متواليات كيري ولافروف والاستدراج الممنهَج

 
 وليد حاج عبدالقادر / دبي
لم يطل الزمن كثيراً بالأزمة السورية في انكشافها السريع للمخرجات التي تموضعت عليها كثير من القضايا وكانعكاسٍ ممنهَج من جهةٍ وتطبيق عملي لاتفاقٍ عُدّ ركيزة للتفاهم الأمريكي الروسي هندسَها وزيرا خارجية البلدين لافروف وكيري في عهد أوباما وبوتين ، هذه الاتفاقية التي ارتكزت على قاعدة خفض التصعيد وبمتلازمة خفض القوة ، والتي بدأت ملامحها تتوضّح على أرض الواقع وكمبدأ رئيس تبلور على أرضية محاربة التنظيمات الإرهابية و إنهائها ، وعليه فقد تلازم التطهير مع مبدأ خفض القوة ، وبات الأمر في حكم شبه المؤكَد بأنّ مسار ما جرى في محافظات الجنوب السوري ومثلث الموت مروراً إلى البادية فحدود محافظة ديرالزور ، والتي كانت كمناطق خارج سيطرة النظام ، وفجأةً – كما يحلو لبعضهم – وفي وضح النهار لمسنا سلسبيل المتحولات والتناقضات في مواقف أمريكا كواجهةٍ وطلبها من الفصائل المسلحة السورية المتحالفة معها في تلك المناطق خيار إسترداد الأسلحة او تدميرها أو قبولها – الفصائل – الاستمرار في محاربة داعش ، والاستعداد للتحرك – حينها – إلى شرقي الفرات ، 
هذا الأمر الذي ذكّرنا بتصريحات غالبية المسؤولين الأمريكيين منذ عهد إدارة أوباما وإلى اليوم بأنّ الهدف العملي لكلّ أنشطتهم العسكرية هو لغايةٍ محدّدةٍ ومؤطّرة ضمن شراكةٍ هدفها هو فقط لمحاربة داعش والقضاء عليها ، ولتنكشف التمهيدات ٍ وكقصفٍ سياسي أخذت تتواتر وتنكشف خاصةً شرقي الفرات : في الجانب الأمريكي برز هناك تناقض متداخل سُرّب عبره وببطئٍ وكتمهيدٍ بأنّ متغيّراتٍ عسكرية ستحدث وهذه لم تقتصر على الأمريكان ! بل على لسان مسؤولين من النسق الأول في الجهة المعنية ، وهنا وبعيداً عن الشعاراتية ودوغما الهتافات كبروباغندا وكوضعٍ بات جميعنا يستشعر بأمرٍ ما ! هل ستكون الأمور كما أشار إليها – الرئيس المشترك لفدرالية الشمال – أم أنّ ما صرّح به السيد قره يلان من تبلور توجهٍ قومي – تبيّنت بأنها كانت مجرد فقاعةٍ – ستأخذ مسارها بنيوياً داخل هذه المنظومة وعلى أرضيتها سنشهد – ربما – تصوّراتٍ ما !! .
ولتبقي الآفاق مفتوحة ولكن يُتمنّى – بضمّ الياء – ألا تأتي متأخّرة ! . ومازال يؤمل منها بعيداً عن الجعجعة والهوبرات الشعاراتية والصيغ الفردانية المتعملقة مع يقيني – وكما تؤكْدها الوقائع – بأنّ سياسة النبذ التي مورست بشخوصها لاتزال هي التي تدير الدفة ، تلك العقلية التي يبدو بأنها سليلة المنهجية البوتينية المصطبغة عنفاً / غروزنياً / والذي يهجّج القطيع بعد توزيع رزم المهام المكشوفة منها والمخفية ؟! وهنا ! على ماذا يعوّل هذا ؟! فائض القوة غير المستنفذة بعد مثلاً ؟! أم لقرب سحبها لفائض القوة الممنوحة تلك ؟! . وهات بهرجة على حد قول السيد حمود حمود في جريدة الحياة / .. الثورويون التصفيقيون يعتاشون على التصفيق الشعبوي و .. استثارة الغرائز العاطفية والنفسية لجماهيرهم .. فمقولتهم الأولى = الأخيرة / .
هذا الامر سيدفعنا لنعود إلى بدايات نزول ب ي د عسكرياً إلى مناطقنا والتصادمات العسكرية بين قوات النظام وبعض الكتائب العربية المسلحة في ريف تل كوجر وتل حميس وجنوب الردّ وكان أشدّها عنفاً وكبدايات استخدام النظام للبراميل المدمْرة وتلك الغاية / الأنموذج التخويفي الذي مورس ( هل تريدون لمدننا ذات التدمير الذي يحصل في داريا وغيرها ؟ .. ) ولم تمضِ فترة طويلة حتى أخذ الناس يتساءلون : هل سقط أنموذج براميل قرية حداد بالتقادم ؟ أم أنّ – نماذج سقوط / إسقاط عفرين أو سري كانيي أو كري سبي باتت هي الأنجع ؟.
وهاهو ذات السيناريو يتكرّر ، وليطلب منهم وبوضوحٍ وبصيغة أمرٍ إما ؟ أو ؟ وليبرز ذات السؤال إلى متى سيبقون مثل الدمى التي تُشحن في مربعات الدول وب – زمبرك – يرقصون في سيرك وهم يدركون مسبقاً نتائحها ؟
وهنا بالتأكيد نحن لا نلوم الأبطال ونكبر فخراً بدمائهم التي ليتها سُفِكت في سبيل القضية ! ..
