العدوان الإلكتروني ما بعد الحداثي! وخطورة توأمة الثأرية والجهل وفوضى الإعلام.. إعلام الديجيتال الكردي أنموذجاً -1-

إبراهيم اليوسف

“إن أخطر ما يمكن للمعلوماتية مابعد الحداثية أن تقوم به سهولة استخدامها لدواع ثأرية في ظل الجهل والغباء و غياب الرادع القانوني”
إ. ي
انتبهت، منذ بدايات دخول خدمة الإنترنت في حيز الاستفادة من قبل إنساننا، إلى أمرين مهمين، أولهما: أصبحنا في أول الطريق لتأسيس إعلام كردي، وقد تمت الاستفادة من هذا الإعلام منذ أول لحظة من ظهور المواقع الإلكترونية الكردية التي أدت دوراً شجاعاً، وإن تطفلت إلى جانبها مواقع أخرى هدفها التشويش، وثانيهما أن سوء استخدام هذه التقانة من قبل بعض المرضى أو المغرضين أو حتى من قبل من تدسهم الأنظمة الغاصبة لكردستان أمر جد متوقع، 
ولذلك فلا بد من وجود ميثاق إنترنيتي كردي*، وكتبت في هذا المجال أكثر من مقال، لاسيما بعد تجربتي الشخصية وإدراكي الدواعي الشخصية، أو التوظيفية  لظاهرة خفافيش الإنترنت – الذباب الإلكتروني- الذباب الأزرق- الجيش الإلكتروني، لاسيما إن النظام السوري وكما كتبت في مقال قبل حوالي خمس عشرة سنة لم يقدم على استخدام الإنترنت إلا بعد أن أمن له درعاً أولياً لاختراق خصوصيات من تتم مراقبتهم، ويدرك صديقنا عبدالله دقوري أن مهندساً – سريانياً- في بريد قامشلي قال له في يوم ما: سأترك العمل لأنهم يطلبون مني مراقبة خصوصيات فلان وفلان، وكنت من بينهم، وكان لنا أن نتحايل – ما استطعنا- على الرقابة، عبر إمكانات عدد من شبابنا الجديد الذي استخدم- آيبيات متحركة على مدار الدقيقة- وغير ذلك، ناهيك عن طرائق أخرى، بفضل حنكتهم، وكانوا من الأوائل الذين أطلقوا في البلاد مواقع إلكترونية مموَّهة على أن مقرها الخارج، بالتعاون مع أصدقاء خارج الوطن، أنى احتاجوا إليهم!
وإذا كان بعضهم قد دأب على إخراج قيئه وقيحه وعفنه وشتم الناس، عبر برنامج يمنح الجبان إمكان العملقة، والكتابة باسم وهمي، فإنه وبعد سقوط آلة الخوف ثمة من بات يخرج وجهه من جحره، متوارياً وراء ما تيسر من قناع سخامي، ليسيء إلى هذه القامة العالية أو تلك، أو هذه الجهة أو تلك، وغدا الإنترنت – كردياً- أحد الأدوات التي تكبح الإمكانات، وتشوه صور المناضلين، من قبل المسيئين، وهو ما أفاد الأنظمة الحاكمة، عندما ظهر من بين الكرد من يصفي حسابه مع الآخر، ضمن إطارالصحافة الصفراء، أو حرية الرأي، أو نقد من هم – شخصيات عامة- من دون أن يرتفع الناقد إلى مستوى فهم عالم النقد، وشروطه، وقيمه، وأخلاقياته، ما دفع كثيرين ليتواروا ونخسر طاقات كبيرة، كان من الممكن الاستفادة من عطاءاتها في عالم الكتابة والإعلام وحتى الحراك!
قبل كل شيء، أسارع لأقول: النقد جد ضروري، بالنسبة إلينا، وهو يأتي في الخط الأول من ضمن عدة وعتاد – السلطة الرابعة- التي باتت تغير مواقعها، لتكون حقاً، مع طليعة عواصف وأعاصير الثورة المعلوماتية، ما بعد الحداثية، إلا أن هذا النقد ينبغي أن يستخدم ضمن إطاره، لينصرف إلى نقد الأفكار.المواقف. الأفعال، بعيداً عن محاولة الطعن بأحد، أو تأثيمه، أو تخوينه، إلا أن هذه الثقافة لم تكرس لدينا، بعد عشرين سنة ونيف، من حضور العالم الافتراضي، والإبحار فيه، إلى الدرجة التي لم يكد يبقى عنوان مدينة، أو حي، أو شارع، في العالم، إلا وقد غدا ضمن هذه الخريطة! وإذا كان النظام يسلط عتاة زبانيته ضد كل صاحب موقف، ويحاول تشويهه، وتسفيهه، وبات بعضهم يتطوع لفعل ذلك تحت تأثير أمرين: يجب تلويت اسم كل شخص يظهر في مجال ما، لاسيما من قبل أولئك المحبطين، الموشكين على الانتحار، أو المنتحرين داخلياً، والملغمين، جاهزي الفتك بالآخرين، وهذا مايتم تحت سطوة متلازمة: اللؤم والحسد، بالإضافة إلى الجهل، أحياناً، في أحط درجات ذلك كله، ناهيك عن أن هناك من لم يرد من بيننا أن يظهر  صاحب رأي يخدم مجتمعه وشعبه خارج عباءة ما يؤمن به من أيديولوجيا؟
بعد انطلاقة الثورة السورية التي تم تحريفها، وطعنها، والفتك بها من داخلها ومن خارجها، في آن واحد، في خدمة النظام، أو بموجب اتفاقات معه، كما سندرك ذلك، لاحقاً، أو منذ بدايات ماكان يتم، فإن فلول الهكر، وجيوش البواقين، والمطبلين، ومهيلي التراب على رؤوسهم كثرت، وتضاعفت، بل ومول بعض منها، وظهر، فجأة: إعلاميون جهلة، مجرد حكواتيين، أو مهرجين، مع احترامنا الكبير لمن يتعاملون مع هذه المهمة، وأدواتها، بمسؤولية عظمى، فهم في الخط الأول في الدفاع عن قضايانا، وتم استهداف أسماء كثيرة، من قبل عابري الإعلام الافتراضي، الديجيتالي، لم ينج من بينها إلا قلة جد قليلة كانت واثقة من رأيها، وظلت تكتب بوحي من ضميرها، رغم كل ما مورس من تشويش، وتضليل، وضجيج، بغرض إسكاتها، فراحت  تشق طريقها، بعزم، ووعي، وإن كانت ستدفع ضريبتها، من الجهات المحيطة ذات السطوة أو السلطة كلها: النظام، والأطراف المتضادة، لأنها كانت ترصد كل خطأ يظهر، فتضيئه، وتتناوله، وتقرع الأجراس، بعيداً عما يفعله المنضوي ضمن هذه الكتيبة أو الفصيلة المأجورتين، أو غيرهما” أداتٍ موظفة، مدفوعة مدفوعاً لها، أو طوعية، متنطعة، مدفوعة تحت وطأة شحنات الضغينة، أو لقاء مقابل انتمائي، رتبة أو مرتبة أو راتباً، ومن البدهي أن يستخدم الإعلامي المفلس -هنا- لممارسة شغله، بالاستعانة بمخيلته، أو ما يملى عليه، من دون امتلاك أية مقدرة على التحليل، وقراءة الواقع والوقائع!
يتبع! 

