مازالت الدول تبحث عن مصالحها في سوريا؟

خالد بهلوي

بعد صرخة الثائر التونسي البوعزيزي ضد الظلم، انطلقت شرارة ثورات الشعوب في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا والتي أطاحت بحكام تونس، مصر، اليمن، وليبيا. ثورات تخلصت من قياداتها الفاسدة تلاها تشكيل حكومات جديدة. قسم  من الدول مازال يناضل ويدفع ضريبة من استلم زمام السلطة بحكام جدد لم يجلبوا ولم يحققوا لهم أي رفاهية وكرامة لشعوبهم بعد الإطاحة بالحكومات السابقة.
أثمرت بعض الثورات تقدمت ملحوظا أو نسبيا في ملفات حقوق الإنسان حيث افلحت الفئات الثورية في جوانب منها و لا تزال تواصل في جوانب أخرى، وتحققت بعض النتائج الإيجابية مثل تبديل بعض الحكام الذي كان شبه شكلي في بعض الدول، ومع كل ذلك وبمختلف الإسقاطات التي تراعي الظروف الموضوعية لكل بلد.
بعد اندلاع الثورات الآنفة الذكر انتعش آمال الشعب السوري وشعروا بأن حلمهم اقترب من التحقيق أسوة بشعوب المنطقة بالقضاء على النظام الشمولي وتحقيق الديموقراطية والحرية والعدالة.
 فقاموا بالانتفاضة ضد الفقر وتفشي الفساد وغياب الكرامة الإنسانية فانطلقت من معقل نظام الأسد في١٥ آذار تظاهرات يقودها شباب ثوريون من الكرد والعرب بشكل سلمي في درعا، حمص، عامودا وعمت المدن الأخرى .
وظلت سلمية على مدى ستة أشهر. مع مرور الوقت كانت الآمال تنخفض وخاصة بعد عسكرة الثورة، وتدخُّل الدول التي رأت في الساحة السورية مرتعا خصبا لتحقيق مصالحها وجعل سوريا ساحة لتصفية حساباتها فبدأت بالتدخل ومنعت بعض الدول بكل السبل انهيار النظام بحجة أن النظام شرعي ،ضاربة بعرض الحائط الشرعية الجماهيرية وحقيقة أن الشعب قام للتخلص من الظلم والقبضة الأمنية وتحقيق الديموقراطية .
رغم حملات الاعتقالات التي لم تنته والتعذيب الوحشي الذي مورس ضد المنتفضين وبحق كل مناهض أو معارض لهيمنة السلطة المستمرة منذ خمسين عاماً، فكانت نتيجة ذلك أن الشعوب ضاق بها الذرع ولم يبق أمامها سوى القيام بانتفاضة لأن تلك السلطات منعت عنهم أبسط الحقوق بالعيش بكرامة في وطنهم.
الحقيقة اثبتت الانتفاضة بشكل لا يدعو للشك ان لا أحد وقف إلى جانب الشعب السوري في تخفيف ويلاته وما عاناه حيث استعمل ضده كل أنواع الأسلحة بما فيها الحصار والتجويع في القرن الواحد والعشرين أمام مسمع ومرأى المجتمع الدولي الذي أثبت عجزه عن حمايته، واكتفت الجهات المختلفة بالتنظير الإعلامي والتدخل السلبي في الازمة السورية الذي أدى إلى زيادة تعقيد ذلك الملف الشائك بطبيعته.
ولأن المجتمع الدولي ومنظمات حقوق الانسان يقودها القوة. والقوة موجودة لدى الولايات المتحدة الأمريكية. مع هذا سلمت الملف السوري للقيادة الروسية فقام الجيش الروسي باحتلال مواقع استراتيجية بالمقابل تم السماح لتركيا احتلال عفرين وراس العين (سري كانييه) وتل ابيض(گريسپي) وفقا للتوافقات الإقليمية والدولية،
وتقاسم اللاعبون النفوذ سياسيا والأرض عسكريا، ونجحت روسيا نجاحا كبيرا باستعمال حق الفيتو مرارا وتكرارا ضد إرادة الشعب السوري. ودافعت عن النظام في كل المحافل الدولية.
يكفي الثورة السورية فخراً فضحها نفاق وكذب القيّمين على المجتمع الدولي وعجزهم عن تنفيذ ما اتفقوا عليه في مجال حقوق الانسان مثل حماية المدنيين من القصف العشوائي.
عمليا سمحوا بتدمير الجوامع والكنائس والمشافي حتى الأطفال والشيوخ لم تسلم من براميلهم العمياء الغبية.
بعد عشر سنوات من الدمار والقتل والتهجير في سوريا أصبحت الاتفاقات السياسية على أشدها بين مصالح اميركا -روسيا- إيران- تركيا -حزب الله- بتقاسم الكعكة  المنغمسة بالدم السوري.
لأنهم لم يأتوا لمساعدة هذا الشعب في الحصول على حريته وكرامته ولم يستطيعوا أن يقدموا أي حل للمسالة السورية لأنهم مصرون على تحقيق مصالحهم اولا. وإعادة تعويم النظام سبع سنوات أخرى لكي يستردوا فواتيرهم قيمة الأسلحة والعتاد العسكري الذي استهلكوه في تدمير البيوت الآمنة وهدر دماء الأبرياء على امتداد ساحة البلد. ولربما يسعون لإعادة برمجة سوريا وفق تفاهمات واتفاقات لا يسعني ذكرها في المقال الآن.
صحيح أن الثورة لم تنتصر ولكن الشعب لم يفقد العزيمة والايمان باستمرار النضال بكل أشكاله حتى نيل حقوقه المشروعة التي سلبت منه.
– تحية للسوريين في الداخل وفي كل اصقاع العالم.
– تحية للشعب السوري الذي يعاني من لقمة الخبز ويصارع الفقر والجوع والظلم والفساد بعزيمة 
      وإصرار وايمان بأحقية مطالبه التي ستحقق عاجلا ام آجلا.
-تحية اجلال واكبار لكل اب وام  دون استثناء فقدوا أولادهم بالشهادة او يحلمون بلم شمل اسرتهم 
     وعودة أولادهم الى احضانهم . 

