خطاب حزبوي أجوف لطرفي الاستقطاب (الهام احمد وسعود الملا نموذجا)

صلاح بدرالدين
قبل نحو أسبوعين كنت قد تناولت بالقراءة النقدية بعض البنود الواردة في تصريحات المتعددة المسؤوليات السيدة – الهام أحمد – لفضائية – روناهي – وخلصت الى القول بايجاز : ” أن الهدف الأول والأخير لخطابها السياسي هو تعزيز الإدارة الذاتية والمنظومة الحزبية المستولية على المقدرات وليس من أجل توحيد الحركة الكردية السورية، أو إسقاط نظام الاستبداد، أو إعادة بناء جسور بين الحركة الكردية والحركة الديموقراطية السورية المعارضة، أو إزالة أسباب التوتر وتحسين العلاقات مع مؤسسات إقليم كردستان العراق الشرعية، هذه الأهداف والطموحات هي مايسعى شعبنا من الكرد والسوريين عموماً لتحقيقها  . 
وان هذا الخطاب يتجاهل حقيقة ان الوطنيين المستقلين هم الغالبية في الساحة الكردية السورية ، إذا كانت “الإدارة الذاتية” طامحة ( وهو حق مشروع) في علم السياسة، في تطويع أو جلب أو إغراء أطراف ومجموعات سياسية كردية وعربية مناوئة لها، فلا أعتقد أنّ خطابها سيساعد على ذلك ، وقد أشرنا أن الطريقة الأسلم كردياً هو المؤتمر الجامع بالآليات الديموقراطية .
أما على الصعيد الوطني فعليها مخاطبة الآخر السوري المقابل بلغة النقد الذاتي والاعتراف بخطيئة قيادتها الحزبية، عندما اتفقت مع نظام الاستبداد منذ بداية الثورة السورية، وجلبت مسلحيها عبر عملية التسليم والاستلام، وأصبحت جزءاً عسكرياً أمنياً سياسياً في صف النظام وضد الثورة السورية، بحسب الوقائع والقرائن المتوفرة، كما عليها الاعتذار، إن شاءت، وقطع الصلة كلياً مع النظام وإزالة كل الآثار المترتبة، أو أن تعلن بكل شفافية أنّها تراهن على هذا النظام، وترى أنّه مؤهل للاستمرار ولحل القضايا الوطنية، ومن ضمنها القضية الكردية  .
حوار السيد – سعود الملا – مع صحيفة ” كوردستان “
وجاء فيه : ( “وحدة الصف الكوردي من أولوياتنا، هذه قناعاتنا وأهدافنا، ودائماً ننادي بها، نحن مع وحدة الكورد وعلى هذا الأساس قمنا بتأسيس المجلس الوطني الكوردي .. “بعد أن خسرنا عفرين، صدرت مبادرة من قسد بتوحيد الحركة الكوردية، ونحن كـ مجلس رحبنا بالمبادرة التي تبناها قائد قسد مظلوم عبدي، وأكدنا وقوفنا مع هذه الوحدة. 
وما لاحظناه من مواقف «ب ي د» والذين أحكموا سيطرتهم على مفاصل الإدارة غير مرحبين بهذه المبادرة .. ومن ثم خرجت مبادرة فرنسية، والتي عملت جاهدة لتقريب الطرفين الكورديين، وبعد دخول المبادرة الأمريكية أعلنت فرنسا دعمها لها، ونحن دائماً كنا مرحبين بأي مبادرة تؤدّي إلى توحيد الرؤى الكوردية .
 أعلنّا موافقتنا ورغبتنا بالحوار، هذه المصالحة الكوردية وتحت رعاية وضمانة أمريكية سيكون لها دفع قوي في المستقبل، بدأت حواراتنا، .. وقمنا بتشكيل لجان الحوار، وكان باستطاعتهم تحقيق انجازات كبيرة وسريعة، ولكن القضايا الخلافية أعاقتها، منها قضية المعتقلين وتدخلات PKK في تقرير مصير شعبنا، والنقطة الخلافية الثالثة قضية التعليم، والرابعة التجنيد والخامسة العقد الاجتماعي نحن نريد وحدة كوردية شاملة وكاملة، سوف نستمر حتى نصل إلى الإنجاز الشامل”. .
وتقدير إلى شعبنا الكوردي الصامد الذين هم في الداخل وتحمّلوا كافة الممارسات والضغوطات وتحمّلوا أيضاً كافة الأعباء المعيشية والاقتصادية الصعبة، وتمسّكوا بتراب الوطن، وفي نفس الوقت نتمنّى من الشباب الكرد الذين خرجوا اضطرارياً إلى بلاد الغربة بالعودة في أي فرصة تسنح لهم، فالوطن بحاجة إليهم، ).
قراءة نقدية  للتصريح
  ليس معلوما في خطاب السيد – سعود – وهو المزخرف أيضا – كسابقته – بنياشين المسؤوليات التي لاأول ولا آخر لها ( سكرتير ب د ك – سوريا – رئيس المجلس الوطني الكردي – مسؤول المالية – مسؤول العلاقات ووو) أي نوع من ( الوحدة الكردية ) ينشدون : وحدة الأحزاب أو اتفاق الأحزاب أو وحدة الصف أو وحدة الخطاب أو الوحدة الاندماجية أو وحدة الحركة الوطنية الكردية السورية وبأية وسائل ؟ .