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

إياد أبو شقرا عودة إلى الموضوع السوري، لا بد من القول، إن قلة منا كانت تتوقّع قبل شهر ما نحن فيه اليوم. إذ إن طيّ صفحة 54 سنة خلال أقل من أسبوعين إنجازٌ ضخم بكل ما في الكلمة من معنى. سهولة إسقاط نظام الأسد، وسرعة تداعيه، أدهشتا حتماً حتى أكثر المتفائلين بالتغيير المرجوّ. إلا أنني أزعم، بعدما تولّت قيادة العمليات…

طارق الحميد منذ فرار بشار الأسد، في 8 ديسمبر (كانون الأول)، إلى روسيا، وهناك سيل من النقد والمطالبات للحكام الجدد، وتحديداً أحمد الشرع. والقصة ليست بجدوى ذلك من عدمه، بل إن جل تلك الانتقادات لا تستند إلى حقائق. وسأناقش بعضاً منها هنا، وهي «غيض من فيض». مثلاً، كان يقال إن لا حل عسكرياً بسوريا، بينما سقط الأسد في 12 يوماً…

خليل مصطفى مِنْ أقوال الشيخ الدكتور أحمد عبده عوض (أُستاذ جامعي وداعية إسلامي): ( الطَّلَبُ يحتاجُ إلى طَالِب ، والطَّالِبُ يحتاجُ إلى إرادة قادرة على تحقيق حاجات كثيرة ). مقدمة: 1 ــ لا يختلف عاقلان على أن شعوب الأُمَّة السُّورية قد لاقت من حكام دولتهم (طيلة 70 عاماً الماضية) من مرارات الظلم والجور والتَّعسف والحرمان، ما لم تتلقاه شعوب أية…

أحمد خليف الشباب السوري اليوم يحمل على عاتقه مسؤولية بناء المستقبل، بعد أن أصبح الوطن على أعتاب مرحلة جديدة من التغيير والإصلاح. جيل الثورة، الذي واجه تحديات الحرب وتحمل أعباءها، ليس مجرد شاهد على الأحداث، بل هو شريك أساسي في صنع هذا المستقبل، سواء في السياسة أو في الاقتصاد. الحكومة الجديدة، التي تسعى جاهدة لفتح أبواب التغيير وإعادة بناء الوطن…