مقر مكتب الاتحاد العام للكتاب والصحفيين الكرد في الوطن: احتفالية ودموع ودعامات و جسور وميثاق و رؤى!

إبراهيم اليوسف
ثمة رهبة كبيرة امتلكتني، صباح هذا اليوم*، وأنا أستيقظ مبكراً، على جرس منبهين اثنين، وقتُّهما، وضبطتهما في موعد محدد، لأضعهما على طاولة صغيرة، قرب رأسي: منبهاً جهازي هاتف، كي توقظني ساعة دماغي البيولوجية، قبل ذلك بثوان، وأنهض بعد نوم ساعات جد قليلة، من ليلة من العمل مع فريق أسرة الاتحاد العام للكتاب والصحفيين، بعضهم راح يأخذ قسطاً من النوم في وقت متأخر، وآخرون منا رحنا نتكاتب في- أكثرمن غرفة واتس آب- نضع تصوراتنا لحفل افتتاح مكتب الاتحاد في قامشلي، ونحن نحمل هواجس جد كثيرة، أولها: التواصل مع أسرة الاتحاد العام في الداخل لوضع ما يمكن من احترازات الوقاية من فيروس كورونا، أزاله الله، من عالمنا، بالإضافة إلى هواجس أخرى تصب في إطار إنجاح حفل الافتتاح، من خلال استقبال الوفود والشخصيات التي تم تخيرها، بدقة- وإن كنا نريد  في أعماقنا استقبال المدينة كلها- بالتعاون بيننا وأسرتنا في الوطن،
 إذ كنا نريد لهذا الحفل أن يكون مفتوحاً، كما يليق بمولود قد شب عن الطوق، وصار في السادسة عشرة من عمره، وقد واجه أكثرمن حرب ولايزال، وهو يفرض ذاته، باعتباره أحد أوائل مؤسسات المجتمع المدني- كردياً- في إطارها، بل باعتباره امتداداً لتاريخ سابق في الاهتمام بالكتاب والكتابة، وحملة الأقلام، وفق إمكانات كل مرحلة، وقد آن لهذا المولود أن يعلن عن نفسه، في الوقت الذي كنا نخفي- إطلالاته- بل حضوره، في الوطن، لاعتبارات شتى، كلها يصب في إطار أهمية دور هذه المؤسسة التي تم العمل من أجل إعدامها، وتصفيتها، إلا إنها كانت تعود في كل مرة، أكثر قوة، وصلابة، وثمة ما ستبينه روزنامة الوقت، من ديناميت أحقاد من لايريدون لجبهة الكتاب أن تتحد، فراحوا يهشمونها، ببهلوانيات قميئة، مفضوحة، كي يطرحوا شعار وحدتها، إلى درجة أن هناك من كان- يلملم- كتابات عاجلة، بهذه الطريقة أو تلك، ليصدر كتاباً، ويكون رئيس اتحاد للكتاب، في الوقت الذي نجد كتاباً كباراً كان يتم إقصاؤهم، والتآمرعليهم، ومنهم على سبيل المثال: الراحل دهام حسن!
لن أسترسل، هنا، في سردية ألم مشهدنا الثقافي الذي لم يكن في يوم ما، من التاريخ، أكثرغنى،  وأعداد حملة أقلام، كما هو الآن، في السنوات العشرة الأخيرة، بعد أن سقط جدارالخوف، وإن كان من شأن هذا المشهد أن يبتلى، في كل مرة بالدخلاء، وطلاب الشهرة، بلا رصيد وبلا موهبة، وبلا تجربة أو جهد، بينما هناك أسماء جد مهمة تشق مسارها، ولا تفكرإلا بهاجسها الإبداعي، وخدمة رسالة ثقافتها، ولذلك كان لابد لنا في الاتحاد العام للكتاب والصحفيين أن نعلن عن- بيت ثقافي- هو ليس طارئاً البتة، وكان ذووه من داخل الوطن، أو من خارجه يعملون ضمن إطار رسالتهم، ما دعا جميعهم ليشهد لهم، كما حدث اليوم، من شهادات زوار ومهنئي ومباركي- عش الاتحاد-  الاتحاد الأول، ابن المكان،وهو ما يكفينا فخاراً واعتزازاً.