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

شادي حاجي في السنوات الأخيرة، بات من الصعب تجاهل التحوّل المتسارع في نبرة الخطاب العام حول العالم . فالعنصرية والكراهية والتحريض عليهما لم تعودا مجرّد ظواهر هامشية تتسلل من أطراف المجتمع، بل بدأت تتحول، في أكثر الدول ديمقراطية ولم يعد ينحصر في دول الشرق الأوسط ( سوريا . لبنان – العراق – تركيا – ايران وو .. نموذجاً ) وحدها…

ياسر بادلي ليس اختيارُ الرئيس العراقيّ السابق، برهم صالح، مفوّضاً سامياً لشؤون اللاجئين حدثاً عابراً يمرّ على أطراف الأخبار؛ بل هو لحظةٌ ينهضُ فيها تاريخُ شعبٍ كامل ليشهد أن الأمم التي صُنعت من الألم تستطيع أن تكتب للإنسانيّة فصلاً جديداً من الرجاء. فالمسألة ليست منصباً جديداً فحسب… إنه اعترافٌ عالميّ بأنّ الكورد، الذين حملوا قروناً من الاضطهاد والتهجير، ما زالوا…

المحامي عبدالرحمن محمد   تتواصل فصول المسرحية التركية وسياساتها القذرة في الانكار والنفي للوجود التاريخي للشعب الكوردي على ارضه كوردستان، ومحاولاتها المستمرة لالغاء ومحو كلمتي كورد وكوردستان بوصفهما عنوانا للهوية القومية الكوردية والوطنية الكوردستانية من القاموس السياسي والحقوقي والجغرافي الدولي، سواء على جغرافيا كوردستان او على مستوى العالم. تارة يتم ذلك بحجة وذريعة الدين (الاسلام)، وتارة اخرى باسم الاندماج والاخوة،…

  إبراهيم اليوسف وصلتني صباح اليوم رسالة من شاعرة سورية قالت فيها إنها طالما رأتني وطنياً لكنها تجدني أخرج عن ذلك، أحياناً. رددت عليها: صديقتي، وما الذي بدر مني بما يجعلك ترين وطنيتي منقوصة؟ قالت: أنت من أوائل الناس الذين وقفوا ضد ظلم نظام البعث والأسد. قلت لها: ألا ترينني الآن أقف أيضاً ضد ظلم السلطة المفروضة- إقليمياً ودولياً لا…