تقرير سياسي- تشرين الثاني
يَنْطلق تيار مستقبل كردستان سوريا في تحليله مِنْ صيرورة الواقع الموضوعية بكلّ ما فيها من ايجابيات وسلبيات بعيداً عن الثأر و الاتهام . فالسوريون يتذكرون ويعرفون تمامَ المعرفة تفاصيلَ الثورة السورية وكيفية تحوّلها الى حرب اهلية وطائفية مكشوفة ، والجهات الفاعلة في دفعْالامور الى هذا المنعطف الخطير في صعود الثورة المضادّة ، وبذلك فقد السوريون اهم عوامل القوة والانتصار بما هي ثورة وطنية ديمقراطيةضد الظلم والقمع والهيمنة والاستبداد ، ومن اجل الحرية والكرامة والقيم الانسانية العليا .
لقد دفع السورين اكلافاً باهظةً خلال السنوات الماضية بسبب الطبيعة القمعية للسلطة السورية ، ووقوف الجيش الى جانب هذه السلطةالتي مثلت اهم عناصر الثورة المضادة الى جانب الاسلام السياسي الذي تقاطع موضوعيا مع السلطة وخدم اجنداتها .
لقدْ كانَ من الاستحالة في سوريا كسبْ الجيش او انقسامه أو وقوفه في غير صف السلطة بسبب تكوينه وولائهِ التّامْ ، وبالتالي كان منالطبيعي ان يلتفّ حول السلطة و، ينفّذ تعليماتها في مواجهة المنتفضين بغض النظر عن بعض الانشقاقات الفردية او الفئوية التي حصلتهنا او هناك ، وأن تنتهي الثورة السورية الى المال الذي انتهت اليه ، وفي ظلّ توقفْ مفاوضات جنيف ، وعدم ْقدرة جولاتِهِا المتعددة التقدمفي طريقِ الانتقالِ السياسي وفْقَ القرار الاممي 2254 بحكم ديماغوجيا النظام ، وسياسات روسيا العسكريةَ وابتكارها لمقاربات اِلْتفافيّة تجسّدت في لقاءات أستانا وسوتشي ، وما تبعها من تعزيزْ الحل العسكري الزاحف ، والتهام مناطق خفض التصعيد واستحالة الحلالسياسي الذي تُعلن موسكو مداهنةً تمسكها بحتميته ، بينما في الواقع تُنْهي فرصهُ ومقوماتهُ بأكثرِ الصور منهجيةً بالتعاون مع إيرانوتركيا ، ولامبالاة من واشنطن ، وتشتتِ المعارضة السورية ، وضعفها لابل ارْتِهانها لأجندات اقليمية ودولية ، لكنْ كلّ المعطيات والوقائعْتُشير لكلّ ذي عينٍ بانه لا يمكن انفراد موسكو وتركيا وايران بالحل . فالحل تمليهِ القرارات الدولية ومصالح القوى الدولية والاقليمية ، ولابدّمن الاشارة الى ان الوضع قد ازداد تعقيداً بعد الانسحاب الامريكي المفاجئ ، واحتلال تركيا لكل من عفرين وسري كانيه وكري سبي .
لقدْ انزلقتْ جميع الاطراف ، وابتعدتْ عنِ الاهداف التي خرج من اجلها السوريون -الحرية والكرامة – ولذا اتّصفَ سلوكها بالميوعةِ والانتهازيةِوالفسادْ وتضافرتْ جهودُُ كثيرة لوأْدِ الثورة – وهذا ما حصل- مما جعل “الائتلاف الوطني” يفقدْ وظائفه، والقسم الأعظمْ من تأييده الدوليوالإقليمي والعربي والجماهيري ، وصار موضوع انتقاد من قبل انصاره ، وفشل في الحصول على دعم داخلي يعوّض تراجعه الدوليوالعربي في المكانة والدور، كما عجز عن التحوّل إلى مرجعية ملزمة للفصائل المسلحة، وهو ما تجلّى في عدم الايفاء بالتزاماته بالوثيقة الموقعةمع المجلس الوطني الكردي بمنع انتهاكات هذه الفصائل واعادة المهجرين الى عفرين والمناطق الكردية – حيث وصلت ممارسات هذهالفصائل إلى درجة من الانحدار والتفكك، وفقد معظمها ما كان له من علاقة إيجابية بالشعب وبقيم الثورة . وأصبحت الوظيفة الوحيدة لهذهالمجموعات تنفيذ اجندة تركيا في سوريا واماكن اخرى من العالم ، والمساهمة في الديماغوجيا التركية في منع تكوين دولةٍ كرديةٍ “ارهابية” على حدودها في الوقت الذي تمارس فيه هذه المجموعات ابشع الاعمال واقبح الانتهاكات ، وتعمل على اجراءِ التغيير الديمغرافي وتتريكالمناطق الكردية والسورية ، والمُشْكِلة هنا بأن هذه القوى تفتقد الى خطاب وطني سوري صادق وامين بالحد الادنى ، ومن المؤسف بان هذهالممارسات والانتهاكات تجري والعالم يسمع ويرى – عدا المعارضة السورية وتركيا – ولا يتحرك .