وبالعودة- كما يقال- إلى حفل الافتتاح، فإننا لطالما أبينا أن نعلن عن افتتاح مقرٍّ لنا، قبل الآن، وسط توصيفات محددة، وإن كان في ذلك ما قد يبدو لبعضهم خسارات ما، إلا أن هذه الرؤية لاتصمد عندما نستعرض خريطة الاتحاد، وفعالياته، وحضوره، ووجوه أسرته، داخل الوطن وخارجه، إذ إننا- لسنا في أقل تقدير- إلا في الصورة اللائقة، وفي هذا ما يكفينا، إلا أننا ارتأينا- الآن- وهي اللحظة المناسبة، أن نسعى، وبعد استكمال ظروف- ذاتية- تهيئنا أن نعتمد على أنفسنا، لئلا نكون تحت سطوة أحد، إلا قناعاتنا، ولنمتلك ذواتنا، ونقاء صوتنا- كما نزعم- ونقول كلمتنا أنى حللنا، بعد أن انتظرنا أن تكون- رخصتنا في عملنا- رخصتنا في كبرياء موقفنا، وحب شعبنا لنا، الحب الحقيقي الذي يتم، من دون أي توجيه، أو هيمنة، أو مساومة، أو فرض من لدن أي طرف كان، باعتبارنا مستقلين، وإن كنا نقولها بفخر بأننا من مؤسسي المجلس الوطني الكردي، ولانزال نرى أن يكون للكتاب صوتهم- كمراقبين- في مؤسسة كردية لابد من أن تكون عامة، باعتبارها امتداداً لتاريخ كلنا شهود عليه، بثوابته، وتحولاته، وانكساراته، وصعوده، من دون أن ننسى أنه تاريخ كان في مواجهة أعتى نظام دكتاتوري وعنصري، ولما يزل في مخاضات ومواجهات عاتية!
تذكرت، وأنا أتابع حفل افتتاح المكتب، عبر قناة peyv.tv” “، كيف أن ولادة الاتحاد مرت بمراحل، قبل أن نحدد يوم 22 نيسان2004 كتاريخ رمزي لهذا الحدث، ونلتقي تدريجياً الكتاب، من دون أن يرفض أحد ذلك وهنا أذكر: توفيق عبدالمجيد- ماهين شيخاني، ومن دون نسيان الشهيدين معشوق خزنوي ومشعل التمو اللذين أعلنا عن دعمهما المعنوي لنا، لنوسع الدائرة ونكلم: علي الجزيري- المرحوم أكرم الملا- في بيت الأخير وبحضور الصديق توفيق وعن طريقه باعتبار أكرم كان مقرباً منه- ولنجدد لقاءاتنا، ونوسعها، ونعقد لقاء مع موفد من الأحزاب الكردية في منزل الراحل أكرم الملا ذاته- في يوم اجتماع اليوم الأول والأخير- بعد رسالة مني إليهم وقد نشرت مضمونها في صحيفة آزادي: د. حكيم. نصرالدين إبراهيم- فؤاد عليكو وآخرون، وكان الشهيد مشعل حاضراً- عن طريقي- ليختلف مع أحدهم، عندما طرح رأياً صارماً، حازماً، حاسماً، لم أتفق معه ضمنياً، ما تم إفشال أول تعاون بيننا وسياسيينا: إذ كان رد أحد القياديين عليه في حزبي خمسون كاتباً “…”!، ما استفزتنا العبارة، ويكون رد أبي فارس صاعقاً مدوياً، لننطلق من هناك ونلتقي عارف زيرفان القادم من السويد، ويرتبك حموه- رحمه الله- في استقبالنا، هلعاً- باعتبار ذلك كان بعيد انتفاضة آذار بأسابيع- ونودع الضيف على عجل، ونعود لاستكمال اجتماعنا: توفيق- أكرم- علي الجزيري- أنا!