إنْ التعالي على الشعب ومخاطبته من أبراجٍ عالية لن تخفي حجم الحقائق ومعها الوقائع؛ بل ستدفعنا جميعاً وبتلقائيةٍ إلى استدراك الأحداث وبناء المستجدّات توقعاً عليها ، حيث بتنا نعرف القادم من الأحداث بعد أيّ تصريحّ منهم حتى قبل تحرك أية قوةٍ على مربعات مناطقنا فهل كان هذا هو النصر المؤزر ؟ البعض منهم كان يتوسْم نياشين وطيور نسر ونجوم على كتفه ونسي أنه : ليس كلّ السقطات هي نتاج طيارة أو دبابة ! و .. ثقل فينا اللسان تحت وطأة عشرات الصرخات وهم في عز قوتهم يصرفونها كانوا على مناضلي شعبهم يزجّونهم في السجون والمعتقلات ويقيمون موائد لولائم تحوّلت كلها إلى خناجر تطعنهم خلفاً وأماماً وكانت في السرّ وظهرت الآن بكلْ وضوحٍ إلى العلن ! .. وهنا وبتحدٍّ أسأل : ليظهروا ما عندهم من دلائل – منذ عصر الآلهة الأم – أنّ أيْ واحدٍ / مجموعة تعاونوا معه كان هناك أية مؤشر للإقرار بقضيتهم القومية ..
الصحوات تأتي نعم ! ولكن للأسف تتالي الصدمات والانكشافات هي التي تتمظهر كنتاجٍ للأفعال، هل هناك – مثلاً – معنى / مدلول لنمط النصر الذي يبهرجونه ؟ هل هي السيولة النقدية ؟ بروباغندا غراندايزر ! وحتى لانظلم أبناءنا وبطولاتهم في وجه القوة المستفاضة ، ولكن لطالما يدركون بأنّ خفض القوة هي لا تستهدف العتاد وانما حاملها و مستخدمها ، ولو كان الهدف غير ذلك لسحبوها مثلما فعلوا مع كتائب احمد العبدو وشهداء القريتين في بادية تدمر ، والأمضّ في الأمر هو الاستفراد بهم وعلى مرأى القوات الأمريكية والروسية ! وهنا أما كنتم تعلمون كلّ هذا قبل سقوط عفرين بسنتين وأطعمتموننا مرارة الدم علقماً مؤلماً فيها ! وما اكتفيتم ! لن أطيل أكثر ؟ .. وسأتوجّه بجملّ محدّدة للسيد مظلوم عبدي :
لا أنكر اعجابي ببعضٍ من سلوكياتكم وزميلكم ريدور خليل وبنيت عليها بعضاً من الأمل ! ولكن أيُعقل بأنكما لا تستطيعان التخطّي ولو خطوة بروتوكولية ؟ .. وبالتالي ! تعدّد المواقف وتناقضاتها في أضيق وأصغر بقعةٍ من العالم تشهد ساحتها صراع كلّ الأجندات العالمية ! ..
السيد مظلوم عبدي : كنت أتمنّى – كمتابعٍ ومؤمن بعدالة قضية شعبي – أن تكون – فعلاً – وحدة الموقف من الأولويات ! ولكن للأسف يبدو أنّ بعضاً من الدهاقنة لازالوا في نشوة السكرة ذاتها التي ابتدأت من سنة ٢٠١٢ ! وعليه : أوليس من حقنا كمتابعين أن نفهم المتداخلات بدءاً من الخضوع لمبدأ خفض القوة وصولاً إلى ما بعد 30 كم ومحاولة تعويم السطوة بمفهوم السيطرة وذات مبدأ قانون ب ي د ؟ باختصارٍ : شخصياً من كنت تلميذاً في مدرسة المأمون الريفية بديريك وفي الصف الخامس قرأت وفهمت القصة القرغيزية وعنوانها كان ( دائرة الطباشير )
ولكم أن تختاروا مَن كانت الأحرص على باغوز وهجين و .. ضاعت عفرين و … خذها على اليمين إن شئت أو على اليسار ! . أجل وبكلّ أسفٍ مازالوا يصرّون على التشبّث بتقية لا أساس لها سوى عديد المقابر وتضخْمها في بقاعنا ! وقد أدركناها للأسباب ولنا أدلتنا : بقاعنا تتالت سقوطها مع سقطة / بتر لاحقتنا الكُردية وأصبحنا : لا ملة تقر بنا ولا قوم صدق معنا وفينا ! فهل هي أول الغيث المطر ! أم لعلها بعض من إرث رقصات حنظلة ! .. مع التوكيد أنه وبالرغم من تقية – سر هلدان – ؟ لكنها لا تقاس بحجم مقابرها.
لقد أثبتت تجارب الشعوب أنّ الرهاب الفكري آفة وخنجر بنصلين يجرح المستهدف وإن لم تصبه وتطيح بممارسه ولو بعد حين !
الرهاب هو شقيق الإرهاب لابل أنّ النصل المستخدم هو كالمشيمة بين اللفظتين ! عندما يفقد بعضهم توازنهم ، ويتجاوزوا أبسط أسس التعاملات وكعجزٍ باطني ينمّ عن وهن الحجة واهتراء ناطحات الجليد الذائب بفعل وهج شمس الحقيقة .. أن يتحوّل بعضهم إلى منتجي صفحاتّ صفراء بدل المغمّسة بدمٍ حقيقي هدر ! أن يتجاوز بعضهم أسس التفاعل المجتمعي ! لعمري أنهم وكما قال فيهم الحكيم العين ديوري – البوطاني آطاش عليه الرحمة : مهما عكّر عليك بعضهم الماء فإنك ستبقى أنت الأنقى .. وهكذا قضية شعبنا التي لا تحتاج بقدر ماهي ثقافة اتحاد أصناف الحبر المغمّس بدم الشعب في جمهورية الباغوز والهجين ووهج النار يطيح بمدننا الآمنة ، ومع ذلك فنحن ندرك بأنها صدمة الوهن الرئيسي الذي تلاشى من جهةٍ ، وصرختنا في وجوههم : احترموا القليل ممّا تبقّى في عقولنا