أما بشأن انشاء ( المجلس الكردي ) فالحقيقة لستم انتم من أنشأتموه بل أن تنسيقيات الشباب الكرد ومجموعة من الوطنيين المستقلين بداية اندلاع الثورة والسباقة كرديا اليها هي من تبنت مشروع وحدة كافة الأطراف والأحزاب والجماعات الى جانب التنسيقيات في اطار تحالفي ببرنامج قومي ووطني يشارك في الثورة وينسق مع الأطراف الديموقراطية السورية ثم تلقفت عدة أحزاب ( ولم تكونوا من بينها ) الفكرة وأيدوها ، ومن ثم تحرك حزب اليمين من أجل ابعاد الشباب والمستقلين وقطع الطريق عليهم وتوجيه الكرد السوريين بوجهة أخرى محايدة أو مع النظام بتوجيه من المرحوم الطالباني ودعم مباشر منه وبعد قيامه بالتنسيق مع النظام السوري من خلال اللواء – محمد ناصيف – انعقد مؤتمر المجلس يتصدره اليمين ومستبعد عنه ممثلي التنسيقيات والمستقلين الوطنيين وكان بيانه الختامي يشوبه الغموض مع الميل الى الحيادية بين الثورة والنظام .
واضح من هذا الخطاب أن صاحبه لايمتلك أي مشروع بل يستقبل مايسميه با ” المبادرات ” ( مبادرة مظلوم عبدي ومبادرة فرنسا ومبادرة أمريكا !!) وفي حقيقة الأمر لاينطبق تعريف المبادرة على كل ماذكر فعبدي اقترح لقاء بعض الأحزاب لتعزيز دوره وزيادة كميات المنح المعتمدة والفرنسييون لم يقدموا مبادرة واضحة ومنشورة وموثقة بل ابدوا سرورهم  بوحدة الكرد والامريكان او بالأحرى الضابط العسكري الأمريكي – روبيك – بنى موافقته على وحدة الصف الكردي على مقترح مظلوم واذا اعتبرنا أن من يؤيد وحدة الكرد أو غيرهم من الشعوب مبادرة فستكون الان لدينا آلاف المبادرات نعم يمكن اطلاق المبادرة مثلا على مشروع الرئيس ترامب في تحقيق صفقة القرن المتعلقة بالسلام الاسرائلي الفلسطيني وفي اتفاقية السلام الإماراتية الاسرائلية .
 يعتبر السيد – سعود – أن نقاط الخلاف مع الطرف الآخر تقتصر على : (  قضية المعتقلين وتدخلات PKK في تقرير مصير شعبنا، والنقطة الخلافية الثالثة قضية التعليم، والرابعة التجنيد والخامسة العقد الاجتماعي ..) وهي جميعها بكل أهميتها لاترتقي الى مصاف التناقضات والخلافات الاستراتيجية مثل الموقف من نظام الأسد والقضية السورية وطرق حلها وموقع الكرد السوريين في النضال الوطني وشكل النظام في سوريا الجديدة والصيغة المطلوبة في حل القضية الكردية السورية ومفهوم الحركة الوطنية الكردية ومشروعها والسبيل الى استعادة شرعيتها وهيبتها .
ان التمني على الشباب الكرد المهجر والنازح بالعودة الى الديار حق ولكن يفقد قيمته عندما لايقترن باتخاذ قرارتنظيمي نافذ بعودة أعضاء حزب السيد – سعود – وأعضاء – مجلسه الوطني – المتواجدين في إقليم كردستان العراق وتركيا وأوروبا وعودة كل الذين يحملون – نياشين – المسؤولية الحزبية والمجلسية مع عوائلهم وبينهم صاحب التمني وجميع أعضاء قيادته كخطوة أولية عند ذلك قد يشعر المواطن الكردي العادي والوطني المستقل من الموزعين في دول المعمورة انفسهم محرجين  ليحذوا حذو العائدين .
 بالإضافة الى ماذكرناه أعلاه في انعدام خلافات جوهرية بين طرفي الاستقطاب بل مجرد صراع على المغانم وحصص سلطة الامر الواقع فهناك مايجمع الطرفين أيضا وأعني أن خطابهما يتعامى عن شرح وتشخيص نوع الوحدة الكردية الى جانب تجاهل مشروع – بزاف –  لاعادة بناء الحركة الكردية السورية واستعادة شرعيتها وصياغة برنامجها السياسي للسلام من خلال المؤتمر الكردي السوري الجامع وهو المشروع الآبرز والاوضح والوحيد في الساحة الكردية السورية المطروح منذ أعوام وسبق أن وقع العشرات من أعضاء ومناصري تلك الأحزاب عليه في حين نرى مثلا مشاريع مماثلة تدعو الى مؤتمرات وطنية سورية تحظى بالاهتمام وتعقد حولها الندوات من جانب سوريي المعارضة أما أحزاب طرفي الاستقطاب فليست معنية كما يظهر بإعادة بناء وتوحيد الحركة الكردية .