ثمة محطات كثيرة، تحضرني إلا أنني لن أتوقف عندها- في هذا المقال- بل أرجئها إلى مقال آخر، لأتحدث عن إعلان –القناة- عبر طاقم البث” عبدالباقي حسيني- أفين إبراهيم – فدوى حسين – يسرى زبير” ومن ثم: نجاح هوفك- مزكين حسكو، عبدال تلداري، بالإضافة إلى زميلنا د. محمود عباس، لقد تملكتني أحاسيس ومشاعر فريدة من نوعها، ولعلها كانت أشبه بكبسولة فجرتها- نوبة البكاء والدموع- لدى زميلتنا فدوى حسين، ويخيَّل إلي، أنه ما من متابع إلا وهزته هذه الحالة، لأنها كانت نتاج اندلاع التحسر. الحنين. الشوق، إلى الوطن، بعد أن وصلنا بعض المشاهد تترى، وفيها عدد من زملاء الداخل: بهرين التي كانت لا تزال آثار وعكة صحية عليها، ونايف جولو الذي ترك عزاء قريب له وجاء يشارك الزملاء فرحتهم. عرس اتحادهم. كرنفاله الكبير، بينما بدا زميلنا فرهاد دريعي وهو يستقبل وفداً من المجلس الوطني الكردي، أو التقدمي، أو الوحدة- الشيخ آلي- أو اليكيتي  أو اليكيتي، أو المساواة…إلخ”  بالإضافة إلى كوني رش وعدد من الكتاب، ود. شهناز يوسف وآخرين- حقيقة لم أتبين ملامحهم- إلا أننا سنذكرأسماءهم في تقرير صحفي قريب! لاأدري، لم على الفور تذكرت زميلتنا فاطمة محمد يوسف التي تقيم الآن في أربيل/ هولير، مكرهة بسبب ظروف دراسة  فلذات كبدها، وكم هي متلهفة لو كانت مع رفها. سربها، فقد كانت خلال اجتماعاتنا تصر، بحماس، على تنفيذ قرارالداخل في فتح مقر، للانطلاق، وكان هذا بعد أن لاحت في الأفق تباشير وحدة الصف الكردي- وإن كنت أرى أن أبناء شعبنا موحدون وثمة من لا ولن يريد ذلك- وأعول على هذه اللحظة التي لابد من تواجه التحديات التي تظهر يومياً، إلى أن يعود ابن المكان إلى موقعه الذي هزته التحولات الطارئة، بالرغم عنه!
نادراً، ما أتابع، في السنوات الأخيرة، بثاً ديجيتالياً، أو تلفزيونياً، كاملاً، يمتد إلى ساعات- حتى لو كان لي- إلا على مراحل إن كان مهماً بالنسبة إلي، بسبب انشغالي بشؤون خاصة، إلا أنني وجدتني- كما حالتي مع البرامج والحلقات الأثيرة- منشداَّ إلى كل كلمة. كل عبارة، يلفظها زملاء الداخل، أو الخارج، كمن يترقب حدثاً عظيماً في حياته. ولادة جديدة، بل رحت أمتحن تخميناتي، في قراءة لهفة من هو محب، وكراهية من لايريد لوحدة الكتاب الخير- ومن بينهم من الندرة- وإن كنت سأظل أشرع نوافذ الأمل، عسى أن يغير هؤلاء. أصحاب الإمكانات من هؤلاء، ما بأنفسهم، لأن أهلنا أحوج إلى أنموذج ثقافي رفيع متسام على الترهات، يحتذى به، وإننا نعد أن ننخرط مع أي مشروع لايضع إلا مصلحة ومستقبل إنساننا وإبداعنا أمام عينيه، من دون أن نمدَّ أيدينا إلى حاكم أو سياسي متعاليين، هما أحوج إلينا، إن لم نهدر ماء وجوهنا، كما يريدان، مع ثقتي العظمى أن كل كتابنا- ما عدا الندرة النادرة هم في مستوى هذا الفهم وأستثني هنا المتطفلين على الكتابة الذين نعرفهم جميعاً!
لن أقوم فقرات اليوم الاحتفالي الأول، إلا فيما يتعلق بالإشادة بالزميلات والزملاء الذين أسسوا واشتغلوا لانطلاقة مقر مكتب الوطن، على أمل أن يكون رئة. متنفساً، لكل كتابنا، بلا قيد أو شرط، ماداموا عاملين من أجل رسالتهم السامية. مظلة جامعة لكل حملة الأقلام، بعد أن نراجع جميعاً ذواتنا- وأنا من أكثر الذين انفعلوا لأنني كنت أشرف على فرع الوطن- ولدي الكثير- المدون- الذي لن أقوله يوماً، فيما يخص هؤلاء المتطفلين- وحاشى أن أشير نائلاً من كاتب مهما كنت على خلاف معه- إذ إن هذا المكتب لم نرده منصة تباه، أو فنتازيا،  بل منبراً و ملتقى للتجسيربين مثقفينا، ومؤسساتنا، على أن نوفرشروط مثل هذا الملتقى بأن تكون تبعية كلنا- وأنا أتحدث عن الجانب النقابي لا الكتابي- لأهلنا، وجيراننا، وبلدنا، ووطننا، وإنساننا وإنسانيتنا،لاسيما إننا نعيش أحرج مرحلة بعد احتلال تركيا لعفرين وسري كانيي- وتل أبيض إلخ، بعد تواطؤات وصفقات دولية تافهة، مشينة، مع المحتل، وأن الكتاب- ملح المجتمع- عليهم، أن يصنعوا معجزة أنموذجهم بعد كل محاولات تدمير أواصر ووشائج وحدتهم، ولابد من هذا التوصيف للاستفزاز، والتعاون، لتجاوز الحالة، وأؤكد- أن اتحادنا الذي يتوسع- واكتسب ويكتسب ثقة الأحرار من شعبنا،  يحمل شروط شخصيته، بما لايقل عن أي اتحاد كردستاني للكتاب، إلا أننا مدركون أن أي اتحاد لا يمثل مصالح تسعة وتسعين بالمئة من حملة أقلامنا، إنما عليه معرفة أنه لابد عليه مراجعة ذاته!
