممثلي اليسار القروري على مدى نصف قرن الدكتور نورالدين ظاظا على موقفه الواقعي حينذاك والتي أُثبتت الحياة صتحه, فلايجوز الذهاب إلى الحج والناس راجعة كما يقال.
 يمكن هنا الإشارة الى الرئيس الفرنسي الاسبق فرانسوا ميتران بدأ حياته السياسية كيساري متطرف ثم تحول إلى الواقعية السياسية مع تراكم الخبرة والتجربة أصبح رئيس لفرنسا.
 كما يقال فترة عصر القوميات شارف على الأفول, هناك أجماع أن بداية المد القومي هو سقوط لويس السادس عشر, ويشير أوجلان أيضا إلى هذا. وذروة المد القومي هي الفاشية الايطالية والنازية الالمانية, وبدا المد القومي بالانحدار بعد الحرب العالمية وظهر تمدد شيوعي على حساب الانحسار القومي .
وقد أعتبر كارل ماركس في حينه القومية خرافة كبرى أي حتى قبل تحولها إلى الفاشية والنازية  .
  أما في الشرق الاوسط بدأ عبد الناصر بإنقلابات قومية, رفع خلالها شعار وحدة حرية أشتراكية وحكموا بالنار ولحديد في سبع دول عربية, ولم يتحقق سوى الفساد والاستبداد و التوريث, وبعد عشرات السنينين من حكم الطغاة, القومجيين أصبحوا مطية للغزات, كما يقول إبن خلدون أين هي العدالة الاجتماعية والحكم الرشيد في الدولة القومية ؟
لم تحل الدولة مسائل التنمية وليست هناك حرية رأي ولا فصل سلطات ولا أعلام حر ولاشفافية ولاحكم مؤسسات .
لايجوز النظر إلى صحة أي ظاهرة من منظور الحالة اكردية فقط بل يجب تناولها بكليتها من المنظور العالمي العام .
 ليست هناك دولة قومية واحدة ديقراطية في المنطقة, في حين تحولت العديد من الدول الافريقية الى الديمقراطية, وحتى بنغلادش تحولت الى الديمقراطية, عندما يحلل أحدهم الحالة القومية من من خلا ل المنظور الكلي, العالمي, من خلال الحقائق والوقائع, فيأتي قومجي متخلف يحلل على ضوء العواطف ويسقطها على الحالة الكرية وكأنك تجرده من هويته القومية.
من الملاحظ ان من يقيم فلسفة متكاملة كُتبت بألاف الصفحات من خلال مجلد واحد كمن ينظر بعين واحدة فلن يتكمن من الرؤية الكلية بل على العكس لم يصل الكاتب الى جذور هذه الفلسفة ,فالماركسية الكلاسيكية والمستجدة ليست احدى مصادر فلسفة اوجلان .
لقد ظهر حزب العمال الكوردستاتي كحركة يسارية راديكالية تنتقد الماركسية وعلى نقيضها منذ نشأ تها إذ يرى أوجلان فلسفته متعالية ليس على الماركسية, بل حتى على الهيغلية ,وهذا بعض ما قا له أوجلان حول ماركس والماركسية.
أوجلان ونقد الماركسية 
أوجلان في دحض مذهب ماركس, الماركسية :
(ولا تنفك محافظة على عصريتها بل هي حقاً في اوج عهدها كفلسفة للتراكم الرأسمالي وشكل قوته أنها كلمة الفصل لهذا النظام بينما ما انجز لاحقأ بأسم الفلسفة اليمينية واليسارية , لا يذهب أبعد من كونه مناهج ودعايات ونشاطات تفصيلية , بما فيها الايديلوجيات الماركسية والليبرالية والسياسة المحافظة) .
 يتابع أوجلان (لا يمكن الارتياب من نوايا ماركس والماركسين الحسنة لكن انشاءاتهم بشأن السلطة الدولة والكدح – القيمة كرأسمالية دولة قد خدمت النظام القائم بما يضارع الرأسمالية اليبرالية حتى ان تجربتي الصين والسوفيت لوحدهم تكفيان لتأييد هذه الحقيقة بينما ولدت الدولتية القومية الاوربية والالمانية من الهيغلية اليمينية فان الدولتيات القومية المجاورة-وعلى رأسها روسيا السوفيتية والصين قد ولدت من الهيغلية اليسارية.