من المفيد أن نصارحكم بأنكم في طرفي الاستقطاب الحزبي لم تعودوا موضع ثقة الشعب الذي اختبركم لعقود وخصوصا في الأعوام العشرة الأخيرة فانتم تتحملون المسؤولية الرئيسية في واقع التشرذم والتمزق والانقسام والتمحور وفي حرمان شعبنا من كل الفرص التي أتيحت له ولكن بسبب هزالة العامل الذاتي وهو – أنتم – خسر كل تلك الفرص وانتم مسؤولون عن تفكيك بنية الحركة الكردية السورية وتصفية إنجازاتها السابقة وتشويه فكرها وتقاليدها الديموقراطية الناصعة .
أريد التأكيد مجددا أنني لا انافس أحدا ولست مرشحا لأية مسؤولية حزبية وما على شاكلتها منذ عام ٢٠٠٣ عندما غادرت موقعي في أهم حزب كردي سوري حسب رؤيتي ولست بوارد شخصنة الصراع الفكري – السياسي بحركتنا وأكن الاحترام الشخصي والإنساني للآخر حتى كان مختلفا معي  خصوصا الذين جاء ذكرهم من مسؤولي الأحزاب في مقالتي هذه ولكنني أقوم بواجبي وأطرح ماأراه مناسبا ومفيدا لحل أزمة  قضية عامة كلنا معنييون بها وأعتقد انني أعبر فيها عن مطامح وأماني الغالبية الساحقة من بنات وأبناء شعبنا .
ومن واجبي أن أضيف : أنتم في أحزاب طرفي الاستقطاب من قضيتم على معالم الشخصية الوطنية الكردية السورية الخاصة وعلى استقلالية قرار الحركة وربطتم حركتنا بمراكز ومحاور لمصالح شخصية وحزبية محضة وانتم من فتحتم باب ( المال السياسي ) في فساد وافساد الافراد والمجموعات وانتم من وضعتم لبنة التبعية الاعمى تحت شعارات براقة ووضعتم الحواجز أمام الجيل الناشئ والمناضلين الصامدين الأوفياء والمثقفين الملتزمين بقضايا شعبهم واستبعدتموهم من مواقع المسؤولية والقرار أنتم من علمتم الاخرين على مسح الجوخ من أجل المنافع الخاصة وانتم من بنيتم أوهاما زائفة على الخداع والتضليل .
نعم أنتم من نشرتم مشاعر الكراهية والحقد الأعمى في عقول ونفوس رفاقكم الحزبيين ضد من يختلف معكم فكريا وسياسيا وتوسعت لتشمل بث الفتن بين سكان المناطق والمدن أيضا وتوجهون مناصريكم الى مقاطعة ومعاقبة الآخر المختلف وهو دليل عجزكم على مواجهة الحقيقة لقد أنهيتم ثقافة الحوار والنقاش وقتلتم روحية الابداع في صفوف رفاقكم وعلمتم الناس على الانصياع دون استفسار مثل القطيع .
كما توجهت في متابعتي لخطاب السيدة – الهام –  أتوجه أيضا للسيد – سعود – مرة أخرى وإلى الحريصين والعقلاء بين كل الجماعات، لاختيار اللحظة الراهنة المناسبة التي قد لا تتكرر، وأن يقطعوا الطريق على أصحاب المصالح الخاصة والمواقف المترددة، الذين يتوزعون في صفوف الإدارة الذاتية و(ب ي د) وأحزاب “الأنكسي” وباقي أحزاب التهريج وتكملة العدد، وكذلك أيتام منصورة، وذلك بالتجاوب مع نداءات المخلصين في إعادة بناء حركتنا، خدمة لشعبنا وحرصاً على الجيل الناشئ الجديد ومستقبله، خاصة وأنّنا مع بقية شعوب العالم نعيش مرحلة انتقالية غير معلومة العواقب، على الصعد الصحية والاقتصادية والاجتماعية والحياتية .

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

اكرم حسين في خطوة جديدة أثارت استياءً واسعاً في اوساط السكان ، تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي قراراً منسوباً لهيئة الاقتصاد التابعة “للإدارة الذاتية” برفع سعر ربطة الخبز من 1500 ليرة سورية إلى 2000 ليرة سورية ، وقد جاء هذا القرار، في وقت يعاني فيه اهالي المنطقة من تهديدات تركية ، وضغوط اقتصادية ، وارتفاع غير مسبوق في تكاليف المعيشة….

عبدالله ىكدو مصطلح ” الخط الأحمر” غالبا ما كان – ولا يزال – يستخدم للتعبير عن الحدود المرسومة، من لدن الحكومات القمعية لتحذير مواطنيها السياسيين والحقوقيين والإعلاميين، وغيرهم من المعارضين السلميين، مما تراها تمادياً في التقريع ضد استبدادها، الحالة السورية مثالا. وهنا نجد كثيرين، من النخب وغيرهم، يتّجهون صوب المجالات غير التصّادمية مع السلطات القمعية المتسلطة، كمجال الأدب والفن أو…

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…