المحامي عماد شيخ حسن
التقرير الجديد الذي صدر عن لجنة التحقيق الدولية المعنية بسوريا و المؤرخ ١٥/٩/٢٠٢٠ هو تقرير مذهل حقيقةٓ، و هو نقلة ايجابية نوعية في عمل اللجنة المذكورة و خاصة مقارنة بالتقارير الاخرى السابقة لها .
فالتقرير رغم القساوة الشديدة للوقائع التي يسردها و رغم المضمون المؤلم جدا حول ما يجري ارتكابه في سوريا، إلا أن اللجنة تشعرك و للمرة الاولى بأنها بدأت تمارس عملها بمستوى متقدم جداٌ من المهنية و بعيدا عن ما يمكن أن يثار من شبهات حول ذلك.
سوف اشير و باختصار شديد مبدئيا الى بعض ابرز ما ورد في التقرير من ايجابيات و لا سيما من الناحية القانونية، و سوف اخصص ما يتعلق بعفرين مثالاٌ :
١- التقرير يشير للمرة الاولى الى الوجود الفعلي التركي في عفرين و الى مسؤوليتها اي مسؤولية تركيا بالتالي عن كل ما يحدث فيها. وهذا يعني أن اللجنة تؤكد و تنقل قناعتها الى مجلس حقوق الانسان و باقي أجهزة الامم المتحدة و العالم بإن عفرين تعيش واقع احتلال تركي ( المادة ٤٢ اتفاقية لاهاي ١٩٠٧ ) وهي سندا لذاك الوصف مسؤولة عن كل ما يجري في عفرين، و هذه خطوة بالغة الاهمية و لطالما سعينا و غيرنا الى تأكيدها لدى اللجنة و غيرها .
٢- التقرير افرد تمهيدا فيه الكثير من الايجابية و المهنية و الاقناع حتى يصل الى تلك النتيجة السابقة اي نتيجة ان تركيا مسؤولة .
حيث ذكرت اللجنة الكثير من الوقائع التي تشير الى الوجود و التورط التركي، مثل ذكر وجود الوالي التركي في عفرين و مؤشرات تبعية الفصائل لتركيا و التزامهم بتعليماتها و الاستخبارات التركية و التواجد التركي داخل مراكز الاعتقال و خارجها و علمها و اشرافها على ما يجري من اختطاف و استيطان و تعذيب و ما الى ذلك الكثير .
٣- التقرير جاء ايجابيا جدا و موافقا للحقيقة و الواقع لجهة أن كل ما يرتكب من جرائم و انتهاكات هي ذات أحقاد و ابعاد عرقية طائفية فئوية تقع على فئة بعينها هم الكورد و الكورد الايذيديين في عفرين حيث الخصوصية الكردية لهذه المنطقة ، و الاستهداف يطالهم بغرض تهجيرهم و اقصائهم و القضاء عليهم بأي شكل و تحت اي ثمن .
حيث نجد أن الاشارة و التركيز على الهوية الكردية ممن تعرضوا للجرائم و الانتهاكات وردت كثيرا و تقريبا في كل حالة او حادثة جرى تناولها .
و ورد في التقرير ان احد المسلحين التابعين قالها بصريح العبارة ((لو كان الأمر بيدي لقتلت كل كردي عمره من سنة الى ثمانين سنة))
٤ – اللجنة أو التقرير بالكاد أحاطا بأهم صور الاجرام التي ترتكب في عفرين، مثل عمليات الخطف و الاختفاء القسري و الاعتقال و التعذيب و السب و النهب و الابتزاز و المصادرة و السرقة بأنواعها للآثار و الارزاق و الاستيلاء و الاغتصاب و سواها. و التي كلها كافية و من شأنها أن تدين تركيا بالدرجة الاولى و الفصائل و الائتلاف أشدّ الإدانة بمجرد أن تنهض مراكز الشأن و القرار في العام بمسؤولياتها كما نهضت لجنة التحقيق بجزء منها من خلال هذا التقرير.
المانيا .١٥/٩/٢٠٢٠ .