 ولان كانت كلتاهما التحمتا واتحدتا مع الدولية القومية للراسماية في نهاية المطاف , فلا يمكن انهاء روابطهما مع الفلسفة الهيغلية القابعة في اساسهما ضمن هذا السياق ولا تنفك فلسفة هيغل في الدولة هي القائمة حالياً على الرغم من مرورها بتخبطات جدية).
(الفشل العملي على صعيد الاشتراكية المشيدة مرتبط بالمفهوم التاريخي ايضاً والتحليلات الطبقية الماركسية الوضعية لا تختلف كثيراً عن تصريحات الاديان الكلاسيكية التي طالما انتقدتها الماركسية , مثلما ان الماركسيون بعيدون ايضاً عن ادراك اسباب بقائهم اكثر فشلاً منها قد برهنت التجربة السوفيتية على التشبيه التالي عندما تبنون صرحاً من مئة طابق, ولكنكم لن تسطيعوا عرقلة انهياره في يوم واحد في حال لم تكن الارضية سليمة).
(الامر الذي لم يستوعبه ماركس والماركسيون بتتاتاً فهم يرون التفاوت الطبقي ايجابياً وتطوراً لتاريخ تقدمي ثائر على خط مستقيم مفهومه هذا الذي يُكمن في اساس أخطائهم وفلشلهم بالمثل قد ادى دوراً سلبياً للغاية) .
(غرق كارل ماركس وفريدريك انجلس في القوموية الطبقية لدرجة لم ينتبهو فيها الى كيفية إلحاقهم الضربة الساحقة بذاتِ انفسهم بالنضال الطبقي, عبر اعلانهم للدولة الالمانية القومية المركزية على أنها أنجع شكل للبروليتارية ولدى قيام راسمالية الدولة القومية بإ بتلاع المجتمع بأسم الاشتراكية المشيدة لم يتبقى في الميدان سوا خيال شيوعية مفلسة).
(لا أتمالك نفسي من التطرق مراراً الى نواقص وقلة حيلة كارل ماركس وخطاه الفادح . اذ اتأسف عن سوء طالعه في عجزه عن تشخيص الخطأ تماماً بالرغم من إدراكه اياه).
(أحد أفضح اخطاء الماركسية وكافة ايدولوجيات الحداثة الرأسمالية هو اعتبارها التحول الطبقي ضرورة حتمية من اجل التقدم وضعف او الغلط الاولي داخل نظامها يتخفى في هذا الحكم وهذا ما يفسح المجال امام شرعنة التحكم والاستغلال بما لا مفر منه . ذلك انه لا مهرب من النظر بعين الشرعية الى ظاهرة تُرى بانها ضرورية . ويؤدي هذا الحكم كحقيقة دوراً اساسياً في زوال القيمة) . 
ألا أن الفلسفة الماركسية تبقى الفلسفة الأكثر ثورية في كل العصور,من المنظور العالمي لقد حررت البشرية. وتعتبر أكبر فلسفة في التاريخ من حيث الأتباع ,في الصين وحدها مليار ونصف, ويعود الفضل إلى مؤسسيها العظام ماركس وإنجلس ولينين, إن كل فلسفة ثورية هي وليدة زمانها ولاتحملوا الافكار وزر ما فعل بها الناس.
أوجلان ونيتشه :
وهو الفيلسوف الوحيد الذي يعرب أوجلا ن عن دهائه الفلسفي ويرى سبق لموقفه على أراء كارل ماركس, ويشير إلى نقده اللاذع  للحداثة الرأسمالية.
إلا  ان أوجلان منبهر بفلسفة فريدريك نييتشه بقوله (أما الفيلسوف نيتشه فهو مدرسة مختلفة وهو حسب قناعتي الشخصية صرخة تمرد حقيقي في وجه كابوس النظام الرأسمالي لانه بعيد عن التوصل الى نتيجة كنظام حرية).
