طالبوا الأرعن الأميركي باستبدال الأداة!

تجمع الملاحظين: كاوار خضر
لا مبالغة إن قلنا أن الحركة الكردية لا تواكب عصرها. وأي متتبع لسوريا يعلم أن الأمور أفلتت من أيديهم، وحالت إلى غيرهم، إقليمية ودولية. مع هذا الإدراك البين للحالة السورية، يمضي الحراك الكردي كأن الزمن متوقف، والمتغيرات لا وجود لها. 
وعليه حين حدوث أمر معلوم التوقع للملم بالوضع السوري؛ يبدو ذلك غريبا للحراك الكردي، وكأنه كان شيئا غير متوقع؟ بهذا الإدراك السطحي يتم استغلال الحركة الكردية، ومن ثم يتم إلقاءها خارج اللعبة. فتولول، وتندب، وتستغرب بالذي حصل لها!
لا نود الدخول في التفاصيل كثيرا بشأن العضو الذي يرغب الائتلاف استبداله، فالأنكسى يعلم أسباب المطالبة باستبداله، ويعلم لماذا رحلته تركيا عن أرضها. فالمعارضة السورية المستمدة قوتها وحمايتها من تركيا، وليست من غيرها، لا خيار لها سوى أن تتحملها واستغلالها. فهي للضرورة تتجرع مرارة الاستغلال، وإلا لن يكون لها وجود؛ والدليل: أين مائة وثلاثين دولة كانت أصدقاءها، واليوم لم تبق منهن واحدة. وسيد أصدقائها أوباما أوكل أمورها إلى روسيا وإيران. وجنيفاته لم تتعدَ حدود إطالة معاناتها المؤلمة.
كرديا لبى الأنكسى دعوة ترامب الانتهازي، وفرنسا المحرومة من ثروات ليبيا تركيا، بوحدة الصف مع الأداة المستعارة، إيرانيا وروسيا، لأوباما من أجل ترك يديهما حرة في سوريا. وما حصل أن تقلص نفوذ المعارضة الممتد على ثلاثة أرباعها إلى أقل من ربع. مع هذا ظننا نحن الكرد إن الهروع إلى كل من ينادينا باسمنا سيصون وجودنا، غير مبالين بما هدر من دمائنا، لأجل أجنداته، والآن، ننخدع بدعوته لنا ثانية لننضم إلى قاتلنا، متجاوزين تلك الدماء. 
إذا وضعنا العقل جانبا، هل من الضمير أن نتوحد من قتل منا اثني عشر ألف قتيل وضعفها بين جريح ومعوق؟ فالذي يرضى ضميره أن يسبح في دمائهم ليوحد الصف معه، فهو مثله، وشريكه في الدماء، ومعينه في معاناة المعوقين والجرحى. رغم كل هذه الجرائم بحقنا يرضخ الأنكسى لها إرضاء لهذا الأرعن؛ دون أن يطالبه باستبدالها؟ وعدم المطالبة بالاستبدال لهي مذلة وإهانة فاقت كل المقاييس والمعايير.
لا يرضى الشريف منا أن تخطف قاصراته؟ ولا يقبل إباؤه أن يموت عطشا، ولا عزة نفسه تقبل بالموت جوعا، من أجل وحدة صف مع أداة تهدم بنياننا؟ أي وطني نكون حين تلزمنا أميركا وفرنسا بوحدة مع قاتلنا، ومدنس كرامتنا، ومغير ديمغرافيتنا، ومعطشنا ومجوّعنا، دون مطالبتهما باستبدالها؟ إذا لم نفعل ذلك؛ حينئذ يحق القول علينا أننا غير متهمين بكرامتنا، ولا بعزة نفسنا…؟ 
rawendkurd3@gmail.com

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…

عنايت ديكو   الوجه الأول: – أرى أن صفقة “بهچلي – أوجلان” هي عبارة عن اتفاقية ذات طابع أمني وجيوسياسي بحت، بدأت معالمها تتكشف بشكل واضح لكل من يتابع الوضع عن كثب، ويلاحظ توزيع الأدوار وتأثيراتها على مختلف الأصعدة السياسية، الأمنية، والاجتماعية داخل تركيا وخارجها. الهدف الرئيسي من هذه الصفقة هو ضمان الأمن القومي التركي وتعزيز الجبهة الداخلية بجميع تفاصيلها…

اكرم حسين العلمانيّة هي مبدأ سياسي وفلسفي يهدف إلى فصل الدين عن الدولة والمؤسسات الحكومية ، وتنظيم الشؤون العامة بما يعتمد على المنطق، والعقلانية، والقوانين الوضعية بدون تدخل ديني. يتضمن مبدأ العلمانيّة الحفاظ على حرية الدين والمعتقد للأفراد، وضمان عدم التمييز ضد أي شخص بسبب دينه أو اعتقاده. تاريخياً ظهرت العلمانية مع اندلاع الثورة الفرنسية حيث خرجت الطبقة البرجوازية…