ان تيار مستقبل كردستان سوريا يؤكد على ان الاستمرار في هذه الممارسات سيؤدي الى مزيد من التشظّي والانقسام في الهوية الوطنيةالسورية ، وتهتّك في النسيج الاجتماعي الداخلي ، والتبعية المطلقة للخارج والارتهان اليه ، وهنا لا بد ان نشير الى امر يجب الاعتراف به ،وهو تأكل الاحلام المنشودة في سقوط السلطة وحلفائها بما فيها ادارة ب ي د ، وتماسكهما الى حد بعيد رغم كل ما يعتريهما من ضعفوفوضى وفساد وانتهازية ، وعدم تعليق فشلنا واخفاقاتنا على مشجب الاخرين للتنصل من مسؤولياتنا عن خطأ توقعاتنا تجاه صيرورةالاحداث واتجاهاتها والتي انعكست سلباً على قضية شعبنا وحصادنا المرّ لهذه التوقعات . لا ننكر نحن في تيار مستقبل كردستان سوريابان كل محاولاتنا في التصدي للواقع ، والعمل في اطار المشروع الذي كنا نتبناه قد أَلَ الى ما يشّبه الاخفاق ، وهو ما جعل التيار يقومبمراجعة نقدية اوليّة لكلّ السياقات التي مرّ بها ، وانضم الى المجلس الوطني الكردي كاطار جامع للقوى الكردية التي تتبنى المشروع القوميبقيادة الزعيم الكردي مسعود بارزاني مع التركيز على سورنة الخطاب الوطني الكردي انطلاقاً من تفاوت التطور الاقتصادي والاجتماعيوالسياسي ، واختلاف الاولويات ، وعدم التدخل في شؤون الاجزاء الاخرى مع ضرورة التنسيق والتشاور بين القوى الكردستانية ، ووضعحد للاحتراب الداخلي ، وهو الدافع الى مطالبتنا حزب العمال الكردستاني الالتزام باتفاقية شنكال ، واحترام سيادة الاقليم ومغادرة اراضيه، واستنكار الهجوم على البشمركة .
انّ تيار مستقبل كردستان سوريا يدْعم الحوار الجاري بين المجلس الوطني الكردي واحزاب الوحدة الوطنية حتى لو لم يصلْ الى نتيجةٍ ،لأنهيعتقد بضرورة بذل كلّ الجهودِ المطلوبةِ وعدم الاستسلام للصعوبات . فالاتفاق مهم على الصعيد التكتيكي والاستراتيجي لقضية شعبناوحقوقه الوطنية والديمقراطية ، لانّ الظروف الموضوعية والدولية مواتية رغم الخصومة العنيدة بين الطرفين ورغم أنّ كل الحوارات التي دارتسابقا لم تؤدي الى اتفاقات دائمة مع الطرف الاخر ، وجرى التنصل منها كاتفاقية هولير ودهوك .
