لمعرفة أكثر عن ذلك وجّهنا بعض الاسئلة إلى مجموعة من السياسيين والمثقفين:
- ما تحليلكم لكل ما يجري على الساحة الكوردية خلال هذه الفترة؟
- كيف تحللون التحركات المكثفة لقيادة إقليم كوردستان داخليا وإقليميا ودوليا؟
- هل يمكن ربط ما يجري من تحركات في إقليم كوردستان بالوضع الكوردي في سوريا؟
- حسب رأيكم، كيف ترون مستقبل الكورد في المرحلة القادمة؟
ديناميكية قيادة إقليم كوردستان تأتي من موقع الإحساس بالمسؤولية تجاه القضايا المصيرية لشعب كوردستان
تحدث عضو اللجنة المركزية في الحزب الديمقراطي الكوردستاني- سوريا، نافع عبدالله، بالقول: «لا شك أن الورقة الكوردية باتت من الأوراق الهامة التي يتم التباحث فيها على الساحة الإقليمية والدولية لِما للكورد من أهمية كبيرة من الناحية الجيوسياسية كونها ملتقى القارات الثلاث أوروبا وأفريقيا وآسيا وأيضاً أرض كوردستان غنية بالموارد الطبيعية كالنفط والغاز، وكذلك مهد الأديان اليهودية والمسيحية والاسلام وبناء الحضارات كالسومرية وموزوبوتاميا، من خلال ما استعرضناه نستنتج أهمية موقع كوردستان الواقع في الشرق الأوسط وتقع في وسط الدول مثل تركيا وايران والعراق وسوريا، لذلك تجد تحركات دراماتيكية من قبل الدول العالمية والإقليمية لكسب إقليم كوردستان وقيادته إلى سياساتهم، وكلنا ثقة بأن قيادة كوردستان سوف تضع مصلحة شعب كوردستان فوق كل إعتبارات».
الديناميكية التي تتمتع بها قيادة الإقليم تأتي من موقع الإحساس العالي بالمسؤولية تجاه القضايا المصيرية لشعب كوردستان وتمتين العلاقات بين شعب كوردستان وشعوب المنطقة والعالم والحفاظ على مكتسبات شعب كوردستان بالحكمة والحنكة السياسية».
عبدالله: «تحدثنا عن الملفات وهنا يجب ان نشير الى التدخل التركي في الشأن السوري والاحتلال التركي لأجزاء واسعة من الأراضي السورية وخاصة المدن الكوردية عفرين وكري سبي وسري كانييه والقصف التركي لمواقع حزب العمال الكوردستاني في كوردستان العراق، من هنا يتبين تشابك الملفات وربطها ببعضها البعض. نحن نرفض الحلول العسكرية لذلك قيادة كوردستان تبحث عن الحلول السياسية عن طريق الدبلوماسية الواقعية والعقلانية التي تنتهجها في حل الأزمات».
اثبت قادة إقليم كوردستان بحضورهم المميز كرجال دولة حقيقيين وبكاريزما وفرضوا حضورهم وهيبتهم
يتابع عبدالقادر: «أن المنطقة ككل تمور بدواماتها التي تتقلص وتتمدد وكل التقديرات تشي بحقيقة أن الصراع آخذ بالتوسع وأن الكورد هم من أكثر شعوب المنطقة انضباطا رغم كارثية بعض الخلافات البينية، هذا الأمر الذي لا يخفى عن ذهنية القيادة في اقليم كوردستان كونها هي بالذات في عين العاصفة، وفي ذات الوقت الحاضنة- الجامعة لأجزاء كوردستان الأخرى، هذه الحالة تقرّ بها غالبية الدول وعليه فإن تناول قضية أي جزء ستكون هولير كعادتها في الواجهة، لا بل ان جدول أعمال قادتها في زياراتهم الخارجية لا تخلو مطلقا قضايا نقاشية حول ذلك، وعلينا هنا ألا ننسى أمرا جداً حيوي: فقد اثبت قادة كوردستان بحضورهم المميز كـ “رجال دولة” حقيقيين وبكاريزما فرضوا حضورهم وهيبتهم بشهادة العديد من قادة الدول».
يضيف عبدالقادر: «مما لاشك فيه أن الوضع السوري عامة والقضية الكوردية فيها خاصة هي واحدة من الملفات الرئيسة في غالبية زيارات ولقاءات قيادة كوردستان، كما أن وفودا عديدة تزر هولير لذات الغرض وللإستماع الى طروحات وتصورات قيادة الإقليم في ذلك. رغم المواقف العدائية لكل الدول المحيطة بكوردستان وتدخلاتها، وبالرغم من المآسي الفظيعة إلا أن عقارب الساعة لن تعود الى الوراء والشعوب ستنال حقوقها، وقضية الشعب الكوردي في كل جزء خرجت من تحت طاقية الإخفاء وباتت في كل جزء عنوان حقيقي لأية توافقات عملية وحقيقية».