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف منذ سقوط النظام المجرم في 8 كانون الأول 2024 وتحول السلطة إلى السيد أحمد الشرع، بات السوريون، سواء أكان ذلك في العاصمة دمشق أو المدن الكبرى والصغرى، يتطلعون إلى مرحلة جديدة يتخلصون فيها من الظلم والاستبداد. حيث سنوات طويلة من مكابدات المعذبين في سجون الطاغية الأسد وأبيه كانت كفيلة بتدمير أرواح مئات الآلاف. بعض السجناء أمضوا…

شكري بكر هذا الموضوع مطروح للمناقشة قد يؤدي بنا للوصول إلى إقامة نظام يختلف عما سبقونا من سلاطين وحكام وممالك وما نحن عليه الآن حيث التشتت والإنقسام وتبعثر الجهود الفكرية والسياسية والإقتصادية والعمل نحو إقامة مجتمع خال من كل أشكال الصراع وإلغاء العسكرة أرضا وفضاءا التي تهدر 80% من الإقتصاد العالمي ، إن تغلبنا على هذا التسلح يمكن…

إياد أبو شقرا عودة إلى الموضوع السوري، لا بد من القول، إن قلة منا كانت تتوقّع قبل شهر ما نحن فيه اليوم. إذ إن طيّ صفحة 54 سنة خلال أقل من أسبوعين إنجازٌ ضخم بكل ما في الكلمة من معنى. سهولة إسقاط نظام الأسد، وسرعة تداعيه، أدهشتا حتماً حتى أكثر المتفائلين بالتغيير المرجوّ. إلا أنني أزعم، بعدما تولّت قيادة العمليات…

طارق الحميد منذ فرار بشار الأسد، في 8 ديسمبر (كانون الأول)، إلى روسيا، وهناك سيل من النقد والمطالبات للحكام الجدد، وتحديداً أحمد الشرع. والقصة ليست بجدوى ذلك من عدمه، بل إن جل تلك الانتقادات لا تستند إلى حقائق. وسأناقش بعضاً منها هنا، وهي «غيض من فيض». مثلاً، كان يقال إن لا حل عسكرياً بسوريا، بينما سقط الأسد في 12 يوماً…