إبراهيم شتلو
ضمن وقائع الأحداث التي تدور رحاها على الساحة العالمية ومن ضمنها منطقتنا حيث نقع وسط الأحداث ننشغل وقبل أن يكون شعبنا مشغولا بتحصيل قوته اليومي ينشغل القادة الكورد الذين يترأسون مراكز القوى في كوردستان المجزأة في الصراع على المراكز القيادية البينية مع الملاحظة أنه كلما أزداد تدخل الأجنبي في شؤوننا القومية مستغلا تناحرنا وصراع قياداتنا كلما إبتعدنا من التوجه لكسب تعاطف وتفهم وتأييد القوى الدولية التي ترسم السياسة العالمية وفاتنا التعامل معها على مستوى رفيع وبنظرة إلى المستقبل البعيد الذي تهدف إليها خطط رسم خريطة العالم الجديد.
حقائق يجب أن يفهمها قادة الكورد وزعماء الأحزاب والمنظمات والتجمعات الكوردية في جميع أنحاء كوردستان بأن التعامل مع الأحداث والتحرك بموجب ردود الأفعال والبقاء ضمن حلقة التمسك بالكرسي والمساعي لتدفيش الأزمات وإرجاء حلولها للقدر وماقد يحمله لنا من مفاجآت تعيسة أو – مع الحلم – مفيدة سيجعلنا نبقى ندور ضمن الحلقة المفرغة وبدون تحقيق أي تقدم بل على العكس فالزمن لايرحم والسنين والقرون تتوالى ونحن نتقدم خطوة نحو الأمام ونكبو خطوات…وهكذا دواليك!.
لقد نجح أعداؤنا حتى الأن ومعهم قياداتنا بنسب مختلفة وإلى حد كبير لإبقائنا ندور حول أنفسنا ضمن حلقة التناحر والصراع الداخلي وننشغل في كسب المنافع الشخصية والمكاسب المالية والمراكز السلطوية.
ولكي يفهم الجميع ما أعنيه:
أقول أنه على الجهة التي ترى نفسها أكثر أحقية وأكبر جدارة بقيادة الكورد ومسؤولية حمل عبء النضال من أجل غد أفضل أن تسعى للمشاركة مع القوى المحركة لخطة المستقبل وللعالم الجديد التي تهيئ الساسة لخلق وقائع جديدة تؤدي إلى تغيرات جيوسياسية.
إذ لايجوز أن يغفل عن إنتباه قادتنا ما ينطق به من يرسم ويخطط خريطة الشعوب وسياسة العالم. وما فكرة: الربيع العربي إلا واحدة من تلك الخطط التي ستلحق بها واحدة تلو الأخرى ولتشغل الغافلين بمستجدات لن تعود بالضرورة بالتقدم والإزدهار على الشعوب.
وأخيرا وليس آخرا وعلى سبيل المثال تفوه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بما وصف بنظرية: الإبراهيمية.
الإبراهيمية التي تنسب نفسها إلى أب الأنبياء سيدنا إبراهيم وتعتبر من وجهة نظرها أنه ولد في – اور – جنوب العراق الحالي ومن تلك البقعة الجغرافية وعلى أساس أننا جميعا أخوة نعود في أصولنا إليه وهو مبشر التعايش بين الشعوب.
هذه النظرية التي تشمل شعوب الشرق الأوسط في جوهرها تهدف إلى إلغاء أو بعبارة أصح تجميد العداء والحروب بين هذه الشعوب وتضمن الحفاظ على حقوق الشعب اليهودي في وطنه الأم ومسقط رأسه والشعوب المجاورة للتعايش بسلام وأمان.
نطرية الإبراهيمية تسعى لتحقيق الهدف الأسمى للتعايش السلمي ولكن الخطوات التي تسير في طريق تحقيق هدف النظرية تشملنا نحن الكورد أيضا وتعبر خطواتها جبالنا ووديان وطننا وبقاءنا غائبين عن الإطلاع والمساهمة في نشاطات القائمين على رسم خطوط مستقبل شعوب عالمنا المحيط بنا سوف يجعلنا أيضا بعيدين عن إهتمام القوى المؤسسة والفاعلة لتحقيق خريطة جديدة لعالمنا وعلى الأجيال الكوردية القادمة أن لاتتفاجئ إذا وجدت نفسها في مجموعات بشرية لا هوية ولا شخصية ولا كيان لها.
أنا لا أقترح تأييد هذه السياسة – بشكل مطلق وبدون تمعن – والتي يبدو أنها مرسومة وتسير بدقة وبخطوات حيث نرى آثارها في التواصل والمصالحات التي نشهد حدوثها وكأنها مستجدات مفاجئة بل أكثر من ذلك وأهم فإنني أدعو إلى أن يكون لنا حضور فاعل وأن لانبقى على هامش الأحداث وغائبين عن التفاعل قبل وقوع الواقعة التي قد لانرى لنا فيها نصيب يساعدنا في تضميد جراحنا.
ولابأس أن يكون لنا ممثلين – كما هو الحال الآن – يتابعون الأحداث والعلاقات مع دول العالم ولكن المقصود هو عدم الإقتصار على مثل تلك النشاطات الدبلوماسية الخارجية التي وحتى الآن روتينية، شكلية تمثل أحزابا أكثر مما تتبنى سياسة دبلوماسية كوردستانية وطنية وتتحرك بموجب ردود الفعل بل أقصد:
تحسين النوعية وتشكيل لجان من المتخصصين وأصحاب الكفاءة المخلصين ليكونوا قريبين بل ومشاركين مع القوى المستترة في المكاتب الخلفية التي ترسم لمراكز القوى العالمية إستراتيجيتها وأهدافها التي تسعى لتحقيقها وتعمل وفق خطوات مدروسة تطبق هنا و هناك – دون أن يدري من هم في واجهة الأحداث – وفقط عندما سيكون لنا حضور ودور في صناعة القرارات وبمثل هذه العقلية المنيرة والمساهمة الفعالة نكون قد خرجنا من حلقة الإهمال والنسيان والمفعول بهم وحققنا قفزة نوعية في طريق تحقيق حياة حرة لشعبنا المضطهد.
دراسات كوردية – إسلامية
14/ أيلول – سبتمبر /2020