ص 273 الفيلسوف نيتشه من أندر الشخصيات المستوعبة بعمق بمنعة التخريبات التي احدثتها الحداثة الرأسمالية في البشرية والبيئة أذ لم يجهد لتقييم الانسان المار من مصفاة الحداثة – مجتمعاً وفرداً – عن طريق استعاراته المجازية كالمخصي والمستأنث والذي لا أعتبار له وكبقاية الرسابة والخثارة من حيث الاستعارة والمجاز, فأنني انضم اليه كرأي قريب من الصواب. فبأحتضانه رأس فرس وبكائه عليه انما يؤد الاشارة الى جور الحضارة الافزع قد حل بالحيوانات, وهو يرى الغابات بانها الملجأ والمكان الامن لصون الحياة ويزورها مراراً وتكراراً, اما مصطلح الانسان الاعلى الذي ركز عليه, قد قُيم بمنوال خاطئ كما انه ينظر الى جميع انماط العبودية المتحققة طيلة سياق المدنية على انها انحطاط وهذا بالضبط موقف انساني متقدم على موقف كارل ماركس بأشواط كبيرة حيث قيمَ الحركة العمالية بنحو واقعي وموضوعي للغاية لدى قوله بأستحالة كونها كياناً يمكن التباهي والتفاخر به او بناء السياسي عليه. وقد ايد التاريخ رأيه هذا اما النظر الى الانسان الاعلى الذي تطلع اليه نيتشه على انه بمثابة المنبئ الاستيباقي للفاشية فهو محض دعاية بخسة جداً وعلى النقيض فمن الاصح تفسيره كمصطلح مناهض لشتى انواع الاستعباد ودمار البيئة وانعدام الشخصية .
لا شك إن منظومة أوجلان الفكرية فريدة به وهي على النقيض من الماركسية , كنسق فلسفي من طراز جديد تهدف إلى تحرير وخلاص, شعوب في الشرق الاوسط , وبناء أخوة الشعوب, وخلق حالة ثقافية جديدة والإنتقال من حالة الصراع والحروب الى السلم ,وتحقيق الازدهار الاقتصاد ي والتقدم وتحرير المرأة والحفاظ على البيئة والطبيعة من شرور سطوة الانسان.
يقول فيكتورهوغو إنك لاتحفز شعباً أن يفكر عالياً, إذا ما أكرهته أن يعيش عيشة واطية , بذلك ينتصر الانسان على ذاته وأنانيته وينتقل, من موقع الانفعال في التاريخ إلى الفاعل  التاريخي, لابدى من إعادة التأسيس المنهجي للتفكير.
المصادر: 
مانيفسو الحضارة الديمقراطية المجلد الرابع أزمة المدنية وحل الحضارة الديقراطية في الشرق الاوسط

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف منذ سقوط النظام المجرم في 8 كانون الأول 2024 وتحول السلطة إلى السيد أحمد الشرع، بات السوريون، سواء أكان ذلك في العاصمة دمشق أو المدن الكبرى والصغرى، يتطلعون إلى مرحلة جديدة يتخلصون فيها من الظلم والاستبداد. حيث سنوات طويلة من مكابدات المعذبين في سجون الطاغية الأسد وأبيه كانت كفيلة بتدمير أرواح مئات الآلاف. بعض السجناء أمضوا…

شكري بكر هذا الموضوع مطروح للمناقشة قد يؤدي بنا للوصول إلى إقامة نظام يختلف عما سبقونا من سلاطين وحكام وممالك وما نحن عليه الآن حيث التشتت والإنقسام وتبعثر الجهود الفكرية والسياسية والإقتصادية والعمل نحو إقامة مجتمع خال من كل أشكال الصراع وإلغاء العسكرة أرضا وفضاءا التي تهدر 80% من الإقتصاد العالمي ، إن تغلبنا على هذا التسلح يمكن…

إياد أبو شقرا عودة إلى الموضوع السوري، لا بد من القول، إن قلة منا كانت تتوقّع قبل شهر ما نحن فيه اليوم. إذ إن طيّ صفحة 54 سنة خلال أقل من أسبوعين إنجازٌ ضخم بكل ما في الكلمة من معنى. سهولة إسقاط نظام الأسد، وسرعة تداعيه، أدهشتا حتماً حتى أكثر المتفائلين بالتغيير المرجوّ. إلا أنني أزعم، بعدما تولّت قيادة العمليات…

طارق الحميد منذ فرار بشار الأسد، في 8 ديسمبر (كانون الأول)، إلى روسيا، وهناك سيل من النقد والمطالبات للحكام الجدد، وتحديداً أحمد الشرع. والقصة ليست بجدوى ذلك من عدمه، بل إن جل تلك الانتقادات لا تستند إلى حقائق. وسأناقش بعضاً منها هنا، وهي «غيض من فيض». مثلاً، كان يقال إن لا حل عسكرياً بسوريا، بينما سقط الأسد في 12 يوماً…