أمريكا مستمرة في تمكين الإدارة الذاتية وإتمام الحوار الكوردي- الكوردي..

م. محفوظ رشيد 
أمريكا دولة مؤسسات وسياساتها العامة مخططة ومبرمجة، ومرحلة انتقال الادارة من الرئيس الحالي “دونالد ترمب” إلى “جو بايدن” المنتخب حساسة وهامة بالرغم من كونها إجرائية، فكل العالم في ترقب وحذر لما يحدث من تغيير، وكل يراجع أوراقه ويرتبها ليواكب التغييرات المرتقبة، لكن بالنسبة للوضع السوري فقد أوضح المسؤولون توافق الخارجية والدفاع على الخطوط العريضة للاستراتيجية الأمريكية على أنها استمرار للمساعي على تنفيذ القرار الأممي 2254 كأساس لحل الأزمة السورية، بالتزامن مع تعزيز التواجد العسكري وتطبيق قانون “قيصر” لانهاء الحضور الايراني الفاعل وتغيير سلوك النظام مع دعم الادارة الذاتية القائمة في شمال وشرق الفرات والعمل على تمكينها كعنصر أساسي في خارطة سوريا المستقبلية.
 بلدة عين عيسى وبحكم صفتها كعاصمة للإدارة الذاتية، وموقعها الاستراتيجي كنقطة ربط بين مناطقها شرقاً وغرباً وجنوباً ولا سيما الرقة ذات الأهمية والخصوصية، تحاول كل من روسيا وتركيا لاخراجها من سيطرة قوات سوريا الديموقراطية “قسد” وضمها إلى مناطق نفوذهما استكمالاً لصفقاتهما المتكررة على الأراضي السورية عبر التهديد والوعيد، ولكونها تقع ضمن منطقة الحظر الجوي الأمريكي من ناحية، ومن ناحية أخرى تحذيرات المسؤولين الأمريكان (والتلويح بفرض عقوبات) بضرورة تقيد الأطراف (وبخاصة تركيا) باتفاق وقف اطلاق النار وعدم التوسع عسكرياً بعد انتهاء عملية نبع الدم (نبع السلام) التركية التي احتلت بها كل من سري كانيي (رأس العين) و كري سبي (تل أبيض)، وكذلك تأكيدات قادة “قسد” على المقاومة حتى النفس الأخير وعدم التفريط بها بأي ثمن، كل هذه العوامل مجتمعة تجعلها عصية و محمية من أي تدخل عسكري أو بسط سيطرة أي من الدولتين عليها، وتبقى تحركاتهما في إطار “استعداد دبلوماسي وعسكري ليسهم في التأثير على توازنات الحقبة الجديدة في سوريا، وتنفيذ سياسات فاعلة تؤثر على سير التحركات في العملية الدستورية” كما نشرته صحيفة الصباح التركية.
تتفق روسيا وتركيا (بالتنسيق مع إيران) باعتبارهما راعيين للمعارضة والنظام على إيجاد حل وفق مخرجات “سوتسي” و”آستانا” من خارج الاجماع الدولي والقرارات الأممية، وذلك بخلق واقع جديد من خلال قضم مما أمكن من الأراضي الواقعة تحت سيطرة “قسد” وتقليص دورها أو إلغائها في مشروعهما التآمري على الإدارة وحلفائها الأمريكان، وقد فعلا المستحيل لفرض وثيقة مشتركة بين النظام والمعارضة في الجولة الأخيرة للجنة الدستورية باشراف “غير بيدرسون” الذي وصفها بالتقدم الايجابي، وما عمليات الانسحاب وإنشاء نقاط مراقبة من قبل الدولتين إلا استعداد لاستغلال غض نظر أمريكا أو تغير في موقفها لتكملان الصفقة التالية، وهذا ما لا يحصل في ضوء ثبات موقف أمريكا كما أسلفنا، وتشديد مواقف “جو بايدن” تجاه الدولتين.
 من خلال خطابات الرئيس المنتخب “جو بايدن” أثناء حملته الانتخابية ومواقفه المعلنة عندما كان نائباً للرئيس “باراك أوباما” وكعضو بارز في الحزب الديموقراطي، فهو معارض للتدخلات التركية واحتلالاتها لمناطق شمال وشرق سوريا ومؤيد لبقاء القوات الأمريكية في المنطقة لحماية “قسد” الحليفة في دحر “داعش” الارهابية، وتمكين الإدارة القائمة لتصبح جزءاً من العملية السياسية في سوريا.
 إن استمرار الوجود العسكري الأمريكي في منطقة شمال وشرق سوريا، والدعم اللوجستي للادارة الذاتية، وتكثيف الحضور الدبلوماسي على مستوى رفيع لاتمام الحوار الكوردي- الكوردي لأجل توحيد الصف والخطاب الكورديين وتشكيل مرجعية كوردية عليا كي تصبح الحامل المحوري للتجربة القائمة من كافة النواحي الادارية والسياسية والعسكرية.. وعلى جميع الأصعدة المحلية والوطنية والدولية، واشراك باقي المكونات العرقية والدينية في الحوار والادارة القائمة بعد توسيعها وتطويرها لتكتسب الشرعية والحصانة وتصبح أنموذجاً رائداً يحتذى به على كامل النطاق السوري كحل وشكل لنظام الحكم في سوريا الجديدة على أساس ديمقراطي لا مركزي تعددي تحترم فيه جميع لوائح حقوق الانسان وقرارات العهود والمواثيق الدولية و الأممية.
10/12/2020

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…

مصطفى جاويش بعد مضي عام على معركة ردع العدوان وعلى سقوط النظام السوري ووصول احمد الشرع الى القصر الرئاسي في دمشق بموجب اتفاقيات دولية واقليمية بات الحفاظ على سلطة الرئيس احمد الشرع ضرورة وحاجة محلية واقليمية ودولية لقيادة المرحلة الحالية رغم كل الاحداث والممارسات العنيفة التي جرت ببعض المحافظات والمدانة محليا ودوليا ويرى المجتمع الدولي في الرئيس احمد الشرع انه…

ماهين شيخاني مقدمة يواجه الشعب الكوردي في سوريا منذ عام 2011 تحولات سياسية وأمنية عميقة، أفرزت بيئة معقدة تتداخل فيها عوامل داخلية وخارجية. وفي ظل غياب تسوية سياسية شاملة، برزت ثلاثة أطراف رئيسية تركت أثراً مباشراً على مسار القضية الكوردية وعلى الاستقرار الاجتماعي والسياسي في مناطق توزع الكورد. هذا “الثالوث” يشمل الجماعات المتطرفة، والإدارة الذاتية، والمجلس الكوردي، وكلٌّ منها يمتلك…

حسن مجيد في الوضع الكوردي العام وبشكل خاص في إقليم كوردستان العراق كل أصناف المعارضة مرفوضة وخاصة المسلحة منها فالقيام بأعمال الشغب حتى لو لم تكن مرتبطة بأجندات إقليمية أو خارجية فقط يحق لك أن تعارض ضمن مجالات حرية الرأي والتعبير . إن النيل من المنجز بطرق غير شرعية وتخريبية تخدم المتربصين والذين لايريدون الخير للكورد . الواجب الوطني…