الكرد والعاطفة

أحمد مرعان

لست ساحراً ولا منجماً  يمتطي صهوة التقاطعات لأفكار وتهيؤات قد تصيب وقد تخيب وفق الأبراج ، لكني أعرف جيداً قراءة الأفكار بحيادية تنطلق من واقع التصورات ، وما تؤول إليه الذوات خدمة لأجندات أو بنات أفكار توالدت من الاحتكاك بواقع مشهود على التناحرات والتناقضات ، وما هو بيّن وواضح للعيان ولكل ذي بصيرة بأن القضية الكردية تدوّلت وتتكالب عليها أمم وجماعات سمت نفسها بأسماء تقشعر لها الأبدان لتحقيق أهداف مبيّتة ، وترى بأنها ستحقق المبتغى في غضون أزمنة قياسية ، وكأنها ضحية بلا حراك ، تنهش منها الكلاب الشاردة في أي وقت وكيف ما تشاء ..
إننا على مفترق طرق ، فإما أن نكون أو لا نكون ، وهذا يتوقف على بنود عدة :
– ترتيب البيت الداخلي الكردي بإزالة العوالق المتراكمة وسد المنافذ التي قد تؤذي المكان ، وهذا ما سيعيق عمليات التنظيف وبتكاليف إضافية باهظة وزمن طويل .
– المصالحة بين أبناء العائلة الواحدة ، وعدم فسح المجال للآخرين بالتدخل لإعادة ترميم العلاقات مجدداً ، وربما لغايات قد تسيء إلى إجراءات المصالحة بصفاء ونقاء .
– نبذ كل مسببات التلوث وتحريمها وتجريمها ، والإعلان عنها أمام الرأي العام مع بيان الأسباب الموجبة .
– معالجة أسباب التخريب في حينها قبل أن تستفحل، وربما تحتاج إلى استئصال إذا لم تعالج بالوقت المناسب ، وتكون النهايات غير محمودة النتائج قطعاً .
– مد يد العون والمساعدة إلى أصحاب الاختصاص والخبرة والاستفادة من التجارب بما يناسب الحالة وعلاجها .
– عدم جدوى اتخاذ القرارات الفردية ، والتفرد بالسلطة إلا ضمن تشاور جماعي هادف وبالأغلبية مع بيان الدوافع واحتمالية النتائج المرجوة لتحقيق الأهداف التي تخدم المصلحة العامة ، والنهوض بالقضية الى المسار المناسب .
– المحاسبة على قدر المسؤولية .
– تفعيل دور المثقفين وأصحاب الاختصاص في القيادة ، أو حتى الإستشارة لعدم الوقوع بأخطاء حتى العفوية منها ، وتكوين جبهة داخلية ذات مصداقية وحكمة ودراية وقراءة صائبة للتحركات الدولية والإقليمية ، وتفعيل دورهم الجاد للتمثيل في المحافل  والتعريف بالقضية بشكل عام واحقية الكرد بتقرير مصيرهم .
ملاحظات :
= العاطفة هي سلوك عام لدى شعبنا الكردي،  فهو ينقاد لمجرد شعارات تطرح هنا أو هناك ، وقد يمنح الكرد الثقة حتى للغريب عنهم بمجرد سماع كلمات الثناء والمديح ، وهذا ما يلاحظ حتى على مستوى برنامج حواري بين مؤيد ومعارض ، لدى الشريحة المتابعة وحتى المثقفة منها .
= الاختلاف في وجهات النظر، حالة صحية يمكن الاستفادة منها لتصحيح المسار نحو خطوات أكثر فاعلية ، لا يجوز الرد عليها بانفعال وتهكم واتهام الطرف الآخر بالخيانة والتمرد لمجرد طرح فكرة لا تناسب مشاعرهم .
= ضرورة قبول الأفكار المضادة للتعرف عليها، ومدى بيان تفكير الأطراف الأخرى ، ووضع الخطط المناسبة ، وسد الذرائع المتمسك بها ، والمحاولة لتبديل أفكارها وفق منهجية الواقع والمقارنة التاريخية والجغرافية لإثبات الحقوق والاعتراف بها أو قبولها ضمن بنود حقوق الشعوب على أقل تقدير  ..
وأخيراً ربما هذا يثير حفيظة البعض ، ويبقى متمسكاً بعواطفه بعيداً عن الواقع ، ويبني أحلامه الوردية اعتماداً على ما قيل أو يقال من قبل أطراف سياسية أو دولية ، وكأنهم حماة ومحررين لنا من قيود وأطماع المحتلين ، ناسين أنهم أكثر قدرة منا على استجرارنا واللعب بعواطفا لتحقيق مصالحهم في ظل الظروف الدولية المستحكمة بالاقتصاد دون غيره لأهداف بعيدة ../ .. 

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف منذ سقوط النظام المجرم في 8 كانون الأول 2024 وتحول السلطة إلى السيد أحمد الشرع، بات السوريون، سواء أكان ذلك في العاصمة دمشق أو المدن الكبرى والصغرى، يتطلعون إلى مرحلة جديدة يتخلصون فيها من الظلم والاستبداد. حيث سنوات طويلة من مكابدات المعذبين في سجون الطاغية الأسد وأبيه كانت كفيلة بتدمير أرواح مئات الآلاف. بعض السجناء أمضوا…

شكري بكر هذا الموضوع مطروح للمناقشة قد يؤدي بنا للوصول إلى إقامة نظام يختلف عما سبقونا من سلاطين وحكام وممالك وما نحن عليه الآن حيث التشتت والإنقسام وتبعثر الجهود الفكرية والسياسية والإقتصادية والعمل نحو إقامة مجتمع خال من كل أشكال الصراع وإلغاء العسكرة أرضا وفضاءا التي تهدر 80% من الإقتصاد العالمي ، إن تغلبنا على هذا التسلح يمكن…

إياد أبو شقرا عودة إلى الموضوع السوري، لا بد من القول، إن قلة منا كانت تتوقّع قبل شهر ما نحن فيه اليوم. إذ إن طيّ صفحة 54 سنة خلال أقل من أسبوعين إنجازٌ ضخم بكل ما في الكلمة من معنى. سهولة إسقاط نظام الأسد، وسرعة تداعيه، أدهشتا حتماً حتى أكثر المتفائلين بالتغيير المرجوّ. إلا أنني أزعم، بعدما تولّت قيادة العمليات…

طارق الحميد منذ فرار بشار الأسد، في 8 ديسمبر (كانون الأول)، إلى روسيا، وهناك سيل من النقد والمطالبات للحكام الجدد، وتحديداً أحمد الشرع. والقصة ليست بجدوى ذلك من عدمه، بل إن جل تلك الانتقادات لا تستند إلى حقائق. وسأناقش بعضاً منها هنا، وهي «غيض من فيض». مثلاً، كان يقال إن لا حل عسكرياً بسوريا، بينما سقط الأسد في 12 يوماً…