أيدينا ممدودة، وقلوبنا مفتوحة، تجاه أهلنا جميعاً، واتجاه كل صوت أدبي، ثقافي، إبداعي”حر”، أياً كان، باعتبارنا جهة مستقلة، تأسسنا وفق منظومة وعي وحرص على رسالتنا، من دون أن نقبل بأية مساومة، ولو أدى هذا إلى إغلاق ماهو معلن من مكاتبنا، في كل مكان، أو أدى حتى إلى حل مؤسستنا التي تضم المئات من الكتاب الذين التقوا على جملة مفاهيم، قاسمها المشترك الأعظمي احترام الرأي الآخر. احترام الآخر، لأن مؤسستنا ليست أكبرمن شعبنا، ورسالتنا، وإنما نحن نمتلك تاريخاً من الغيرة على أهلنا، والدفاع عنهم، وهومقدر لدى كل منصف، وما إشاراتنا- ولو العاجلة إلى أخطاء ما- إلا بغرض محاولة تجاوزها، لأننا نزعم أن رباط حب جميع أصحاب الأصوات النظيفة- وكتابنا جميعاً أصحاب أصوات نظيفة- هومن صميم عملنا اليومي!
يوم الجمعة 29-1-2021 – حيث افتتاح مكتب قامشلو
ملاحظة: افتتحنا مكتباً بإدارة زميلنا عمران علي لبضعة أشهر إلا أننا لم نقم فيه أية أنشطة
مروان فارس-  وللتاريخ- كان يصر على إقامة الأنشطة في قامشلي

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

عنايت ديكو   الوجه الأول: – أرى أن صفقة “بهچلي – أوجلان” هي عبارة عن اتفاقية ذات طابع أمني وجيوسياسي بحت، بدأت معالمها تتكشف بشكل واضح لكل من يتابع الوضع عن كثب، ويلاحظ توزيع الأدوار وتأثيراتها على مختلف الأصعدة السياسية، الأمنية، والاجتماعية داخل تركيا وخارجها. الهدف الرئيسي من هذه الصفقة هو ضمان الأمن القومي التركي وتعزيز الجبهة الداخلية بجميع تفاصيلها…

اكرم حسين العلمانيّة هي مبدأ سياسي وفلسفي يهدف إلى فصل الدين عن الدولة والمؤسسات الحكومية ، وتنظيم الشؤون العامة بما يعتمد على المنطق، والعقلانية، والقوانين الوضعية بدون تدخل ديني. يتضمن مبدأ العلمانيّة الحفاظ على حرية الدين والمعتقد للأفراد، وضمان عدم التمييز ضد أي شخص بسبب دينه أو اعتقاده. تاريخياً ظهرت العلمانية مع اندلاع الثورة الفرنسية حيث خرجت الطبقة البرجوازية…

اننا في الفيدرالية السورية لحقوق الانسان والمنظمات والهيئات المدافعة عن حقوق الإنسان في سورية، وبالمشاركة مع أطفال العالم وجميع المدافعين عن حقوق الطفل وحقوق المرأة وحقوق الانسان، نحيي احتفال العالم بالذكرى السنوية الثلاثين لاتفاقية حقوق الطفل، التي تؤكد على الحقوق الأساسية للطفل في كل مكان وزمان. وقد نالت هذه الاتفاقية التصديق عليها في معظم أنحاء العالم، بعد أن أقرتها الجمعية…

نظام مير محمدي* عادةً ما تواجه الأنظمة الديكتاتورية في مراحلها الأخيرة سلسلةً من الأزمات المعقدة والمتنوعة. هذه الأزمات، الناجمة عن عقود من القمع والفساد المنهجي وسوء الإدارة الاقتصادية والعزلة الدولية، تؤدي إلى تفاقم المشكلات بدلاً من حلها. وكل قرارٍ يتخذ لحل مشكلة ما يؤدي إلى نشوء أزمات جديدة أو يزيد من حدة الأزمات القائمة. وهكذا يغرق النظام في دائرة…