ولا يفوتنا في هذا التقرير الاشارة الى الانقسام الواضح في المجتمع الامريكي بعد الانتخابات الامريكية الحالية ، و فوز بايدن ، واصرارترامب على عدم نزاهة الانتخابات و اللجوء الى المحكمة الدستورية وعدم الاقرار بالهزيمة ، لكن المجتمع الامريكي دائما في حالة تبدل وتغيير .ففوز بايدن لا يعني العودة تماماً الى مسار اوباما بل سيكون هناك تغيرات في بعض القضايا المتعلقة بالشعب الامريكي ، وفي السياسةالخارجية مع العودة الى الاتفاقات السابقة كالمناخ والتجارة والناتو … الخ مع درجة مطلوبة من المرونة تجاه الصين وروسيا وايران . رغم انايران الان اصبحت تفاوضيا ً في موقع اضعف بكثير مما كانت عليه قبل الاتفاق ، وسيتم تطويعها في حين انّ بايدن سيقف الى جانب الكردرغم النزاع مع تركيا ، وتكليفها في تطويق الدور الروسي في المنطقة .
اما عن مؤتمر اللاجئين الذي عقد في دمشق في 11-11-2020 فإننا نعتقد بان العودة مستحيلة في ظل الوضع القائم ، وعدم الاحساسبالأمان من الاعتقال والتعذيب ، وغياب المحاسبة وعدم وجود قضاء عادل وقوانين تحمي العائدين ، فالعودة تتطلب انتقالاَ سياسياً حقيقياً ،وتوفير بيئة امنة وطوعية وبضمانات ورعاية الامم المتحدة لحماية حياة الاشخاص ، و توفير الشروط المناسبة للعيش الكريم . وهي محاولةروسية جديدة للالتفاف على قرارات الشرعية الدولية .
تقف سوريا اليوم أمام خيارين : اما تفاهم دولي حول حل سياسي يتخطى القضية السورية ، ولا شك بأن بلوغه سيكون معقدًا ومتشعبًا،من جهة، وبالمقابل، حقبة من الصراع السياسي/ العسكري الغير المباشر بين القوى العظمى، ومزيد من الاستنقاع في الوضع السوري ،واستمرار مناطق النفوذ القائمة نسبياً ، وعدم حدوث تغيرات ذا معنى حقيقي وهي مشكلة حقيقية بالنسبة للشعب السوري.
إزاء ذلك لابدّ من عدم التخلي عن واجبنا في التصدي السياسي اليومي لما يواجه شعبنا من أخطار اقليمية ، وداخلية تنتمي إلى الثورةالمضادة. لا شك في أن ذلك يبدأ من إطلاق عملية تمكين المجلس الوطني الكردي لاحتلال مكانة حقيقية في ساحة السياسة السورية ، بحيثتكون له القدرة على تمثيل مصالح قطاعات واسعة من شعبنا ، على أن يجري تركيز الجهد في هذه المرحلة على بناء توافق بين مختلف ابناء الشعب السوري – بغض النظر عن القومية او الدين او العقيدة او المذهب – واجراء انتقال ديمقراطي تدريجي، منظم وممرّحل زمنيًا، وفق القرار 2254 . في ظل نقص الاندماج المجتمعي ، والذي لعب دورًا كبيراً في ما عاشه الحراك السلمي والعسكري من انزياحات قاتلة،ومكَّن الدول الاقليمية والدولية من التلاعب بولاءات الشعب السوري ، وتحويلها إلى تناقضات حقيقية فككت وشائجه ، واحدثت صدوعاً وندوباًبين مكوناته ، ونقلت الصراع بينه وبين السلطة إلى احتراب أهلي وداخلي.
لا بدّ أيضًا من متابعة العمل مع المجتمع الدولي ليكون لنا دور في أي حل يتم التوافق عليه ، وبما يخدم مصالح السوريين ، وبناء سوريةديمقراطية، لامركزية ، لحمتها العدالة والمساواة وحكم القانون واحترام حقوق الجميع افراداً ومكونات .
لقد جاءت جبهة السلام والحرية تتويجاً لحوارات مكثفة بين المجلس الوطني الكردي وتيار الغد والمنظمة الاثورية والمجلس العربي في الجزيرةوالفرات ولتعكس حقيقة التعدد القومي في سوريا وتسعى الى الحفاظ على السلم الاهلي ونشر ثقافة العيش المشترك ودعم التوجهاتالسلمية لحل الازمة السورية وفق القرارات الدولية لاسيما القرار 2254 وفي هذا السياق يثمن التيار النشاطات التعريفية التي تقوم بهاالجبهة مع الدول والاطر والهيئات المختلفة .
تيار مستقبل كردستان سوريا
الهيئة التنفيذية
قامشلو 15-11-2020