إقليم كوردستان يحظى بتأييد دولي ودعم متعدد الجوانب، وحقق قفزات نوعية من التقدم
تتابع أحمد: «شهدت الساحة الكوردستانية حراكاً دبلوماسياً قوياً على المستوى الداخلي والإقليمي والدولي. بالرغم من الأوضاع غير المساعدة والعوائق الكثيرة من التوترات الحدودية والملفات العالقة مع بغداد والأوضاع الاقتصادية والشلل الذي أحدثه انتشار وباء فيروس كورونا في مفاصل الحياة، إلا أن النشاط الدبلوماسي لإقليم كوردستان تكلل بالنجاح. تمثل الحراك الدبلوماسي بالزيارات واللقاءات العديدة لبغداد ولدول الجوار واللقاءات الكثيرة مع ممثلي الدول الأوروبية. الهدف من الحراك الدبلوماسي، حماية مكتسبات اقليم كوردستان والدفاع عنها، وضمان الحقوق دستورياً، تعريف العالم بالحقوق المشروعة للشعب الكوردي والملفات العالقة للحصول على الدعم والتأييد الدوليين وتمتين العلاقات الاقتصادية والسياسية وترسيخ العلاقات الإنسانية، وإزالة التوترات الحدودية في محيطه الاقليمي لتحقيق السلام العادل. زيارة رئيس إقليم كوردستان، الرئيس نيجيرفان بارزاني إلى بغداد جاءت بناءً على طلب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، مؤكداً بذلك على تمتين العلاقات التاريخية ودعم فرنسا المستمر لإقليم كوردستان كما دعمه لضرورة حل الملفات العالقة مع بغداد. الحوارات مع بغداد كانت موجودة منذ سنوات، لكنها تراكمت بتراكم الملفات ولم تُبد تقدماً ملموساً. حكومة مصطفى الكاظمي مؤخرا أبدت رغبة وحرصا في مواصلة الحوارات الجدية لحل الملفات بالرغم من العراقيل الكثيرة ومن كافة الإتجاهات وداعميها الإقليميين. في كافة الزيارات ومناقشات الملفات العالقة بين إقليم كوردستان والحكومة الاتحادية، أعربت حكومة إقليم كوردستان عن استعدادها التام لحل تلك الملفات استناداً إلى الدستور الاتحادي، وهذا يتطلب من حكومة الكاظمي إبداء استعدادها التام وبإرادة قوية للحل، بعد أن تماطلت الحكومات السابقة، والتي لم تستند إلى الدستور إلا بما يتوافق مع مزاجيتها السياسية، لتتباكى على بنوده، وتفسره بما يتوافق مع مصالحها. لتكون المادة 140 من الدستور الإتحادي وغيرها من المواد الأخرى في زاوية الإقصاء والتناسي. تكللت زيارة الرئيس نيجيرفان بارزاني إلى بغداد واللقاءات والمناقشات الكثيرة والحراك الدبلوماسي الناجح للقيادة الكوردستانية بوضع خارطة طريق لحل الملفات وفق الدستور. مع تأييد دولي بضرورة حل الملفات العالقة بين هولير وبغداد بالاستناد إلى الدستور الاتحادي، يصب ذلك في مكانة اقليم كوردستان دولياً وإقليمياً».
تختتم أحمد: «بالرغم من أن شيفرة خارطة الشرق الأوسط الجديدة لم تفك رموزها بعد، لكنها توحي بمرحلة من التغييرات والاستحقاقات. مستقبل المنطقة بشكل عام مرتبط بما ستتمخض عنها التغييرات من ولادات جديدة أو “ترقيعات” في خارطتها. مستقبل الشعب الكوردي في المرحلة القادمة مرتبط بمحيطه، وبشكل خاص يتوقف على أمرين هامين: على الصعيد الدولي: الدعم الدولي لحقوق الشعب الكوردي المشروعة، وخاصة تلك التي لها الدور الأساسي في المنطقة ومجريات الأحداث وتوجيهها. على الصعيد الكوردي: وحدة الكورد ووحدة خطابهم السياسي الكوردي وتوافقهم القوي على المطالبة الجدية لحقوقهم المشروعة، هام جداً في هذه المرحلة. لابد أن تتكلل المفاوضات الكوردية- الكوردية باتفاقية شاملة. ومن الضروري أيضاً أن تتبنى أمريكا مخرجات الإتفاقية لدعم حقوق الشعب الكوردي في المحافل الدولية، كضامن حقيقي لتتثبيتها في الواقع المتغير. إقليم كوردستان يحظى بتأييد دولي ودعم متعدد الجوانب، سياسياً، عسكرياً، اقتصادياً وعلى كافة المستويات. وقد حقق الإقليم قفزات نوعية من التقدم، ساعيا من خلال سياسته الحكيمة ودبلوماسيته الناجحة على المستوى الدولي للحصول على دعم وتأييد في المستقبل القريب لحق الشعب الكوردي في تقرير مصيره بنفسه. في ظل التدخلات المتشابكة والصراعات الدولية والفوضى الخلاقة والحروب والدمار في منطقة شرق الأوسط، لابد من إعادة رسم خارطة الشرق الأوسط لصالح الاعتراف بحقوق الشعوب المظلومة وفي مقدمتها الشعب الكوردي. لن يتحقق الاستقرار دون حل القضية الكوردية حلاً عادلاً وفق العهود والمواثيق الدولية».
الخاتمة: